المحاكم العسكرية في لبنان تستأنف عملها بقرارٍ مؤقت

وزير الدفاع يشرح لـ«الشرق الأوسط» أسباب عدم توقيع تعييناتها

المحكمة العسكرية في لبنان (الوكالة الوطنية)
المحكمة العسكرية في لبنان (الوكالة الوطنية)
TT

المحاكم العسكرية في لبنان تستأنف عملها بقرارٍ مؤقت

المحكمة العسكرية في لبنان (الوكالة الوطنية)
المحكمة العسكرية في لبنان (الوكالة الوطنية)

استأنفت المحاكم العسكرية في لبنان عملها بعد توقّف قسري استمرّ أكثر من 40 يوماً، جرّاء الخلاف المستحكم بين وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون، حول أسماء بعض الضباط الذين عيّنهم المجلس العسكري مستشارين لدى هيئات المحاكم.

وأوعز عون إلى الضبّاط المعنيين متابعة مهامهم في المحكمة العسكرية الدائمة ومحكمة التمييز، بهدف تسيير الملفات القضائية ذات الصلة وعدم تأخيرها، ولاقت هذه الخطوة ارتياحاً لدى وزير الدفاع، الذي تمنّى أن «تعيّن الهيئات الجديدة بشكل رسمي قبل نهاية الشهر الحالي».

وشمل القرار أعضاء المحكمة العسكرية بهيئتيها الدائمة والرديفة، ومحكمة التمييز العسكرية الناظرة في القضائية الجنائية ومحكمة التمييز الناظرة بالقضايا الجنحيّة، ليتوقّف التعطيل المستمرّ منذ الثاني من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي ولو مؤقتاً، بعد أن توقفت الجلسات في المحاكمة العسكرية، لأن وزير الدفاع رفض التوقيع على قرار التعيين الصادر عن المجلس العسكري برئاسة العماد جوزيف عون، بينما وقّع فقط على قرار تعيين أعضاء المحكمة العسكرية الدائمة، وردّ الباقين، طالباً أن يكون الضباط المقترحة أسماؤهم، من حملة الإجازة في الحقوق.

ورغم الخلاف المستمرّ على آلية التعيين، رحّب وزير الدفاع موريس سليم بـ«القرار الذي اتخذه قائد الجيش وطلب فيه من الضباط الذين كانوا مستشارين في السنة الماضية أن يستأنفوا عملهم». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «حسناً فعل العماد جوزيف عون بأن أوعز للضباط باستئناف العمل من أجل إحقاق الحقّ ورفع الغبن اللاحق بالموقوفين والمتقاضين». وأمل وزير الدفاع في أن «يفتح هذا الأمر الباب أمام الاتفاق على تعيين أعضاء قبل نهاية شهر فبراير (شباط) الحالي».

وزير الدفاع اللبناني موريس سليم (الوكالة الوطنية)

وعن الخوف الذي يراود المحامين والمواطنين العالقة ملفاتهم أمام المحاكم العسكرية، من العودة إلى تعطيل الجلسات بعد نهاية الشهر الحالي، لأن الخلاف المستمرّ حول هذه المسألة منذ 40 يوماً، يصعب حلّه في الأيام المقبلة، لفت الوزير سليم، إلى أن «عامل الوقت ليس شرطاً، فقد نصل إلى الحلّ خلال نصف ساعة»، وأضاف «قبل نهاية شهر يناير الماضي، وعندما وصلني قرار تعيين الضباط المستشارين، اقترحت التمديد لكل الهيئات مع مطلع السنة الجديدة، لكن تلقيت من المجلس العسكري قرارا بتعيين الهيئات، فوافقت على أعضاء المحكمة العسكرية الدائمة لأنهم جميعاً يحملون شهادة الإجازة في الحقوق، وطلبت اختيار ضباط من حملة هذه الشهادة للقضاة المنفردين في المناطق، لأن المادة 7 من قانون القضاء العسكري تنصّ على ذلك».

وأشار إلى أن «القانون لا يلزم تعيين مجازين حقوقيين في محاكم التمييز، لكنّ استجابة لطلب رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي جوني القزّي، تمنيت أخذ هذا الطلب بعين الاعتبار، وللأسف لم يؤخذ بهذا الاقتراح، ومنذ ذلك الوقت تعطلت المحاكمات حتى في المحكمة العسكرية الدائمة التي وقعت قرارها».

قائد الجيش اللبناني مع وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو في قاعدة القوة الفرنسية في «اليونيفيل» بجنوب لبنان 1 يناير (أ.ف.ب)

مصادر متابعة عن قرب لمساعي المجلس العسكري لوضع حدّ لتعليق عمل المحاكمات، أشارت إلى أن «القضاء العسكري لن يعود إلى التعطيل مجدداً». وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجلس سيمدد شهرياً لهذه الهيئات، في حال لم يتأمن الاتفاق مع وزير الدفاع على الأسماء المقترحة»، مستغربة الإصرار على «تسمية ضبّاط مجازين في الحقوق، علماً أن الوزير نفسه وقّع مطلع السنة الفائتة على الهيئات المنتهية ولايتها، والتي لم يحمل أغلب ضباطها هذه الشهادة». وشدّدت على أن وزير الدفاع، «لا يملك صلاحية الاشتراك في تعيين الضبّاط أو اقتراح أسمائهم، فهذا من اختصاص المجلس العسكري الذي اتخذ القرار بإجماع أعضائه، أما دور الوزير فهو توقيع القرار وإعلانه ليصبح ساري المفعول».

محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي جوني القزّي، كانت السبّاقة في استئناف عملها، وعاودت عقد جلساتها فور تبلّغ الضبّاط المستشارين لديها قرار قائد الجيش، وبتّت المحكمة بقرارات إخلاء سبيل الموقوفين المستأنفة لديها، ووافقت عليها جميعاً باستثناء واحدة منها. وقال مصدر في المحكمة العسكرية لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه المحكمة استعادت حيويتها، وتلقت مراجعات بمئات القضايا المتوقفة منذ مطلع السنة الجديدة». وأمل في «إبقاء الخلافات بعيداً عن القضاء، المعني الأول بقضايا الناس ورفع الظلم عنهم»، عادّاً أنه «لا يجوز تعطيل المحكمة العسكرية التي تعدّ المؤسسة القضائية الأكثر دينامية وفاعلية، والتي لم يستقل قضاتها والمستشارون فيها من مهامهم، رغم الاعتكافات والإضرابات التي شهدها القضاء على مدى السنتين الأخيرتين».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

المشرق العربي فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

أكد «حزب الله» اللبناني، الأحد، مقتل القيادي علي كركي في غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي الجماعة في لبنان وعلى رأسهم أمينها العام حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يحملون صوره أثناء تجمعهم في صيدا بعد مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

بطريرك الموارنة: قتل إسرائيل لنصر الله جرح قلوب الشعب اللبناني

دعا بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، إلى الدبلوماسية في الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

صحيفة: قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل استُخدمت في اغتيال نصر الله

متظاهر إيراني يحمل صورة لحسن نصر الله في احتجاجات ضد إسرائيل في طهران (إ.ب.أ)
متظاهر إيراني يحمل صورة لحسن نصر الله في احتجاجات ضد إسرائيل في طهران (إ.ب.أ)
TT

صحيفة: قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل استُخدمت في اغتيال نصر الله

متظاهر إيراني يحمل صورة لحسن نصر الله في احتجاجات ضد إسرائيل في طهران (إ.ب.أ)
متظاهر إيراني يحمل صورة لحسن نصر الله في احتجاجات ضد إسرائيل في طهران (إ.ب.أ)

أظهر مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي أن الطائرات التي قال إنها استُخدِمت في الهجوم الذي قتل الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، ليلة الجمعة، كانت تحمل قنابل تزن 2000 رطل، وفقاً لخبراء الذخائر وتحليل لصحيفة «نيويورك تايمز».

ووفق الصحيفة، أظهر الفيديو 8 طائرات مزوَّدة بما لا يقل عن 15 قنبلة تزن 2000 رطل، بما في ذلك «بي إل يو - 109» المصنَّعة في الولايات المتحدة مع مجموعة «جي دام»، وهو نظام توجيه دقيق يتم ربطه بالقنابل، وفقاً لتريفور بول، فني التخلُّص من الذخائر المتفجرة السابق في الجيش الأميركي.

وأفادت الصحيفة في تقريرها بأنه يمكن لهذه القنابل، وهي نوع من الذخائر المعروفة باسم «القنابل الخارقة للتحصينات»، أن تخترق تحت الأرض قبل أن تنفجر.

ووافق ويس براينت، اختصاصي الاستهداف السابق في القوات الجوية الأميركية الذي راجع الفيديو أيضاً، على التحليل. وفي رسائل نصية لـ«نيويورك تايمز»، قال إن القنابل كانت «بالضبط ما أتوقع» أن تستخدمه إسرائيل، فيما قالت إسرائيل إنه هجوم على نصر الله في مقر «حزب الله» تحت الأرض.

في مايو (أيار)، أعلنت إدارة بايدن أنها أوقفت شحنة قنابل تزن 2000 رطل إلى إسرائيل، بسبب مخاوف بشأن سلامة المدنيين في غزة.

ويظهر الفيديو، الذي نُشر أمس (السبت) على قناة «تليغرام» الرسمية للجيش الإسرائيلي، مع تعليق «طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تشارك في القضاء على حسن نصر الله والمقر المركزي لـ(حزب الله) في لبنان»، وأنه تم إسقاط ما لا يقل عن 8 طائرات متتالية مسلحة بقنابل تزن 2000 رطل.

وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن بعضها بعيد جداً، بحيث لا يمكن تحديد الطراز الدقيق بوضوح، لكن الطائرات الأقرب تُرى مسلحة بقنابل «بي إل يو - 109»، وأنه يمكن التعرُّف أيضاً على طراز القنبلة هذا عندما يُظهر الفيديو طائرتين تقلعان؛ إحداهما تحمل ستاً من تلك الذخائر. ثم يُظهر الفيديو طائرة تعود عند الغسق إلى القاعدة الجوية الإسرائيلية، من دون أي قنابل.

وفي حين أن الفيديو لا يُظهِر الطائرات التي تُسقِط القنابل، قال بول إن مقاطع الفيديو التي تُظهِر الانفجارات في الضواحي الجنوبية المكتظة بالسكان في بيروت، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بها، تتفق مع القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل، التي حملتها الطائرات الإسرائيلية في الفيديو، وفقاً للصحيفة.

وأظهر التحليل الذي أجرته الصحيفة لمقاطع فيديو وصور أقمار اصطناعية تم التحقق منها أن الهجوم دمر ما لا يقل عن 4 مبانٍ سكنية يبلغ ارتفاع كل منها 7 طوابق على الأقل في الضاحية الجنوبية ببيروت.

ويقصف «حزب الله» أهدافاً في شمال إسرائيل، بشكل شبه يومي، منذ بدء حرب غزة. ويقول إن الهجمات لن تتوقف إلا بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وبعد نحو عام من فتح حزبه جبهة «إسناد» لحليفته، حركة «حماس»، من جنوب لبنان ضد إسرائيل، جاء مقتل نصر الله بغارة إسرائيلية في معقله بضاحية بيروت الجنوبية الجمعة، بالإضافة إلى خسائر غير مسبوقة تلقاها تباعاً في الأسبوعين الأخيرين.

تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت وسط القصف الإسرائيلي كما شوهد من سن الفيل - لبنان (رويترز)

وقال مسؤولان دفاعيان إسرائيليان كبيران لصحيفة «نيويورك تايمز» إن أكثر من 80 قنبلة تم إسقاطها على مدى عدة دقائق لقتل نصر الله، لكنهما لم يؤكدا نوع الذخائر المستخدمة. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على أسئلة الصحيفة بشأن القنابل التي شُوهِدَت في هذا الفيديو أو المستخدمة في الهجوم على نصر الله.

وواصلت إسرائيل قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، أمس (السبت). وتُظهر الأدلة المرئية التي حللتها «نيويورك تايمز» أن 13 موقعاً على الأقل تعرضت للقصف، يومي الجمعة والسبت، عبر 3 أميال على الأقل من المدينة المكتظة بالسكان.

وفي سياق متصل، قالت وزارة الصحة اللبنانية، أمس، إن 33 شخصاً على الأقل قُتلوا وأُصيب أكثر من 195 شخصاً في الضربات، ومن المتوقَّع أن يرتفع العدد مع دفن كثيرين تحت الأنقاض.