جنديرس تحيي ذكرى الزلزال شمال غربي سوريا

المعرض نظمه الدفاع المدني وتضمن مشاركات رسامين من أبناء المنطقة

TT

جنديرس تحيي ذكرى الزلزال شمال غربي سوريا

ألعاب ومقتنيات لضحايا الزلزال عرضت ضمن معرض إحياء ذكرى الزلزال في جنديرس (الشرق الأوسط)
ألعاب ومقتنيات لضحايا الزلزال عرضت ضمن معرض إحياء ذكرى الزلزال في جنديرس (الشرق الأوسط)

في ريف حلب الشمالي، ومع ساعات الصباح الأولى ليوم الثلاثاء، عبرت سيارات في الطرق الضبابية بين المخيمات العشوائية التي تشكلت قبل عام واحد لإيواء المتضررين من الزلزال.

الخيام المهترئة تكشف عن مرور أشهر طويلة على توزيعها، لكن المقيمين فيها ما زالوا يختبرون الكارثة التي أدت إلى فقدانهم منازلهم وممتلكاتهم، وكأنها حدثت قبل أيام قليلة.

عند أطراف مدينة جنديرس، توقفت السيارات التي نقلت زوار المعرض الأول لإحياء ذكرى الزلزال إلى وجهتهم، وكانت شعارات الدفاع المدني وفرقه في استقبالهم.

داخل الصالة الواسعة، توزعت صور غير بعيدة عن الأذهان عن ركام واسع وعمليات إنقاذ يائسة، استخدم خلالها المنقذون كل ما يملكونه من أدوات بسيطة، في محاولة الوصول إلى الناجين قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت الدمار.

تسبّب الزلزال البالغة قوته 7.8 درجة بمقياس ريختر، فجر السادس من فبراير (شباط) 2023، في مقتل 4500 شخص في شمال غربي سوريا، وإصابة 10400 شخص، ودمار 10600 مبنى، وكان لجنديرس النصيب الأكبر منها جميعاً.

 

تأخر بالإنقاذ وبالتعافي

شهدت الأيام الأولى للزلزال الذي أصاب ولايات جنوبية في تركيا وامتد إلى سوريا، نداءات ومناشدات عديدة للمنظمات والجهات الإنسانية العالمية، للتدخل السريع في إيصال المساعدات الخاصة بالإنقاذ عبر الحدود إلى المنطقة الخارجة عن سيطرة النظام في شمال غربي سوريا.

«أثر الزلزال كان بالغاً في الشمال الغربي على الخصوص»، قال المسؤول الإعلامي في الدفاع المدني السوري حميد قطيني لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «هذه المناطق، البنية التحتية فيها ضعيفة جداً بسبب 12 عاماً من الحرب، والقصف المستمر من قبل قوات النظام وحليفته روسيا».

الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في وقفة في جنديرس على ضوء الشموع مع الناجين من زلزال 6 فبراير 2023 (أ.ف.ب)

المساعدات المطلوبة لم تأت، ولكن المساندة الداخلية من المدنيين والمنظمات الإنسانية كانت حاضرة، كما قال المشاركون في المعرض خلال مؤتمر صحافي استعرض التحديات التي واجهتها المنطقة قبل عام، وما تم تحقيقه من جهود التعافي.

«الزلزال ضاعف من معاناة الحرب والدمار»، قال قطيني، مشيراً إلى جهود لإعادة تأهيل الطرق والأبنية المدمرة من قبل بعض الفرق والمنظمات، «لكننا بحاجة لكثير من المشاريع وأعمال إعادة الإعمار، لنرمم الجزء الأكبر من الدمار الذي وقع، ولنضمن مسكناً آمناً للمدنيين».

المعرض الخاص بإحياء ذكرى الزلزال الذي نظمه الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، تضمن أيضاً مشاركات من رسامين محليين، قدموا في لوحاتهم التشكيلية تجسيداً لمعاناة المدنيين، وشكراً للفرق التي كان لها الحضور الأبرز في مواجهة الكارثة.

جلستان بوظو الرسامة التشكيلية المشاركة بمعرض إحياء ذكرى الزلزال في جنديرس (الشرق الأوسط)

الرسامة جلستان بوظو قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تحاول نقله عبر رسومها هو شكر للدفاع المدني، إضافة إلى «إحياء للأمل» بالنسبة للناجين. «نحن نحتاج الأمل لنكمل حياتنا»، قالت جلستان، مضيفة أنها ما زالت تذكر اللحظات الأولى من الزلزال الذي عاشته وهي في مدينة عفرين القريبة من جنديرس، «خرجنا إلى الشوارع ولم نكن نعرف ما جرى، ثم علمنا مقدار الدمار والخسائر، كانت ذكرى مؤلمة جداً».

الشوارع الخالية من الأنقاض ليست كافية لمحو آثار الزلزال عن مدينة جنديرس التابعة لمنطقة عفرين بريف حلب الشمالي؛ إذ إن المباني المدمرة التي انهارت جدرانها لا تزال واقفة على حالها. ذكريات الناجين أيضاً ما زالت حديثة في أذهانهم؛ إذ ما إن دخل الزوار إلى المعرض لمشاهدة الرسوم والصور الخاصة بالذكرى حتى بدأ بعضهم بالبكاء.

زائرة لمعرض إحياء ذكرى الزلزال في جنديرس تشعل الشموع ضمن مجسم للمقابر الجماعية التي ضمت الضحايا (الشرق الأوسط)

برأي جلستان، فإن الفن يساعد على تجاوز الصدمة، وتقديم الأمل للناجين، مع تركيزها على التوعية بما جرى في المنطقة لمن هم في خارجها، وخلال الأشهر الماضية شاركت بمعارض أخرى بعنوان «الألم والأمل»، ومن بعده بدأت بتعليم الأيتام ممن فقدوا ذويهم خلال الزلزال، الرسم والموسيقى، وقالت إنها تعمل على تقديم مشاريع تعليمية أخرى في المستقبل.

أمام مجسمات تمثل المقابر الجماعية لضحايا الزلزال، وقف زوار لتأمل المشهد الذي ضم شموعاً صغيرة، قام بعضهم بإشعالها تخليداً لذكرى من قضى في تلك الكارثة قبل مغادرتهم المعرض.


مقالات ذات صلة

الشمس تلعب دوراً في وقوع الزلازل وتساعد على التنبؤ بها

علوم الحرارة المنبعثة من الشمس قد تلعب دوراً في حدوث الزلازل (أرشيفية-رويترز)

الشمس تلعب دوراً في وقوع الزلازل وتساعد على التنبؤ بها

كشفت دراسة جديدة أن الحرارة المنبعثة من الشمس قد تلعب دوراً في إحداث الزلازل على الأرض، وهو الاكتشاف الذي يمكن استخدامه لتحسين التنبؤات بالزلازل.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أوروبا مشهد من مدينة نابولي الإيطالية (أرشيفية - رويترز)

سلسلة من الزلازل تهز نابولي الإيطالية بالقرب من بركان هائل

تعرضت مدينة نابولي الإيطالية لسلسلة من الزلازل كان أشدها بدرجة 3.9 درجة على مقياس ريختر.

«الشرق الأوسط» (نابولي)
آسيا صورة عامة للعاصمة نيودلهي (أرشيفية-رويترز)

زلزال بقوة 4 درجات يضرب نيودلهي

ضرب زلزال بقوة 4 درجات صباح الاثنين نيودلهي وحُدد مركزه على مشارف العاصمة الهندية الضخمة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أفريقيا العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (أرشيفية - د.ب.أ)

زلزال بقوة 6 درجات يهز إثيوبيا

ذكرت مراكز متخصصة في رصد الزلازل أن زلزالاً بلغت شدته ست درجات هز وسط إثيوبيا أمس (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
أوروبا رجال الإطفاء يسيرون في قرية فيرا التي تم إخلاؤها تقريبًا في سانتوريني باليونان (إ.ب.أ)

بسبب استمرار الزلازل في سانتوريني... إعلان حالة الطوارئ بجزيرة يونانية ثانية

أعلنت السلطات حالة الطوارئ في جزيرة يونانية ثانية، اليوم (الأربعاء)، فيما تواصل سلسلة من الزلازل هز المنطقة الواقعة جنوب شرقي البلاد في بحر إيجة.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

إسرائيل تعلن استعدادها الدفاع عن الدروز في سوريا

لافتة رفعها الدروز السوريون في 25 فبراير: «السويداء لن تكون خنجركم المسموم في ظهر سوريا» رداً على التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية (أ.ب)
لافتة رفعها الدروز السوريون في 25 فبراير: «السويداء لن تكون خنجركم المسموم في ظهر سوريا» رداً على التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية (أ.ب)
TT

إسرائيل تعلن استعدادها الدفاع عن الدروز في سوريا

لافتة رفعها الدروز السوريون في 25 فبراير: «السويداء لن تكون خنجركم المسموم في ظهر سوريا» رداً على التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية (أ.ب)
لافتة رفعها الدروز السوريون في 25 فبراير: «السويداء لن تكون خنجركم المسموم في ظهر سوريا» رداً على التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية (أ.ب)

قالت إسرائيل اليوم (الاثنين)، إنها مستعدة للدفاع عن الدروز في سوريا بعد أيام من أعمال عنف قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنها أدت إلى قتل جماعي لأقلية دينية أخرى.

وبدأت أعمال العنف الأسبوع الماضي، بين مقاتلين مرتبطين بالحكومة السورية الجديدة، وقوات موالية للرئيس المخلوع بشار الأسد.

ووصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر في تصريح للصحافيين، العنف بأنه «مذبحة للمدنيين»، وقال إن إسرائيل «مستعدة، إذا لزم الأمر، للدفاع عن الدروز»، دون أن يقدم تفاصيل عن كيفية ذلك.

شاب من المحتجين أنزل العلم السوري من فوق مبنى محافظة السويداء ورفع الراية الدينية للموحدين الدروز (إكس)

وتوجد أقليات درزية في إسرائيل وسوريا ولبنان.

وقالت الحكومة السورية اليوم (الاثنين)، إنها أتمت عملية عسكرية ضد التمرد الناشئ. وتركزت أعمال العنف في المحافظات الساحلية التي يقطنها معظم أفراد الأقلية العلوية في سوريا.

والأسد ينتمي للطائفة العلوية الشيعية، وحكمت أسرته سوريا لعقود الأغلبية المسلمة السنية.

مظاهرة حاشدة لأهالي السويداء ضد التدخل الإسرائيلي في سوريا بدعوى حماية الدروز (أ.ب)

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب السورية ومقره بريطانيا، إن 973 مدنياً قتلتهم القوات الحكومية والمقاتلون المتحالفون معها. وأضاف أن أكثر من 250 مقاتلاً علوياً قتلوا، كما قتل أيضاً أكثر من 230 من أفراد قوات الأمن الحكومية.