رئاسة برلمان العراق في «ملعب السنة»... ونزاع على الأغلبية

تحالف من 3 قوى ينافس الحلبوسي على المرشح وجلسة الانتخاب سالكة قانونياً

الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
TT

رئاسة برلمان العراق في «ملعب السنة»... ونزاع على الأغلبية

الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

بعدما منح رئيس المحكمة الاتحادية في العراق ما بدا أنه ضوء أخضر للمضي في انتخاب رئيس جديد للبرلمان، تصاعد نزاع سني - سني على الأغلبية لحسم المرشح الأكثر حظاً بالمنصب.

وحتى اليوم لم تصدر المحكمة أمراً ولائياً بوقف إجراءات جلسة البرلمان، في 13 يناير (كانون الثاني) الماضي لانتخاب الرئيس، التي انتهت بخلافات دون حسم فائز صريح.

وأسفرت تلك الجلسة التي تنافس فيها 6 مرشحين، في الجولة الأولى، عن فوز الكريم بـ152 صوتاً من أصل 314 صوتاً، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي بـ97 صوتاً، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار بـ6 أصوات، فيما حصل النائب طلال الزوبعي على صوت واحد.

البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)

وخلال اليومين الماضيين، بدأت أحزاب سنية حراكاً يهدف إلى اختيار مرشح توافقي، لكن حسم «الأغلبية السنية» يثير نزاعاً بين أحزاب كبيرة.

وكان لقاء رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي مع رئيس المحكمة الاتحادية القاضي جاسم العميري فتح الباب أمام إمكانية عقد جلسة برلمانية وشيكة لانتخاب رئيس جديد للبرلمان.

ويدار البرلمان العراقي، بالنيابة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وتحول المنصب إلى منطقة صراع، ليس بين القوى السنية فقط، بل بات محل نزاع داخل القوى الشيعية لجهة ترجيح كفة أي من المرشحين الذين يمكن أن تكون لأحدهم مقبولية فيما يعرف بـ«الفضاء الوطني».

ولا يحتاج المكون الشيعي إلى قبول الكرد والسنة على مرشحه لرئاسة الوزراء؛ كونهم يملكون الأغلبية البرلمانية الكافية لتمريره (النصف زائد واحد) داخل البرلمان، لكن كلاً من السنة والكرد لا يستطيعان المضي في تنصيب رئيس الجمهورية (الكردي) ورئيس البرلمان (السني) دون موافقة أغلبية المكون الشيعي.

ويبدو الأمر أصعب بالنسبة للكرد؛ كون المرشح لمنصب رئيس الجمهورية يجب أن يحصل على ثلثي عدد أعضاء البرلمان (220 صوتاً) من أصل (329 نائباً)، لكن غالباً تضمي الأمور بسلاسة في المنصب التنفيذي، باستثناء محاولة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد انتخابات عام 2021 تشكيل حكومة أغلبية وطنية، عارضتها بقوة الأغلبية الشيعية داخل البرلمان، ولم ينته الأمر إلا باشتباك بين فصائل شيعية داخل المنطقة الخضراء.

وأعلن قاضي المحكمة الاتحادية في العراق، خلال لقائه الحلبوسي الأسبوع الماضي، أنه لا مانع من أن يمضي البرلمان في استكمال الاستحقاق الرئاسي والمتمثل بمنصب رئيس البرلمان الذي هو استحقاق المكون السني.

وتتنازع 4 قوى سنية على المنصب، وهي: «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«السيادة» بزعامة خميس الخنجر، و«عزم» بزعامة مثنى السامرائي، و«حسم» بزعامة ثابت العباسي وزير الدفاع الحالي.

وحتى مع الضوء الأخضر الضمني للقضاء بالمضي في عقد الجلسة، هناك جدال قانوني غير محسوم يتعلق برفع جلسة الانتخاب الأولى.

وينتظر الجميع الآن إدراج فقرة انتخاب رئيس جديد للبرلمان على جدول أعمال جلسات البرلمان القادمة، ولا يزال حزب «تقدم» بزعامة الحلبوسي يرى أنه الأحق بالمنصب؛ كونه يمثل أغلبية البيت السني.

تحالف سني جديد

لكن تحالفاً جديداً تشكل بين تحالف السيادة والعزم والحسم، ضم نواباً منسحبين من حزب الحلبوسي، قد يرجح كفتهم عليه وتقديم مرشح بأغلبية سياسية في البرلمان.

وقال القيادي في تحالف «العزم» حيدر الملا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأغلبية السنية المتمثلة بالعزم والسيادة والحسم والجماهير التقوا جميعاً بقوى الإطار التنسيقي الشيعي، حاملين قائمة تواقيع من 40 نائباً سنياً اتفقوا على مرشح واحد هو سالم العيساوي».

نوري المالكي يستقبل نواباً من أحزاب سنية لبحث أزمة رئيس البرلمان الجديد (إكس)

وأوضح الملا أن «قوى الإطار التنسيقي اجتمعت أيضاً مع زعيم حزب تقدم الذي يقول إنه يمتلك أيضاً الأغلبية، وإنه لا يوافق على ترشيح العيساوي».

الكرة الآن في ملعب قوى الإطار التنسيقي، يقول الملا، وأن «ما يهم الأغلبية السنية اليوم هو حسم الأمر وألا يترك أهم منصب للسنة قيد الأهواء والنزاعات».

وأوضح الملا أن «الحراك مستمر مع بقية الشركاء لإنهاء الأزمة، لا سيما بعد موقف المحكمة الاتحادية من عدم وجود ما يمنع انتخاب رئيس البرلمان، وأنها لم تصدر أمراً ولائياً في إيقاف جلسات انتخاب رئيس المجلس، ما يعني أن الطريق القانونية معبدة لحسم هذا الاستحقاق الدستوري».


مقالات ذات صلة

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
خاص صدام مع ابنته حلا في صورة غير مؤرخة (غيتي) play-circle 01:12

خاص صهر صدام حسين: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

يروي جمال مصطفى السلطان، في الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة معه، كيف تلقت أسرة صدام حسين نبأ إعدامه، وقصة زواجه من حلا، كريمة صدام الصغرى، وأكلاته المفضلة.

غسان شربل
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، عن فقدان المنظومة الكهربائية 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، ما سيؤدي إلى تراجع توفير الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحكومية والمواطنين بنحو 20 في المائة. وأوضحت الوزارة أن إنتاجها من الكهرباء تجاوز 27 ألف ميغاواط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الوزارة عزت «التوقف المفاجئ» إلى «أغراض الصيانة»، فإن مصادر مطلعة على ملف الكهرباء ترجح أن السبب الرئيسي يعود إلى «أسباب مالية»، حيث إن بغداد مدينة لطهران بأكثر من 10 مليارات دولار، لكنها تجد نفسها غير قادرة على سدادها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأكدت وزارة الكهرباء في بيان، الأحد، «توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً (وفقاً للجانب الإيراني) عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط، مما أدى إلى فقدان المنظومة 5500 ميغاواط».

وأضافت الوزارة أنه «كان من المتفق عليه أن تكون إمدادات الغاز اليوم الأحد بواقع 25 مليون متر مكعب يومياً، ولكن الكمية المدفوعة حالياً هي 7 ملايين متر مكعب، تم تحويلها من بغداد والوسط إلى المنطقة الجنوبية».

أكدت الوزارة أنها «ستعزز التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من الغاز، وأنها تنفذ حالياً خططها الاستراتيجية والطارئة لرفع قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية في جميع قطاعاتها (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)».

كما أشارت الوزارة إلى أنها «تعيد العمل بالمشاريع المتلكئة والمتوقفة منذ سنوات عديدة لاستحصال طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة لتحسين الإنتاج ورفع معدلاته بما يناسب استقرار التجهيز، معتمدة في ذلك على جزء من تشغيل محطاتها الإنتاجية بالغاز الوطني، وجزء آخر بالوقود الوطني، وآخر بالغاز المستورد، ريثما تكتمل مشاريع الحكومة العاملة على تأهيل حقول الغاز الوطنية».

وتحدثت عن أنها «ستنسق مع وزارة النفط بشكل أكبر لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز». ومعروف أن الغاز المستثمر في الحقول العراقية لا يغطي حاجة محطات توليد الكهرباء.

العقوبات الأميركية

ويميل مصدر مطلع على ملف الكهرباء إلى «الاعتقاد بأن القرار الإيراني المفاجئ مرتبط بمطالبات إيران المالية من العراق».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران لا تقوم بإيقاف إمدادات الغاز في هذه الأوقات من السنة في العادة، لأنها ليست أوقات الذروة والأحمال بسبب اعتدال الأجواء المناخية حتى الآن، أغلب الظن أن الأمر مرتبط بالأموال، خاصة ونحن نعلم أن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة إلى العراق لم تنجح في حل هذه المشكلة».

ولا يستبعد المصدر أن «يرتبط الضغط الإيراني الجديد على العراق بهدف الحصول على أموالها لمواجهة أزمتها الاقتصادية واستثمارها في الحرب مع إسرائيل، وكذلك مواجهة تداعيات عملتها الأخيرة».

كانت أخبار تحدثت عن مفاوضات صعبة خاضها بزشكيان خلال زيارة إلى بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذكرت أنه «عرض على العراق أن يتم تسليم الديون عبر عُملة مشتركة»؛ الأمر الذي رفضته بغداد لخشيتها من العقوبات الأميركية، وجراء هذه الخشية يلتزم العراق بالاتفاقيات السابقة التي تتضمن تسليم الديون، من خلال «شراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل النفط الأسود ومنتجات أخرى».

وتراكمت ديون إيران بذمة العراق، التي تتراوح بين 10 و15 مليار دولار منذ أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران نهاية عام 2018، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي، لكن واشنطن أعطت بعض الاستثناءات للجانب العراقي خلال السنوات الماضية لتسديد بعض من تلك الديون وخاصة في فترات الصيف التي يتصاعد فيها الطلب على الكهرباء، ومع عدم قدرة المحطات العراقية العمل من دون الغاز الإيراني.

وبهدف التغلب على مشكلة العقوبات المفروضة ضد إيران وتنويع العراق لمصادر استيراده للغاز، أعلنت وزارة الكهرباء في أكتوبر الماضي أنها «وقعت عقداً مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، بيد أن العقد لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».

وقال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، نهاية أكتوبر الماضي، إن «كميات الغاز المستوردة تصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً خلال فصل الصيف، سوف تؤمن من تركمانستان 20 مليون متر مكعب يومياً، والمتبقي من ضمن عقد الغاز الإيراني الذي مدته 5 سنوات».

نقص إمدادات الطاقة بإيران

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في طهران وعدة محافظات أخرى، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وتشمل الخطة قطع الكهرباء في مناطق مختلفة من العاصمة لمدة ساعتين يومياً بين الساعة السابعة صباحاً والخامسة مساءً، حسبما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وأوضحت الشركة العامة لتوزيع الكهرباء أن القرار جاء نتيجة «محدودية إمدادات الغاز المستخدم وقوداً في المحطات»، إضافة إلى مرسوم حكومي يمنع استخدام المازوت في بعض المحطات الكهربائية. ولم تُحدّد السلطات مدة تطبيق الخطة.

على مدى السنوات الأخيرة، واجهت العديد من المدن الإيرانية الكبرى مشكلة التلوث الناتج عن رداءة المازوت المستخدم في المحطات، وفقاً لخبراء. وللحد من هذه الأضرار، أمرت الحكومة بوقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وأصفهان (وسط البلاد) وكرج (غرب طهران) حفاظاً على صحة المواطنين.

يُذكر أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أثارت استياءً شعبياً واسعاً. ففي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت السلطات عن تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة إلى النصف لعدة أيام لتوفير الطاقة.