محادثات سورية - عراقية لمواجهة الشح المائي

منسوب مياه الفرات في سوريا (الطبقة) وتحسن ملحوظ هذا العام (فيسبوك)
منسوب مياه الفرات في سوريا (الطبقة) وتحسن ملحوظ هذا العام (فيسبوك)
TT

محادثات سورية - عراقية لمواجهة الشح المائي

منسوب مياه الفرات في سوريا (الطبقة) وتحسن ملحوظ هذا العام (فيسبوك)
منسوب مياه الفرات في سوريا (الطبقة) وتحسن ملحوظ هذا العام (فيسبوك)

يزداد ملف تقاسم مياه الفرات بين العراق وسوريا تعقيداً مع تواصل التوتر السياسي والأمني في المنطقة. ومع اقتراب موعد عقد النسخة الرابعة من مؤتمر بغداد الدولي للمياه المرتقب في أبريل (نيسان) المقبل، تنشط الدبلوماسية العراقية على خطى دمشق وأنقرة، لمواجهة تفاقم شح المياه وتراجع منسوب نهر الفرات الذي تستحوذ تركيا على النصيب الأكبر منه.

ووصل إلى دمشق، الجمعة، وفد وزاري عراقي يرأسه وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله بدعوة من نظيره السوري حسين مخلوف، حسب ما أعلنه القائم بأعمال السفارة العراقية في دمشق ياسين شريف الحجيمي.

وقالت صحيفة «الوطن» السورية إن المحادثات بين وفدي الوزارتين ستتناول ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي ووضع الحلول للشحة المائية في نهر الفرات من دولة المنبع (تركيا). وسيجري الوزير العراقي عدداً من اللقاءات والتفاهمات في المراكز البحثية المتخصصة في دمشق في إطار التعاون المتواصل بين البلدين.

جفاف الفرات في العراق العام الماضي (أرشيفية)

وقالت مصادر في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب العراقي سيبحث في دمشق في انخفاض الإطلاقات المائية الواردة من سوريا إلى العراق، وتضرر الأراضي الزراعية في عدد من المحافظات العراقية، وأن الحكومة العراقية تتطلع إلى حلول لهذه المشكلة عبر الحوار مع دمشق ومع أنقرة، إلا أن الوضع السياسي المعقد في المناطق التي يعبرها نهر الفرات في سوريا يعقد الأمور، حيث تقع تحت سيطرة عدة أطراف متنازعة: (القوات الأميركية والقوات السورية الكردية والقوات السورية المعارضة المدعومة من تركيا والقوات الحكومية السورية وحليفاها الإيراني والروسي).

وسبق زيارة الوفد الوزاري العراقي إلى دمشق لقاء بين القائم بأعمال السفارة العراقية بدمشق ياسين شريف الحجيمي مع وزير الموارد المائية السوري حسين مخلوف، الشهر الماضي، لتسليمه دعوة لحضور مؤتمر بغداد الدولي للمياه بنسخته الرابعة في أبريل، وطرح القائم بالأعمال العراقي خلال اللقاء مشكلة انخفاض الإطلاقات المائية الواردة إلى العراق في نهر الفرات وتأثيرها على الزراعة في عدد من المحافظات العراقية، داعياً إلى بذل الجهود الفنية بين البلدين للتعاون بضمان وصول الحصص المائية حسب الاتفاقيات الموقعة بين بلد المنبع والمصب. ومن جانبه تعهد الوزير السوري بمواصلة التواصل والتعاون «لإنجاح الجهود المبذولة لتوفير الإطلاقات المائية الكافية»، وفق ما جاء في بيان للسفارة العراقية بدمشق.

وينبع نهر الفرات من جبال طوروس التركية ليصب في العراق عابراً نحو 2800 كيلومتر، منها 1070 كيلومتراً في تركيا، و600 كيلومتر في سوريا، و1130 كيلومتراً في العراق، علماً بأن مفاوضات ثلاثية جرت في الثمانينات بين تركيا والعراق وسوريا توصلت إلى مذكرة تفاهم لتحديد حصة سوريا والعراق من نهر الفرات بـ500 متر مكعب في الثانية، تقسم لسوريا 210 م3/ثانية، وللعراق 290 م3/ثانية. وتوقفت المفاوضات دون التوصل إلى اتفاقية.

وجاءت الحرب في العراق ثم سوريا، لتفسح المجال أمام تركيا لاستغلال الفرصة، وبناء مزيد من السدود على منابع نهر الفرات لتوفير المياه اللازمة لتوليد الطاقة، التي بلغت 11 سداً أدى ملء خزاناتها من المياه إلى تراجع حصة العراق وسوريا من المياه إلى ما دون 200 متر مكعب بالثانية، وسط اتهامات سورية وعراقية لأنقرة باستخدام ملف المياه للحصول على الطاقة من العراق، وتحقيق مكاسب سياسية في سوريا.

القائم بالأعمال العراقي مع وزير الموارد المائية السوري (السفارة العراقية بدمشق)

وترافق تراجع حصة سوريا والعراق من نهر الفرات مع انحباس حراري وتغير مناخي تسببا بأضرار بيئية فادحة انعكست على القطاع الزراعي، والحياة المعيشية خلال السنوات الأربع الماضية بلغت ذروتها العام الماضي في مناطق تعاني من نزاعات تحول دون التوصل إلى تفاهمات وحلول مشتركة، ومع أن الحكومة العراقية توصلت عام 2019 إلى توقيع مذكرة تفاهم مع تركيا لعقد قمة مائية ثلاثية تهدف لاستئناف المفاوضات حول تقاسم المياه، فإن القمة لم تعقد بعد على خلفية توتر الأوضاع السياسية في المنطقة.

ومن المتوقع أن يزور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بغداد، نهاية مارس (آذار) الحالي، لحسم عدد من الملفات والقضايا العالقة بين البلدين، من أبرزها ملف المياه وتصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي والملف الأمني، وفق ما أفادت به تقارير إعلامية عراقية. وهي ملفات سبق وناقشها رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، خلال زيارته أنقرة، قبل عام.

وتأتي المساعي العراقية، بينما تنهمك تركيا باستكمال الطوق الأمني على حدودها مع سوريا والعراق، حيث أعلن الرئيس التركي في خطاب بعد ترؤسه اجتماعاً للحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة أن «الصيف المقبل سيشهد إكمال الطوق الأمني على الحدود مع العراق»، وقال: «أوشكنا على إتمام الطوق الذي سيؤمن حدودنا مع العراق، وخلال الصيف المقبل سنكون قد قمنا بحل هذه المسألة بشكل دائم». كما جدد رغبة تركيا في تأمين الحدود الجنوبية مع سوريا بعمق 40 كيلو متراً.


مقالات ذات صلة

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
بيئة من أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

منظمتان غير حكوميتين تقاضيان الاتحاد الأوروبي بسبب أهدافه البيئية

قررت منظمتان بيئيتان رفع دعوى قضائية ضد المفوضية الأوروبية لأنها حددت أهدافاً مناخية «غير كافية» للدول الأعضاء في انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاق باريس المناخي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
يوميات الشرق الجزيئات النانوية الذكية تتمتع بخصائص فريدة لامتصاص الغازات الدفيئة وتخزينها (بي بي سي)

تقنية واعدة للحد من الاحتباس الحراري

طوّرت شركة لتكنولوجيا المناخ بالمملكة المتحدة جزيئات نانوية ذكية يمكن «برمجتها» لامتصاص الغازات الدفيئة وتخزينها، بهدف الحد من تأثيرات تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الثلج متنفَّس أيضاً (أ.ف.ب)

مدريد تتيح التزلُّج على وَقْع الصيف الحارق

فيما تتجاوز الحرارة في مدريد 30 درجة، يرتدي عدد من رواد منتجع التزلّج الداخلي «سنوزون» بزات التزلّج وينتعلون الأحذية الخاصة ويضعون القفازات، متجاهلين قيظ الصيف.

«الشرق الأوسط» (أرويومولينوس إسبانيا)
يوميات الشرق يتميّز الجل الجديد بأنه آمن وغير سام (جامعة ستانفورد)

جِل يحمي المباني من حرائق الغابات المتاخمة

طوّر باحثون في جامعة «ستانفورد» الأميركية جلاً مائياً جديداً يمكنه أن يُحدث ثورة في مجال حماية المباني خلال حرائق الغابات المتاخمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
TT

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «اليوم التالي للحرب (في غزة وجنوب لبنان) يجب أن يكون يوماً لإعادة النظر في كلّ شيء، ما عدا حدود لبنان ووحدته»، داعياً إلى عقد طاولة حوار وطنيّة بعد انتخاب رئيس للجمهورية تحت عنوان «أيّ لبنان نريد؟».

جاءت مواقف جعجع في كلمة له في احتفال تحت عنوان «الغد لنا» في «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية»، حيث هاجم «حزب الله» وحلفاءه، قائلاً: «لا يُحاوِلنّ أحد أن يستغلّ القضيّة الفلسطينية لتقوِية مصالحه وتعزيزِها داخل لبنان والإقليم»، معتبراً أن «محور الممانعة يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها، وهي فُرضت على اللبنانيين ويجب أن تتوقّف».

وفيما عدَّ أن «اليوم التالي للحرب يجب أن يكون يوماً لإعادة النظر في كلّ شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته»، شدد على أن «الحرب القائمة لا يريدها اللبنانيون، ولم يكن للحكومة رأي فيها. وعلى من تورط في هذه الحرب أن تكون له شجاعة الخروج منها، وهذا يتطلب الالتزام بالقرار 1701 ونشر الجيش اللبناني في الجنوب وحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة وحدها. أما إذا أصر (حزب الله) على الاستمرار في الحرب فعليه أن يتحمل وحده العواقب أمام الله والوطن والشعب والتاريخ».

ودعا جعجع الحكومة إلى إيقاف الحرب، قائلاً: «نطلب من الحكومة اللبنانية دعوة (حزب الله) إلى وقف الحرب».

الطريق إلى الرئاسة

وفي الأزمة الرئاسية، انتقد جعجع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري قائلاً: «يجب على رئيس البرلمان أن يفكّر ويتصرّف من موقعه الدستوري المسؤول كرئيس لمجلسِ النواب وليس من موقعه السياسي كطرفٍ وحليف لحزب لديه حسابات أبعد من رئاسة الجمهوريّة وأبعد من لبنان»، مؤكداً «أن الطريق إلى قصر بعبدا لا يمرّ في حارة حريك (الضاحية الجنوبية لبيروت)، والدخول إليه لا يكون من بوابة عين التينة (مقر رئيس البرلمان) ووفق شروطها وحوارها المفتعل، بل يمرّ فقط في ساحة النجمة (البرلمان) ومن خلال صندوق الاقتراع».

وجدد جعجع دعوة المعارضة إلى عقد جلسة انتخاب مفتوحة لانتخاب رئيس، وقال: «انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يكون الخطوة الأولى حالياً، وألا يكون موضع مساومة، وعلى برّي أن يدعو، وكما نصّ الدستور، إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية حتى التوصّل إلى انتخاب الرئيس».

وتحدث عمن يتكلمون بلغة الأرقام معتبراً أنهم «يقولون علناً أنهم يريدون تغيير الدستور لأن الدستور لا يتكلم لا بلغة العد ولا الأعداد، وإذا كان البعض يريد تغييره لا مانع لنا فلننتخب رئيساً أولاً وندعو بعدها إلى طاولة حوار».

وفيما عدَّ «أننا نعيش في واقع اصطناعي قائم على سيطرة مفترضة من قبل محور الممانعة»، أكد أن «أحداً لن يقبل بأن يعود الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الحرب، وأن تستمرّ الدولة في فقدان قرارها وتفكّكها».

وتوجّه جعجع «لمن يقول لنا أصبحتم قليلي العدد» بالقول: «قليلو العدد كثيرو الفعل والإنتاجِ والخدمة العامة والدستور اللبناني غير مبني إطلاقاً على العدّ والأرقام».