بايدن يتحدث عن وقف النار في غزة بدءاً من شهر رمضان

ضغوط أميركية لهدنة من 6 أسابيع وتعامل حذر من طرفي الحرب

الرئيس الأميركي جو بايدن مع سيث مايرز (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن مع سيث مايرز (أ.ف.ب)
TT

بايدن يتحدث عن وقف النار في غزة بدءاً من شهر رمضان

الرئيس الأميركي جو بايدن مع سيث مايرز (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن مع سيث مايرز (أ.ف.ب)

ضاعفت الولايات المتحدة ضغوطها الدبلوماسية للتوصل إلى وقف مؤقت للنار في غزة بالتزامن مع شهر رمضان، وسط تعامل حذر من كل من إسرائيل و«حماس» مع تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن في شأن هدنة مديدة يمكن أن تبدأ الأسبوع المقبل، إذا جرى التوافق على إطلاق الرهائن.

وتعززت الآمال بوقف القتال في غزة بعد زهاء خمسة أشهر من الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بُعيد تصريحات متفائلة أطلقها عدد من المسؤولين الأميركيين الكبار، وتوّجها الرئيس جو بايدن بقوله خلال برنامج فكاهي مع المقدم سيث مايرز عبر شبكة «إن بي سي» الأميركية للتلفزيون إن «رمضان يقترب، وهناك اتفاق بين الإسرائيليين على عدم الانخراط في نشاطات خلال شهر رمضان من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن» المحتجزين لدى «حماس».

الوضع في رفح

وتحدّث بايدن خلال البرنامج عن المخاوف المتزايدة على مستوى العالم حيال تنفيذ إسرائيل المحتمل لعملية عسكرية واسعة النطاق في مدينة رفح بجنوب غزة على الحدود مع مصر، حيث لجأ عدد ضخم من الفلسطينيين النازحين من المناطق الأخرى في القطاع. ولاحظ أن إسرائيل أبطأت قصف رفح، مضيفاً أن «عليهم أن يفعلوا ذلك، وتعهدوا لي أنهم سيتأكدون من أن هناك قدرة على إخلاء أجزاء كبيرة من رفح قبل أن يذهبوا ويطردوا ما تبقى من (حماس)». ومع ذلك «هذه عملية» عسكرية.

وهو كان يكرر ليلاً ما أعلنه نهاراً أثناء زيارته، الاثنين، لنيويورك في شأن الجهود التي يبذلها الوسطاء الأميركيون والمصريون والقطريون مع كل من إسرائيل و«حماس» للتوصل إلى اتفاق. وقال: «آمل أنه بحلول الاثنين المقبل سيكون هناك وقف للنار»، مضيفاً أن مستشاره للأمن القومي جايك سوليفان «يقول لي إننا قريبون، نحن قريبون، ولم ننته بعد».

بايدن يتناول الآيس كريم في نيويورك (أ.ب)

وكان سوليفان أعلن قبل يومين أن ممثلي إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر «توصلوا إلى تفاهم» خلال اجتماع في باريس حول «الشكل الأساسي لصفقة الرهائن ووقف النار المؤقت»، آملاً في أن «نتمكن في الأيام المقبلة من الوصول إلى نقطة يكون فيها بالفعل اتفاق حازم ونهائي بشأن هذه القضية».

ومن شأن أي وقف للقتال لمدة ستة أسابيع كما يرغب الجانب الأميركي أن يسمح بإطلاق الرهائن الإسرائيليين الـ130 لدى «حماس» مقابل آلاف من الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل، مع فتح الباب أمام دخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة. واستغرب المسؤولون الإسرائيليون تصريحات بايدن، قائلين إنها لم تأت بالتنسيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كما قلل مسؤول في «حماس» من شأن التصريحات عن التقدم المحرز في المحادثات. وتطالب الحركة بشكل خاص بوقف نهائي لإطلاق النار قبل التوصل إلى أي اتفاق بشأن إطلاق الرهائن.

«بعد غزة»

وتحاول إدارة الرئيس بايدن أن يكون أي اتفاق في غزة مدخلاً لمحادثات أوسع تُشكل أساساً لتشكيل الدولة الفلسطينية المستقبلية ضمن مبدأ «حل الدولتين»، وإقامة علاقات دبلوماسية مع الدول العربية.

وفي هذا السياق، أفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن بلينكن أكد لنظيره الأردني أيمن الصفدي التزام الولايات المتحدة بتحقيق سلام دائم «من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية لإسرائيل»، مشدداً على أهمية عدم اتساع نطاق الحرب، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن بلينكن كرر «رفض الولايات المتحدة التهجير القسري للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية»، مشيراً إلى جهود الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لوقف عنف المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وجهودها لتوصيل المساعدات للفلسطينيين في غزة.

تفاصيل الاتفاق

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين من «حماس» أن تصريحات بايدن سابقة لأوانها. وقال مسؤول إنه «حتى الآن هناك فجوات كبيرة تحتاج إلى التغلب عليها، كما أن القضايا الرئيسية الخاصة بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية غير منصوص عليها بشكل واضح، الأمر الذي يعطل التوصل لاتفاق».

ونسبت إلى مصدر كبير أن مسودة المقترح التي أُرسلت لـ«حماس» تشمل هدنة مدتها 40 يوماً يطلق خلالها 40 رهينة بينهم نساء وأطفال دون 19 عاماً ومن هم فوق 50 عاماً والمرضى، مقابل إطلاق 400 معتقل فلسطيني، بنسبة عشرة مقابل واحد. وبالإضافة إلى ذلك، ستعيد إسرائيل نشر قواتها خارج المناطق المأهولة. وسيُسمح لسكان غزة باستثناء الذكور في المرحلة العمرية التي يستطيعون خلالها القتال، بالعودة إلى المناطق التي نزحوا عنها من قبل، وسيزيد حجم المساعدات إلى القطاع، بما في ذلك دخول المعدات التي توجد حاجة ماسة لها لإيواء النازحين.

ولا يشمل الاتفاق أيضاً إطلاق الجنود الإسرائيليين الرهائن أو الأصحاء في عمر القتال أو مطلب «حماس» إطلاق 1500 معتقل فلسطيني.


مقالات ذات صلة

ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

تحليل إخباري نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

أزمة حادة بين ماكرون ونتنياهو، والإليزيه يسعى لتطويقها... ورسالة فرنسية ضمنية إلى بايدن تدعوه «للانسجام» في المواقف.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)

تحليل إخباري دعوة ماكرون لوقف تسليح إسرائيل... هل يمكن تفعيلها؟

وسط تصعيد إسرائيلي للحرب في لبنان وتواصلها في غزة، أثارت دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن الكف عن تسليم أسلحة لإسرائيل، تساؤلات بشأن إمكانية تفعيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة ) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس (أ.ب)

هاريس: الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار

أعلنت نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

مصر: الاحتفاء الواسع بـ«6 أكتوبر» يتفاعل مع الاضطرابات الإقليمية

برغم مرور 51 عاماً على حرب السادس من أكتوبر عام 1973، تشهد مصر منذ أيام احتفالات واسعة بالنصر على إسرائيل الذي تحلّ ذكراه بالتزامن مع استمرار الحرب في غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شؤون إقليمية تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)

بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

استدعى الجيش نحو 300 ألف جندي احتياط في بداية الحرب، خدم كثير منهم لعدة أشهر، وسيكون لتجاربهم وتجارب أسرهم تأثير على المواقف في إسرائيل لسنوات مقبلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نتنياهو يحبط مساعي وقف إطلاق النار في لبنان

لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يحبط مساعي وقف إطلاق النار في لبنان

لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)

أحبط رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المساعي الدبلوماسية اللبنانية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وبدا أن الجهد الدبلوماسي يُقاد من جهة واحدة، وسط تضارب في تفسير المبادرة التي أطلقتها الحكومة اللبنانية قبل أسبوعين، والقائمة على التزام لبنان بالنداء الذي صدر في الاجتماعات التي جرت إبان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي.

وفُهم من المبادرة التي أعلن عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن المطالبة بوقف إطلاق النار تتضمن فصلاً لجبهتي غزة وجنوب لبنان، خلافاً لموقف «حزب الله» السابق، الذي كان يصرّ على وقف إطلاق النار في الجبهتين بشكل متزامن.

وازداد الأمر غموضاً في تصريحات لمسؤولين في «حزب الله»، من بينهم النائب حسين الحاج حسن، الذي قال إن الأولوية الآن لوقف إطلاق النار، ودفع للاعتقاد بأن الحزب وافق على فصل الجبهتين.

لكن مصادر مقربة من «حزب الله»، نفت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك تغيير في موقف الحزب، وأكدت أن الإيحاء بالموافقة على وقف إطلاق النار في لبنان بمعزل عن غزة «غير صحيح بتاتاً»، وأوضحت أن ما يتم تداوله يعد «تأويلاً متعسفاً للتصريحات»، في إشارة إلى تصريح الحاج حسن.

صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

ولا يبدو أن هناك أي تقدم في الملف، فرغم المحاولات الفرنسية للدفع باتجاه تطبيق وقف إطلاق النار، ودفع دولي آخر باتجاه تطبيق النداء الصادر في نيويورك فإن تلك الجهود «اصطدمت بتعنت إسرائيلي»، حسبما قالت مصادر لبنانية مطلعة على الحراك السياسي والدبلوماسي، مشيرة إلى أن موقف نتنياهو الذي أعلنه مساء السبت، «أحبط الجهود، وأعطى أولوية للمعركة العسكرية التي يمضي بها في الداخل اللبناني».

تطبيق القرار 1701

في هذا الوقت، تسعى الحكومة اللبنانية إلى الدفع باتجاه مبادرة لتطبيق القرار 1701، ووقف إطلاق النار. وهذا ما عبَّر عنه ميقاتي خلال استقباله المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إذ رحب بالجهود المبذولة من «المفوضية» للتخفيف عن النازحين.

وشدد على أن «الحل الوحيد لوقف هذه المعاناة هو الوقف الفوري لإطلاق النار، ووقف العدوان الإسرائيلي، وتطبيق القرار 1701 الذي يؤسس لعودة النازحين إلى مناطقهم ولحفظ الاستقرار في المنطقة».

وطلب ميقاتي من غراندي العمل الجدي مع السلطات السورية والمجتمع الدولي لحل أزمة النازحين السوريين في لبنان، وتأمين عودتهم إلى سوريا؛ «لأن آلاف اللبنانيين باتوا نازحين في وطنهم، ولم يعد لبنان قادراً على تحمّل أعباء النازحين السوريين».

وكان ميقاتي أثنى على ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقال إنه «يعبر خير تعبير عن القيم الإنسانية السامية التي تعبر عنها فرنسا، والرئيس ماكرون شخصياً في مناصرة الحق ووقف العنف، واللجوء إلى الحلول السلمية التي تبعد شبح الحروب والقتل، وليس مستغرباً أن يقابل هذا الموقف بعداء واضح من نتنياهو الذي يشكل عاراً على الإنسانية جمعاء».

وقال: «إننا في لبنان، علمنا بالمواقف المشرفة للرئيس ماكرون في دعم لبنان واستقراره وسيادته، وسعيه الدؤوب لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا وأرضنا، ونجدد تأييد النداء المشترك الذي أصدرته فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، بدعم من الاتحاد الأوروبي ودول عربية وأجنبية، ونطالب بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، وتطبيق القرار 1701 فوراً».

لبنانيون يقفون بجوار منزل دمرته غارة إسرائيلية في الجية بساحل الشوف (إ.ب.أ)

كما التقى وزير الإعلام زياد المكاري، وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، على هامش القمة الفرنكوفونية الـ19 في باريس، التي يترأس فيها وفد لبنان. ودار بينهما حديث مطول عن تطورات الأوضاع في المنطقة، وشدد الجانبان على ضرورة وقف إطلاق النار وإدانة إسرائيل.

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

ورغم أن هناك محاولات لتفعيل الحراك السياسي الداخلي باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية، انطلاقاً من المبادرة التي أعلنها رئيس الحكومة اللبنانية بدعم من رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط،، فإن هذا الملف أيضاً لم يطرأ عليه أي تقدم، رغم الدعوات المتواصلة لإنهاء هذا الشغور، وجاء آخرها على لسان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي أكد أن «السلطة توجب على المسؤولين توطيد الاستقرار، والمطلوب تناسي نقاط الخلاف والعمل على انتخاب رئيس يحظى بالثقة الداخلية والخارجية، ويسعى إلى تنفيذ القرار 1701 ووقف إطلاق النار».

وشدّد الراعي على أن «انتخاب الرئيس لا يتحمّل بعد اليوم أي تأخير، وعدم انتخابه لمدة سنتين كان جرماً من المجلس النيابي».