مصر: مخاوف «التهجير» تتصاعد مع اجتياح إسرائيلي مرتقب لـ«رفح»

مصادر تحدثت عن مضاعفة للدوريات الأمنية على حدود غزة

امرأة فلسطينية نزحت مع عائلتها من شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
امرأة فلسطينية نزحت مع عائلتها من شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

مصر: مخاوف «التهجير» تتصاعد مع اجتياح إسرائيلي مرتقب لـ«رفح»

امرأة فلسطينية نزحت مع عائلتها من شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
امرأة فلسطينية نزحت مع عائلتها من شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

تصاعدت حدة المخاوف بشأن احتمالات «تهجير فلسطيني غزة»، وإجبارهم على الخروج بشكل جماعي نحو سيناء المصرية، تزامناً مع إعلان إسرائيل عزمها توسيع عملياتها العسكرية لتشمل مدينة رفح الواقعة جنوب القطاع على الحدود مع مصر، التي نزح إليها أغلب سكان القطاع بحثاً عن «ملاذ آمن» من ظل الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وإزاء تلك المخاوف عززت مصر وجودها الأمني على الحدود مع قطاع غزة، و«أرسلت القاهرة نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء في الأسبوعين الماضيين، في إطار سلسلة تدابير لتعزيز الأمن على حدودها مع القطاع»، حسب ما نقلته وكالة «رويترز» عن مصدرين أمنيين مصريين.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة، أقامت «مصر جداراً حدودياً خرسانياً تمتد أسسه في الأرض ستة أمتار وتعلوه أسلاك شائكة»، حسب «رويترز»، التي نقلت عن المصدرين الأمنيين قولهما إن «مصر أقامت أيضاً حواجز رملية، وعززت المراقبة عند مواقع التمركز الحدودية».

جدار حدودي بين رفح ومصر في 16 ديسمبر 2023 (رويترز)

والشهر الماضي، قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، رداً على «مزاعم» إسرائيلية بتهريب السلاح إلى داخل غزة عبر الأراضي المصرية، إنه في إطار جهود مصر لمكافحة «الإرهاب» في سيناء، «عملت على تقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة الممتد لـ14 كيلو متراً، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض، فأصبحت هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، تستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض».

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الجمعة، إنه «طلب من الجيش والمؤسسة الأمنية تقديم خطة إلى مجلس الوزراء تركز على إجلاء المدنيين من رفح تمهيداً لعملية عسكرية مكثفة لتدمير حركة (حماس) هناك».

وحذر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مؤتمر صحافي، السبت، مع نظيرته البلغارية، ماريا غابرييل، من أن «النشاط العسكري في رفح ينبئ بمزيد من الضحايا المدنيين ووضع إنساني كارثي». وقال إن «أي زيادة لرقعة الأعمال العسكرية في غزة ستكون لها عواقب وخيمة»، مضيفاً أن «الأمر لا يحتمل مزيداً من الضحايا المدنيين، ومزيداً من التدمير»، مؤكداً رفض بلاده «أي تصفية للقضية الفلسطينية».

وسبق وأكدت القاهرة أكثر من مرة رفضها «تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم»، وعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ذلك بمثابة «تصفية للقضية الفلسطينية». وتزامن الرفض المصري مع رفض عربي لـ«التهجير».

كانت الرئاسة المصرية قالت في بيان صحافي، الجمعة، إن «أي محاولات أو مساعٍ لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم ستبوء بالفشل، وأن الحل الوحيد للأوضاع الراهنة يتمثل في حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

بدوره، أكد الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، أن «أي محاولة إسرائيلية لتوسيع عملياتها العسكرية في رفح ستعزز من المخاوف بشأن تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين تحت أي ظرف، وهي قادرة على حماية حدودها وتأمينها ضد أي محاولات لـ(التهجير)». ولفت فرج إلى أن «الإصرار الإسرائيلي على توسيع العمليات العسكرية يأتي في إطار زيادة ثقلها على طاولة مفاوضات التهدئة الجارية حالياً».

صورة قمر اصطناعي لمدينة رفح في 13 أكتوبر 2023 (أ.ب)

الانتقادات لمخططات إسرائيل اجتياح رفح امتدّت لمجلس النواب المصري (البرلمان). وكتب الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، السبت، مؤكداً أن «إصرار إسرائيل على اجتياح رفح بهدف إجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية باتجاه سيناء سيكون بداية النهاية لدولة إسرائيل»، على حد قوله. وأضاف أن «المجازر ستكون بشعة، فهناك مليون و400 ألف فلسطيني مكدسون في تلك المنطقة المجاورة للحدود المصرية».

من جانبه، قال الوزير الفلسطيني الأسبق، عضو طاقم مفاوضات «أوسلو» مع إسرائيل عام 1993، حسن عصفور، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحل لمواجهة مخططات (التهجير) الإسرائيلية، هو دعم مبادرة سكان رفح الشبابية التي تم إطلاقها أخيراً». وأوضح أن «تلك المبادرة تدعو إلى تكوين جدار بشري من سكان رفح بجوار الحدود المصرية يرفعون فيه رايات السلام لدفع المجتمع الدولي، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية للضغط على إسرائيل، ووقف الحرب». وأضاف أن «مصر أمنت حدودها للدفاع عن سيادتها على أرضها، ومنع تصفية القضية الفلسطينية عبر (تهجير الشعب خارج أرضه)»، مشيراً إلى أن «حكومة نتنياهو لم تستجب لأي دعوات ولم تستمع لأي مناشدات دولية وأعطت الضوء الأخضر لاجتياح رفح ما يفاقم المخاوف بشأن تنفيذ مخطط (التهجير)».

على الصعيد العربي والدولي، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من «التبعات الخطيرة» لاستهداف رفح، مشدداً في بيان، السبت، على أن «نوايا الاحتلال بفرض واقع النزوح على مئات الآلاف من الفلسطينيين، الذين لجأوا إلى رفح كملاذٍ أخير من الهجمات العشوائية على المدنيين، هي خطة مكشوفة ومرفوضة على طول الخط وتنطوي على تهديدات خطيرة للاستقرار الإقليمي».

ونقل المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، جمال رشدي، عن أبو الغيط قوله إن «دفع مئات الآلاف للنزوح من القطاع، هو انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فضلاً عما يُمثله من إشعال خطير للموقف في المنطقة عبر تجاوز الخطوط الحمراء للأمن القومي لدولة عربية كبيرة هي مصر». ولفت رشدي إلى أن «رموزاً في الحكومة الإسرائيلية لم يخفوا نوايا (التهجير) والترحيل للسكان، بل وإعادة المستوطنات الإسرائيلية إلى القطاع، بما يجعل التحرك الدولي في هذه المرحلة ضرورة للحيلولة دون وقوع كارثة تزيد من تصعيد الأوضاع واشتعالها على مستوى الإقليم».


مقالات ذات صلة

مسؤول إسرائيلي يؤكد أن اتفاق غزة يتضمن الانسحاب من محور فيلادلفيا بعد استكمال المرحلة الأولى

شؤون إقليمية عربة عسكرية إسرائيلية تسير على طريق تم «تزفيته» في ممر فيلادلفيا (أرشيفية - د.ب.أ)

مسؤول إسرائيلي يؤكد أن اتفاق غزة يتضمن الانسحاب من محور فيلادلفيا بعد استكمال المرحلة الأولى

نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله اليوم الخميس إن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

سنوات ومليارات و«مواجهة» ملايين أطنان الأنقاض... كيف سيعاد بناء غزة؟

تظهر تقديرات الأمم المتحدة أن إعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب ستحتاج إلى سنوات ومليارات الدولارات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية أهالي الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» يتظاهرون في تل أبيب (رويترز)

اتفاق غزة يُطرح على الحكومة الإسرائيلية للمصادقة عليه

تجتمع الحكومة الإسرائيلية، اليوم (الخميس)، لإعطاء الضوء الأخضر لاتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» في غزة الذي أعلنته الدوحة وواشنطن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية أقارب وأصدقاء الإسرائيليين الذين قتلتهم واختطفتهم «حماس» يتفاعلون مع الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن أمس (أ.ب)

لماذا ترفض عائلات بعض الأسرى الإسرائيليين اتفاق غزة؟

يعارض أعضاء أقلية متطرفة إسرائيلية إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل بوصفهم جزءاً من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )
المشرق العربي فتيات فلسطينيات يمررن أمام خيام تؤوي فلسطينيين نازحين في مخيم قبل وقف إطلاق النار المقرر أن يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد في مدينة غزة (رويترز)

منظمات إغاثة تخطط لتوسيع عملياتها في غزة بعد وقف إطلاق النار

ذكرت منظمات إغاثية أنها تخطط لتوسيع عملياتها بسرعة في قطاع غزة بمجرد دخول وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه حيز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

استهداف إسرائيلي للسلطة الجديدة في سوريا

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في أنقرة (سانا)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في أنقرة (سانا)
TT

استهداف إسرائيلي للسلطة الجديدة في سوريا

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في أنقرة (سانا)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في أنقرة (سانا)

قُتل 3 أشخاص جراء قصف للجيش الإسرائيلي في قرية غدير البستان التابعة لمحافظة القنيطرة جنوب غربي سوريا، مستهدفاً قوات الإدارة الجديدة للمرة الأولى، حسبما أفادت مصادر طبية في المنطقة و«المرصد السوري لحقوق الإنسان». وتزامنت الضربة مع «إجراء إدارة العمليات العسكرية حملة أمنية في البلدة بحثاً عن السلاح».

وأعلنت إسرائيل، أمس (الأربعاء)، الاستيلاء على أكثر من 3300 قطعة عسكرية من سوريا، بينها دبابات للجيش وصواريخ مضادة للدبابات وقذائف هاون. ولم يحدد الجيش الإسرائيلي مواقع ولا تواريخ الاستيلاء على هذه القطع العسكرية السورية.

وفي أنقرة، استبق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات وفد الإدارة السورية بالإعلان أنها ستُركز على سُبل دعم سوريا وإعادة الإعمار.

وقال أمام البرلمان، صباح أمس: «يجب على إسرائيل أن توقف فوراً الأعمال العدائية على الأراضي السورية؛ وإلا فإن النتائج سيكون لها تأثير سلبي على الجميع». وتابع إردوغان، في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم: «لن نسمح بحدوث أي شكل من أشكال الفوضى في سوريا، ولن نسمح بزرع بذور الفتنة بيننا وبين الشعب السوري»، محذراً إسرائيل من مغبة مواصلة الأعمال العدائية على الأراضي السورية.