حاكم «المركزي» يحدد من لندن مرتكزات التعافي اللبناني

ركّز على إحياء التواصل مع الأسواق الدولية

حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (الشرق الأوسط)
حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (الشرق الأوسط)
TT

حاكم «المركزي» يحدد من لندن مرتكزات التعافي اللبناني

حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (الشرق الأوسط)
حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (الشرق الأوسط)

وضع حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري، محددات أساسية لإعادة وضع الاقتصاد الوطني على مسار النمو بعد بلوغه قعر التدهور بفعل الانكماش الحاد في الناتج المحلي، والذي أفضى تراكمه إلى هبوط قيمته التقديرية من نحو 55 مليار دولار إلى نحو 20 ملياراً خلال 4 سنوات متتالية من انفجار الأزمات المالية والنقدية.

واختار منصوري العاصمة البريطانية (لندن) منطلقاً لتحركه، إذ يزورها حالياً مع وفد نيابي، تلبيةً لدعوة رسمية من الحكومة البريطانية.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام (الرسمية) بأن الوفد يحمل ملفات تسلط الضوء على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي على الساحة الداخلية.

ووفق معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، فإن اختيار لندن مركزاً عالمياً للمال والأعمال، يتناسب مع استهداف مخاطبة الأسواق المالية الدولية بالتوجهات الاستراتيجية المحدَّثة للسلطة النقدية والقائمة في بُعدها الداخلي على إصلاحات مؤسسية شاملة بالتعاون التقني مع صندوق النقد الدولي، وفي بُعدها الخارجي على استعادة خطوط التواصل والتفاعل بين القطاع المالي المحلي والخارج عقب الانتكاسة الناجمة عن الأزمة.

جولات خارجية

وبالأسبقية، دشن منصوري جولاته الخارجية بأكثر من زيارة للرياض، مؤكداً اقتناعه بمتانة العلاقات اللبنانية - السعودية وتطورها التاريخي، واستطراداً أولوية التواصل اللبناني المستمر مع دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً عبر الموقع الريادي للمملكة. وبالمثل حفظ مكانة لبنان ودوره في نطاق مؤسسات العامل العربي المشترك، خصوصاً في إطار مجلس محافظي البنوك المركزية العربية، وهيئات الرقابة ومكافحة الجرائم المالية وسواها.

كما عُلِمَ في هذا السياق، أن منصوري سيوصل الرسالة عينها التي أبلغها إلى الجالية اللبنانية في لندن، إلى مسؤولي البنك المركزي البريطاني وقيادات مصرفية ومالية، وبالمثل إلى مسؤولين حكوميين ونواب في مجلس العموم، سواء عبر برنامج الاجتماعات الخاصة أو بالمشاركة ضمن جولة لوفد نيابي لبناني يلبي دعوة من الحكومة، حاملاً ملفات تسلّط الضوء على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي على الساحة الداخلية.

منصوري خلال زيارته لندن برفقة وفد نيابي لبناني (الوكالة الوطنية)

وأكد منصوري، خلال لقائه الجالية، أن «مسألة إعادة أموال المودعين ترتبط بعدة نقاط، أبرزها المحاسبة وإعادة هيكلة المصارف والقيام بإصلاحات هيكلية في الدولة».

خريطة طريق

ورغم التحديات الصعبة والخسائر الناجمة عن اندلاع حرب غزة وتمددها إلى مواجهات عسكرية يومية على جبهة الجنوب اللبناني، يتكفّل المنحى الإيجابي لحزمة أساسية من المؤشرات النقدية والمالية، بدعم سياسات القيادة الجديدة للسلطة النقدية وتمكينها من تحديد النقاط المحورية لخريطة طريق الخروج من الأزمة، إذ برزت خصوصاً استدامة الاستقرار النقدي وتعزيز خيار توحيد سعر الصرف، والفائض السنوي المحقَّق في ميزان المدفوعات، وتأكيد قرار حجب أي تمويل للدولة من البنك المركزي، ونجاح تكريس مسار الزيادات المتتالية في بند احتياطيات العملات الصعبة.

ويحظى مؤشر الفائض في ميزان المدفوعات بأهمية خاصة تتعدى قيمته الرقمية اللافتة بذاتها، كونه يمثل تحولاً إيجابياً بعد سنوات متتالية من العجز القياسي.

ووفق حصيلةٍ تحقّقت «الشرق الأوسط» من بياناتها، فقد ارتفع صافي الموجودات الخارجيّة لدى القطاع المالي اللبناني بنحو 2.4 مليار دولار نهاية عام 2023 المنصرم، مقارنةً بعجز بلغ 3.2 مليار دولار في عام 2022، ويُعزى الارتفاع إلى تسجيل زيادة في بند صافي الموجودات الخارجيّة لدى المصارف والمؤسَّسات الماليّة بمبلغ تعدّى 3 مليارات دولار، مما طغى على انخفاض صافي الموجودات الخارجيّة لدى البنك المركزي بنحو 812 مليون دولار.

زيادة 900 مليون دولار

وفي حين يسعى منصوري إلى توسيع قاعدة توحيد سعر الصرف الساري سوقياً بنحو 90 ألف ليرة للدولار الواحد، بعد إلزام البنوك اعتماده في إعداد الميزانيات والإفصاحات الدورية للميزانيات، قفز مجموع الزيادات المتتالية للاحتياطيات النقدية بالعملات إلى نحو 900 مليون دولار منتصف الشهر الحالي، ليلامس الإجمالي نحو 9.5 مليار دولار في ظل ضبط محكم للكتلة النقدية، التي تسهم في نجاح آلية استقطاب فوائض الدولار من الشركات والمؤسسات التي تحتاج السيولة بالليرة.

ومع تأكيد ضرورة تجنيب المودعين مزيداً من الاقتطاعات والخسائر في تلبية سحوباتهم الشهرية، يجد الحاكم أن الثقة في المصارف لن تعود من دون معالجة الودائع، ولكن في النهاية، لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي. كذلك فإن الجزء الأكبر من المسؤوليات والمعالجات يقع على عاتق ثلاثي الدولة والبنك المركزي والجهاز المصرفي. وبالتالي فإن «مسألة إعادة أموال المودعين ترتبط بعدة نقاط أبرزها المحاسبة، وإعادة هيكلة المصارف، والقيام بإصلاحات هيكلية في الدولة».

وإلى جانب التشديد على ضرورة الانطلاق في الإصلاحات الهيكلية، التي يمكن البدء بها منذ هذه اللحظة، كما إعادة هيكلة القطاع العام، بعدما أصبح حجم الاقتصاد معروفاً لنتمكن من البناء عليه، فقد أكد منصوري أن بعض سياسات المصرف المركزي قد تغيّرت فعلاً، لا سيما لجهة اتخاذ مجموعة من القرارات لبناء المؤسسة داخلياً والعمل على المحاسبة الداخلية، وإنهاء العلاقة المالية بين المصرف والدولة مع وقف تمويلها، ما أسهم بإيجابيات عدة خصوصاً بالنسبة إلى الاحتياطي والاستقرار النقدي.


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، الأحد، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مختزل أعلنت فيه عن اللقاء دون تفاصيل.

وكانت تقارير إعلامية محلية قد أفادت في وقت سابق بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف اللجنة الدستورية اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، المقربة من الحكومة، عن مصادر قولها إن بيدرسن «بات على قناعة بأنه لا بد من انعقاد هذه اللجنة في العواصم العربية المرشحة لاستضافتها، وهي بغداد والرياض والقاهرة، لكون الجانب الروسي يرفض رفضاً قاطعاً انعقادها في جنيف».

وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات، ولم يتم التوافق على مكان آخر. وحسب صحيفة «الوطن»، يجري بيدرسن مباحثات مع المسؤولين السوريين في دمشق التي وصلها يوم الأربعاء، حول إمكانية استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، صرّح في وقت سابق لوكالة «تاس» الروسية بأن جنيف هي المكان الوحيد المرفوض من قبل الجانب الروسي، لافتاً إلى قبول موسكو بأي من الأماكن الأخرى المقترحة. وفيما يتعلق بمقترح عقد الاجتماع في بغداد، قال لافرنتيف إن المعارضة السورية رفضت هذا الاقتراح باعتبار بغداد مكاناً غير محايد لها؛ لأن الحكومة العراقية داعمة لدمشق. وأضاف: «لا تزال المعارضة تصر على رفض هذا الخيار، رغم أنه لا يمكن أن يؤثر على سير المفاوضات الدستورية». وحسب المسؤول الروسي، فقد أكدت موسكو لبيدرسن ضرورة مواصلة الجهود لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، كما دعته لبذل الجهود بدلاً من الدعوة إلى ممارسة النفوذ على هذا الجانب أو ذاك.

ومنذ بدء النزاع في سوريا، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، مستهدفة مواقع تابعة للقوات الحكومية وأهدافاً إيرانية وأخرى تابعة لـ«حزب الله» اللبناني. وازدادت وتيرة الغارات على وقع المواجهة المفتوحة التي تخوضها إسرائيل مع «حزب الله» في لبنان المجاور. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 105 أشخاص، معظمهم مقاتلون موالون لإيران، في حصيلة جديدة لغارات إسرائيلية استهدفت، الأربعاء، 3 مواقع في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، ضمّ أحدها اجتماعاً «لمجموعات سورية موالية لطهران مع قياديين من حركة (النجباء) العراقية و(حزب الله) اللبناني». وكان المرصد أحصى مقتل 92 شخصاً في حصيلة سابقة لهذه الغارات. ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول في الفترة الأخيرة إنها تعمل على منع «حزب الله» من «نقل وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.