إسرائيل تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في حرب غزة

منظمات حقوقية تعرب عن قلقها بسبب الحصيلة المرتفعة للقتلى المدنيين

مسيرة إسرائيلية فوق رفح في 28 يناير 2024 (أ.ف.ب)
مسيرة إسرائيلية فوق رفح في 28 يناير 2024 (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في حرب غزة

مسيرة إسرائيلية فوق رفح في 28 يناير 2024 (أ.ف.ب)
مسيرة إسرائيلية فوق رفح في 28 يناير 2024 (أ.ف.ب)

لجأ الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة للمرة الأولى إلى تقنيات للذكاء الاصطناعي تهدف إلى إسقاط المسيّرات ورصد أنفاق «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس)، لكنها تثير مخاوف من دور الأسلحة الذاتية التشغيل في الحروب.

وألمح الجيش الشهر الماضي إلى الغاية من هذه التقنيات، حين أشار المتحدث باسمه دانيال هغاري إلى أن القوات الإسرائيلية تعمل «بالتوازي فوق الأرض وتحتها». وأكد مسؤول عسكري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن هذه التقنيات تستخدم بالدرجة الأولى لإسقاط مسيّرات تستخدمها الفصائل الفلسطينية، ورسم خرائط لشبكة الأنفاق في القطاع المحاصر.

وطوّرت هذه التقنيات شركات إسرائيلية في قطاع التكنولوجيا، الذي يعاني من تبعات الحرب المستمرة منذ أشهر. وساهم هذا القطاع عام 2022 بما نسبته 18 في المائة من الناتج المحلي، لكن 8 في المائة من قوته العاملة استدعيت إلى الجيش بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويقول رئيس الشركة الناشئة في مجال التكنولوجيا «ستارت آب نايشن سنترال»، آفي هاسون: «عموماً، الحرب في غزة تسبّب مخاطر، لكنها تتيح أيضاً فرصاً لاختبار التقنيات الجديدة في هذا المجال... في ميدان المعركة والمستشفيات ثمة تقنيات استخدمت في هذه الحرب لم يتم استخدامها سابقاً».

لكن هذه التقنيات تثير قلق منظمات حقوقية، خصوصاً في ظل الحصيلة المرتفعة للقتلى في صفوف المدنيين الذين يشكّلون غالبية ضحايا الحرب في القطاع الفلسطيني المحاصر.

وتقول الخبيرة في قسم الأسلحة في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، ماري ويرهام، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن نواجه أسوأ وضع ممكن لجهة القتل والمعاناة... جزء منه تتسبب به التقنية الجديدة».

وأيّد أكثر من 150 دولة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي قراراً لـ«الأمم المتحدة» يتحدث عن «تحديات ومخاوف جدية» في مجال التقنيات العسكرية الجديدة، بما يشمل الذكاء الاصطناعي وأنظمة السلاح الذاتية التشغيل.

مروحية إسرائيلية فوق حدود غزة في 9 يناير 2024 (أ.ف.ب)

كل جندي قنّاص

اندلعت الحرب في 7 أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته «حماس» على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصاً، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية» تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.

كذلك، احتُجز في الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 132 بينهم ما زالوا محتجزين في غزّة، و29 منهم على الأقلّ يُعتقد أنّهم قُتلوا، حسب أرقام صادرة عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وتردّ إسرائيل بحملة قصف مكثّف أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 27940 شخصاً، غالبيّتهم نساء وأطفال، حسب أحدث حصيلة لوزارة الصحّة التابعة لـ«حماس».

وتشهد الحرب استخداماً مكثّفاً لسلاح الطيران المسيّر، الذي جعل الهجمات من الجو أسهل وأقل تكلفة.

وعرضت «حماس» لقطات لهجوم 7 أكتوبر أظهرت استخدامها المسيّرات لإسقاط قنابل على آليات عسكرية، بينما عملت إسرائيل على تطوير تقنيّات لإسقاط هذه المسيّرات.

واستخدم الجيش للمرة الأولى تقنية منظار تصويب معزز بالذكاء الاصطناعي طوّرته شركة «سمارت شوتر»، وزوّدت به أسلحة مثل البنادق والرشاشات.

ويقول المسؤول العسكري الإسرائيلي إن هذه التقنية «تساعد جنودنا في اعتراض الطائرات المسيّرة لأن (حماس) تستخدم كثيراً منها»، موضحاً أن التقنية تجعل «كل جندي، حتى لو كان أعمى، قنّاصاً».

مسيرة إسرائيلية تحلق فوق حدود غزة في 17 يناير 2024 (أ.ف.ب)

كما تقوم تقنية أخرى على إطلاق الجيش مسيّرات قادرة على رمي الشباك على مسيّرات أخرى بهدف تعطيل عملها.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الشهر الماضي، أن الولايات المتحدة، أبرز داعمي إسرائيل سياسياً وعسكرياً في هذه الحرب، بدأت تدريب جنودها على استخدام تقنية «سمارت شوتر» لإسقاط المسيّرات، علماً بأن هذه الأخيرة تستخدم بشكل متزايد منذ اندلاع حرب غزة من قبل فصائل مسلحة مناهضة لواشنطن، لاستهداف قواعد تضم جنوداً أميركيين في الشرق الأوسط.

الأنفاق

يشكّل سبر أغوار شبكة الأنفاق في غزة تحدياً أساسياً للجيش الإسرائيلي الذي أعلن اكتشاف عدد كبير منها وتفجيره.

ولا تزال «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، تعلن بشكل دوري عن تفجير فتحات أنفاق ونصب كمائن للجنود الإسرائيليين. وتقول إسرائيل إن مقاتلي الحركة يتحصنون في الأنفاق، وفيها يحتفظون بالأسرى.

ولجأ الجيش الإسرائيلي إلى طائرات مسيّرة تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لإعداد خريطة لهذه الأنفاق التي تشير تقديرات غربية إلى أنها تمتد على مسافة أكثر من 500 كيلومتر.

ومن هذه التقنيات استخدام مسيّرات قادرة على رصد البشر والعمل تحت الأرض. ويوضح المسؤول العسكري أن هذه المسيّرة «تدخل الأنفاق وتسمح لك بأن ترى بقدر ما يسمح الاتصال معها».


مقالات ذات صلة

مصادر فلسطينية: توقيع اتفاق وقف النار مساء اليوم

المشرق العربي فلسطينيون يحتفلون في وسط قطاع غزة بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار (أ.ب)

مصادر فلسطينية: توقيع اتفاق وقف النار مساء اليوم

أفادت شبكة «قدس»، الخميس، نقلا عن مصدر فلسطيني بأنه تم حل الخلافات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بشأن تفاصيل فنية في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري إسرائيليون يقطعون طريقاً في القدس مطالبين بتنفيذ الاتفاق واستعادة الرهائن (أ.ف.ب)

تحليل إخباري الاتفاق بين إسرائيل و«حماس» كالجبنة السويسرية مليء بالثقوب

«الشرق الأوسط» تستعرض بنود الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»؛ إذ يبدو كالجبنة السويسرية، مليئا بالثغرات، ولكل من الطرفين تفسيره لها؛ ما يهدد بـ«تفجيره قبل تنفيذه».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يحتفلون في وسط قطاع غزة بعد الإعلان عن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار (أ.ب)

«أكسيوس»: حل أحدث الخلافات المتعلقة باتفاق وقف النار في غزة

قال موقع «أكسيوس»، نقلاً عن مصدر أميركي لم يسمه، اليوم الخميس، إن أحدث الخلافات التي كانت تحول دون تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تم حلها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جانب من الدمار الذي خلفته غارات إسرائيلية سابقة بمدينة غزة... يوم 16 يناير 2025 (رويترز)

أين أصبحت «حماس» بعد 15 شهراً من الحرب؟

رغم تلقيها ضربات كبيرة من الجيش الإسرائيلي على مدار 15 شهراً، فإن «حماس» تبقى القوة الفلسطينية الأقوى بقطاع غزة، وفق صحيفتَي «لوموند» و«لوفيغارو» الفرنسيتين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في أعقاب غارة إسرائيلية على قطاع غزة بعد إعلان التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار (أ.ب) play-circle 00:21

«حماس»: إسرائيل استهدفت مكان احتجاز رهينة بعد إعلان اتفاق غزة

قالت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، الخميس، إن غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً تتواجد فيه امرأة رهينة بعد إعلان التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تفاؤل بـ «اتفاق غزة» ونتنياهو يراوغ

صبي فلسطيني يجلس وسط أنقاض مبانٍ دمَّرها القصف الإسرائيلي في مدينة غزة الخميس (رويترز)
صبي فلسطيني يجلس وسط أنقاض مبانٍ دمَّرها القصف الإسرائيلي في مدينة غزة الخميس (رويترز)
TT

تفاؤل بـ «اتفاق غزة» ونتنياهو يراوغ

صبي فلسطيني يجلس وسط أنقاض مبانٍ دمَّرها القصف الإسرائيلي في مدينة غزة الخميس (رويترز)
صبي فلسطيني يجلس وسط أنقاض مبانٍ دمَّرها القصف الإسرائيلي في مدينة غزة الخميس (رويترز)

بينما رحبت دول عدة باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» وأبدت تفاؤلاً بتنفيذه بدءاً من الأحد المقبل، حسبما أعلنت عن ذلك كل من الولايات المتحدة وقطر، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي كأنه يراوغ، إذ أعلن أمس تأجيل اجتماع المجلس الوزاري المصغر والحكومة لإقرار الاتفاق، متهماً «حماس» بـ«التراجع عن بعض تفاصيل» الاتفاق، الأمر الذي نفته الحركة.

ونقلت وسائل إعلام عن مسؤولين إسرائيليين مساء أمس أن الاجتماع سيُعقد الجمعة.

وفي واشنطن، عبر المتحدث باسم الأمن القومي للبيت الأبيض جون كيربي عن ثقته ببدء تنفيذ اتفاق غزة الأحد. وبدوره، نقل موقع «أكسيوس» أن مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب للمنطقة ستيف ويتكوف قال لنتنياهو إن «ترمب جاد بشأن الصفقة، لا تفسدها».

في الأثناء، تواصلت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة أمس موقعة عشرات القتلى، في حين كشفت مصادر في القطاع أن غارات اليومين الماضيين كادت تقتل رهينتين، مؤكدة أنهما أصيبتا وعولجتا ونقلتا إلى مكان آخر.