مصادر في رام الله لـ«الشرق الأوسط»: مطلوب خطوات كبيرة من جميع الأطراف بعد استقالة حكومة أشتية

الفلسطينيون يطالبون واشنطن بضمان وقف حرب غزة وانسحاب إسرائيل

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بعد إعلان استقالة حكومته في رام الله الاثنين (رويترز)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بعد إعلان استقالة حكومته في رام الله الاثنين (رويترز)
TT

مصادر في رام الله لـ«الشرق الأوسط»: مطلوب خطوات كبيرة من جميع الأطراف بعد استقالة حكومة أشتية

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بعد إعلان استقالة حكومته في رام الله الاثنين (رويترز)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بعد إعلان استقالة حكومته في رام الله الاثنين (رويترز)

في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد أشتية، وضع استقالة حكومته تحت تصرف الرئيس محمود عباس، أكدت مصادر سياسية في رام الله لـ«الشرق الأوسط»، أن المطلوب الآن من جميع الفرقاء الإقدام على خطوات كبيرة في المقابل، وأنه يُفترض بالإدارة الأميركية الضغط على إسرائيل لوقف حربها، وتقديم ضمانات بالانسحاب من قطاع غزة، لافتة إلى أنه على «حماس» أن تسهل إمكانية تشكيل حكومة كفاءات تعبر عن وحدة الصف الوطني.

وقال مسؤول كبير في حركة «فتح»، إن «استقالة حكومة أشتية لم تكن ضرورية، فهي حكومة جيدة يقودها شخصية اقتصادية من الصف الأول، وعلى الرغم من الحرب الاقتصادية التي خاضتها ضده إسرائيل صمدت وحققت إنجازات غير قليلة».

وتابع بقوله: «فقط قبل أسبوعين، وضعت الحكومة لنفسها برنامج تغيير وتطوير وإصلاحات، ولكنها أقدمت على الاستقالة استجابة للإرادة الدولية لتثبت صدق منظمة التحرير الفلسطينية في الإصلاحات، وفي توحيد الصفوف، وتحسين الأداء»، مشدداً: «فنحن نضع على رأس سلم أولوياتنا، وقف العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية، والآن يأتي الدور على الآخرين».

فلسطينيون في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

وكانت مصادر سياسية في تل أبيب قد توقعت أن تكون هذه الاستقالة بمثابة رافعة ضغط على الحكومة الإسرائيلية التي رفضت أن تسلم السلطة الفلسطينية إدارة شؤون قطاع غزة «في اليوم التالي» بعد الحرب، بمختلف الادعاءات. وقد طرحت الإدارة الأميركية مخرجاً لذلك، بأن أيدت تسليم إدارة غزة للسلطة «بعد تجديدها»، واستجابت السلطة، ووضعت حكومة أشتية قبل أسبوعين خطة إصلاحات كبيرة.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء محمد أشتية بمدينة رام الله بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وقد أشاد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بالخطة، وعدَّ إصلاحاتها «بداية جيدة»، لكن إسرائيل لم تكتفِ بها، وقالت إن هناك حاجة لحكومة تكنوقراط فلسطينية تقتصر على الكفاءات المهنية.

خلاف حول المرجعية

وفي المقابل، وافقت حركة «حماس» على تشكيل حكومة تكنوقراط، لكنها وضعت لها مرجعية أخرى من الفصائل الفلسطينية وليس من منظمة التحرير الفلسطينية، فاعتبرت السلطة هذا التوجه «عملاً غير جدي».

وبدأت جهود فلسطينية داخلية مسنودة بجهود عربية ودولية، لتحقيق تفاهمات فلسطينية داخلية تمنع حدوث أزمة، من خلال التأكيد على أن الخلافات الفلسطينية بهذا الشأن «تخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو»، وحكومته اليمينية المتطرفة التي تحاول التهرب من وقف الحرب والتوصل إلى صفقة تبادل، علماً بأن الفصائل الفلسطينية ستجتمع في موسكو في نهاية الأسبوع ضمن محاولة للتوصل إلى تفاهمات.

استقالة حكومة أشتية جاءت ضمن محاولات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، إظهار موقف مسؤول تجاه معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، وكذلك في الضفة الغربية.

وقال أشتية، في مستهل اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي، الاثنين: «وضعت استقالة الحكومة تحت تصرف السيد الرئيس، وذلك يوم الثلاثاء الماضي 20 فبراير (شباط)، واليوم أتقدم بها خطياً». وأكد: «يأتي هذا القرار على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على أهلنا في غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية، ومدينة القدس، وما يواجه شعبنا، وقضيتنا الفلسطينية، ونظامنا السياسي من هجمة شرسة، وغير مسبوقة، ومن إبادة جماعية، ومحاولات التهجير القسري، والتجويع في غزة، وتكثيف الاستيطان، وإرهاب المستعمرين، واجتياحات متكررة في القدس، والضفة، للمخيمات، والقرى، والمدن، وإعادة احتلالها».

طابور طويل لفلسطينيين في سياراتهم أثناء انتظارهم للعبور عند حاجز تل قرب نابلس بالضفة الغربية الأحد (إ.ب.أ)

ولفت أشتية إلى أن حكومته «واجهت الخنق المالي غير المسبوق» أيضاً، ومحاولات تصفية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتنصل من كل الاتفاقات الموقّعة، والضم المتدرج للأراضي الفلسطينية، والسعي لجعل السلطة الوطنية الفلسطينية سلطة إدارية أمنية بلا محتوى سياسي. وواجهت «معارك شديدة»، مثل «قرصنة أموال السلطة»، في إشارة إلى احتجاز إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية، ثم صفقة القرن، ثم حرب أوكرانيا، ومعركة جائحة كورونا، وحالياً الحرب على قطاع غزة.

وأنهى أشتية خطاب الاستقالة مستدركاً أن هذه الحكومة حققت توازناً بين احتياجات الشعب الفلسطيني، والحفاظ على الحقوق السياسية، ومواجهة الاستيطان الإسرائيلي، «وسنبقى في مواجهة مع الاحتلال، وستبقى السلطة الوطنية تناضل من أجل تجسيد الدولة على أرض فلسطين رغماً عنهم».

أشتية يتفقد مع مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خريطة قطاع غزة خلال زيارة لرام الله 17 نوفمبر (رويترز)

وشدد أشتية على أن حكومته العاملة منذ 5 سنوات كانت حكومة سياسية ومهنية تضم عدداً من الشركاء السياسيين والمستقلين، بينهم 5 وزراء من قطاع غزة. ولكن المرحلة المقبلة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ في الحسبان الواقع المستجِد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى «توافق فلسطيني - فلسطيني» مستندٍ إلى أساس وطني ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط السلطة على كامل أرض فلسطين.

رفض خطة نتنياهو

ومن جهته، أوضح الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، أن استقالة الحكومة لا تعني قبول خطة نتنياهو لليوم التالي، فهذه خطة مرفوضة هدفها توسيع وتخليد الاحتلال، وإجلاء المدنيين، وتؤكد للعالم بأسره أنه ماضٍ في عدوانه على سكان قطاع غزة، وبقراره المسبق باقتحام مدينة رفح رغم كل المطالبات الأممية والعالمية بوقف هذا العدوان والجرائم التي يرتكبها ضد شعبنا الفلسطيني.

وأضاف أن «ما يحدث هو إبادة جماعية بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة، والجميع يعلم أن استمرار العدوان الهمجي على شعبنا ومقدساتنا، ومحاولات التهجير المدانة في قطاع غزة والضفة الغربية، وانعدام الأفق السياسي القائم على الشرعية الدولية، ستدمر المنطقة بأسرها. وعلى الإدارة الأميركية أن تتحرك بشكل مختلف وجدي لوقف هذا الجنون الإسرائيلي، وتتحمل مسؤوليتها بإلزام دولة الاحتلال بوقف هذا العدوان المتواصل على شعبنا وأرضنا، قبل فوات الأوان، لأن الدعم الأميركي المتواصل هو الذي يشجع سلطات الاحتلال على تصعيد عدوانها وجرائمها ضد شعبنا».


مقالات ذات صلة

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (الموقع الرسمي للمحكمة) play-circle 02:06

ما حيثيات اتهامات «الجنائية الدولية» لنتنياهو وغالانت والضيف؟

مع إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت والقيادي في «حماس» محمد الضيف، إليكم أبرز ما جاء في نص المذكرات.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)

مقتل مسلح وإصابة 3 أفراد أمن في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في عمان

أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
TT

مقتل مسلح وإصابة 3 أفراد أمن في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في عمان

أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان

أعلنت قوات الأمن الأردنية، فجر اليوم (الأحد)، مقتل مسلح بعد فتحه النار على عناصر أمن في منطقة السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأردنية عمان، مشيرة إلى إصابة ثلاثة من أفراد الأمن العام أثناء العملية.

وذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، أن مديرية الأمن العام «تعاملت فجر اليوم الأحد مع حادثة إطلاق عيارات نارية تجاه إحدى الدوريات العاملة في منطقة الرابية في العاصمة عمان... مما أسفر عن مقتل الجاني».

وكانت وكالة «رويترز» للأنباء، قد نقلت عن شهود عيان، قولهم إن الشرطة الأردنية فرضت طوقاً أمنياً في محيط السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان بعد سماع طلقات نارية.

وذكر شاهدان أن سيارات الشرطة والإسعاف هرعت إلى حي الرابية حيث توجد السفارة، بعد سماع إطلاق نار متقطع.

وقال مصدر أمني، إن الشرطة ناشدت السكان بالبقاء في منازلهم بينما يبحث أفراد الأمن عن مطلقي الرصاص.

والمنطقة القريبة من السفارة التي تخضع لحراسة مكثفة من المناطق المعروفة التي تنظم بها احتجاجات عادة ضد إسرائيل.

وشهد الأردن بعض أكبر الاحتجاجات السلمية في المنطقة مع تصاعد المشاعر المعادية لإسرائيل بسبب الحرب في غزة.