بغداد تواصل مباحثات تنظيم العلاقة مع واشنطن... بعيداً عن لغة التصعيد

الفصائل المسلحة الموالية لإيران هددت باستئناف عملياتها ضد الأميركيين

جانب من تشييع قيادي في فصيل عراقي قُتل بغارة أميركية على بغداد في 8 فبراير الحالي (أ.ف.ب)
جانب من تشييع قيادي في فصيل عراقي قُتل بغارة أميركية على بغداد في 8 فبراير الحالي (أ.ف.ب)
TT

بغداد تواصل مباحثات تنظيم العلاقة مع واشنطن... بعيداً عن لغة التصعيد

جانب من تشييع قيادي في فصيل عراقي قُتل بغارة أميركية على بغداد في 8 فبراير الحالي (أ.ف.ب)
جانب من تشييع قيادي في فصيل عراقي قُتل بغارة أميركية على بغداد في 8 فبراير الحالي (أ.ف.ب)

تواصل الحكومة العراقية مباحثات تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة بعيداً عن لغة التصعيد بين الأميركيين والفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران، علماً بأن قواعد الاشتباك بين هذين الطرفين تغيّرت مرات عدة منذ انفجار الأوضاع بقطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأرسلت واشنطن في الآونة الأخيرة رسائل إلى الفصائل المسلحة، يبدو أن قسماً منها كان عن طريق بغداد، بينما القسم الآخر عن طريق طهران التي أكد وزير خارجيتها، حسين أمير عبداللهيان، تلقي رسائل من واشنطن مؤخراً دون أن يكشف عن الوسيلة التي تم بواسطتها نقل تلك الرسائل. من جهته، أكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في تصريحات تلفزيونية، أن الفصائل المسلحة في العراق وطهران تلقت رسالة أميركية مفادها أنه «إذا استمرت هجماتهم فسوف يأخذون العراق إلى حرب». وأضاف حسين: «هذه الأيام، التوتر بين إيران وأميركا مرتفع للغاية. نأمل في أن يوقف الجانبان هجماتهما، ولا ينبغي لهما (إيران وأميركا) أن يرغبا في حل مشكلتهما على الأراضي العراقية، خصوصاً أننا دفعنا كثيراً من الخسائر». وأشار إلى أنه ينبغي استئناف المفاوضات بشأن انسحاب 2500 جندي أميركي يعملون مستشارين في العراق منذ عام 2014.

طائرة عسكرية بقاعدة دوفر الجوية بولاية ديلاوير في 2 فبراير الحالي خلال إعادة جثامين جنود قُتلوا في هجوم شنته جماعة عراقية على قاعدة أميركية على الحدود السورية - الأردنية (د.ب.أ)

وفي هذا الإطار، يبدو أن المباحثات العراقية - الأميركية التي أعلن الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة استئنافها، تمضي بعيداً عن تصعيد الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران التي هددت باستئناف عملياتها ضد الأميركيين، لكنها لم تنفذ بعد أي عملية. وقال اللواء يحيى رسول، في بيان مساء الأحد، إن «اللجنة العسكرية العراقية العليا، استأنفت اجتماعاتها مع قوات التحالف الدولي في بغداد، لتقدير الموقف العسكري ومستوى الخطر والبيئة العملياتية وقدرات القوات المسلحة العراقية».

وبحسب الناطق باسم القائد العام، سيتم بناءً على هذه الاجتماعات صياغة جدول زمني لخفض مدروس وتدريجي وصولاً إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي لمحاربة «داعش» والانتقال إلى علاقة ثنائية. وأضاف رسول: «طالما لم يعكّر صفو المحادثات شيء، فإن هذه الاجتماعات ستتواتر بصورة دورية لإتمام أعمال اللجنة بالسرعة الممكنة».

عناصر من «الحشد الشعبي» في بغداد الخميس الماضي (أ.ف.ب)

وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «إعادة تفعيل عمل اللجنة الثنائية العليا بين العراق والولايات المتحدة الأميركية يعني أن الحكومة سائرة في نهجها بمعالجة القضايا العالقة بين العراق وأميركا عبر آليات الحوار في محاولة للتخفيف عن حدة الضغط الذي تتعرض له الحكومة، خصوصاً أن هذا الموقف جاء بناء على مواقف القوى السياسية، وبالذات قوى الإطار التنسيقي الشيعي التي ترى أن من الضروري مراعاة مصلحة العراق، بحيث تأخذ مساراً رسمياً بطريقة لا تثير حفيظة الأطراف الأخرى».

وأضاف الدكتور الفيلي أنه «ضمن هذا الإطار، أرى أن هذا النهج يسير بطريقة معقولة مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المطالب الرافضة للوجود الأميركي في العراق والمطالبة بضرورة الانسحاب السريع». وأوضح أنه «في مقابل ذلك، هناك أطراف تريد بقاء القوات الأميركية؛ وهم الأكراد والسنّة الذين يرون أن أي محاولة للمعالجة السريعة دون أن تكون بناءة، فإنها يمكن أن تجر العراق إلى مساحات أخرى على أصعدة مختلفة، في مقدمها البعد الاقتصادي، بالإضافة إلى الملفات الأخرى التي تحتاج إلى معالجات هادئة دون فرض الإرادات من قبل هذا الطرف أو ذاك».


مقالات ذات صلة

كردستان تؤكد استعدادها لتسليم النفط وتطالب بإنهاء «العقوبات الجماعية»

المشرق العربي بارزاني خلال افتتاحه مشروع الإمداد الطارئ للمياه في أربيل (موقع رئاسة وزراء الإقليم)

كردستان تؤكد استعدادها لتسليم النفط وتطالب بإنهاء «العقوبات الجماعية»

رغم عشرات الاجتماعات الرسمية والوفود التفاوضية الصاعدة إلى بغداد والنازلة إلى إقليم كردستان منذ أشهر طويلة، فإن المشكلة لا تزال بعيدة عن الحل.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المركز التجاري في الكوت كما ظهر بعد إخماد النيران (أ.ف.ب)

السلطات العراقية تعيد النظر بكل المشاريع والمباني بعد حريق الكوت

عضو البرلمان العراقي حيدر السلامي قال إن «جلسة البرلمان الاستثنائية الاثنين، تؤكد استمرار المجاملات السياسية على حساب حياة المواطنين».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي قوة من الجيش العراقي (أرشيفية - إعلام وزارة الدفاع)

الأمن العراقي يحبط مخططات تخريبية لفلول حزب «البعث»

نفذت أجهزة الأمن الوطني عمليات نوعية أسفرت عن ضبط 40 متهماً متورطاً في إدارة وتمويل محتوى طائفي، والسعي لتنفيذ أعمال تخريبية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (رويترز)

السوداني: نعمل بحكمة ومسؤولية لتجنب الإنزلاق إلى الحرب والصراعات

أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، اليوم السبت، أن الإرهاب لم يعد قادراً على أي تهديد في العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد )
رياضة عربية جانب من تتويج دهوك بكأس العراق (وسائل إعلام عراقية)

كأس العراق: دهوك يفوز على زاخو… ويتوج بباكورة ألقابه

توّج دهوك بلقب مسابقة كأس العراق لكرة القدم في نسختها الـ32 للمرة الأولى في تاريخه بتغلبه في المباراة النهائية على زاخو بركلات الترجيح 5-3 بعد تعادلهما سلباً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الراعي يدعم «اقتراع المغتربين» تطبيقاً للمساواة بين اللبنانيين

الرئيس عون واللبنانية الأولى مع البطريرك الماروني بشارة الراعي يشاركان بذكرى القديس شربل (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس عون واللبنانية الأولى مع البطريرك الماروني بشارة الراعي يشاركان بذكرى القديس شربل (الرئاسة اللبنانية)
TT

الراعي يدعم «اقتراع المغتربين» تطبيقاً للمساواة بين اللبنانيين

الرئيس عون واللبنانية الأولى مع البطريرك الماروني بشارة الراعي يشاركان بذكرى القديس شربل (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس عون واللبنانية الأولى مع البطريرك الماروني بشارة الراعي يشاركان بذكرى القديس شربل (الرئاسة اللبنانية)

دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى إلغاء المادة 112 من قانون الانتخابات الحالي التي تنص على تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، موزعة على القارات بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، معتبراً أنها تقصي حقهم وتخالف مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين المقيمين والمنتشرين.

وأتى موقف الراعي وسط الخلاف الحاصل في لبنان بين القوى السياسية التي تدعو إلى إلغاء هذه المادة، كحزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» وعدد من النواب المستقلين والتغييريين، الذين تقدم بعضهم باقتراحات لتعديل المادة. وسبق أن علقت هذه المادة سابقاً في 2018 و2022 على أن يعاد تفعيلها في انتخابات عام 2026، مقابل رفض حركة «أمل» و«حزب الله» إضافة إلى «التيار الوطني الحر».

وأتى موقف الراعي في العظة التي ألقاها لمناسبة عيد القديس شربل في دير مار مارون – عنايا، بحضور رئيس الجمهورية جوزيف عون، وعقيلته، وحشد من الشخصيات.

وقال الراعي: «ارجعوا إلى الله، ارجعوا إلى الأخلاق، ارجعوا إلى لبنان الحقيقي، ارجعوا إلى الشجاعة الداخلية والحكمة والقرار الواضح والصحيح، ارجعوا إلى التجرد الشخصي من أجل الخير العام».

وتحدث عن حق المغتربين بالاقتراع قائلاً: «في خضم الأخطار التي تهدد لبنان في كيانه ووجوده من جراء ما يحدث فيه ومن حوله، نشهد اليوم وبكل أسف، خلافاً وانقساماً بين السياسيين حول المادة 112 من قانون الانتخابات النيابية الحالي. فقد عُلقت هذه المادة وبحق في انتخابات 2018 و2022 لعدم صحتّها؛ فاستحداث ست دوائر انتخابية للبنانيين غير المقيمين مخالف لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين المقيمين والمنتشرين، وهو مبدأ يضمنه الدستور والنظام الديمقراطي عندنا».

وأضاف الراعي: «إن حصر المنتشرين في ستة مقاعد نيابية يتعارض مع مبدأ ربطهم بوطنهم وأرضهم وأهلهم ومشاركتهم في الحياة السياسية اللبنانيّة. ما نشهده في هذه المادة هو عملية إقصاء يلغي حق المنتشرين الطبيعي بالتصويت في كل الدوائر الانتخابية المائة وثماني وعشرين على مساحة الوطن»، مضيفاً: «إن اللبنانيين في الانتشار يتطلعون إلى المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة بكل حرية في دوائرهم الانتخابية حيث مكان قيدهم في لبنان. فلا بد من أجل حماية الوحدة الداخلية إلغاء المادة من قانون الانتخاب الحالي».

وتنطلق كل الأطراف في لبنان في مقاربة هذا الموضوع من نتائج الانتخابات الأخيرة عام 2022 التي كانت لصالح القوى المعارضة لـ«حزب الله» والنواب المستقلين والتغييريين، وهو ما جعل الحزب و«أمل» و«الوطني الحر» يعارضون تعديلها، لا سيما بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان وتداعياتها على وضع الحزب. مع العلم أن كلام عضو كتلة «حزب الله» النائب علي فياض كان صريحاً في هذا الإطار، حيث قال في وقت سابق: «لا يوجد تكافؤ فرص في انتخابات المغتربين، وواجبنا أن نتفهم هواجس بعضنا».