انتقادات متكررة لأميركا وسط مطالب الـ«20» بوقف النار فوراً في غزة

سماعات مفتوحة سرّبت أحاديث الاجتماعات المغلقة إلى الإعلام

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى نزوله من الطائرة على مدرج مطار خورخي نيوبيري في بوينس أيريس (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى نزوله من الطائرة على مدرج مطار خورخي نيوبيري في بوينس أيريس (أ.ب)
TT

انتقادات متكررة لأميركا وسط مطالب الـ«20» بوقف النار فوراً في غزة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى نزوله من الطائرة على مدرج مطار خورخي نيوبيري في بوينس أيريس (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى نزوله من الطائرة على مدرج مطار خورخي نيوبيري في بوينس أيريس (أ.ب)

تعرضت الولايات المتحدة لانتقادات متكررة خلال اجتماعات استمرت يومين لكبار دبلوماسيي مجموعة العشرين للدول الغنية بسبب معارضتها الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، في أحدث علامة على العزلة الدولية التي تواجهها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حيال وقف القتال بين إسرائيل و«حماس».

وظهرت هذه الانتقادات العلنية أولاً من وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، الذي استضافت بلاده الاجتماع السنوي لمجموعة العشرين لهذا العام، إذ حمل على «شلل» مجلس الأمن، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» 3 مرات ضد مشاريع قرارات للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة. وقال إن «التقاعس يؤدي إلى خسارة أرواح بريئة».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي في ريو دي جانيرو (أ.ف.ب)

سماعات مفتوحة

وخلال جلسة كان يُفترض أن تبقى مغلقة من دون وسائل إعلام، وشارك فيها كل من وزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والروسي سيرغي لافروف والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن المشترك جوزيب بوريل، تبادل الدبلوماسيون الكبار وجهات نظرهم حول عدد من القضايا الجيوسياسية. غير أن عدداً قليلاً من الصحافيين تمكنوا عن طريق الخطأ من الاستماع إلى مجريات الجلسة من دون علم المضيفين البرازيليين، بسبب عدم إغلاق السماعات.

وأيدت وزيرة المال الأسترالية كاتي غالاغر، ممثلة الحليف الوثيق للولايات المتحدة، وقفاً فورياً لإطلاق النار في غزة، محذرة بشدة من «مزيد من الدمار» الذي يمكن أن ينجم عن تنفيذ عملية عسكرية إسرائيلية في رفح بجنوب القطاع، وقالت إن «هذا سيكون غير مبرر».

الإفلات من العقاب

أما وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا ناليدي باندور فانتقدت زعماء العالم لأنهم «سمحوا للإفلات من العقاب بأن يسيطر». وقالت: «خذلنا شعب فلسطين». وأضافت: «لو كنا، على سبيل المثال، متحدين» فعلاً وراء «المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، فإن المأساة في فلسطين ما كانت لتستمر أكثر من 3 أشهر».

وأوحت هذه التصريحات بتناقض حاد مع اجتماع مجموعة العشرين العام الماضي في الهند، حيث سعى بلينكن حينها إلى توحيد القوى العالمية للتنديد بغزو روسيا لأوكرانيا، ووجد أن الحاضرين أكثر تقبلاً لمطالبته بالتزام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ سيادة الدول.

ومع ذلك، رأى بلينكن للصحافيين أنه رغم الخلافات القوية بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار، فإن مجموعة العشرين متحدة إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بأهداف النزاع. وقال إن «الجميع يدعمون محاولة التوصل إلى اتفاق على الرهائن. الجميع يؤيدون التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني مديد»، فضلاً عن أن «الجميع يدعمون إيجاد طريقة لإنهاء النزاع». وأقر بأنه «يمكن أن تكون هناك خلافات بشأن التكتيكات... لكننا نحاول التركيز على تحقيق النتائج فعلياً».

وأعلن وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا بالفعل أن هناك «إجماعاً فعلياً على حل الدولتين بوصفه الحل الوحيد الممكن للنزاع بين إسرائيل وفلسطين». وأكد أن كل أعضاء المجموعة سلطوا الضوء على المخاوف من الحرب في غزة وخطر اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط.

حل الدولتين

وكذلك قال بوريل للصحافيين إن «الجميع هنا، لم أسمع أحداً يعارض ذلك. لقد كان طلباً قوياً لحل الدولتين»، مضيفاً أن «القاسم المشترك هو أنه لن يكون هناك سلام، ولن يكون هناك أمن مستديم لإسرائيل، ما لم يكن لدى الفلسطينيين أفق سياسي واضح لبناء دولتهم الخاصة». وأمل أن يرى اقتراحاً من العالم العربي في هذا الاتجاه خلال الأيام المقبلة.

ومن دول أميركا اللاتينية والجنوبية، بدت تصريحات الأرجنتين، التي يعد رئيسها المنتخب حديثاً خافيير مايلي مؤيداً قوياً لإسرائيل، أقل انتقاداً لمواقف الولايات المتحدة. ورغم اعترافه بأن الحرب تسببت بـ«كارثة إنسانية»، فإن ممثل الأرجنتين ندد بـ«الأعمال الإرهابية التي تقوم بها (حماس)». وأكد المسؤولون الأميركيون أنهم يركزون على العمل لتحقيق أهداف البرازيل لمجموعة العشرين، بما في ذلك التنسيق حيال ممارسات العمل وتغير المناخ والأمن الغذائي، آملين في ألا تؤدي الخلافات حول غزة إلى عرقلة هذه الجهود.

غير أن تصريحات الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا التي قارنت قتل الفلسطينيين في غزة بالإبادة الجماعية لليهود خلال الحرب العالمية الثانية، شكلت عقبة أخرى. وخلال اجتماعه مع دا سيلفا، قال بلينكن: «إننا نختلف مع تلك التعليقات»، وفق ما قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية، مضيفاً أن بلينكن أوضح أن الولايات المتحدة «لا تدعم وقفا فورياً لإطلاق النار لأنه سيترك (حماس) في مكانها لتكرار الهجمات ضد إسرائيل». وتوجه بلينكن بعد اجتماعاته إلى الأرجنتين.


مقالات ذات صلة

نتنياهو: سنرد على إيران وسندمر «حزب الله» بعد أن دمرنا «حماس»

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle 00:27

نتنياهو: سنرد على إيران وسندمر «حزب الله» بعد أن دمرنا «حماس»

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في رسالة مسجلة بثتها قنوات إعلامية إسرائيلية، مساء (السبت)، إن بلاده ملتزمة بالرد على إيران وإنها ستفعل ذلك.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يسيرون إلى داونينج ستريت (إ.ب.أ)

«أوقفوا القصف»... الآلاف يتظاهرون في العالم دعماً لغزة بعد عام على بدء الحرب (صور)

خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في عدة مدن حول العالم، السبت، للمطالبة بوقف إراقة الدماء بقطاع غزة مع اقتراب حلول الذكرى السنوية الأولى للصراع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أشخاص في تل أبيب ينظرون إلى صور الرهائن المختطفين بغزة منذ 7 أكتوبر 2023 (رويترز)

إسرائيل تستعد لإحياء الذكرى الأولى لهجوم السابع من أكتوبر

تحيي إسرائيل الذكرى الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس»، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وأشعل فتيل حرب مدمّرة في قطاع غزة.

شؤون إقليمية الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ (رويترز) play-circle 00:35

الرئيس الإسرائيلي: جراح هجوم «حماس» لم تلتئم... وإيران تبقى «تهديداً دائماً»

عدَّ الرئيس الإسرائيلي، السبت، في رسالة بالذكرى الأولى لهجوم «حماس» غير المسبوق في السابع من أكتوبر، أن الجراح التي تسبب بها هذا الهجوم «لم تلتئم تماماً بعدُ».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)

ربط عراقجي غزة بالجنوب يتعارض وموقف الحكومة اللبنانية

تمسك وزير خارجية إيران بربط جبهتي جنوب لبنان وغزة قوبل باعتراض ضمني من رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، الذي تمسك بحرفية ما ورد في بيان عين التينة الثلاثي.

محمد شقير (بيروت)

«أوقفوا القصف»... الآلاف يتظاهرون في العالم دعماً لغزة بعد عام على بدء الحرب (صور)

متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يسيرون إلى داونينج ستريت (إ.ب.أ)
متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يسيرون إلى داونينج ستريت (إ.ب.أ)
TT

«أوقفوا القصف»... الآلاف يتظاهرون في العالم دعماً لغزة بعد عام على بدء الحرب (صور)

متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يسيرون إلى داونينج ستريت (إ.ب.أ)
متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يسيرون إلى داونينج ستريت (إ.ب.أ)

خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في عدة مدن رئيسية حول العالم، السبت، للمطالبة بوقف إراقة الدماء في قطاع غزة مع اقتراب حلول الذكرى السنوية الأولى للصراع في الجيب الساحلي، واتساع نطاقه في المنطقة.

وشارك نحو 40 ألف متظاهر في مسيرة وسط لندن، وتجمع آلاف آخرون في باريس وروما ومانيلا وكيب تاون.

واندلعت أحدث حرب في القطاع، بعدما هاجم مسلحون تقودهم حركة المقامة الإسلامية الفلسطينية (حماس) جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأسفر الهجوم عن مقتل 1200 شخص، واحتجاز 250 رهينة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية.

جانب من المظاهرة (رويترز)

وقتل الهجوم الإسرائيلي اللاحق على غزة ما يقرب من 42 ألف فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع، فضلاً عن تشريد كل السكان تقريباً البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

وقالت المتظاهرة أجنيز كوري، في لندن: «للأسف ورغم حسن نياتنا، لا تعبأ الحكومة الإسرائيلية بشيء، وهي ماضية ومستمرة في أعمالها الوحشية في غزة، والآن في لبنان وفي اليمن، وربما أيضاً قد تحدث في إيران».

وأضافت: «حكومتنا البريطانية، للأسف، توافق على ذلك، وتستمر في تزويد إسرائيل بالأسلحة».

متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يسيرون إلى داونينج ستريت (إ.ب.أ)

وفي برلين، شارك مؤيدون لإسرائيل في احتجاج على تنامي معاداة السامية، واندلعت مناوشات بين الشرطة وأشخاص يعارضون احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين.

وعلى مدار العام الماضي، أثار حجم القتل والدمار في غزة بعضاً من أكبر الاحتجاجات على مستوى العالم منذ سنوات، في موجة من الغضب قال مدافعون عن إسرائيل إنها خلقت مناخاً معادياً للسامية.

جانب من المظاهرة (إ.ب.أ)

واتسع نطاق حرب غزة في المنطقة، إذ استقطبت جماعات متحالفة مع إيران في لبنان واليمن والعراق. كما صعدت إسرائيل بشكل حاد حملتها ضد جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من طهران في الأسابيع القليلة الماضية، وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ على إسرائيل الأسبوع الماضي.

وفي باريس، قال المتظاهر اللبناني الفرنسي حسام حسين: «نخشى اندلاع حرب إقليمية؛ لأن هناك توترات مع إيران في الوقت الراهن، وربما مع العراق واليمن».

وأضاف: «نحن بحاجة حقاً إلى وقف الحرب، لأنه لا يمكن تحمل وطأتها بعد الآن».

جانب من المظاهرة (رويترز)

وفي روما، لوّح نحو 6 آلاف متظاهر بالأعلام الفلسطينية واللبنانية، في تحدٍّ لحظر على التظاهر في وسط المدينة قبل الذكرى السنوية لاندلاع الحرب في السابع من أكتوبر.

وفي حين يقول حلفاء إسرائيل، مثل الولايات المتحدة، إنهم يؤيدون حقها في الدفاع عن نفسها، تواجه إسرائيل تنديدات دولية واسعة النطاق بسبب أفعالها في غزة، والآن بسبب قصفها للبنان.

ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانتقادات، وقال إن طريقة حكومته في إدارة الحرب تهدف لمنع تكرار الهجوم الذي شنته «حماس» قبل عام تقريباً.

علم لبنان في مظاهرة في روما (رويترز)

وفشلت الدبلوماسية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة حتى الآن في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، فـ«حماس» تريد اتفاقاً ينهي الحرب، في حين تقول إسرائيل إن القتال لن ينتهي إلا بالقضاء على الحركة الفلسطينية.

وفي مانيلا، اشتبك ناشطون مع شرطة مكافحة الشغب، بعد منعهم من تنظيم مظاهرة أمام السفارة الأميركية في العاصمة الفلبينية، احتجاجاً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل بالأسلحة.

ومن المقرر أن تخرج مظاهرات في وقت لاحق من، السبت، في مناطق أخرى حول العالم، منها الولايات المتحدة وتشيلي لإحياء الذكرى الأولى لحرب غزة. كما ستنظم بعض المظاهرات الداعمة لإسرائيل مطلع الأسبوع.