لبنان يرفض «طروحات ترضي إسرائيل» ويطالب بتطبيق الـ1701 «من الجهتين»

عقبة داخلية تمنع التفاوض الحدودي بغياب رئيس للجمهورية

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في بيروت الثلاثاء (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في بيروت الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

لبنان يرفض «طروحات ترضي إسرائيل» ويطالب بتطبيق الـ1701 «من الجهتين»

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في بيروت الثلاثاء (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في بيروت الثلاثاء (أ.ف.ب)

أبلغ المسؤولون اللبنانيون خلال لقاءاتهم مع الموفدين الدوليين الذين زاروا بيروت، في الأسبوعين الأخيرين، تمسُّك لبنان بتطبيق القرار 1701 «من الجهتَين بالتوازي»، حسبما قالت مصادر لبنانية منخرطة في المحادثات مع المسؤولين الدوليين لـ«الشرق الأوسط»، واضعةً «الصيغة» التي سرّبها موقع «أكسيوس» الأميركي حول حل يتبلور، ضمن إطار «أفكار ترضي الجانب الإسرائيلي، ولبنان غير معني بها».

ونقل «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين ومصدر مطلع على الملف، قولهم إن هناك «تفاهمات ستستند إلى مبدأ (التجميد)»، أي أن «حزب الله» لن يضطر إلى سحب قوات النخبة التي سحبها قبل أسابيع إلى مسافة 10 كيلومترات، بل «سيلتزم فقط بعدم إعادتها إلى المناطق الواقعة على طول الحدود، حيث كانت متمركزة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي». وأفاد «أكسيوس» بأنه «بدلاً من ذلك، سيرسل الجيش اللبناني ما بين 10 آلاف و12 ألف جندي إلى المنطقة الواقعة على طول الحدود مع إسرائيل»، كما سيحصل لبنان على امتيازات اقتصادية بضمانات دولية تقدمها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا.

جاء التسريب بعد زيارة وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا بشكل متلاحق خلال الأسبوعين الأخيرين، وبعد يومين على زيارة المستشار الرئاسي الأميركي الخاص، آموس هوكستين، إلى تل أبيب، يوم الأحد الماضي.

لا مفاوضات حتى الآن

ونَفَت مصادر لبنانية منخرطة في المحادثات مع المسؤولين الدوليين بشأن تطورات الحرب في الجنوب أن تكون المعلومات التي سرَّبها موقع «أكسيوس» حول الصيغة للحرب الدائرة بين «حزب الله» وإسرائيل «صيغة حل»، مشددةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن هذه المعطيات «لا أساس لها على الجانب اللبناني، وهي عبارة عن أفكار بالهواء ترضي الجانب الإسرائيلي». وقالت المصادر إن هذه الأفكار «ليست مطروحة لدى الجانب اللبناني الذي لم يبلغ الموفدين الدوليين إلا بطرح واحد يتمثل في تنفيذ كامل القرار (1701). ويجري تنفيذه بالتوازي بين الطرفين وعلى ضفتَي الحدود»، مؤكدة في الوقت نفسه أن لبنان لم يبلغ الموفدين بأي طرح إضافي، كما أن الموفدين الدوليين «لم يحملوا أساساً طرحاً صلباً، كما أننا لم نبدأ أي مفاوضات على أي شيء».

وينصّ القرار «1701» على سحب مقاتلي «حزب الله» من منطقة جنوب الليطاني، وانسحاب إسرائيل من المنازل التي تحتلّها داخل الأراضي اللبناني، وهي عبارة عن 13 نقطة حدودية متنازَع عليها، وأراضٍ محتلة في بلدة الغجر اللبنانية. وتنص المادة العاشرة من القرار على «ترسیم حدود لبنان الدولیة، خصوصاً فــي تلك المناطق، حیث هناك نزاع أو التباس، بما فـي ذلك معالجة مسألة مزارع شبعا، وتقدیم تلك الاقتراحات إلى مجلس الأمن في غضون 30 یوماً»، أي في شهر سبتمبر (أيلول)، عام 2006، وهو ما لم يحدث. ويطالب لبنان بالانسحاب من مزارع شبعا التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، في حين تعدّها إسرائيل سوريّة.

وقالت المصادر اللبنانية إن لبنان ينطلق في موقفه من كون «المقاومة نتيجة للاحتلال»، وبالتالي، «على إسرائيل الانسحاب من سائر الأراضي اللبنانية المحتلة بالتوازي مع النقاش حول وجود المقاومة في المنطقة الحدودية»، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الموفدين الدوليين، وآخرهم وزير الخارجية الفرنسي الذي زار بيروت الثلاثاء «يؤكدون أنهم يعملون لتجنُّب انجرار لبنان إلى حرب، ويسعون لفرض تهدئة ويتمسكون بالقرار (1701)».

أما هوكستين الذي زار بيروت، الشهر الماضي، فأبلغ المسؤولين اللبنانيين بأفكار يجري تدارسها، ووعد بوضعهم في صورة أي مقترحات يجري بلورتها، لكن المصادر أكدت أنه «لم يظهر أن هناك شيئاً ملموساً حتى الآن».

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مستقبلاً وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الأسبوع الماضي (أ.ب)

تهديد إسرائيلي... ولا انسحاب

وتتفق معلومات المصادر مع مصدر لبناني آخر مواكب للمحادثات والطروحات الدولية، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا جديد في أي طروحات منذ بدء الأزمة، حيث يحمل الموفدون الدوليون مطالب بانسحاب «حزب الله» من المنطقة الحدودية بمسافات تتباين بين موفد وآخر، كما يؤكدون ضرورة تطبيق الـ«1701»، وغالباً ما تنتهي الرسائل بتحذيرات من حرب إسرائيلية، في حال لم يطبق ذلك. المصدر الذي لا يزال على تواصل مع «حزب الله» الرافض للبحث بأي صيغة قبل توقف الحرب في غزة، قال إنه «من كل المباحثات، لم يظهر أن هناك أي شيء عملي، ولم يحدث أي اختراق، كما لا يحمل الموفدون الدوليون ضمانات بانسحاب إسرائيلي كامل من جميع الأراضي اللبناني المحتلة».

عقدة داخلية تمنع الاتفاق

وفي ظل الحراك الدولي باتجاه رئيسَي البرلمان اللبناني نبيه بري والحكومة نجيب مقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، لبلورة اتفاق، ظهرت عقدة لبنانية داخلية جديدة من شأنها أن تقوّض أي مسعى للتوصل إلى حل قريب، تتمثل في غياب رئيس جديد للجمهورية يمنحه الدستور حق المفاوضات الدولية، وذلك في ظل خلافات داخلية تحول دون الاتفاق على انتخاب رئيس، وتباينات حول أي شكل من الحوار الداخلي لإنهاء الشغور الرئاسي.

وعبّر عن هذا الموقف الأربعاء المطارنة الموارنة الذين حذروا من «المحاولات دولياً ومحلياً لتمرير ترسيم مشبوه للحدود بين لبنان وإسرائيل خالٍ من أي ضمانات دولية واضحة»، مؤكدين أن التفاوض في هذا الشأن «يبقى من اختصاص رئيس الجمهورية»، مؤكدين أن «ما يتم خارج رعايته وإدارته وموافقته باطلٌ ولاغٍ». وطالبوا بتعزيز الأجواء السياسية والدبلوماسية لتنفيذ القرار الدولي «1701».

ويلتقي حزب «الكتائب» مع المطارنة الموارنة في هذا الملف، حيث طالب مكتبه السياسي «بتطبيق القرار (1701) فوراً من الجانبين، وبتجميد أي مفاوضات حول الحدود من دون وجود رئيس للجمهورية مخوَّل حصراً بالتفاوض وإبرام الاتفاقيات الدولية، كما تطبيق القرار (1559) لاستعادة الدولة والقوى الشرعية حصرية حيازة واستعمال السلاح لضمان الاستقرار».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

المشرق العربي فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

أكد «حزب الله» اللبناني، الأحد، مقتل القيادي علي كركي في غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي الجماعة في لبنان وعلى رأسهم أمينها العام حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يحملون صوره أثناء تجمعهم في صيدا بعد مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

بطريرك الموارنة: قتل إسرائيل لنصر الله جرح قلوب الشعب اللبناني

دعا بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، إلى الدبلوماسية في الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

صحيفة: قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل استُخدمت في اغتيال نصر الله

متظاهر إيراني يحمل صورة لحسن نصر الله في احتجاجات ضد إسرائيل في طهران (إ.ب.أ)
متظاهر إيراني يحمل صورة لحسن نصر الله في احتجاجات ضد إسرائيل في طهران (إ.ب.أ)
TT

صحيفة: قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل استُخدمت في اغتيال نصر الله

متظاهر إيراني يحمل صورة لحسن نصر الله في احتجاجات ضد إسرائيل في طهران (إ.ب.أ)
متظاهر إيراني يحمل صورة لحسن نصر الله في احتجاجات ضد إسرائيل في طهران (إ.ب.أ)

أظهر مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي أن الطائرات التي قال إنها استُخدِمت في الهجوم الذي قتل الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، ليلة الجمعة، كانت تحمل قنابل تزن 2000 رطل، وفقاً لخبراء الذخائر وتحليل لصحيفة «نيويورك تايمز».

ووفق الصحيفة، أظهر الفيديو 8 طائرات مزوَّدة بما لا يقل عن 15 قنبلة تزن 2000 رطل، بما في ذلك «بي إل يو - 109» المصنَّعة في الولايات المتحدة مع مجموعة «جي دام»، وهو نظام توجيه دقيق يتم ربطه بالقنابل، وفقاً لتريفور بول، فني التخلُّص من الذخائر المتفجرة السابق في الجيش الأميركي.

وأفادت الصحيفة في تقريرها بأنه يمكن لهذه القنابل، وهي نوع من الذخائر المعروفة باسم «القنابل الخارقة للتحصينات»، أن تخترق تحت الأرض قبل أن تنفجر.

ووافق ويس براينت، اختصاصي الاستهداف السابق في القوات الجوية الأميركية الذي راجع الفيديو أيضاً، على التحليل. وفي رسائل نصية لـ«نيويورك تايمز»، قال إن القنابل كانت «بالضبط ما أتوقع» أن تستخدمه إسرائيل، فيما قالت إسرائيل إنه هجوم على نصر الله في مقر «حزب الله» تحت الأرض.

في مايو (أيار)، أعلنت إدارة بايدن أنها أوقفت شحنة قنابل تزن 2000 رطل إلى إسرائيل، بسبب مخاوف بشأن سلامة المدنيين في غزة.

ويظهر الفيديو، الذي نُشر أمس (السبت) على قناة «تليغرام» الرسمية للجيش الإسرائيلي، مع تعليق «طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تشارك في القضاء على حسن نصر الله والمقر المركزي لـ(حزب الله) في لبنان»، وأنه تم إسقاط ما لا يقل عن 8 طائرات متتالية مسلحة بقنابل تزن 2000 رطل.

وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن بعضها بعيد جداً، بحيث لا يمكن تحديد الطراز الدقيق بوضوح، لكن الطائرات الأقرب تُرى مسلحة بقنابل «بي إل يو - 109»، وأنه يمكن التعرُّف أيضاً على طراز القنبلة هذا عندما يُظهر الفيديو طائرتين تقلعان؛ إحداهما تحمل ستاً من تلك الذخائر. ثم يُظهر الفيديو طائرة تعود عند الغسق إلى القاعدة الجوية الإسرائيلية، من دون أي قنابل.

وفي حين أن الفيديو لا يُظهِر الطائرات التي تُسقِط القنابل، قال بول إن مقاطع الفيديو التي تُظهِر الانفجارات في الضواحي الجنوبية المكتظة بالسكان في بيروت، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بها، تتفق مع القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل، التي حملتها الطائرات الإسرائيلية في الفيديو، وفقاً للصحيفة.

وأظهر التحليل الذي أجرته الصحيفة لمقاطع فيديو وصور أقمار اصطناعية تم التحقق منها أن الهجوم دمر ما لا يقل عن 4 مبانٍ سكنية يبلغ ارتفاع كل منها 7 طوابق على الأقل في الضاحية الجنوبية ببيروت.

ويقصف «حزب الله» أهدافاً في شمال إسرائيل، بشكل شبه يومي، منذ بدء حرب غزة. ويقول إن الهجمات لن تتوقف إلا بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وبعد نحو عام من فتح حزبه جبهة «إسناد» لحليفته، حركة «حماس»، من جنوب لبنان ضد إسرائيل، جاء مقتل نصر الله بغارة إسرائيلية في معقله بضاحية بيروت الجنوبية الجمعة، بالإضافة إلى خسائر غير مسبوقة تلقاها تباعاً في الأسبوعين الأخيرين.

تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت وسط القصف الإسرائيلي كما شوهد من سن الفيل - لبنان (رويترز)

وقال مسؤولان دفاعيان إسرائيليان كبيران لصحيفة «نيويورك تايمز» إن أكثر من 80 قنبلة تم إسقاطها على مدى عدة دقائق لقتل نصر الله، لكنهما لم يؤكدا نوع الذخائر المستخدمة. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على أسئلة الصحيفة بشأن القنابل التي شُوهِدَت في هذا الفيديو أو المستخدمة في الهجوم على نصر الله.

وواصلت إسرائيل قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، أمس (السبت). وتُظهر الأدلة المرئية التي حللتها «نيويورك تايمز» أن 13 موقعاً على الأقل تعرضت للقصف، يومي الجمعة والسبت، عبر 3 أميال على الأقل من المدينة المكتظة بالسكان.

وفي سياق متصل، قالت وزارة الصحة اللبنانية، أمس، إن 33 شخصاً على الأقل قُتلوا وأُصيب أكثر من 195 شخصاً في الضربات، ومن المتوقَّع أن يرتفع العدد مع دفن كثيرين تحت الأنقاض.