منذ بدء الحرب... المعتقلون الفلسطينيون في إسرائيل منقطعون عن أي اتصال خارجي

إذاعة «أجيال» تبث رسائل صوتية إلى المعتقلين على أمل أن تصل إليهم

مذيعة تجلس في غرفة إذاعة أجيال بالضفة الغربية تعرض رسائل شخصية من عائلات السجناء المحتجزين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مذيعة تجلس في غرفة إذاعة أجيال بالضفة الغربية تعرض رسائل شخصية من عائلات السجناء المحتجزين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

منذ بدء الحرب... المعتقلون الفلسطينيون في إسرائيل منقطعون عن أي اتصال خارجي

مذيعة تجلس في غرفة إذاعة أجيال بالضفة الغربية تعرض رسائل شخصية من عائلات السجناء المحتجزين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مذيعة تجلس في غرفة إذاعة أجيال بالضفة الغربية تعرض رسائل شخصية من عائلات السجناء المحتجزين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

كلّ يوم جمعة من الأسبوع، تبث إذاعة «أجيال» برنامج «رسائل السجناء»، الذي يمكن فيه سماع عشرات الأشخاص يوجهون رسائل صوتية إلى أقرباء أو أحباء معتقلين في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

فمنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، تاريخ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل، أعلنت سلطات السجون الإسرائيلية «حالة الطوارئ في السجون»، مما يعني بالنسبة إلى المعتقلين الفلسطينيين تشديد الإجراءات، ومنها منع زيارات الأهالي ووقف زيارات مندوبي اللجنة الدولية للصليب الأحمر. كما قامت مصلحة السجون بسحب كلّ أجهزة الاتصال والراديوهات والتلفزيونات من داخل السجون، التي كانت مسموحة سابقاً.

عبر الإذاعة، ازدادت الرسائل على أمل أن تصل إلى نزلاء السجون.

ويقول القيمون على إذاعة «أجيال»، التي تتخذ من رام الله مقراً، إنه تمّ تمديد بث البرنامج الأسبوعي لأكثر من ساعة بسبب سيل الرسائل التي تتلقاها في ظلّ موجات الاعتقالات منذ بدء الحرب.

ووفقاً لمنظمة الضمير، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن السجناء، ونادي الأسير الفلسطيني، يوجد الآن أكثر من تسعة آلاف فلسطيني معتقلين، بعد أن كانوا 5200 قبل الحرب.

وتتراوح التهم الموجهة إلى المعتقلين، وعدد ضخم منهم قيد الاعتقال الإداري، أي لم يحاكموا أو توجه إليهم تهم رسمية، بين القتل وتنظيم هجمات وتحريض على العنف عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

ويقول رئيس تحرير الإذاعة وليد ناصر: «نتلقّى رسائل من كل مكان، وهي تعبير عن قلق الأهالي على أحبائهم في السجن، إذ لم تعد تصلهم أي أخبار عنهم عبر الصليب الأحمر أو المنظمات الدولية الأخرى منذ 7 أكتوبر».

وليد ناصر (يسار) رئيس تحرير إذاعة أجيال التي تعرض رسائل شخصية من عائلات السجناء المحتجزين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

ومن الرسائل التي تم بثها «مرحباً. هذه الرسالة لأخي إسلام، كيف حالك أخي؟ منزلك جاهز، عندما تخرج، سيكون الوقت قد حان للزواج!».

وتقرأ مقدمة البرنامج ميسم البرغوثي بعض الرسائل المكتوبة، أو تعلق على بعض الرسائل الصوتية، ومنها «كل شيء على ما يرام في المنزل، كل شيء على ما يرام في الجامعة، لا تقلق»، «اعتن بنفسك».

وتقول البرغوثي إن بعض الرسائل «فيها تفاصيل كثيرة قد تبدو تافهة بعض الشيء، مثلاً موعد جلسة المحاكمة، أو عن تحويل الأموال إلى المحامي».

وتضيف أنها تخشى الرسائل التي يُطلب منها فيها إعلان وفاة أحد الوالدين، رغم أنها تعمل منذ أكثر من عقد من الزمن أمام الميكروفون. وتعبّر عن اعتقادها بأنها تتحمّل «مسؤولية هائلة» في لحظة «غير مسبوقة» في تاريخ الأسرى الفلسطينيين الذين «تبحث عائلاتهم عن أي أمل للتعلّق به».

وتقول: «اليوم، أصبح العرض الإذاعي هو الطريقة الوحيدة للتحدّث مع أحد أفراد الأسرة، والحصول على المعلومات، لأنه لم يعد هناك أي تواصل حقيقي».

لكن، على الأرجح، لم يعد بإمكان المعتقلين الوصول إلى أجهزة الراديو. غير أن الإذاعة تواصل بث برنامج شكّل صلة وصل بين الأسرى وعائلاتهم لزمن طويل على الرغم من القيود.

المذيعة ميسم البرغوثي تجلس في غرفة إذاعة أجيال التي تعرض رسائل شخصية من عائلات السجناء المحتجزين (أ.ف.ب)

«الوضع رهيب»

يقول إحسان كمال، الذي حكم على شقيقه سائد بالسجن لمدة 38 عاماً بتهمة تنفيذ هجمات على إسرائيليين: «أخي في السجن منذ 22 عاماً، لكن الأشهر الثلاثة الأخيرة هي الأصعب بالنسبة لنا جميعاً».

ويضيف: «كان والديّ يزورانه مرّة واحدة في الشهر، والآن ليس لدينا أي أخبار على الإطلاق ونسمع أن الوضع رهيب في السجون».

وتوفي تسعة فلسطينيين خلف القضبان منذ بداية الحرب، الأمر الذي يثير قلق أهالي المعتقلين. ولم تتضح ظروف وفاتهم، لكن منظمات تتابع شؤون المعتقلين تحمّل إسرائيل مسؤولية موتهم.

وتقول إسرائيل إن تشديد الإجراءات حصل لمنع السجناء من تنسيق هجمات من داخل السجون.

واستجابة لطلب من جمعية الحقوق المدنية الإسرائيلية، أعلنت المحكمة العليا أن القضاة سيزورون السجون التي يُحتجز فيها الفلسطينيون. لكن منذ ذلك الحين لم تنشر أي معلومات حول ذلك.

وتقول علا زغلول إن قطع الاتصال بالسجون حيث يقبع زوجها العضو في «كتائب شهداء الأقصى»، حصل مرات عدة في السابق، «لكن هذه المرة مختلفة».

وأمضى زوجها محمد زغلول عشرين سنة متواصلة في الاعتقال، وأطلق سراحه بداية شهر أغسطس (آب) الماضي، قبل أن يعاد اعتقاله بداية العام الحالي.

وتوضح علا في منزلها: «كبرت بناتي بلا أب». وتضيف: «لسنوات، كانت بناتي يتحدثن معه عبر الهاتف عندما يتمكن من الاتصال بنا».

وتفيد ابنته الأقصى، وهي طالبة تبلغ من العمر 18 عاماً: «نحتاج فقط إلى سماع صوته. فقط من خلال لهجته، سنعرف ما إذا كان على ما يرام أم لا».

وتقول دانا، شقيقة محمد زغلول، الذي كان يفترض أن يخضع لفحوص طبية في ألمانيا هذا الشتاء، وقبض عليه قبل أيام قليلة من سفره: «نعلم أنه ليس على ما يرام. كلّ ما نعرفه أنه طلب من محاميه أن يقول لنا: أنا بخير، لا تبكوا».

ويقول شقيقه يوسف: «هو شخص أكمل شهاداته في السجن، وهو قوي جداً، أنا فقط قلق على حالته الصحية، كان يحتاج حقاً إلى فحوص».

ويضيف: «عدنا إلى المدرسة معاً في بداية العام الدراسي، أفكر فيه في كل مرة، وأفتقده».

وسط كل هذا القلق، لم تجرؤ العائلة على إخبار والدة محمد زغلول البالغة من العمر 83 عاماً، بعودته إلى السجن.


مقالات ذات صلة

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد

TT

الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد

القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (أ.ف.ب)
القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (أ.ف.ب)

أكد القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، اليوم (الأحد)، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد.

وقال الشرع خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق «ستبدأ الفصائل بالاعلان عن حل نفسها والدخول تباعا في الجيش»، مضيفاً «لن نسمح على الإطلاق أن يكون هناك سلاح خارج الدولة سواء من الفصائل الثورية أو من الفصائل المتواجدة في منطقة قوات سوريا الديموقراطية (قسد)».

وتعهد الشرع، في وقت سابق اليوم، بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور، خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.

وكان الشرع أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه، واستقلال قراره واستقراره الأمني»، مضيفاً أن بلاده «تقف على مسافة واحدة من الجميع». وتعهد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور، خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.