«الحشد الشعبي» العراقي يشيع قتلاه... ويطالب بانسحاب القوات الأجنبية

دعوات إلى مراجعة اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع واشنطن

أعضاء «الحشد الشعبي» العراقي يحملون صوراً خلال تشييع عناصر قُتلوا في الضربات الجوية الأميركية الأخيرة في غرب العراق (إ.ب.أ)
أعضاء «الحشد الشعبي» العراقي يحملون صوراً خلال تشييع عناصر قُتلوا في الضربات الجوية الأميركية الأخيرة في غرب العراق (إ.ب.أ)
TT

«الحشد الشعبي» العراقي يشيع قتلاه... ويطالب بانسحاب القوات الأجنبية

أعضاء «الحشد الشعبي» العراقي يحملون صوراً خلال تشييع عناصر قُتلوا في الضربات الجوية الأميركية الأخيرة في غرب العراق (إ.ب.أ)
أعضاء «الحشد الشعبي» العراقي يحملون صوراً خلال تشييع عناصر قُتلوا في الضربات الجوية الأميركية الأخيرة في غرب العراق (إ.ب.أ)

طالب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض، الأحد، بانسحاب القوات الأجنبية المنتشرة في العراق في إطار التحالف الدولي المناهض لـ«داعش»، وذلك خلال تشييع مجموعة من مقاتلي فصائل مسلحة موالية لإيران قضوا في ضربات أميركية.

ووجهت واشنطن التي تنشر قوات في سوريا والعراق، في ساعة متأخرة ليل الجمعة - السبت، ضربات انتقامية في العراق وسوريا رداً على هجوم بمسيّرة على قاعدة في الأردن قرب الحدود السورية أسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين في 28 يناير (كانون الثاني).

وأدت الضربات التي استهدفت مناطق في غرب العراق على الحدود مع سوريا ونددت بها حكومة بغداد، إلى مقتل 16، وإصابة 36 آخرين من عناصر «الحشد الشعبي»، وهو تحالف ميليشيات موالية لإيران بات جزءاً من القوات الأمنية العراقية الرسمية.

سيارات إسعاف تحمل جثث 16 عنصراً من «الحشد الشعبي» العراقي قُتلوا في غارات جوية أميركية في بغداد الأحد (د.ب.أ)

وارتفع عدد الضحايا، الأحد، إلى 17 ضحية، بعدما أعلن مصدر أمني مسؤول وفاة آمر الكتيبة الثالثة بإحدى المديريات التابعة لـ«الحشد الشعبي».

وجرت، الأحد، في بغداد مراسم تشييع عدد من هؤلاء بحضور رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض، ووزير الصحة العراقي صالح الحسناوي، وقادة آخرين في «الحشد» بينهم هادي العامري، إضافة إلى رجال دين وزعماء عشائر.

ورفعت خلال مراسم التشييع التي شارك فيها عناصر من (الحشد) في زيهم العسكري، أعلام عراقية وأخرى للحشد الشعبي، ولافتات كُتب عليها: «الموت لأميركا... الموت لإسرائيل»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

عراقيون يحضرون جنازة مقاتلي «الحشد الشعبي» الذين قُتلوا في الضربات الجوية الأميركية خلال تشييع في مدينة النجف (أ.ب)

استهداف مباشر

وقال الفياض في كلمة ألقاها إن «العدوان الأميركي كان استهدافاً مباشراً لقوات (الحشد الشعبي)»، موضحاً أن «هذه الحادثة لن تمر مرور الكرام؛ لأنها تمثل استهدافاً وقحاً»، على حد قوله.

وتابع الفياض: «استهدفوا مقرات إدارية ومستشفى (للحشد)، واستهدفوا قوات تقوم بواجب حماية الحدود».

ورأى أن «استهداف (الحشد الشعبي) لعب بالنار»، مضيفاً: «أحذر كل من له بصيرة ألا يكرر هذه العملية»، وأضاف: «لن نقبل بان تكون دماء أبنائنا مادة سياسية رخيصة».

السوداني يرافق الفياض في مستشفى وسط بغداد (رئاسة الوزراء العراقية)

وتابع الفياض: «نشد علي يد رئيس الوزراء بأن يقوم بكل ما عليه من أجل الدفاع عن سيادة وكرامة العراق (...) ولن يكون ذلك إلا بمغادرة هذه القوات لأرض العراق وتطهير أرض العراق من كل وجود أجنبي»، في إشارة للتحالف الدولي لمكافحة «داعش».

تنشر الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا، و2500 جندي في العراق المجاور في إطار تحالف دولي ضد تنظيم «داعش» الذي كان يسيطر على مساحات شاسعة من البلدين.

إخراج القوات الأميركية

وفي ظل التوترات الإقليمية، على خلفية الحرب في قطاع غزة، بدأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالتفاوض مع واشنطن حول مستقبل التحالف الدولي في بلاده، بهدف التوصل لاتفاق على جدول زمني ينظم انسحاباً تدريجياً من العراق.

ويؤكد مستشارو التحالف الدولي أن وجودهم في العراق غايته فقط تقديم المشورة والتدريب للقوات العراقية بهدف منع تجدد نشاطات تنظيم الدولة الإسلامية.

وتعرّضت القوّات الأميركيّة وقوّات التحالف في العراق وسوريا لأكثر من 165 هجوماً منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأوّل)، تبنّت كثيراً منها «المقاومة الإسلاميّة في العراق»، وهي تحالف جماعات مسلّحة موالية لإيران.

عضو في «الحشد الشعبي» العراقي يقف حارساً عند بوابة مقر القوات شبه العسكرية بين شعارهم وصورة القيادي أبو مهدي المهندس السبت (أ.ف.ب)

وبينما يستعد البرلمان العراقي لعقد جلسة طارئة تخصص لمناقشة تداعيات القصف الأميركي على مواقع تابعة لفصائل عراقية مسلحة في منطقة القائم الحدودية غرب العراق فقد وقع عدد من نواب البرلمان العراقي بياناً دعوا فيه إلى إصدار تشريع من البرلمان العراقي لإخراج القوات الأميركية من العراق.

يُذكر أن البرلمان العراقي سبق له في الخامس من شهر يناير (كانون الثاني) 2020 وبعد يومين من مقتل قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» في غارة أميركية بالقرب من مطار بغداد الدولي أن أصدر قراراً بإخراج القوات الأميركية، لكنه لا يرقى إلى مستوى القانون، وبالتالي لم يكن ملزماً للحكومة.

وفي سياق ردود أفعال العراقية، عد رئيس ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الأحد، أن القصف الأميركي الأخير على مواقع «الحشد الشعبي» يؤسس لـ«منهج شريعة الغاب»، داعياً الحكومة إلى «التحرك» من أجل إيقاف هذه الاعتداءات.

وقال المالكي في تغريدة له على موقع «إكس»، إن «الاعتداء الأميركي على سيادة العراق (...) قد تكرر بنحو غير مسبوق، ومن دون رادع من المجتمع الدولي، وإننا إذ نستنكر استهداف واغتيال ثلة من أبنائنا من القوات العراقية في مقراتهم الثابتة، نؤكد أن من حق الحكومة العراقية التحرك على كل الأصعدة من أجل إيقاف هذه الاعتداءات وإدانتها».

وبدوره، قدم رئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبق زعيم ائتلاف الوطنية، إياد علاوي، الأحد، مقترحات لمنع تكرار «انتهاك السيادة» من قبل الولايات المتحدة بعد الضربات الأخيرة التي وجهتها لمواقع تابعة للحشد الشعبي في محافظة الأنبار غرب البلاد.

وعلى صفحته على منصة «إكس»، كتب علاوي إنه «في ظل تبادل وتكرار الاعتداءات واستمرار انتهاك السيادة نرى أن المعاهدة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة هي مجرد أحاديث لم ترتق لمستوى التطبيق»، داعياً إلى مراجعة تلك المعاهدة، «وإعادة النظر فيها، ووضع قواعد اشتباك جديدة تعطي للعراق السيادة».

وأضاف أن «الأوضاع الحالية تتطلب تشكيل قيادة عامة للقوات المسلحة تضم جميع التشكيلات المقاتلة من جيش وشرطة وحشد مقاتل وبيشمركة، وأن تكون هذه القوات بإمرة القائد العام للقوات المسلحة على أن يكون نائبه وزير الدفاع».

خط موازٍ

إضافة إلى ذلك، أعلنت «كتائب سيد الشهداء» استمرارها في استهداف الأميركيين.

وقال المتحدث باسم الجماعة كاظم الفرطوسي في تصريحات صحفية، الأحد، إن «الضربات الأميركية هي دوافع أخرى وجديدة من أجل استمرار عمليات المقاومة»، على حد وصفه.

عناصر «الحشد الشعبي» العراقي في تشييع جنازة 16 شخصاً قُتلوا في الغارات الجوية الأميركية في بغداد الأحد (د.ب.أ)

وأضاف أن «الضربات (الأميركية) لن توقف عمليات (المقاومة) ولن تضعفها، بل على العكس».

ورأى أن موقف الحكومة العراقية واتخاذها بعض الإجراءات الدبلوماسية، «صحيح لكن الحكومة يجب أن تكون في خط متوازٍ، فهي لا يمكن أن تدخل في حرب مفتوحة بشكل كامل، فهذه المسالة تحتاج إلى حسابات وإمكانات لا يمتلكها الجيش العراقي».

وتعد «كتائب سيد الشهداء» المدعومة من إيران جزءاً من مظلة «قوات الحشد الشعبي» الشيعية العراقية. وصنفتها الولايات المتحدة على قائمة المنظمات الإرهابية العالمية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بسبب «تهديد حياة جنود كل من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، لهزيمة (داعش) في العراق وسوريا».


مقالات ذات صلة

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)
المشرق العربي أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)

«الاتحاد الوطني» يتحدث عن «توقعات متشائمة» بشأن حكومة كردستان

من المتوقع أن يدعو رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، خلال الأيام القليلة المقبلة، الكتل السياسية الفائزة، إلى عقد أول جلسة للبرلمان.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

بينما أعلن البرلمان العراقي عقد جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، استأنفت بعض الفصائل الموالية لإيران تهديداتها ضد إسرائيل.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

خاص جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل

لبنان يتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن بعد «الاستهداف الإسرائيلي المتعمّد» للجيش

عناصر من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان يتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن بعد «الاستهداف الإسرائيلي المتعمّد» للجيش

عناصر من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)

قالت وزارة الخارجية اللبنانية، اليوم (الثلاثاء)، إن بيروت ستتقدم بشكوى جديدة ضد إسرائيل لمجلس الأمن، لمواجهة الاستهداف المتصاعد والمتعمد لقوات الجيش اللبناني.

وأضافت في بيان نشرته على منصة «إكس»، أن الاستهداف الإسرائيلي المتعمد لقوات الجيش اللبناني تصاعد بشكل ملحوظ في نوفمبر (تشرين الثاني)، وأن الهجمات الإسرائيلية المتعمدة على قوات الجيش اللبناني قتلت في أسبوع 10 أفراد وأصابت 35 بينهم حالات حرجة.

وأشارت «الخارجية» اللبنانية إلى أنها أوعزت لبعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، تقديم شكوى جديدة أمام مجلس الأمن الدولي، وفنّدت الشكوى «الاعتداءات الخطيرة على الجيش ومراكزه وآلياته التي سُجّلت في الفترة من 17 ولغاية 24 نوفمبر 2024 في قرية الماري، والصرفند، وطريق برج الملوك - القليعة، والعامرية في جنوب لبنان».

ودعا لبنان في شكواه، الدول الأعضاء في مجلس الأمن، إلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجيش، وعدّها خرقاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701.

وأوضح أن استهداف إسرائيل للجيش اللبناني «يُعدّ رسالة واضحة من إسرائيل برفضها أي مبادرات للحل، وإصرارها على التصعيد العسكري بدلاً من الدبلوماسية».