انتظرت سهاد الحسني (36 عاماً)، من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، أياماً عصيبة حتى تمكنت عائلتها من الحصول على مُغذٍّ صحي ينقذ وليدها من موت محقَّق.
الحسني، التي عادت حديثاً إلى منزل عائلتها المتضرر جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 150 يوماً، وضعت طفلها الذي أطلقت عليه اسم محمد؛ تيمناً بجدِّه الذي قضى بداية هذه الحرب، بعدما عانت الأمرّين خلال ولادته، وهي معاناة مستمرة تخشى معها على حياته في ظل نقص الحليب والفيتامينات، وغيرها من المواد الطبية التي قد تساعده للبقاء على قيد الحياة.
قال شادي الحسني، والد الطفل، لـ«الشرق الأوسط»: «كانت معاناة كبيرة، كنت قلقاً على حياتها وعلى حياة الطفل. كل شيء كان صعباً، لم يكن هناك غذاء ولا دواء، ولا أطباء متاحون في كل وقت». وأضاف: «تعبنا حتى جاء (طفله)، واليوم أخاف أن يذهب مثل الأطفال الذين قضوا جوعاً».
وتختصر تجربة سهاد تجارب كثير من النساء اللاتي عانين الأمرّين في هذه الحرب ودفعن ثمناً باهظاً.
ووفق وزارة الصحة في غزة، فإن النساء يشكلن 49 في المائة من سكان القطاع، ونسبة كبيرة منهن في سن الإنجاب، ما يفاقم أوضاعهن الصحية والنفسية نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر.
وقالت الوزارة، في بيان، في «يوم المرأة العالمي» الذي يصادف الثامن من مارس (آذار) من كل عام، إن 600 ألف سيدة حامل في القطاع يعانين سوء التغذية والجفاف وانعدام الرعاية الصحية المناسبة.
وأكدت الوزارة أن 5 آلاف سيدة حامل يلدن شهرياً في ظروف قاسية وغير آمنة وغير صحية نتيجة القصف والتشريد، لافتة إلى أن 9 آلاف سيدة قُتلن من قِبل الاحتلال، منهن آلاف الأمهات والسيدات الحوامل والكوادر الصحية.
أما المكتب الإعلامي الحكومي بغزة فذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 8900 امرأة، وأصاب أكثر من 23 ألف امرأة أخرى، كما هدم مئات المنازل فوق رؤوس النساء، وبات في عداد النساء المفقودات أكثر من 2100 امرأة ما زلن تحت الأنقاض، أو أن مصيرهن ما زال مجهولاً نتيجة الحرب الوحشية التي جعلت 60,000 سيدة حامل يعشن حياة قاسية وبالغة الصعوبة، يفتقدن فيها أبسط متطلبات الرعاية الصحية والطبية، ومنهن المئات اللاتي فقدن أبناءهن أو مواليدهن أو أجنّتهن في أحشائهن نتيجة القصف والخوف والقتل.
وقال إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المرأة الفلسطينية يأتي عليها هذا العام وقد تعمّد الاحتلال بشكل واضح استهدافها بالقتل والاعتقال والتعذيب، وحتى بحرمانها من أدنى حقوقها. وأضاف: «المطلوب من العالم، اليوم، التحرك من أجل إنقاذ الشعب الفلسطيني، ووقف هذه الحرب الهمجية التي طالت النساء والأطفال، وحتى الأجنّة في بطون أمهاتهم»، متهماً الاحتلال الإسرائيلي بتعمّد استهداف السيدات، وخصوصاً الحوامل وأجنّتهن «في أسلوب اعتاده بهدف القضاء على الأجيال المقبلة»، كما قال.
ولفت إلى أن هناك نحو نصف مليون امرأة فلسطينية نازحة داخل قطاع غزة، يعشن حياة بالغة الصعوبة، ولا يكدن يتحصلن على أدنى حقوقهن؛ خصوصاً المتعلقة بالغذاء، في ظل انتشار المجاعة، وتحديداً في مناطق شمال القطاع.
وأشار إلى أن الاحتلال اعتقل العشرات من النساء الفلسطينيات اللاتي تعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي وسوء المعاملة والإهانة في ظل صمت دولي فظيع، مطالباً المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذ المرأة الفلسطينية ووقف العدوان بحقها.