العراق: «إقليم الأنبار» على كل لسان... والحلبوسي يذكّر بـ«مواجع الدستور»

مصدر من حزب «تقدم» لـ«الشرق الأوسط»: إجراءات تقرير المصير في متناول اليد

الحلبوسي مع مناصريه خلال تجمع جماهيري غرب الأنبار (أرشيفية - إكس)
الحلبوسي مع مناصريه خلال تجمع جماهيري غرب الأنبار (أرشيفية - إكس)
TT

العراق: «إقليم الأنبار» على كل لسان... والحلبوسي يذكّر بـ«مواجع الدستور»

الحلبوسي مع مناصريه خلال تجمع جماهيري غرب الأنبار (أرشيفية - إكس)
الحلبوسي مع مناصريه خلال تجمع جماهيري غرب الأنبار (أرشيفية - إكس)

عادت قضية «إقليم الأنبار» بقوة بالتزامن مع حصد تحالف «تقدم» الذي يقوده رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي النسبة الأكبر من مقاعد مجلس المحافظة في الانتخابات التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وهيمن حزب الحلبوسي على المنصب التنفيذي الأول، ممثلاً بالمحافظ، والمنصب الرقابي الثاني، ممثلاً برئيس المجلس، وبذلك يكون قد «احتكر» معظم مراكز القرار السياسي والاقتصادي والأمني في المحافظة، الأمر الذي يثير «الشهية» لصراع استثنائي لدى خصومه السياسيين.

وحتى مع تراجعه إلى معقله في الأنبار بعد إقالته من رئاسة البرلمان الاتحادي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ما زال الحلبوسي يخوض «حرباً ضروساً» ضد خصومه السياسيين، سواءً على مستوى أبناء جلدته من المكون السني، أو على مستوى ساسة وقوى المكون الشيعي.

ويبدو أن الخلاف حول قضية الإقليم السني الموعود سيبقى أحد أبرز قضايا الصراع التي يخوضها الحلبوسي ضد خصومه الذين يتهمونه بـ«نزعة انفصالية» تجد في قضية «الإقليم» المدعومة بغطاء دستوري أداة لتمريرها.

الإقليم على كل لسان

وتفيد الأنباء المتواترة من محافظة الأنبار (غرب) بأن الحديث عن إقامة الإقليم بات على كل لسان هناك، ويستمد قوته من مشاعر الإحباط المتعاظمة لدى سكان المحافظات ذات الأغلبية السنية، وفي مقدمتها الأنبار، من السياسات التي ينتهجها الفاعل السياسي الشيعي.

ويذكّر مصدر مقرب من تحالف الحلبوسي بالتصريحات التي أدلى بها، قبل أيام قليلة، النائب عن قوى «الإطار التنسيقي» فالح الخزعلي بشأن حرمان المكون السني من حقه في الحصول على منصب رئاسة البرلمان، ولوح ببقائها في قبضة قوى الإطار من خلال الإبقاء على الرئيس الحالي بالنيابة محسن المندولاي رئيساً إلى نهاية الدورة البرلمانية الحالية التي تنتهي ولايتها مطلع العام المقبل.

ويرى المصدر أن تصريحات من هذا النوع، حتى وإن صدرت عن أحد النواب، فإنها «تكشف عن طرق تفكير حاكمة لدى القوى الشيعية بالنسبة لتعاملها مع القوى السنية».

ويشير المصدر إلى «تذمر شديد» يشعر به السكان هناك من «النفوذ المتنامي لبعض الفصائل الشيعية في الأنبار، والخشية من أن تتحول مع مرور الوقت إلى قوة وحيدة ومهيمنة على جميع مفاصل المحافظة».

ويبدو أن الاتهامات المتكررة التي يسوقها خصوم الحلبوسي ضده من خلال القول إنه يرغب في «تقسيم البلاد»، دفعت الحلبوسي إلى «إعادة المواجع» المرتبطة باستفتاء التصويت على الدستور الدائم للبلاد في أكتوبر (تشرين الأول) 2005، للرد على خصومه، وكذلك توجيه اتهامات شديدة لهم.

وقال الحلبوسي، أول من أمس، في تدوينة عبر منصة «إكس»، إن «الأنبار عن بكرة أبيها صوتت سابقاً لرفض الدستور؛ لموقفها الثابت والدائم من وحدة العراق، ولم يتغير موقف شيوخها وأبنائها».

وقد صوتت المحافظات ذات الأغلبية الشيعية، إلى جانب محافظات إقليم كردستان، بحماس في استفتاء الدستور الذي أكد «فيدرالية» الدولة، وأقر حق المحافظات بتشكيل إقليمها الخاص، خلافاً لامتناع الكثير من سكان المحافظات ذات الأغلبية السنية عن التصويت لصالح الدستور الدائم.

وأضاف الحلبوسي: «لا يزال تجار الحروب والفتن من الأحزاب المتأسلمة يحاولون تشويه صورتها (الأنبار) والعبث باستقرارها، ولن يفلحوا، ونسوا ما تسببوا به من تهجير وتدمير وخراب وشهداء وثكلى وأيتام».

وتابع الحلبوسي: «ما زلنا ننتظر من الحكومة الاتحادية تضميد جراحهم (سكان الأنبار) وإكمال ملفات تعويضهم وإعمار المدن، وإنصاف الأبرياء، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومعالجة أسباب ظهور الإرهاب، وهذه هي مطالب الأنبار الحقيقية، ولا شيء سواها».

صورة من حساب الحلبوسي في «إكس» للقائه مع السوداني العام الماضي

فيدرالية الأنبار

ورغم تذكير الحلبوسي برفض مواطني الأنبار الدستور الدائم الذي أقر المبدأ الفيدرالي، فإنه لم «يؤكد أو يستبعد إمكانية إقامة إقليم الأنبار»، طبقاً لمصدر مقرب من حزب «تقدم».

ويؤكد المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحلبوسي ما زال لاعباً فاعلاً في الحلبة السياسية رغم إقصائه من البرلمان، ولديه أكثر من 30 نائباً في البرلمان الاتحادي، ونحو عشرين مقعداً في مجالس المحافظات، ما يثير خشية مضاعفة لدى خصومه».

ويرى المصدر أن تركيز خصوم الحلبوسي على اتهامه بـ«السعي لتقسيم البلاد» هدفه «التشويش على فكرة إنشاء الإقليم التي يقرها الدستور، خلافاً لفكرة التقسيم التي يرفضها القانون والدستور».

وبضوء ذلك، والكلام للمصدر، فإن إمكانية إقامة إقليم الأنبار من الناحية النظرية «سهلة جداً» بالنسبة للحلبوسي وحزبه، بعد هيمنتهم على مقاعد المجلس المحلي؛ نظراً لأن خطوات إنشاء الإقليم بحاجة إلى «طلب يتقدم به ثلث أعضاء المجلس أو طلب من عشر الناخبين في المحافظة»، وهذان أمران في متناول يد الحلبوسي وحزبه، على ما يقول المصدر.


مقالات ذات صلة

جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

خاص صدام مع ابنته حلا في صورة غير مؤرخة (غيتي) play-circle 01:12

جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

يروي جمال مصطفى السلطان، في الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة معه، كيف تلقت أسرة صدام حسين نبأ إعدامه، وقصة زواجه من حلا، كريمة صدام الصغرى، وأكلاته المفضلة.

غسان شربل
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«حزب الله» يعلن شن هجوم بمسيّرات على قاعدة أسدود البحرية للمرة الأولى

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعلن شن هجوم بمسيّرات على قاعدة أسدود البحرية للمرة الأولى

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان، الأحد، أنه شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الهجوم بعد، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

كما أعلن «حزب الله» عن استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيَّرة، وذلك بعد أن استهدف أيضاً قاعدة أسدود. وقال الحزب إن عملية تل أبيب «حققت أهدافها»، دون تحديد نوعية الهدف العسكري.

وأعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق صافرات الإنذار في شمال إسرائيل ووسطها. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر موقع «إكس» أنه: «متابعة للإنذارات في وسط البلاد جرى رصد إطلاق 8 قذائف صاروخية من لبنان، حيث جرى اعتراض معظمها. يتم فحص تقارير عن سقوط بعضها أو شظايا من عمليات الاعتراض».

ووسعت إسرائيل حربها التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان في الأسابيع الماضية، وقتلت كثيراً من كبار قادة جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل الآلاف، ونزوح ما لا يقل عن مليون لبناني من جنوب لبنان، وألحقت دماراً واسعاً في أنحاء مختلفة من البلاد.