الحلبوسي يتحرك لكسر جمود مفاوضات رئيس البرلمان العراقي

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: التحالف الحاكم لا يكترث لبقاء المنصب بالإنابة

السوداني والحلبوسي خلال لقائهما في بغداد 29 فبراير (إعلام حكومي)
السوداني والحلبوسي خلال لقائهما في بغداد 29 فبراير (إعلام حكومي)
TT

الحلبوسي يتحرك لكسر جمود مفاوضات رئيس البرلمان العراقي

السوداني والحلبوسي خلال لقائهما في بغداد 29 فبراير (إعلام حكومي)
السوداني والحلبوسي خلال لقائهما في بغداد 29 فبراير (إعلام حكومي)

بعد يوم من تأجيل المحكمة الاتحادية في العراق البت في شرعية جلسة انتخاب رئيس جديد للبرلمان، بدأ حزب «تقدم» برئاسة محمد الحلبوسي، الخميس، حراكاً لحسم ما يعده العرب السنة استحقاقهم السيادي.

وبررت المحكمة التأجيل بسبب عدم حسم الدعاوى المقامة بشرعية جلسة البرلمان التي عقدت يوم 13 يناير (كانون الثاني) الماضي لانتخاب الرئيس، وما رافقها من إشكاليات.

من جانب آخر، ردّت المحكمة طلباً بإسقاط عضوية النائب شعلان الكريم مرشح حزب «تقدم» لرئاسة البرلمان لعدم الاختصاص.

وأسفرت جلسة انتخاب رئيس البرلمان التي تنافس فيها 6 مرشحين، في الجولة الأولى، عن فوز الكريم بـ152 صوتاً من أصل 314 صوتاً، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي بـ97 صوتاً، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار بـ6 أصوات، فيما حصل النائب طلال الزوبعي على صوت واحد.

ولم يكن فوز الكريم الذي لم يفصله عن الفوز بالرئاسة سوى 13 صوتاً كافياً لضمان الأغلبية المطلقة (165) صوتاً، لكنه فاجأ القوى المنافسة لـ«تقدم» وزعيمه محمد الحلبوسي الذي أسقطت المحكمة الاتحادية عضويته في البرلمان خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وطيلة الأشهر الماضية، استمرت رئاسة البرلمان بالإنابة من قِبل النائب الأول محسن المندلاوي، الذي ينتسب إلى قوى الإطار التنسيقي.

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

حصة السُّنة

ورغم أن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى عدم حسم الرئاسة لصالح مرشح العرب السنة يعود إلى «الخلافات السنية - السنية» كما يقول ياسين البكري أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين لـ«الشرق الأوسط»، لكن السبب الآخر وطبقاً لقيادي سني بارز، يعود إلى أن «هناك قوى سنية لم تعد تفكر بأن المنصب يمثل حصة للمكون ويجب الدفاع عنه، بسبب الخلافات الداخلية في البيت السني».

مع ذلك، تدافع أحزاب سنية عن الموقع التشريعي الأول في البلاد لرمزيته وتأثيره في الحياة السياسية العراقية بعد التغيير عام 2003.

ورأى السياسي السني البارز الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن «القوى الشيعية الممثلة للإطار التنسيقي تعاني من خلافات كبيرة زادت عمقاً بعد ظهور نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة، الأمر الذي جعلها غير قادرة على الاتفاق بشأن من مرشحي السنة لهذا المنصب».

وما دام يدار المجلس بالنيابة والجلسات تعقد بطريقة طبيعية، فإن بعض القوى الشيعية لم تعد تهتم بحسم الاستحقاق السني من عدمه، ما دام أن السنة أنفسهم يخفقون في التوافق على مرشح واحد.

لكن ياسين البكري، أستاذ العلوم السياسية، أوضح أن «سبب الأزمة مركب بين الصراعات السنية، ورغبة قوى الإطار التنسيقي في بقاء الوضع على ما هو عليه ما دام لا يوجد مانع قانوني»، وقال: «لو كان هناك سبب قانوني لكانت المحكمة الاتحادية أصدرت أمراً ولائياً».

الحلبوسي يتحرك

من جانب آخر، وبعد أن هدأت العواصف التي أثيرت ضد رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي على أثر إنهاء عضويته في البرلمان العام الماضي، فقد بدأ تحركاً مكثفاً لحسم المنصب.

في هذا السياق، التقى الحلبوسي، الخميس، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وقال بيان حكومي إنهما بحثا «الأوضاع العامة في البلاد، وأهمية دعم الحكومة في إتمام برنامجها التنفيذي، ومحاور أولوياتها الأساسية التي تعد خريطة طريق لإصلاح شامل في العراق على مستوى القطاعات الحيوية المهمة».

وتطرّق البيان إلى أن «اللقاء شهد التأكيد على أهمية الإسراع في حسم الاستحقاقات الدستورية وبمقدمتها انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب».

ونقل البيان، عن السوداني تأكيده أنّ «التنسيق المتكامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية سيوفر لمؤسسات الدولة المقومات والأرضية التي تمكنها من تنفيذ مشاريع تلبي حاجات المواطنين».

وقال الحلبوسي، وفقاً للبيان الحكومي، إن «حسم رئاسة مجلس النواب وفق الاستحقاقات الانتخابية والتوافقات السياسية التي تشكل بموجبها ائتلاف إدارة الدولة، سيساعد المؤسسة التشريعية على استكمال مهامّها في التشريع والمراقبة، والقيام بواجباتها الوطنية تجاه البلد».

وفي لقاء منفصل، قال الحلبوسي إنه بحث مع رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، «أهمية اختيار رئيس جديد للبرلمان، والمقترحات القانونية لانتخابه».

وأوضح الحلبوسي أن «القوى السياسية مطالبة بحسم هذا الملف لإكمال الاستحقاقات السياسية والدستورية المتعلقة بهذا المنصب».


مقالات ذات صلة

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

المشرق العربي صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي (الاثنين) من بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية، ستتم مناقشة الموضوع في جلسة سرية.

حمزة مصطفى (بغداد )
المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».