قبل عملية برية محتملة... الأقمار الاصطناعية ترصد تكدس 1.5 مليون نازح في رفح (صور)

خيام النازحين في رفح كما تظهر في 3 يناير 2024 («ماكسار» - رويترز)
خيام النازحين في رفح كما تظهر في 3 يناير 2024 («ماكسار» - رويترز)
TT

قبل عملية برية محتملة... الأقمار الاصطناعية ترصد تكدس 1.5 مليون نازح في رفح (صور)

خيام النازحين في رفح كما تظهر في 3 يناير 2024 («ماكسار» - رويترز)
خيام النازحين في رفح كما تظهر في 3 يناير 2024 («ماكسار» - رويترز)

أظهرت صور التُقطت بالأقمار الاصطناعية عدد السكان الضخم من النازحين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة منذ بدء الحرب بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، في وضع مأساوي قد تفاقمه عملية عسكرية إسرائيلية محتملة.

وتكشف الصور التي التُقطت بواسطة شركة «بلانيت لابز» الأميركية في 13 أكتوبر 2023 و14 يناير (كانون الثاني) عن تحول الأراضي المغطاة بالشجيرات إلى مدينة خيام كثيفة تؤوي النازحين.

ونزح ما يقرب من 80 في المائة من سكان غزة للجنوب، وغرق القطاع في أزمة إنسانية مع نقص الغذاء والخدمات الطبية.

وكان يعيش في مدينة رفح قبل الحرب نحو 280 ألف نسمة، وتقول الأمم المتحدة إن مدينة رفح أصبحت الآن موطناً لنحو 1.4 مليون شخص إضافي فروا من القتال في أماكن أخرى.

صورة التُقطت بالأقمار الاصطناعية لمدينة رفح في 14 يناير 2024 («بلانيت لابز» - أ.ب)

ويتكدس أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في رفح، بعد أن التزم العديد منهم بأوامر الإخلاء الإسرائيلية التي تشمل الآن ثلثي أراضي القطاع. وليس من الواضح أين يمكنهم الركض بعد ذلك.

وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الجيش التخطيط لإجلاء مئات الآلاف من الأشخاص هناك قبل الغزو البري. ولم يقدم بنيامين نتنياهو تفاصيل أو جدولاً زمنياً، لكن الإعلان أثار الذعر والتحذيرات من الدبلوماسيين، وفق «أسوشييتد برس».

ويخشى أهالي رفح والنازحون في المدينة الذين فروا من شمال غزة وخان يونس أن تكون عمليات القصف المكثفة تمهيداً للعملية البرية التي يهدد بها المسؤولون الإسرائيليون.

وأدت الغارات الجوية في وسط غزة ورفح إلى مقتل ما يقرب من ثمانية وعشرين شخصاً، من بينهم نساء وأطفال، وفقاً لمسؤولي الصحة، وصحافيي «أسوشييتد برس» الذين رأوا الجثث تصل للمستشفيات. وأدت كل غارة إلى مقتل عدة أفراد من ثلاث عائلات، بما في ذلك 10 أطفال، أصغرهم يبلغ من العمر 3 أشهر.

وقال فضل الغنام لوكالة «أسوشييتد برس» إن إحدى الغارات مزقت أجساد أحبائه إرباً. وفقد ابنه وزوجة ابنه وأربعة أحفاد. ويخشى أن يكون الأسوأ من ذلك هو الغزو البري لرفح، وقال إن صمت العالم مكّن إسرائيل من المضي قدماً.

وقال سمير أبو لوليا، أحد جيران الغنام: «هذا ما يستهدفه نتنياهو - المدنيون».

مدينة رفح كما تظهر في 15 أكتوبر 2023 (يسار)... وفي اليمين تظهر مدينة رفح في 14 يناير مطلع العام الجاري (أ.ف.ب)

وتقول إسرائيل إن رفح هي آخر معقل متبقٍّ لحركة «حماس» في غزة بعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعرب فيه المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، عن قلقه بشأن سلامة المدنيين في رفح، وخاصة في حالة حدوث غزو بري إسرائيلي.

وأدت غارة جوية إسرائيلية على منزل في رفح (السبت) إلى مقتل 11 شخصاً على الأقل، من بينهم ثلاثة أطفال، وفقاً لأحمد الصوفي، رئيس بلدية رفح. وتم نقل القتلى إلى مستشفى أبو يوسف النجار، بحسب ما ذكره صحافي في وكالة «أسوشييتد برس» هناك.

 

ووصل (الأحد) 58 قتيلاً إلى مستشفى أبو يوسف النجار في رفح بجنوب قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي في الساعات الأخيرة، حسبما نقلت وكالة «شهاب» الفلسطينية للأنباء.

 

وفي وقت سابق، قال شهود عيان إن الجيش الإسرائيلي يشن منذ أمس غارات مكثفة على مواقع مختلفة في مدينة رفح.

 

نازحون فلسطينيون من عائلة «أبو مصطفى» بالقرب من الحدود مع مصر في مدينة رفح (رويترز)

وفي جنوب القطاع أيضاً، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن القوات الإسرائيلية استهدفت البوابة الرئيسية لمستشفى الأمل في خان يونس، مما أدى إلى أضرار في المبنى وخروج إحدى مركبات الجمعية عن الخدمة، مشيراً إلى أنها «المركبة الوحيدة المتوفرة بعد أن صادر الاحتلال مفاتيح جميع مركبات الإسعاف الموجودة».

 

وفي السياق نفسه أيضاً، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن السلطات الإسرائيلية رفضت يوم أمس وصول مهمة للمنظمة إلى مستشفى ناصر في خان يونس.

 

وأضاف أن المستشفى يعمل الآن بالفعل «بالحد الأدنى» من طاقته، وعبر عن القلق البالغ بشأن سلامة المرضى والعاملين في المجال الصحي بسبب تصاعد الأعمال العدائية في محيط المستشفى.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية رد فعل فلسطيني على مقتل نازحين في غارة إسرائيلية على مخيم مؤقت للنازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: زيارة مبعوث ترمب إلى المنطقة دفعة لـ«اتفاق وشيك»

وسط تسريبات إعلامية عن حدوث «تقدم» بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، جاءت زيارة مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يرسل وفداً برئاسة مدير الموساد إلى قطر لإجراء محادثات بشأن الرهائن

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل سترسل وفداً برئاسة رئيس الموساد إلى قطر لمواصلة المحادثات بشأن اتفاق محتمل لإطلاق سراح الرهائن.

المشرق العربي مظاهرة لأقارب المحتجزين الإسرائيليين في تل أبيب تطالب بالإفراج عنهم (أ.ب)

«حماس» ردّاً على زوجة رهينة إسرائيلي: مصيره يعتمد على نتنياهو

ردّت «حماس» على طلب امرأة إسرائيلية توضيح وضع زوجها المحتجز رهينة في قطاع غزة، وقالت الحركة الفلسطينية، السبت، إن مصيره يعتمد على رئيس الوزراء الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة ملتقَطة 13 ديسمبر 2023 تُظهر جنوداً إسرائيليين قرب الحدود مع قطاع غزة  (د.ب.أ)

بعد 15 شهراً على المعارك... هل نجح نتنياهو في هزيمة «حماس»؟

في وقت تتحدث فيه مصادر عسكرية إسرائيلية عن تضعضع «حماس»، وانسحاب عناصرها من مناطق قتالية، تُظهِر المعارك بالميدان استمرار القتال وإيقاع خسائر بالقوات الإسرائيلي

«الشرق الأوسط» (غزة)

أربيل تصعّد ضد بغداد مع استمرار أزمة الرواتب

صورة متداولة في الوسائط الاجتماعية العراقية لاجتماع حكومة إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم في أربيل يوم 11 يناير 2024
صورة متداولة في الوسائط الاجتماعية العراقية لاجتماع حكومة إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم في أربيل يوم 11 يناير 2024
TT

أربيل تصعّد ضد بغداد مع استمرار أزمة الرواتب

صورة متداولة في الوسائط الاجتماعية العراقية لاجتماع حكومة إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم في أربيل يوم 11 يناير 2024
صورة متداولة في الوسائط الاجتماعية العراقية لاجتماع حكومة إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم في أربيل يوم 11 يناير 2024

بالتزامن مع إعلان رئاسة إقليم كردستان عن قيام رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني بزيارة إلى بغداد هذا الأسبوع، أعلن رئيس وزراء حكومة الإقليم مسرور بارزاني، أن تعامل بغداد مع الإقليم لم يعد مقبولاً. وأعلن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الإقليم دلشاد شهاب في تصريح صحافي، أن «نيجرفان بارزاني سيتوجه الأسبوع المقبل إلى بغداد». وأضاف أن «بارزاني سيشارك في اجتماع ائتلاف إدارة الدولة».

وائتلاف إدارة الدولة هو الكتلة السياسية - البرلمانية التي تضم، بالإضافة إلى «الإطار التنسيقي الشيعي»، القوى السنية والكردية المشاركة في الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني، الذي كان قد تشكل وفقاً لما سُمي ورقة «الاتفاق السياسي». وطوال السنتين الماضيتين من عمر الحكومة الحالية، ورغم دعم العرب السنة والكرد للحكومة، فإنهما يشعران بأن كثيراً من بنود ورقة «الاتفاق السياسي، لم يطبق بسبب الخلافات بين الكتل السياسية».

فالعرب السنة لا يزالون يشكون من تأخير إصدار قانون العفو العام رغم كونه جزءاً من ورقة الاتفاق السياسي، خصوصاً أن القوى الشيعية ربطته بقانون الأحوال الشخصية المُختلف عليه. كما أن الأكراد قد دخلت أحد مطالبهم المتعلقة بعقاراتهم والمصادرة من قبل بغداد ضمن ما يسمى القوانين الجدلية - وهي العفو العام، والأحوال الشخصية، والعقارات - ثم فشل البرلمان في التصويت عليها طوال أكثر من عام من طرحها للتصويت.

إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان (أ.ف.ب)

الأزمة الخانقة

غير أن الأزمة الخانقة التي تعانيها حكومة إقليم كردستان والتي باتت تمثل حرجاً لها أمام مواطني الإقليم، هي أزمة الرواتب التي تتقاذف كرتها بغداد وأربيل. فبينما تعدّ حكومة الإقليم أن ملف الرواتب استحقاق غير قابل للنقاش، فإن بغداد تربطه مع مجمل استحقاقات يتعين على أربيل تنفيذها؛ وهي تسليم الموارد النفطية وموارد الجمارك والمنافذ الحدودية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد.

وعلى الرغم من رضاء نسبي من قبل أربيل حيال حكومة السوداني التي درجت على إرسال مبالغ مالية إلى الإقليم كل شهرين أو 3 بوصفها رواتب للموظفين، فإن هذه المبالغ لم تحل الأزمة جذرياً داخل الإقليم. وفي هذا السياق، تهدف زيارة نيجرفان بارزاني المرتقبة إلى بغداد، إلى مواجهة الحكومة الاتحادية بموقف جديد من قبل الأكراد، لكن بسبب الخلافات العميقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني)، بالإضافة إلى أحزاب المعارضة الكردية الرافضة لسياسة كلا الحزبين، لا تبدو أربيل في موقف قوي، بحيث تفرض خياراتها على بغداد في هذه الظروف.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني خلال لقاء سابق في بغداد (رئاسة الوزراء)

اجتماع «غير عادي»

مع ذلك عقدت حكومة الإقليم، يوم السبت، اجتماعاً وصفته بأنه «غير عادي» لغرض الوصول إلى موقف موحد حيال بغداد يعضد ما سوف يطرحه رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، خلال اجتماع إدارة الدولة المقرر عقده هذا الأسبوع. وخلال اجتماع حكومة الإقليم، الذي ضم ممثلي حكومة الإقليم في بغداد ورؤساء الكتل الكردستانية، قال رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، إن «تعامل بغداد مع إقليم كردستان ليس تعاملاً مع إقليم اتحادي».

وأضاف مخاطباً المجتمعين: «أنتم الذين تمثلون إقليم كردستان، واجبكم الأول هو تمثيل شعب الإقليم بكل أطيافه، ثم تمثلون القوى والأحزاب السياسية». وتابع: «توصلنا إلى نتيجة مفادها أن سلوك بغداد تجاه إقليم كردستان ظالم وغير عادل وغير مقبول. أعتقد أنه إذا كنا متحدين، فلن يكون لدى بغداد القدرة على فرض أي شيء على كردستان، لكن الفرض جاء بسبب انقسام الأحزاب السياسية... كما ينبغي تصحيح مسار العلاقات بين إقليم كردستان وبغداد».

وفيما يتعلق بقرارات المحكمة الاتحادية بشأن رواتب والمستحقات المالية للإقليم، قال مسرور بارزاني إن الحكومة الاتحادية «لن تلتزم بقرارات المحكمة الاتحادية إذا كان القرار في مصلحة إقليم كردستان». واختتم حديثه بالقول: «لقد شغلوا كردستان كلها بقضية الرواتب، وكل تضحيات ونضالات الكرد على مدى مائة عام تحولت إلى رواتب، وقد نجحت».

نيجرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان أثناء مؤتمر صحافي (الأحد) في بغداد (الموقع الرسمي لرئاسة الإقليم)

خيار الانسحاب

ومع أن الأكراد قد لا يعرفون رد فعل بغداد بعد الاجتماع المقرر عقده لائتلاف إدارة الدولة، إلا أن المتحدث باسم حكومة الإقليم لوح بإمكانية انسحاب الكتل الكردية من «حكومة بغداد»، وذلك رداً على الخلافات المستمرة بشأن أزمة الرواتب. ورغم أن هذا التلويح ورقة ضغط على بغداد، فإن الاحتمال الآخر هو عدم اتفاق كل الأحزاب الكردية على اتخاذ موقف موحد ضد بغداد.

وفي هذا السياق، أعلن حزب «العدل الكردستاني» و«الاتحاد الإسلامي الكردستاني»، عدم مشاركتهما في اجتماع حكومة الإقليم. وقال النائب عن حزب «العدل» سوران عمر في تصريح صحافي، إن «الحكومة الاتحادية أرسلت مبالغ رواتب الموظفين لسنة 2024 كاملة، وحكومة الإقليم هي التي لم تلتزم بقرارات المحكمة الاتحادية، ولا بقانون الموازنة، ولم تسلم الإيرادات الداخلية». وأضاف عمر أن «موضوع الانسحاب لا يعنينا، وهذه التهديدات لا تعنينا كوننا نؤدي عملنا بوصفنا نواباً ممثلين عن المواطنين، ونطالب بحقوقهم، ونعرف المتسبب الرئيسي في أزمتهم، ولا دخل لنا بهذه المزايدات».

من جهته، أكد النائب عن كتلة «الاتحاد الإسلامي» مثنى أمين، في تصريح مماثل، أن الاتحاد «قرر عدم المشاركة في الاجتماع، لأننا نعرف من السبب الرئيسي وراء أزمة الرواتب، ولهذا لا نحضر اجتماعاً هدفه المزايدات السياسية».