مجزرة غزة تدفع واشنطن لتكثيف جهود وقف النار و«المسار السياسي»

تصوّر إدارة بايدن لحل الدولتين لا يعني اعترافاً «غير ناضج بعد» بدولة فلسطين

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (إ.ب.أ)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (إ.ب.أ)
TT

مجزرة غزة تدفع واشنطن لتكثيف جهود وقف النار و«المسار السياسي»

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (إ.ب.أ)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (إ.ب.أ)

شكّل الهجوم الإسرائيلي الدامي، الذي راح ضحيته نحو ألف من الفلسطينيين الجوعى بين قتيل وجريح في غزة وما تلاه من مطالبات بإجراء تحقيقات مستقلة حياله، ما عدّه دبلوماسيون في مجلس الأمن «نقطة تحوّل» دفعت الولايات المتحدة إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية؛ سعياً إلى التوافق على مشروع قرار أميركي يدعم «وقفاً موقتاً لإطلاق النار» في القطاع، ويؤسس لـ«مسار سياسي» طموح يفضي ليس فقط إلى إيصال المساعدات الإنسانية الملحّة للسكان المدنيين هناك، بل أيضاً إلى إعادة إعمار غزة، والاعتراف بفلسطين على مبدأ حل الدولتين مع إسرائيل.

وذهب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للمرة الأولى منذ بدء الحرب قبل خمسة أشهر، إلى اعتبار أن ما حصل يستوجب «تحقيقاً مستقلاً وفعالاً»، ملاحظاً أن تفاقم الانقسامات الجيو - سياسية «حول حق النقض إلى أداة فعالة لشل عمل مجلس الأمن» الذي فشل حتى الآن في اتخاذ أي خطوات ذات مغزى حيال وضع يهدد الأمن والسلم الدوليين.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (د.ب.أ)

ويعترف المسؤولون الكبار في إدارة الرئيس جو بايدن بأن وقف القتال مهمة «شاقة»، بما في ذلك بسبب «عدم سهولة» التعاون مع الجانب الإسرائيلي، دعك من «استحالة» التعامل مع «حماس» المصنفة تنظيماً إرهابياً في الولايات المتحدة. «لا مكان» للحركة في مستقبل الفلسطينيين بعد هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضد المستوطنات الكيبوتزات الإسرائيلية المحيطة بغزة. ومع أنهم ينبّهون إلى أهمية «عدم الإفراط في تقدير النفوذ الأميركي على الجانب الإسرائيلي»، يريدون «إيجاد طريق» لإنهاء الحرب «انطلاقاً من الاتفاق على إطلاق الرهائن، وتوصيل المزيد من المساعدات»، مقللين شأن التعابير المختلفة التي تقود إلى ذلك، ومنها «التوقف الإنساني» أو «الهدنة» أو «وقف النار»، بيد أنهم يجهدون ليكون ذلك «خطوة أولى» لا بد منها من أجل الوصول إلى «وقف مستدام لإطلاق النار».

مسعى جزائري

ويعترف دبلوماسي رفيع في مجلس الأمن بأن البعثة الأميركية «تتصرف بحذر شديد» مع أي خطوة يمكن أن تُتخذ في هذا المحفل الدولي حيال الوضع في غزة، بما في ذلك خلال اجتماع مغلق طارئ عقد الخميس وعرضت خلاله الجزائر مشروع بيان في شأن المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين الجوعى في مدينة غزة. لكن الوفد الأميركي رفضه.

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد والمندوب الأميركي البديل روبرت وود خلال إحدى جلسات مجلس الأمن في نيويورك (أ.ف.ب)

وبخلاف القرارات التي تحتاج إلى موافقة ما لا يقل عن تسعة من الأصوات الـ15 مع عدم امتناع أي من الدول الخمس الدائمة العضوية وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا عن استخدام حق النقض «الفيتو»، فإن إصدار البيانات يستوجب إجماعاً من كل الأعضاء.وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسي عربي أن المندوب الجزائري الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع ندد «بأشد العبارات» بما سماه «العمل البربري الذي ارتكبه جنود الكيان الصهيوني ضد مدنيين فلسطينيين عزّل كانوا بانتظار وصول شاحنات المساعدات الإنسانية في دوار النابلسي شمال قطاع غزة»، مطالباً بـ«إنهاء حالة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها المحتل الإسرائيلي وشعوره بأنه فوق القانون وبعيد عن المساءلة».

ويطالب مشروع البيان المقترح «كل الأطراف بأن تمتنع عن حرمان السكان المدنيين في قطاع غزة من الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة». ويحض إسرائيل على «إبقاء المعابر الحدودية مفتوحة لإدخال المساعدة الإنسانية إلى غزة». ولكن المندوب الأميركي البديل روبرت وود عزا رفض بلاده مشروع البيان إلى «أننا لم نحصل على كل الحقائق» في ما يتعلق بما حصل على الأرض. لكنه استدرك أنه يمكن اعتماد لغة ما من المجلس بعد جمع الحقائق.

المندوب الجزائري الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع خلال إحدى جلسات مجلس الأمن في نيويورك (إ.ب.أ)

وقف القتال أولاً

غير أن الهدف الأكبر لإدارة الرئيس جو بايدن لا يزال معقوداً على مشروع قرار أدخل المفاوضون عليه تعديلات عدّة في محاولة لنيل موافقة ما لا يقل عن تسع من الدول الـ15 الأعضاء عليه «في أقرب وقت ممكن» وتلافي استخدام حق النقض (الفيتو) من روسيا أو الصين، فإن مجلس الأمن «يدعم بشكل لا لبس فيه» الجهود الدبلوماسية للتوصل «بشكل سريع وعاجل إلى اتفاق لوقف النار موقتاً» والشروع في تنفيذه بالإضافة إلى «إطلاق جميع الرهائن في أقرب وقت ممكن»؛ من أجل «تهيئة الظروف لوقف مستدام للنار والأعمال العدائية والسلام الدائم».

ووافق المفاوضون الأميركيون على تعديل مهم في هذه الفقرة الأولى من منطوق القرار؛ لأن النص الأصلي كان يدعو إلى وقف النار موقتاً «في أقرب وقت من الناحية العملانية». وكذلك أدخلوا فقرة جديدة بغية التشديد على «الحاجة الملحة إلى توسيع تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين» في غزة، فضلاً عن إضافة أنه «في ظل الظروف الراهنة، فإن القيام بهجوم بري كبير على رفح من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الضرر للمدنيين وتشريدهم بشكل أكبر بما في ذلك احتمال نزوحهم إلى البلدان المجاورة، وسيكون له آثار خطيرة على السلام والأمن الإقليميين».

لا للتهجير

ويرفض المشروع الأميركي «أي تهجير قسري للسكان المدنيين في غزة»، مع مطالبة كل الأطراف «بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي في ما يتعلق بجميع الأشخاص المحتجزين لديها». ويحض الدول الأعضاء على «تكثيف جهودها لقمع تمويل الإرهاب، بما في ذلك عن طريق تقييد تمويل (حماس)». ويطالب كل أطراف النزاع بـ«إتاحة وتسهيل وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية الكاملة والفوري والآمن والمستدام ودون عوائق على نطاق واسع مباشرة إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في كل أنحاء قطاع غزة».

وإذ يرحب بتعيين الأمين العام للدبلوماسية الهولندية سيغريد كاغ في منصب كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، يؤكد «دعمه الكامل لجهودها للتعجيل في إنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة لتسريع وتبسيط تقديم المساعدة مع الاستمرار في المساعدة على ضمان وصول المساعدات إلى وجهتها المدنية». ويوجّه الأمين العام لـ«تزويد كبير المنسقين بالموظفين والموارد والدعم اللازم لضمان استعداد الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية لزيادة كميات المساعدات الإنسانية إلى غزة على نطاق واسع للتخفيف من الوضع الإنساني المتردي». ويطالب أطراف النزاع بالتعاون مع جهود كبيرة المنسقين بغية «توسيع نطاق تقديم المساعدات إلى غزة (...) بما في ذلك معبر كارم أبو سالم الحدودي، وكذلك من خلال التعاون لفتح معابر إضافية وممر بحري في أسرع وقت ممكن، وفي موعد أقصاه بدء أي وقف موقت لإطلاق النار»، مشدداً على «أهمية التخطيط للإنعاش المبكر وإعادة إعمار غزة من قِبل كبيرة المنسقين».

قاعة مجلس الأمن في نيويورك (أ.ف.ب)

ويشدد المشروع الأميركي الذي لم يحظَ بعد بالدعم الكافي لتمريره في مجلس الأمن على أن «آلية الأمم المتحدة لتسريع تقديم المساعدة المنشأة عملاً بالقرار 2720 ينبغي أيضاً أن تعمل على تسهيل واستئناف توفير السلع التجارية، بما في ذلك المواد والمعدات، الضرورية لإصلاح البنية التحتية الحيوية والمساعدة في ضمان تشغيلها، وتوفير الخدمات الأساسية، وسيضع الأساس لإعادة إعمار غزة بنجاح في المستقبل». ويقرّ بـ«الدور المهم لكل الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة». ويدعم قرار الأمين العام أنطونيو غوتيريش بـ«الشروع على الفور في إجراء تحقيق في الادعاءات القائلة بأن بعض موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (أونروا) شارك في الهجمات الإرهابية التي وقعت في 7 أكتوبر، ويطالب بمحاسبة أي موظف من (أونروا) يثبت تورطه في أعمال إرهابية». وكذلك يدعم تعيين الأمين العام مجموعة مراجعة مستقلة لتقييم ما إذا كانت «(أونروا) تفعل كل ما في وسعها لضمان حيادها».

الدولة الفلسطينية

ويرفض «الإجراءات التي تؤدي إلى تقليص مساحة قطاع غزة، بما في ذلك من خلال إنشاء ما يسمى المناطق العازلة بشكل رسمي أو غير رسمي، فضلاً عن التدمير المنهجي والواسع النطاق للبنية التحتية المدنية»، مندداً بدعوات وزراء في الحكومة الإسرائيلية لإعادة الاستيطان في غزة. ويرفض أي محاولة للتغيير الديموغرافي أو الجغرافي في غزة. ويكرر «التزامه الثابت رؤية الحل القائم على وجود دولتين حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة». ومع ذلك، يعمل مسؤولو إدارة بايدن أولاً على وقف القتال والخطوات التالية الضرورية، من دون «التكهن منذ الآن» في شأن قرار محتمل أن يقدم في مجلس الأمن للاعتراف بالعضوية الناجزة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، معتبرين أن «هذا غير ناضج» لأن مثل هذا القرار «يجب أن يُتخذ على أرض الواقع» للاعتراف بالفلسطينيين كدولة.


مقالات ذات صلة

«حماس»: مصير بعض الرهائن مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي في بعض المناطق

العالم العربي «حماس» تقول إن مصير الرهائن المحتجزين لدى الحركة مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

«حماس»: مصير بعض الرهائن مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي في بعض المناطق

قال أبو عبيدة، المتحدث باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، إن مصير الرهائن مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المحكمة المركزية في تل أبيب... 23 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

نتنياهو: هناك تقدم فيما يتعلق بمفاوضات الرهائن

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الاثنين)، إنه تم إحراز تقدم في المفاوضات الجارية مع حركة «حماس» بشأن الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية بقطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينشئ منتجعات لجنوده في غزة ومفاعلاً لتحلية مياه البحر

أنشأ الجيش الإسرائيلي 3 منتجعات لجنوده في مواقع عدة له بقطاع غزة، مما يدل على أنه يعمل ليبقى هناك مدة طويلة إذا احتاج الأمر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقربائها خلال غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر جنوب غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: الخلافات «تتصاعد» والتفاؤل «يتراجع»

تقديرات إسرائيلية جديدة تتحدث عن «تصاعد الخلافات وتراجع التفاؤل» بين أروقة مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وسط محادثات شهدتها القاهرة وأخرى لا تزال تستضيفها الدوحة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص حثّّت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لاعتماد قواعد ملزمة قانوناً بشأن منظومات الأسلحة ذاتية التشغيل (الصليب الأحمر)

خاص «الصليب الأحمر»: الوضع في غزة مروّع... ولن نكون بديلاً لـ«أونروا»

في المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا، تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أهمية التمسك بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين، باعتبارهما حجر الزاوية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​اشتباكات عنيفة حول عين العرب ومخاوف من تفاقم الوضع الإنساني

عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)
TT

​اشتباكات عنيفة حول عين العرب ومخاوف من تفاقم الوضع الإنساني

عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)

اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، بعد هجومين متزامنين نفذتهما الفصائل على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق في ريف حلب الشرقي.

واستمرت الاشتباكات لساعات وسط معلومات عن وقوع خسائر بشرية في صفوف الجانبين، وتعرضت القرى القريبة من جسر قره قوزاق لقصف مدفعي وصاروخي مكثف من القوات التركية.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، بأن التوتر يسيطر على المنطقة، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية.

وأضاف أن قوات «مجلس منبج العسكري»، التابعة لـ«قسد»، تمكنت من التقدم في 3 قرى بمحيط سد تشرين، ذلك بعد أكثر من 12 يوماً من الاشتباكات المسلحة المستمرة مع الفصائل الموالية لتركيا.

تحذير ألماني

في الوقت ذاته، حذّرت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، من نشوب حرب بين تركيا والأكراد في سوريا.

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (د.ب.أ)

وقالت بيربوك في تصريحات لمحطة «دويتشلاند فونك» نقلتها «وكالة الأنباء الألمانية»: «هذا بالضبط ما لا ينبغي أن يحدث»، مضيفة أنه لن يكون من المفيد لأحد أن يكون الطرف الثالث «المسرور» في الصراع مع الأكراد، «تنظيم داعش». وشدّدت على أن هذا من شأنه أن يشكل تهديداً أمنياً لسوريا وتركيا وأوروبا.

كانت بيربوك أكدت، في إفادة صحافية بمقر السفارة الألمانية في أنقرة عقب مباحثاتها مع نظيرها التركي هاكان فيدان الجمعة، أن «الأمن، خصوصاً للأكراد، ضروري لمستقبل حر وآمن لسوريا، لكن يتعين أيضاً معالجة المخاوف الأمنية التركية لضمان الاستقرار»، محذرة من مخاطر أي «تصعيد» ضد القوات الكردية في سوريا.

ولفتت إلى أن آلاف الأكراد من منبج وأماكن أخرى نزحوا في سوريا أو يخشون اندلاع أعمال عنف جديدة، و«أصبحت كوباني (عين العرب) رمزاً للمقاومة ضد إرهاب (داعش)، ليس فقط للأكراد، بل للعالم أجمع»، مضيفة أن «الأكراد، الذين يعملون جنباً إلى جنب مع التحالف الدولي ضد (داعش)، دافعوا ليس فقط عن سوريا ولكن أيضاً عن أمن أوروبا».

وأبلغ فيدان نظيرته الألمانية، أنه يتعين على حزب «العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» إلقاء السلاح وحل نفسيهما.

جانب من مباحثات فيدان وبيربوك في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

ولفت الوزير التركي، الذي زار دمشق الأحد والتقى القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، إلى أن تركيا تؤكد ضرورة حماية حقوق جميع الأقليات في سوريا، وأن الفهم الذي يعد تنظيم «حزب العمال الكردستاني»، و«وحدات حماية الشعب» ممثلين للأكراد في سوريا، هو فهم خاطئ.

وشدّد على أن تركيا تنتظر من جميع حلفائها أن يحترموا مخاوفها الأمنية في هذا الصدد، وأنه يجب على الإدارة السورية الجديدة أن تعمل على إنهاء وجود التنظيمات الانفصالية التي تسعى لتقسيم البلاد.

وتخطط تركيا بالاستعانة بالفصائل الموالية لها في سوريا، لهجوم على مدينة عين العرب (كوباني) الحدودية في شرق حلب، التي تقع على الضفة الشرقية من نهر الفرات.

وزير الدفاع التركي يشار غولر يلقي التحية العسكرية على جنود بإحدى الوحدات على الحدود مع سوريا خلال تفقده لها الأحد (وزارة الدفاع التركية)

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، خلال تفقده، الأحد، المناطق الحدودية التركية السورية، ولقائه قادة الوحدات العسكرية المنتشرة هناك، إن تركيا تنتظر من حكام سوريا الجدد، بما في ذلك الجيش الوطني السوري، طرد مسلحي «وحدات حماية الشعب» الكردية (أكبر مكونات قسد) من جميع الأراضي التي يسيطرون عليها في شمال شرقي سوريا.

فصائل الجيش الوطني السوري تواصل قصفها على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق حول عين العرب (المرصد السوري)

ونفذت تركيا عمليات عسكرية في شمال وشمال شرقي سوريا بين عامي 2016 و2019 استهدفت «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقد سيطرت الفصائل الموالية لها من خلالها على مناطق حدودية، مبررة ذلك بـ«الحرب على الإرهاب».

وتعد أميركا القوات الكردية شريكاً مهماً لها في الحرب على «تنظيم داعش» في سوريا، كما تحظى بدعم غربي، بينما تعدها تركيا امتداداً لتنظيم حزب «العمال الكردستاني» المصنف لديها، وكذلك لدى حلفائها الغربيين «منظمة إرهابية».

وقالت بيربوك إن الأكراد، على وجه الخصوص، هم الذين دحروا «داعش»،

وإن تركيا «بالطبع» لديها مصالح أمنية مشروعة، ومثل أي بلد آخر، تريد أن تكون خالية من الإرهاب، لكن لا ينبغي استغلال ذلك في «طرد الأكراد واندلاع العنف مرة أخرى».

عناصر من «قسد» في عين العرب (أ.ف.ب)

في السياق، قررت محكمة تركية تمديد توقيف 9 أشخاص، بينهم 7 صحافيين لمشاركتهم في احتجاج على مقتل اثنين من الصحافيين الأتراك من أصل كردي في ضربات بطائرة مسيرة تركية في شمال سوريا.

وأوقفت الشرطة التركية السبت 59 شخصاً بعد أن منعت المظاهرة الاحتجاجية على مقتل الصحافيين في سوريا، وأفرجت عن 50 منهم يومي السبت والأحد، فيما أحيل 9 إلى المحكمة التي قررت لاحقاً تمديد توقيفهم.

وأكدت «جمعية صحافيي دجلة والفرات» التركية أن الصحافيين ناظم داشتان (32 عاماً)، وجيهان بلكين (29 عاماً) اللذين كانا يعملان في وسائل إعلام كردية، قُتلا الخميس قرب سد تشرين على بُعد نحو 100 كيلومتر شرق مدينة حلب السورية بعدما تعرضت سيارتهما لانفجار.