39 استهدافاً أميركياً للميليشيات الإيرانية في دير الزور منذ مطلع العام

تقرير يكشف عن سحب طهران قادة «الحرس» قبل الضربة «لمنع التصعيد» مع واشنطن

قوات أميركية في سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوات أميركية في سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

39 استهدافاً أميركياً للميليشيات الإيرانية في دير الزور منذ مطلع العام

قوات أميركية في سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوات أميركية في سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

أحصى تقرير حقوقي 9 جولات من الاستهدافات الجوية الأميركية لدير الزور شرق سوريا، منذ مطلع عام 2024، طالت 39 موقعاً وهدفاً للميليشيات التابعة لإيران، بينما يواصل الجانب الأميركي تصعيده ضد الميليشيات التابعة لإيران، سواء بالطائرات الحربية أو الطائرات المسيّرة، مستهدفاً مواقع ونقاطاً وآليات عسكرية ومستودعات سلاح وذخائر بمناطق متفرقة خاضعة لنفوذ الميليشيات.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الضربات تسببت بمقتل 34 منهم، هم: 12 من الجنسية السورية، و6 من «حزب الله» اللبناني، و6 من الجنسية العراقية، و10 من جنسيات غير سورية، بالإضافة لمقتل سائق صهريج أيضاً. كما تسببت الاستهدافات بإصابة 15 آخرين بجروح متفاوتة، فضلاً عن خسائر مادية فادحة بالمواقع المستهدفة.

«الحرس» يطلب مقاتلين

من جهة أخرى، تحدثت تقارير شبكات محلية في مدينة دير الزور عن فتح الميليشيات الإيرانية باب القبول لطلبات الانتساب إلى صفوفها بعد توقف قصير، في أعقاب التوتر بين تلك الميليشيات وقوات التحالف الدولي، بالإضافة إلى الغارات الجوية التي استهدفت مقارها في المدينة.

أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني (المرصد السوري)

وقال مراسل موقع «فرات بوست»، إن ميليشيا «حزب الله» بفرعيها اللبناني والسوري، بدأت بقبول طلبات الانتساب إلى صفوفها في سوريا (من المواطنين المحليين)، بهدف إشراك المنتسبين الجدد في القتال على جبهات محافظة دير الزور، وإن تسلم الطلبات يتم في مركز «نصر» الإيراني في مدينة دير الزور، ووفرت الميليشيات التابعة للحرس الثوري رقم هاتف خاصاً للاتصال في حال التقديم من محافظات سورية أخرى.

وبحسب الشبكة، حدّدت الميليشيا بعض الشروط لقبول الانتساب؛ منها أن يكون العمر بين 18 و40 عاماً، وإرسال صورة هوية المتقدم وصورة دفتر الخدمة في الجيش السوري، بالإضافة إلى بيان عائلي للمتزوجين. وتُقبل الطلبات من المسرحين والمؤجلين والأشخاص الوحيدين (لعوائلهم)، شرط تقديم ورقة تثبت ذلك، وقد يستغرق الرد على الطلبات ما يصل إلى الشهر.

كما لفت الموقع إلى فتح «الحرس الثوري» باب الانتساب في مقر الفرقة 18 في مدينة حمص، ضمن ما يعرف بـ«دورة الدروع» على أسلحة مثل «الفاغوت» و«آر بي جي» و«الكورنيت» والصواريخ، برواتب تصل إلى مليون ونصف مليون ليرة سورية، ويشترط للقبول، موافقة المتقدم على العمل في مدينة دير الزور وريفها بعد اجتياز دورة تدريبية لمدة 3 أشهر.

تغيير في التكتيكات

في سياق متصل، كشف تقرير في صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، الثلاثاء، عن سحب إيران كبار قادة «الحرس الثوري» من سوريا قبل أيام من شن الولايات المتحدة ضربات ضد أهداف مرتبطة بإيران لمنع تعرض قوات النخبة لمزيد من الخسائر.

واتخذت طهران قراراً بسحب القادة بعد أن ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن باللوم على جماعة مسلحة مدعومة من إيران في غارة بطائرة من دون طيار في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، أدت إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين في قاعدة على الحدود الأردنية السورية وتعهد بالرد.

صورة أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لإيران في دير الزور (المرصد السوري)

ووفقاً لمسؤول إيراني تحدث للصحيفة واثنين آخرين مطلعين على الأمر، فإن ضباط الحرس كانوا قد غادروا سوريا بحلول الوقت الذي شنّت فيه واشنطن ضربات جوية، بعد 5 أيام على استهداف القاعدة الأميركية، مضيفين أن ذلك كان علامة على عدم رغبة طهران في الانجرار إلى صراع مباشر مع الولايات المتحدة.

وقال المسؤول الإيراني للصحيفة، إن قرار سحب القادة يعكس «تغييراً في التكتيكات»؛ حيث قُتل 9 ضباط من الحرس بالفعل في غارات إسرائيلية منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما اندلع التوتر في قطاع غزة.

وقال محلل إيراني قريب من النظام في طهران، إنه تم سحب قادة الحرس «لمنع التصعيد» مع الولايات المتحدة، مضيفاً: «كانت إيران قلقة بشأن الضرورة المحتملة للانتقام إذا قُتل مزيد من القادة».

وقال المحلل إن الولايات المتحدة نقلت أيضاً عبر قنوات غير مباشرة، أنها لا تسعى إلى صراع مع إيران، ولفت مصدر إلى أن «القلق مشترك»، وبمجرد أن يكون هناك هدوء نسبي، سيعود القادة إلى سوريا.

وأضاف المسؤول الإيراني أن طهران حريصة أيضاً على تهدئة التوترات، بينما تستعد لإجراء انتخابات برلمانية مهمة في 1 مارس (آذار).

طائرة عسكرية بقاعدة دوفر الجوية 2 فبراير الحالي خلال إعادة جثامين جنود قُتلوا في هجوم شنته جماعة عراقية على قاعدة أميركية على الحدود السورية - الأردنية (د.ب.أ)

تجدر الإشارة إلى أن المسؤولين الأميركيين لم يقدموا تفاصيل محددة عن الخسائر البشرية بعد شن ضرباتهم الانتقامية، لكنهم قالوا إنه لا يُعتقد أن إيرانيين قتلوا في الهجوم.

في الأثناء، أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الميليشيات التابعة لإيران عقدت، صباح الثلاثاء، اجتماعاً على مستوى القيادات، في منطقة عين حور عند الحدود السورية - اللبنانية بريف دمشق؛ حيث حضر الاجتماع قيادات من الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» اللبناني ولواء «فاطميون» الأفغاني والحشد الشعبي العراقي.

ووفقاً للمرصد، فقد تناول الاجتماع مستجدات المنطقة والاستهدافات الإسرائيلية والأميركية المستمرة، وما تقابله من استهدافات للقواعد الأميركية في سوريا وإطلاق قذائف على الجولان السوري المحتل.


مقالات ذات صلة

اتفاق إيراني – سوري على تعزيز «مكافحة الإرهاب»

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره السوري بسام الصباغ في طهران الثلاثاء (أ.ف.ب)

اتفاق إيراني – سوري على تعزيز «مكافحة الإرهاب»

دون إشارة صريحة عن وضع المستشارين الإيرانيين في سوريا، أعلنت طهران ودمشق أنهما ماضيتان إلى تقوية جهودهما المشتركة «لمكافحة الإرهاب».

«الشرق الأوسط» (طهران)
المشرق العربي عناصر ميليشيات في البادية السورية (مواقع التواصل الاجتماعي)

إيران تعزز ميليشياتها في سوريا

في مواجهة التصعيد الإسرائيلي والتهديد بقطع شريان طهران ـ دمشق، تعزز إيران قوة الميليشيات التابعة لها في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الصواريخ الإيرانية تُعرض في متحف القوة الجوية الفضائية لـ«الحرس الثوري» في طهران بإيران الجمعة (رويترز)

إسرائيل تعتبر عقوبات «الأوروبي» على إيران بأنها خطوات ضرورية

رحب وزير الخارجية الإسرائيلي بالعقوبات الجديدة التي أعلن الاتحاد الأوروبي فرضها على طهران ووصفها بأنها «خطوات ضرورية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير العدل الكندي السابق إيروين كوتلر (إكس)

كندا أحبطت مخططاً إيرانياً لاغتيال وزير العدل السابق

أحبطت السلطات الكندية مؤخراً مخططاً إيرانياً مفترضاً لاغتيال وزير العدل الكندي السابق إيروين كوتلر المنتقد الكبير لطهران.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
شؤون إقليمية أحد عناصر «الحرس الثوري» في منطقة بشرق إيران (رويترز)

مقتل عنصر من «الحرس الثوري» في هجوم مسلح بجنوب شرق إيران

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني، اليوم الاثنين، مقتل أحد أفراد قواته البرية في «هجوم إرهابي» بمدينة سراوان في محافظة سيستان وبلوشستان بجنوب شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)

شدَّدت وزارة الداخلية السورية إجراءات تسجيل عقود الإيجار، ومنحت الوحدات الشرطية صلاحية إخلاء العقارات السكنية في حال شغلها شخص مُلاحَق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام. جاء ذلك في ظل تنامي المخاوف لدى السوريين من تأجير المنازل لعائلات أو أشخاص مرتبطين بـ«حزب الله» وإيران، بعد تزايد الاستهدافات الإسرائيلية عناصر «حزب الله» والإيرانيين داخل سوريا.

مع دخول أكثر من عشرة آلاف و600 شخص من لبنان إلى سوريا منذ بدء التصعيد الإسرائيلي زاد الطلب على العقارات وارتفعت أسعار الإيجارات مقارنة بالعام الماضي الذي كان سجل بدوره ارتفاعاً قياسياً تزيد نسبته على 300 في المائة نتيجة التضخم، وهبوط قيمة العملة المحلية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الـ14 ألفاً و650 ليرة سورية.

وقال صاحب مكتب عقاري وسط دمشق لـ«الشرق الأوسط» إنه مع بداية التصعيد وبدء توافد اللبنانيين إلى سوريا زاد العرض طمعاً برفع الأسعار باعتبار القادمين سيدفعون بالدولار. وتجاوزت أسعار المنازل في الأحياء الراقية مثل المزة وتنظيم كفرسوسة عشرة ملايين ليرة، أي ما يقارب 700 دولار ومنها وصل إلى 1000 دولار، وفي الأرياف تراوح بين 80 و300 دولار بحسب مواصفات العقار، لكن بعد الضربات الإسرائيلية تراجع العرض وراح الناس يخشون على أرواحهم وممتلكاتهم، وفق ما قاله صاحب المكتب العقاري.

سوريون يعاينون الأضرار في حي المزة التي سببها تفجير 14 الحالي (الشرق الأوسط)

الإيرانيون رفعوا الإيجارات

ساهم الوجود الإيراني في سوريا خلال سنوات الحرب في رفع أسعار العقارات سواء في الأحياء الحديثة كحي المزة وتنظيم كفرسوسة وفي الضواحي كيعفور والصبورة والديماس التي يسكنها الأثرياء والمسؤولون الحكوميون، ويسهل ضبطها أمنياً، أو في المناطق الشعبية كحيي الأمين والجورة في دمشق القديمة ومنطقة السيدة زينب وطريق المطار بريف دمشق، حيث يتركز عناصر الميليشيات التابعة لإيران وعائلاتهم.

وسعت إيران بشتى الوسائل إلى شراء أكبر عدد ممكن من المنازل والعقارات في تلك المناطق، بما يتيح للقياديين والعناصر التابعين لها التنقل بشكل مستمر وتبديل المواقع، وهي إجراءات أمنية لتجنب الاستهداف الإسرائيلي.

وجاء التغلغل الإيراني في قطاع العقارات بسوريا في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السورية تصادر ممتلكات المعارضين، وتتشدد في إجراءات بيع وتأجير العقارات للسوريين أنفسهم، لا سيما النازحين داخلياً ممن فقدوا منازلهم في المناطق الساخنة، حيث تم فرض الحصول على موافقة أمنية شرطاً مسبقاً لإتمام العقود، وذلك لغاية عام 2019.

أضرار في مبانٍ سكنية سببها التفجير في حي المزة (الشرق الأوسط)

صلاحيات واسعة للشرطة

بحسب ما أفادت مصادر محلية في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، فقد عادت وزارة الداخلية إلى تشديد إجراءات تنظيم عقود الإيجار بعد نحو خمس سنوات من إلغاء شرط الموافقة الأمنية، وذلك بعد انتشار ظاهرة قيام عناصر من ميليشيات محلية تابعة لإيران أو عناصر أمن ممارسة ضغوط على أصحاب العقارات لتأجيرها للإيرانيين أو لعناصر من «حزب الله» والميليشيات، بلا تنسيق مع السلطات المحلية. ويضاف إلى ذلك التحايل بتسجيل حالات استئجار لإيرانيين عبر وسطاء سوريين يسجلون العقود بأسمائهم، ليشغلها فعلياً إيرانيون، أو عناصر من جنسيات أخرى، وعند كشف التحايل يصعب فض العقد وإخلاء المنزل.

وبحسب قرار تعديل إجراءات عقود الإيجار بات على من يؤجر عقاراً للسكن، أو لمزاولة أي مهنة علمية، أو فكرية، أو تجارية، أو صناعية، أو سواها تسجيل عقد الإيجار في مركز خدمة المواطن المخول تسجيل عقود الإيجار أو الوحدات الإدارية التي تبلّغ بدورها مركز الشرطة في المنطقة التي يقع فيها العقار المؤجر. وكذلك على المالك والمستأجر ملء استمارة إعلام لمراكز الشرطة في المنطقة.

ويتولى كل مركز من مراكز الشرطة المختصة تدقيق وضع المستأجر، وفي حال تبين أنه «ملاحق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام»، تُتخذ بحقه الإجراءات القانونية من توقيف ووضع تحت المراقبة... إلخ.

كذلك، تكلف الوحدات الشرطية المختصة بتلقي الإخبارات الواردة بوجود شخص في عقار بلا صفة قانونية في الإشغال فتقوم عندها الوحدة الشرطية بالانتقال إلى موقع العقار المذكور، وتتحقق من صحة الإخبار الوارد، وفي حال ثبوت الواقعة يتم تنظيم الضبط اللازم واستكمال إجراءاته الشكلية والموضوعية، ومنها استدعاء المالك أو المؤجر وتقوم الوحدة الشرطية منظمة الضبط بتكليف الشاغل تصحيح وضعه القانوني أو الإخلاء خلال 30 يوماً.

ورأت المصادر في تكليف الوحدات الشرطية المختصة تلقي الإخبارات منح فرصة للجوار بممارسة الرقابة على العقارات المؤجرة في الحي أو البناء، وإذا كان البلاغ صحيحاً يمكن للشرطة إخلاء المنزل، دون الحاجة إلى العودة للقضاء.