العراق يحتفل بالذكرى المئوية لتأسيس أول مجلس نيابي

الرئيس رشيد شارك بالمناسبة... ودعا للإسراع بانتخاب رئيس جديد لـ«النواب»

العراق يحتفل بالذكرى المئوية لتأسيس أول مجلس نيابي
TT

العراق يحتفل بالذكرى المئوية لتأسيس أول مجلس نيابي

العراق يحتفل بالذكرى المئوية لتأسيس أول مجلس نيابي

رغم الفتور و«عدم الاهتمام» الشعبي بالمناسبة، فإن السلطتين التنفيذية والتشريعية في العراق أبدتا قدراً واضحاً من التفاعل في إطار إحياء ذكرى مرور مائة عام على تأسيس أول مجلس نيابي عام 1924. وهذه المرة الأولى التي تقيم السلطات العراقية احتفالاً من هذا النوع. وأُقيم الاحتفال بالذكرى المئوية في «القاعة الكبرى» للمجلس، (الأحد)، وبحضور رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي، ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، وممثل رئيس الوزراء وزير التخطيط محمد تميم، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وتضمن الاحتفال إلقاء عدد من الكلمات بالمناسبة، وكذلك عرض فيلم وثائقي عن بدايات التأسيس للحياة النيابية في البلاد، إضافة إلى معرض وثائقي من أرشيف مجلس النواب العراقي. وانتُخب «المجلس التأسيسي للمملكة العراقية» في عام 1924، وأعد دستوراً يؤسس لنظام ملكي دستوري، وشُكّل أول برلمان منتخب بعد كتابة الدستور وإقامة نظام ملكي دستوري عام 1925، أسس بدوره إلى تشكيل برلمان من مجلسين هما «مجلس النواب» و«مجلس الشيوخ» أو (الأعيان).وانتُخب «النواب» الأول بناء على حق الاقتراع للمؤهلين، في حين عُين مجلس (الأعيان) من قبل الملك، وكان حينها الملك فيصل الأول، بوصفه أول ملك يُعيّن على العراق.

تعطيل 45 عاماً

واستمرّ عمل البرلمان بشقيه حتى عام 1958، حين أطاح الضباط الأحرار، بقيادة عبد الكريم قاسم، الملكيةَ وحوّلوا نظام الحكم إلى جمهوري، وعطلوا عمل المجلسين، واستمرّ التعطيل على امتداد 45 عاماً من الحكومات الجمهورية المتعاقبة التي انتهت بسقوط نظام صدام حسين عام 2003، وتأسيس «الحكم الديمقراطي النيابي» بعد ذلك التاريخ. ورغم الانتقادات التي كانت توجه إلى عمل المجلس (في الحقبة الملكية) وخضوعه إلى سلطة الملك وبعض رؤساء الوزراء النافذين وقتها، فإن عدداً غير قليل من المؤرخين، يذهبون إلى أنها كانت «تجربة رائدة» في العراق والمنطقة العربية، وكان يمكن أن تتطور مع مرور الوقت لولا الانقلابات العسكرية التي أطاحت بها، وأدخلت البلاد بعد ذلك في دوامة طويلة من الصراعات والانقلابات.بدوره، قال رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، خلال احتفالية الذكرى المئوية: «إن العراق في مقدمة الدول التي أسست لدستور وكان في حينه، الأكثر تطوراً وديمقراطية من حيث المبادئ والتأسيس، وضمان الحقوق والحريات، وإن المؤسسين للحكم الوطني عملوا على أن يُكتب القانون الأساسي العراقي بأيادٍ عراقية»

رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد... الأحد في بغداد خلال الاحتفال بمرور قرن على تأسيس أول مجلس نيابي للبلاد (وكالة الأنباء العراقية)

وأضاف أن «العراق خرج من حقبة النظم الشمولية، بعد أن رفض الشعب ظلم الديكتاتور في أكثر من انتفاضة، حيث كانت تواجه بالقمع والإبادة حتى امتلأت أرض العراق بجثامين الشهداء، فأثمرت عن نظام ديمقراطي تَجسّد في دستور سنة 2005». وفي إشارة إلى شغور منصب رئيس البرلمان منذ إقالة رئيسه محمد الحلبوسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دعا الرئيس رشيد «القوى السياسية ومجلس النواب إلى الإسراع في انتخاب رئيس جديد للمجلس؛ لاستكمال وتشريع القوانين التي تصبّ في خدمة الوطن والمواطن». وذكر الرئيس العراقي أن «الدستور العراقي عمل على ضمان مشاركة جميع الأطراف الوطنية العراقية في الحكم، ومحاربة التسلط والتفرد في اتخاذ القرارات».

تحولات كبيرة

من جهته، عدّ رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي، خلال كلمة مماثلة، أن إحياء الذكرى المئوية «يعبّر عن تمسّك الشعب بمبادئ الديمقراطية، ودوره في الحياة السياسية، كما يجسّد عَراقة الحياة النيابية في البلاد». وقال إن «العمل النيابي في العراق عبر المائة عام الماضية مثّل انعكاساً للوضع السياسي والاجتماعي، مرَ خلالها العراقُ ومعه البرلمان بتحولات كبيرة، تباينت معها فاعلية وتأثير الحياة النيابية في ظل طبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة للعراق، من نظام ملكي نيابي، مروراً بالنظام الجمهوري، إلى النظام النيابي الحالي (البرلماني)». وأضاف، أن «السلطة التشريعية، متمثلة بمجلس النواب العراقي، بصلاحياتها ومهامها الدستورية، التشريعية والرقابية والتمثيلية، تجعلنا أمام التزام دائم بثنائية المسؤولية والفخر».

رئيس البرلمان العراقي بالنيابة محسن المندلاوي... الأحد في بغداد خلال الاحتفال بمرور قرن على تأسيس أول مجلس نيابي للبلاد (وكالة الأنباء العراقية)

وعدّ المندلاوي أن الاحتفال بالمناسبة «يرسّخ الدور المحوري للسلطة التشريعية بين السلطات الأخرى، ومسؤوليتها في تثبيت دعائم الدولة وسيادة القانون والمؤسسات والنظام الديمقراطي، وأن التجربة النيابية بعد عام 2003 أثبتت محورية السلطة التشريعية بين السلطات في نظامنا السياسي». أما وزير التخطيط محمد تميم الذي مثّل رئيس الوزراء في الاحتفال، فشدد في كلمته على «التحديات» التي تواجه العمل النيابي. وقال تميم، إن «العمل النيابي لديه عديد من المهام التي يحتاج لإكمالها، خصوصاً تشريع القوانين المهمة، هناك مشكلات لا يستهان بها، ومطلوب من مجلس النواب معالجتها ومواجهتها، للمضي قدماً في إنجاز ما ينبغي إنجازه من قبل المجلس». وأعرب عن ثقة الحكومة بمجلس النواب، وقدرته على تحديد المسارات المهمة والأساسية لعمله، في ظل توافق كبير بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في العراق. وذكر تميم، أن «الحكومة ستمضي بقوة لتنفيذ التزاماتها التي حددها المنهاج الوزاري الذي أقرّه مجلس النواب، بعد أن قطعت شوطاً مهماً، بتحقيق الأولويات التي حددها البرنامج». ويواجه مجلس النواب العراقي بدوراته الخمس منذ عام 2003، انتقادات شعبية واسعة بالنظر لحالة الاستقطاب والتحاصص والصراعات الحزبية التي حالت دون إنجاز كثير من القوانين الأساسية والمهمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر «قانون النفط والغاز»، الذي تشتد حاجة البلاد إليه؛ لاعتماد موازناتها المالية على نحو 95 في المائة من مداخيله.


مقالات ذات صلة

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

خاص من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

عاد محمود المشهداني، الطبيب ذو الخلفية الإسلامية، إلى الواجهة بعد مرور نحو 16 عاماً على إقالته من منصب رئيس البرلمان العراقي.

حمزة مصطفى (بغداد)

«حزب الله» يعلن شن هجوم بمسيّرات على قاعدة أسدود البحرية للمرة الأولى

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعلن شن هجوم بمسيّرات على قاعدة أسدود البحرية للمرة الأولى

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان، الأحد، أنه شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الهجوم بعد، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

كما أعلن «حزب الله» عن استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيَّرة، وذلك بعد أن استهدف أيضاً قاعدة أسدود. وقال الحزب إن عملية تل أبيب «حققت أهدافها»، دون تحديد نوعية الهدف العسكري.

وأعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق صافرات الإنذار في شمال إسرائيل ووسطها. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر موقع «إكس» أنه: «متابعة للإنذارات في وسط البلاد جرى رصد إطلاق 8 قذائف صاروخية من لبنان، حيث جرى اعتراض معظمها. يتم فحص تقارير عن سقوط بعضها أو شظايا من عمليات الاعتراض».

ووسعت إسرائيل حربها التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان في الأسابيع الماضية، وقتلت كثيراً من كبار قادة جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل الآلاف، ونزوح ما لا يقل عن مليون لبناني من جنوب لبنان، وألحقت دماراً واسعاً في أنحاء مختلفة من البلاد.