قتال متواصل في شمال غزة وجنوبها... وتحذير من «مقديشو» جديدة

واشنطن تطلب الامتناع عن استهداف شرطة تأمين المساعدات

فلسطينيون في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة السبت (رويترز)
فلسطينيون في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة السبت (رويترز)
TT

قتال متواصل في شمال غزة وجنوبها... وتحذير من «مقديشو» جديدة

فلسطينيون في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة السبت (رويترز)
فلسطينيون في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة السبت (رويترز)

استمر القتال المحتدم في مناطق بشمال قطاع غزة وجنوبه في اليوم الـ141 للحرب الإسرائيلية، بينما حذّرت الولايات المتحدة إسرائيل من فوضى قد تحوّل القطاع إلى «مقديشو» جديدة.

وأكد الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه يخوض قتالاً عنيفاً في حي الزيتون شمال قطاع غزة وفي خان يونس جنوباً.

وأعلن ناطق باسم الجيش أن الجنود يواصلون القتال غرب خان يونس ويكثفون هجماتهم في تلك المنطقة، مشيراً إلى أنهم داهموا عشرات البنى التحتية هناك.

ووفق الناطق فإن قوات الجيش قتلت مسلحين من «حماس»، واكتشفت أنفاقاً، ودمرت مباني عدة كانت الحركة الفلسطينية حوَّلتها إلى مجمعات قتالية، وعثرت على قذائف «هاون» وأمشاط للذخيرة ورشاشات «كلاشينكوف» ورصاصات وقنابل يدوية وعبوات ناسفة ومسيَّرات ومنصات لإطلاق قذائف «آر بي جي» وعبوات متشظّية وأجهزة اتصالات.

فلسطينيون بجوار منزل عائلة شاهين الذي استهدفته إسرائيل بغارة جوية في رفح السبت (أ.ب)

ويحتدم القتال في مناطق واسعة في خان يونس (شرقها وغربها) منذ أسابيع طويلة، حيث تحاول إسرائيل إحكام السيطرة على المحافظة التي قالت إنها تمثّل «عاصمة حماس»، قبل انتقال محتمل لهجوم على رفح أقصى الجنوب.

وأكدت «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» و«سرايا القدس» التابعة لـ«الجهاد الإسلامي» أن مقاتليهم استهدفوا جنوداً في خان يونس، ودمروا دبابات وآليات إسرائيلية، بينما يخوضون اشتباكات عنيفة في حي الزيتون شمال القطاع.

وكانت إسرائيل قد استأنفت هجومها على حي الزيتون بعد أسابيع من الانسحاب، بدعوى أن مقاتلي الفصائل عملوا على إعادة بناء وتنظيم صفوفهم هناك.

جثث ضحايا القصف الإسرائيلي في شاحنة أمام مشرحة مستشفى الأقصى بدير البلح السبت (أ.ب)

وتواصل القتال المحتدم في وقت تعمقت فيه المجاعة في قطاع غزة، وتحديداً في منطقة شمال القطاع الذي يعاني من حصار محكم، ونقص حاد في المواد الأساسية بما في ذلك الطحين وحليب الأطفال. وأعلن أطباء في شمال غزة وفاة الرضيع محمد فتوح (45 يوماً) نتيجة الجفاف ونقص حاد في التغذية بعدما لم يشرب الحليب أياماً عدة بسبب المجاعة، وقلة الطعام في شمال غزة. وأظهر مقطع فيديو الطفل الرضيع محمود فتوح وهو يصارع الموت بعد نقله من قبل الدفاع المدني في شمال غزة إلى مجمع الشفاء الطبي.

وتقيد إسرائيل إدخال المواد إلى قطاع غزة، وهي مسألة كانت محل خلاف مع الولايات المتحدة التي ضغطت بشدة في الأسبوع الأخير من أجل توقف الدولة العبرية عن استهداف قوات الشرطة التي تقوم بتأمين إدخال المساعدات إلى غزة، ومن أجل السماح بإدخال شحنة طحين أميركي.

وذكر موقع «واللا» الإخباري أنّ الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل الامتناع عن مهاجمة قوات شرطة «حماس» التي تقوم بتأمين شاحنات المساعدات في قطاع غزة. وحذرت إدارة بايدن إسرائيل من مغبة انهيار كامل لسلطات إنفاذ القانون في غزة، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع. وقال مسؤولون أميركيون كبار إن قطاع غزة أصبح يعاني من الفوضى مثل العاصمة الصومالية مقديشو. وقد أثار وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن هذه القضية خلال مكالمة هاتفية أجراها مع وزير الدفاع يوآف غالانت قبل يومين.

مركز لتوزيع المساعدات الغذائية في رفح يوم الجمعة (أ.ب)

وقال المسؤولون الأميركيون إنهم يشعرون بقلق كبير من «تحول غزة إلى مقديشو»، حيث إن الفراغ الأمني واليأس قد فتحا الباب أمام العصابات المسلحة لمهاجمة ونهب شاحنات المساعدات، ما يزيد الضغط على النظام الإنساني المتوتر بالفعل في القطاع. وقال مسؤولون أميركيون إن هذا مصدر قلق ظلت إدارة بايدن تحذر إسرائيل منه منذ عدة أشهر؛ ولهذا حثت الحكومة الإسرائيلية على التخطيط مسبقاً لمن سيتولى حكم غزة بعد الحرب.

وجاءت التحذيرات الأميركية في ظل تقارير أممية عن انخفاض كبير في عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة في الأسابيع الأخيرة.

وقال مكتب المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إنه على مدى 4 أيام على الأقل خلال الأسبوعين الماضيين، دخلت أقل من 10 شاحنات مساعدات.

وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية جيمس ماكغولدريك للصحافيين هذا الأسبوع إن ذلك يرجع جزئياً إلى الوضع الأمني على جانبي الحدود.

وشهدت الأيام الأخيرة توقف توزيع المساعدات الإنسانية إلى حد كبير بسبب رفض شرطة «حماس» تأمين الشاحنات التي تنقل المساعدات عبر غزة لأنها تعرضت مراراً وتكراراً للنيران الإسرائيلية.

وتقول بيانات الأمم المتحدة ومسؤولون إن تدفق المساعدات التي تدخل غزة من مصر قد توقف تقريباً في الأسبوعين الماضيين، كما أن انهيار الأمن زاد من صعوبة توزيع المواد الغذائية التي تصل إلى القطاع.

مواطنون وعمال إنقاذ في موقع غارة إسرائيلية في رفح السبت (رويترز)

وكان أفراد من قوة الشرطة المدنية التي تديرها «حماس» يعملون في رفح وعلى جانب غزة من معبر كرم أبو سالم القريب لضمان أمن شاحنات المساعدات، لكنهم تركوا مواقعهم في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن استهدفتهم إسرائيل.

وقُتل ما لا يقل عن 11 من أفراد قوة الشرطة في رفح في غارات جوية إسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، وفقاً لمسؤولين أميركيين. وقال المسؤولون إن ذلك فتح الطريق أمام العصابات المسلحة للسيطرة على المساعدات.

لكن إسرائيل رفضت الطلب؛ لأن أحد أهدافها في الحرب هو التأكد من أن «حماس» لم تعد تدير قطاع غزة، حسبما قال مسؤولان إسرائيليان.

ويقول مسؤولون إسرائيليون إن لديهم خططاً لإيجاد طرق بديلة لتقديم المساعدات مثل التعاون مع العشائر المحلية التي تعارض «حماس».

لكن مسؤولاً أميركياً قال إن الغذاء يجب أن يصل وإلا فسنواجه مجاعة في غزة، وهذا سيلحق أضراراً كبيرة بإسرائيل.

وفي حين رفضت إسرائيل التوقف عن استهداف الشرطة المكلفة بتأمين المساعدات، وافقت على ترتيب جديد من شأنه أن يسمح بدخول شحنة طحين أميركية كبيرة لسكان غزة بعد أن منع وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش تحويلها لأكثر من شهر.

وأكد مسؤول أميركي لموقع «تايمز أوف اسرائيل» أنه بموجب الترتيب الجديد، فإن الطحين، الذي من الممكن أن يطعم 1.5 مليون من سكان غزة 5 أشهر، سيجري إدخاله إلى غزة عبر برنامج الأغذية العالمي بدل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وقال المسؤول الأميركي إنه مع استكمال الترتيب الجديد، يمكن المضي قدماً في إدخال الشحنة على الفور.

ومع ذلك، حتى لو وصل الطحين إلى غزة، فمن غير الواضح ما إذا كان سيجري توزيعه على المدنيين في كل المناطق، وهل سيساعد في تخفيف وطأة المجاعة.


مقالات ذات صلة

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

حذرت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)

مصدر أمني لبناني: استهداف قيادي بـ«حزب الله» في ضربة بيروت

TT

مصدر أمني لبناني: استهداف قيادي بـ«حزب الله» في ضربة بيروت

عناصر من الجيش اللبناني تقف قرب المبنى المستهدف في البسطة (الشرق الأوسط)
عناصر من الجيش اللبناني تقف قرب المبنى المستهدف في البسطة (الشرق الأوسط)

كشف مصدر أمني لبناني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «قيادياً كبيراً» في «حزب الله»، الموالي لإيران، جرى استهدافه في الغارة الإسرائيلية التي طاولت، فجر السبت، حياً مكتظاً بمنطقة البسطة في بيروت.

وقال المصدر -الذي لم يرد كشف هويته- إن «الضربة الإسرائيلية في البسطة كانت تستهدف شخصية قيادية في (حزب الله)»، من دون أن يؤكد إن كان المستهدف قتلاً أم لا.

وكانت وزارة الصحة اللبنانية قد ذكرت أن الضربة دمرت مبنى سكنياً، وأسفرت عن مقتل 11 شخصاً.

عناصر أمنية ومواطنون يتفقدون الدمار الذي خلّفته الغارات الإسرائيلية على منطقة البسطة في بيروت (الشرق الأوسط)

واستهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت في الرابعة فجر السبت من دون إنذار مسبق، وتركَّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا في قلب العاصمة اللبنانية، وهو حي شعبي مكتظ بالسكان، وسط تقارير عن استهداف قياديين بارزين في «حزب الله».

وتواردت أنباء عن استهداف القيادي البارز في «حزب الله» طلال حمية، في حين تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي على بيروت فجراً (الشرق الأوسط)

وأوردت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية، أن بيروت «استفاقت على مجزرة مروّعة؛ إذ دمَّر طيران العدو الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من 8 طوابق بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».