تقرير أميركي يكشف المبالغة الإسرائيلية في علاقة «الأونروا» بـ«حماس»

عدد المتورطين المشتبه فيهم أقل… والتحيّز يشوه كثيراً من التقييمات حول الوكالة الأممية

جنود إسرائيليون خلال جولة نظمها الجيش لصحافيين في غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال جولة نظمها الجيش لصحافيين في غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير أميركي يكشف المبالغة الإسرائيلية في علاقة «الأونروا» بـ«حماس»

جنود إسرائيليون خلال جولة نظمها الجيش لصحافيين في غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال جولة نظمها الجيش لصحافيين في غزة (أ.ف.ب)

رجَّح محللون استخباريون أميركيون تورُّط بعض موظفي «وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (الأونروا)» في هجوم «حماس» ضد المستوطنات (الكيبوتزات) الإسرائيلية المحيطة بغزة، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غير أنهم أقروا بأن الولايات المتحدة لا تستطيع التحقُّق من ادعاءات إسرائيل عن أن عدداً أكبر من الموظفين الأمميين شاركوا في الهجوم.

وعلَّقت واشنطن وعواصم غربية أخرى، الشهر الماضي، تمويل «الأونروا»، التي تقدم المساعدات لنحو 5 ملايين من الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وفي لبنان وسوريا والأردن، بعد تلقي معلومات من إسرائيل عن أن ما لا يقل عن 12 من موظفي الوكالة كانوا على صلة بهجوم «حماس». وادعت إسرائيل أن 10 في المائة من جميع العاملين الـ12 ألفاً في «الأونروا»، لديهم ارتباطات ما بـ«حماس». وأدى تعليق التمويل إلى ظلال من الشك على مستقبل الوكالة التي توزّع الغذاء والدواء وتؤمن التعليم في غزة وسط الحرب.

جنود إسرائيليون خلال جولة نظمها الجيش لصحافيين في غزة (أ.ف.ب)

تقييم أدق

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مطلعين على التقرير الذي أعده هؤلاء المحللون أنه لا يشكك في ادعاءات إسرائيل بوجود روابط بين بعض موظفي «الأونروا» والجماعات المسلحة، لكنه يقدم تقييماً أدق لتأكيدات إسرائيل. ووصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الشهر الماضي، تأكيدات إسرائيل بأنها «ذات صدقية عالية للغاية»، مستدركاً أن الوكالة قامت بدور أساسي في تقديم الإغاثة للناس في غزة. وطردت «الأونروا» الموظفين المزعوم تورطهم في هجوم «حماس».

وأورد التقرير الجديد الذي أعدته مجموعة من المحللين في «مجلس الاستخبارات الوطني»، الأسبوع الماضي، أنه قيم «بثقة منخفضة» أن حفنة من موظفي «الأونروا» شاركوا في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، معبّراً عن الاعتقاد بأن «هذه المزاعم معقولة، ولكن لا يمكنه تقديم تأكيد أقوى، لأنه ليس لديه تأكيد مستقل خاص به».

وأفاد المسؤولون الأميركيون بأن أجهزة التجسس في الولايات المتحدة لم تركز تقليدياً على جمع المعلومات الاستخبارية عن غزة، وأن إسرائيل لم تشارك معلوماتها الاستخبارية مع الولايات المتحدة، مما يحد من قدرتها على التوصل إلى استنتاجات أكثر وضوحاً.

الكراهية الإسرائيلية

الدمار في المقر الرئيسي لوكالة «الأونروا» في غزة (أ.ف.ب)

ولفت المطلعون على الوثيقة المؤلفة من أربع صفحات إلى أن النتائج التي توصل إليها «مجلس الاستخبارات» وُزّعت داخل الحكومة الأميركية، الأسبوع الماضي. ورفض مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية ووزارة الخارجية و«البيت الأبيض» التعليق.

ونسبت الصحيفة الأميركية إلى مديرة العلاقات الخارجية والاتصالات في «الأونروا» تمارا الرفاعي أن الوكالة تتخذ خطوات لحماية حيادها بقوة. وقالت: «بذلنا جهداً إضافياً وقمنا بطرد الأشخاص على أساس مدى خطورة الادعاءات».

وبعد أيام من الاتهامات الأولية، وزع المسؤولون الإسرائيليون على المؤسسات الإعلامية ملفاً من ست صفحات تتضمن تفاصيل الادعاءات. ويفيد المسؤولون الإسرائيليون بأنهم استندوا في ادعائهم إلى قوائم موظفي «الأونروا» التي عُثِر عليها في غزة خلال الحرب.

وتقول «الأونروا» إنها تقدم بانتظام قوائم محدَّثة للحكومة الإسرائيلية، التي تدعي بدورها أن «الأونروا» قدمت قوائم غير كاملة بأسماء موظفيها في غزة تفتقر إلى معلومات أساسية، مثل الألقاب الإضافية وتواريخ الميلاد.

ويشير التقرير أيضاً إلى ما يقول إنه كراهية إسرائيل طويلة الأمد للوكالة الأممية. وقال أحد الأشخاص المطلعين على التقرير إن «هناك قسماً محدداً يذكر كيف يعمل التحيُّز الإسرائيلي على تشويه كثير من تقييماتهم لـ(الأونروا)، ويقول إن هذا أدى إلى تشويهات».

ويقول التقييم الأميركي أيضاً إن واقع سيطرة «حماس» على غزة يعني أن الوكالة يجب أن تتفاعل مع الجماعة لتقديم الإغاثة الإنسانية، لكن هذا لا يعني أن الوكالة تتعاون مع الجماعة المسلحة.


مقالات ذات صلة

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

العالم العربي خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء، ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يتلقون الطعام في مركز توزيع بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«الأونروا» تحذر من تدهور الأوضاع بغزة مع حلول الشتاء

«الأونروا» تقول أن الأوضاع في غزة تتدهور بسرعة مع اقتراب الشتاء والنجاة مستحيلة دون مساعدات فورية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في خان يونس للحصول على طعام برنامج الغذاء العالمي ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) (أ.ف.ب)

«الأونروا»: لا بديل للوكالة في غزة سوى أن تتحمل إسرائيل المسؤولية

أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الاثنين، أنه لا يوجد بديل لوجود «الأونروا» بالأراضي الفلسطينية المحتلة في حين قررت إسرائيل حظر أنشطتها

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الخليج جددت السعودية رفضها القاطع لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والوكالات الإغاثية والإنسانية (د.ب.أ)

السعودية تدين وتستنكر الاستهداف الإسرائيلي لمدرسة أبو عاصي في غزة

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة السعودية بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهدافها الممنهج لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب)

أبو الغيط يحذر من مغبة القانون الإسرائيلي بحظر «الأونروا»

وجَّه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اليوم (الخميس)، رسالتين يحذر فيهما من مغبة القانون الإسرائيلي بشأن حظر نشاط «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«قرار متسرع وغير مسؤول»... غضب في إسرائيل تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
TT

«قرار متسرع وغير مسؤول»... غضب في إسرائيل تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)

دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية حيز التنفيذ، في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، بعد أن وافق الجانبان على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، في انتصار نادر للمساعي الدبلوماسية في منطقة تعصف بها الحرب منذ أكثر من عام.

وقد قدَّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق، في سياق ما قال إنها «إنجازات غير مسبوقة» حققتها إسرائيل، على مدار العام الماضي، من حرب على سبع جبهات.

وقال إن إسرائيل أعادت «حزب الله» عشرات السنين إلى الوراء، وأنه لم يعد الجماعة نفسها التي كان عليها من قبل، وفق شبكة «بي بي سي» البريطانية.

وأشار نتنياهو إلى أن وقف إطلاق النار أيضاً سيسمح لإسرائيل «بالتركيز على التهديد الإيراني»، مؤكداً أن بلاده ستحتفظ بالحرية العسكرية الكاملة لمواجهة أي تهديد جديد من «حزب الله».

ولا يريد أي من الجانبين أن يُنظَر إلى اتفاق وقف إطلاق النار هذا بوصفه استسلاماً منهما.

إلا أن منافسي نتنياهو السياسيين، بل بعض حلفائه أيضاً، ينظرون إلى الاتفاق على أنه «استسلام بالفعل».

وأشار استطلاع للرأي، أُجريَ أمس، إلى أن أكثر من 80 في المائة من قاعدة دعم نتنياهو تُعارض الاتفاق، وأن السكان في شمال إسرائيل، الذين جرى إجلاء أعداد كبيرة منهم من منازلهم بسبب الضربات التي شنها «حزب الله» بالمنطقة، غاضبون أيضاً.

وعلى المستوى الداخلي في إسرائيل، كان هناك انقسام شديد بشأن الاتفاق. فقد أظهر أحد استطلاعات الرأي أن 37 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار، و32 في المائة يعارضونه، و31 في المائة لا يعرفون أن هناك اتفاقاً من الأساس.

وقالت شيلي، وهي معلمة لغة إنجليزية في بلدة شلومي، إن وقف إطلاق النار كان «قراراً سياسياً غير مسؤول، ومتسرعاً».

من جهتها، قالت رونا فالينسي، التي جرى إجلاؤها من كيبوتس كفار جلعادي بشمال إسرائيل، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، إنها تريد العودة إلى ديارها، وأن وقف إطلاق النار ضروري، لكن فكرة عودة السكان اللبنانيين إلى القرى القريبة من كفار جلعادي، مثل قرية العديسة اللبنانية، أعطتها «شعوراً بالقلق والخوف».

وأضافت: «الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أتمناه هو ألا يتسلل (حزب الله) إلى مثل هذه القرى القريبة ويبني شبكة جديدة له هناك».

وتابعت: «لا يوجد شيء مادي حقيقي يمكن أن يجعلني أشعر بالأمان إلا محو هذه القرى تماماً، وعدم وجود أي شخص هناك».

وقالت «بي بي سي» إنها تحدثت إلى كثير من سكان إسرائيل يرون أن على نتنياهو مواصلة الحرب في لبنان، ويتساءلون: لماذا يوقّع رئيس الوزراء، الذي تعهّد بمواصلة القتال في غزة حتى «النصر الكامل»، على وقف لإطلاق النار في لبنان؟!

وعارض وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الاتفاق، ووصفه بأنه «خطأ تاريخي».

وكتب بن غفير، في منشور على موقع «إكس» يشرح فيه معارضته الاتفاق: «هذا ليس وقف إطلاق نار، إنه عودة إلى مفهوم الهدوء مقابل الهدوء، وقد رأينا بالفعل إلى أين يقود هذا». وتوقَّع أنه «في النهاية سنحتاج مرة أخرى إلى العودة للبنان».

وعلى النقيض، أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن «هذا الاتفاق ربما يضمن أمن إسرائيل للأبد».