إسرائيل ترفض طلب «حماس» وقف الحرب… وتبلور رداً جديداً

الحركة قدمت تنازلات لكن تل أبيب تناور من أجل المزيد... وبلينكن يتحدث عن حاجة إلى «الكثير من العمل»

دمار واسع في قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
دمار واسع في قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل ترفض طلب «حماس» وقف الحرب… وتبلور رداً جديداً

دمار واسع في قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
دمار واسع في قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

انشغلت إسرائيل اليوم الأربعاء بتحضير ردها على صفقة مقترحة مع حركة «حماس» تتضمن وقفاً للنار في غزة وتبادل سجناء ورهائن على 3 مراحل.

وقال مسؤول إسرائيلي بارز اليوم إن «العديد من المطالب الواردة في اقتراح حماس لوقف الحرب لا يمكن قبولها تحت أي ظرف من الظروف»، مؤكداً للقناة 13 الإسرائيلية أن تل أبيب تناقش ما إذا كان سيتم رفض هذه الصفقة بالكامل، أو الدخول في مزيد من المفاوضات في محاولة للتخفيف من مطالب «حماس».

وكانت الحركة الفلسطينية سلّمت الثلاثاء ردها على اقتراح نقله الأسبوع الماضي وسطاء قطريون ومصريون، في إطار أهم مسعى دبلوماسي حتى الآن يهدف إلى التوصل إلى هدنة طويلة.

وبشكل عام وافقت «حماس» على المقترح، متنازلة عن شرطين سابقين مهمين، الأول أنه لا مفاوضات حول الأسرى قبل وقف الحرب، والثاني أنه لا يمكن إنجاز صفقة نهائية إلا بصيغة تضمن أن «الكل مقابل الكل»، أي تبييض السجون الإسرائيلية من السجناء الفلسطينيين.

آليات إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

واقترحت «حماس» خطة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة تقوم على 3 مراحل، بحيث تستمر كل مرحلة 45 يوماً وتشمل التوافق على تبادل الأسرى والجثامين ووقف الحرب وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع.

وعرضت «حماس» في المرحلة الأولى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين الأطفال والنساء والمسنين والمرضى، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من نفس الفئة من السجون الإسرائيلية، على أن يتم في المرحلة الثانية إطلاق سراح الجنود والمجندات، ويطلق مقابلهم نحو 1500 أسير بينهم 500 تختارهم «حماس» من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، وفي المرحلة الثالثة يتم تسليم جثامين.

وطلبت الحركة الفلسطينية أن يشمل ذلك في المرحلة الأولى وقف العمليات العسكرية وانسحاب القوات الإسرائيلية من المدن، وإدخال 500 شاحنة يومياً على الأقل من المساعدات والوقود إلى القطاع، وإدخال 60 ألف مسكن مؤقت على الأقل و200 ألف خيمة إيواء والسماح للنازحين بالعودة إلى مساكنهم بما في ذلك في الشمال، وإعادة تشغيل المستشفيات.

وطلبت أيضاً وقف اقتحام المستوطنين للأقصى وعودة الأوضاع في المسجد إلى ما قبل عام 2002.

كما طلبت «حماس» قبل بدء المرحلة الثانية، ضمانات متعلقة بخروج القوات الإسرائيلية من غزة، وإعادة إعمار القطاع خلال 3 سنوات.

وفي المرحلة الثانية، تسلّم «حماس» جميع الأسرى العسكريين لديها مقابل الأسرى المهمين في إسرائيل، وينسحب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من غزة، ثم تبدأ مرحلة الإعمار.

وطالبت «حماس» بأن تكون قطر ومصر والولايات المتحدة وتركيا وروسيا ضامنة لتنفيذ الاتفاق.

جانب من لقاء بلينكن مع الرئيس الإسرائيلي في القدس اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وبشكل رسمي لم تعقّب إسرائيل فوراً على المقترحات، واكتفى متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية بالقول إن المسؤولين «يدرسون باهتمام» الرد الذي سلّمه المفاوضون القطريون.

وأضاف آفي هيمان: «تلقينا إخطاراً من المفاوضين القطريين، إننا ندرسه، الموساد يدرس باهتمام ما قُدّم لنا».

لكن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مصادر أن مطلب وقف الحرب وإطلاق 1500 أسير بينهم محكومون بالمؤبدات، هما المشكلة الرئيسية.

وقال مصدر حكومي لهيئة البث العامة (كان) إن إسرائيل «لن تقبل أي شروط لإنهاء الحرب».

واستغرقت «حماس» أكثر من أسبوع للرد على الإطار المقترح، الذي قدمه مسؤولون إسرائيليون وأميركيون وقطريون ومصريون في باريس في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، وتم نقله إلى «حماس» من قبل قطر، ووافقت عليه إسرائيل لاحقاً.

ويفترض أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت لاحق مسؤولين أمنيين لمناقشة الاقتراح، على أن يجتمع الكابينت الحربي الخميس لصياغة رد على مقترح «حماس».

أهالي قتلى إسرائيليين سقطوا في هجوم «حماس» يوم 7 أكتوبر الماضي خلال إحيائهم الذكرى في القدس اليوم الأربعاء (أ.ب)

ويبدو أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يدفع الإسرائيليين إلى التوصل لاتفاق. وأعرب بلينكن في إسرائيل التي زارها الأربعاء، عن أمله في التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى في قطاع غزة. وقال: «هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به، لكننا نركز بشدة على القيام بذلك، ونأمل أن نتمكن من استئناف إطلاق سراح الرهائن الذي توقف».

ووصل وزير الخارجية الأميركي إلى إسرائيل، ضمن جولته الخامسة في المنطقة، والتي تهدف لبحث صفقة تبادل الأسرى المحتجزين في غزة، والاطلاع على سير العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، ومعرفة التصور الإسرائيلي للمرحلة المقبلة.

وأبلغ بلينكن الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ أن «المختطفين هم دائماً في أذهاننا وفي قلوبنا»، وتابع «الأطراف تلقي نظرة فاحصة على رد حماس».


مقالات ذات صلة

ماذا نعرف عن قيادي «حماس» المتخفي في لبنان؟

المشرق العربي فتح شريف أبو الأمين متوسطاً طالبات «ثانوية دير ياسين» في لبنان (فيسبوك)

ماذا نعرف عن قيادي «حماس» المتخفي في لبنان؟

حتى اغتالته إسرائيل في مخيم البص بلبنان، لم يكن فتح شريف أبو الأمين معروفاً على نطاق واسع في الضفة أو غزة بوصفه أحد قادة «حماس».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

نتنياهو للإيرانيين: إسرائيل تقف معكم… ونظامكم يغرِق المنطقة في الحرب

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في رسالة موجهة للشعب الإيراني: «إن إسرائيل تقف معكم».

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يرتدون نظارات رؤية ليلية خلال العمليات العسكرية في غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

تقرير: قوات خاصة إسرائيلية تسللت إلى لبنان استعداداً لهجوم بري ضد «حزب الله»

قال مسؤولون عسكريون إن وحدات خاصة تسللت فترةً قصيرةً إلى داخل الأراضي اللبنانية استعداداً لاحتمال تنفيذ هجوم بري واسع يستهدف «حزب الله».

العالم العربي أحد أفراد الأمن يقف بجوار المباني المتضررة في غارة إسرائيلية بمنطقة الكولا وسط بيروت (رويترز)

«حماس» تعلن مقتل قائدها في لبنان بضربة إسرائيلية

قالت حركة «حماس»، اليوم (الاثنين)، إن قائدها في لبنان قُتل مع بعض أفراد عائلته في ضربة إسرائيلية بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة على الشاشة تُظهر السنوار وعليه علامة استفهام خلال اجتماع أمني إسرائيلي (الجيش الإسرائيلي)

صورة تُظهر السنوار وعليه علامة استفهام خلال اجتماع أمني إسرائيلي

ظهرت قائمة بأسماء المطلوبين على شاشة، مع علامة استفهام حول زعيم «حماس» يحيى السنوار، خلال اجتماع عقده رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

سوريا تستقبل نحو 200 ألف نازح من لبنان

نازحون على الحدود اللبنانية - السورية (إ.ب.أ)
نازحون على الحدود اللبنانية - السورية (إ.ب.أ)
TT

سوريا تستقبل نحو 200 ألف نازح من لبنان

نازحون على الحدود اللبنانية - السورية (إ.ب.أ)
نازحون على الحدود اللبنانية - السورية (إ.ب.أ)

اقترب عدد نازحي لبنان باتجاه الأراضي السورية من 200 ألف؛ معظمهم من السوريين الذين كانوا لاجئين في لبنان.

ومع ازدياد الانتقادات من قبل شرائح واسعة من السوريين للحكومة؛ بسبب تركيزها على تقديم الاستجابة السريعة للبنانيين المتجهين إلى سوريا وتجاهُلها المعاناة القاسية للاجئين السوريين العائدين من لبنان، أوقفت الحكومة العمل لمدة أسبوع بقرارها المتضمن إلزام المواطنين العائدين إلى البلاد بتصريف 100 دولار في المنافذ الحدودية.

وفيما قوبل القرار بارتياح نسبي لدى العائدين، ارتفعت أصوات مطالبة بإلغاء القرار بشكل نهائي بدلاً من إيقاف العمل به لفترة قصيرة؛ لأنه «مجحف بحق المواطنين»، على حد تعبير مصادر في دمشق. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «تجب معاملة الجميع دون أي تمييز، ومن كل الجوانب».

«منظرهم مأساوي ويدمي القلب»؛ بهذه العبارة وصف شهود عيان في معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان (غرب دمشق)، الاثنين، أحوال السوريين واللبنانيين الذين يعبرون إلى الأراضي السورية هرباً من الموت الذي يتسبب فيه القصف الإسرائيلي العنيف لجنوب لبنان ومنطقة البقاع الشرقي.

نازحون عند منفذ الدخول إلى سوريا غرب دمشق (إ.ب.أ)

وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن أعداد المتدفقين إلى المعبر من لبنانيين وسوريين ازدادت بشكل كبير منذ اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله قبل أيام وتكثيف إسرائيل عمليات القصف، وتهديدها بعملية برية في جنوب لبنان.

وبينما لم تتوفر لدى المصادر أرقام دقيقة لأعداد العابرين، فإنها أكدت أن أغلبهم من السوريين الذين كانوا لاجئين في لبنان، وقالت: «هناك تعاطف شعبي كبير معهم بسبب أوضاعهم السيئة».

في الأثناء، أعلن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الاثنين، أن أكثر من مائة ألف شخص عبروا من لبنان إلى سوريا، منذ تصاعد الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، وهو رقم تضاعف خلال يومين.

وذكر غراندي على منصة «إكس» أن «عدد الأشخاص الذين عبروا إلى سوريا من لبنان هرباً من الغارات الإسرائيلية، بلغ مائة ألف؛ من لبنانيين وسوريين»، مضيفاً أن «التدفق متواصل».

أرقام سورية

ونقلت صحيفة «الوطن»، المقربة من الحكومة السورية، عن مصدر في إدارة الهجرة والجوازات، أن عدد الوافدين اللبنانيين؛ منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان وحتى لحظة تحدثه، بلغ نحو 52 ألفاً، بينما بلغ عدد السوريين العائدين نحو 125 ألفاً.

لكن المصادر المتابعة، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الأرقام أكثر من ذلك؛ لأن عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين يعبرون من خلال معابر غير نظامية.

وبخلاف ما وقع في أثناء موجة نزوح عائلات لبنانية إلى الأراضي السورية خلال حرب يوليو (تموز) عام 2006 حيث توجه عدد كبير منهم إلى مناطق وسط دمشق ومحيطها، ومن أبرزها قدسيا وضاحية قدسيا، فقد أكدت مصادر محلية من الأخيرة ندرة توافد عائلات لبنانية نازحة إلى المنطقة خلال هذه الموجة، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 2006 كانت أوضاعنا المادية جيدة، أما حالياً فأحوالنا ضيقة جداً ولا تسمح بالاستضافة، كما أن أغلبية الشقق التي تؤجَّر مشغولة».

معقل الميليشيات

في منطقة السيدة زينب؛ التي تعدّ المعقل الرئيسي للميليشيات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في جنوب دمشق، كشفت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن أغلبية العائلات اللبنانية النازحة التي توافدت إلى المنطقة توجهوا للإقامة في الفنادق، وبعضهم سكن في بنايات تعود ملكيتها إلى نافذين في الميليشيات، وأن آخرين استُضيفوا من قبل معارف لهم.

منطقة السيدة زينب في دمشق وجهة كثير من اللبنانيين النازحين إلى سوريا (رويترز)

ويجري التوافد الأكبر للبنانيين والعائدين السوريين عبر المعابر النظامية وغير النظامية في محافظة حمص. وتقول مصادر محلية في مدينة حمص: «الأعداد كبيرة جداً، وأغلب السوريين يأتون عبر المنافذ غير النظامية، وكثير منهم يتوجهون إلى بلداتهم وقراهم في حمص والمحافظات الأخرى (حلب، وحماة، ودير الزور، وريف دمشق)». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة إلى العائدين من أهالي حمص؛ فمعظمهم لديهم منازل سيقيمون فيها، والذي ليس لديه فإنه يقيم عند أقارب ريثما يتدبر أمره».

أما بالنسبة إلى اللبنانيين، فقسم منهم يبقي في المحافظة ويقيم في بيوت أقارب له، أو بيوت مهجورة، في حين يتوجه قسم آخر إلى محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.

وكشفت المصادر المتابعة عن أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لحصر وجود الوافدين في مراكز الإيواء التي أقامتها في دمشق والمحافظات الأخرى؛ لكي «يبقى هؤلاء النازحون تحت أنظارها»، لكنها حذرت بأن الحكومة السورية «ليست لديها القدرة على تحمل حركة نزوح ضخمة باتجاه أراضيها؛ لأنها منهكة اقتصادياً».