«أزمة حفاضات» تواجه أطفال غزة وسط الحرب

ارتفاع أسعار الخضراوات في القطاع

أم نازحة وسط أطفالها في إحدى الخيام برفح جنوب قطاع غزة (وكالة أنباء العالم العربي)
أم نازحة وسط أطفالها في إحدى الخيام برفح جنوب قطاع غزة (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

«أزمة حفاضات» تواجه أطفال غزة وسط الحرب

أم نازحة وسط أطفالها في إحدى الخيام برفح جنوب قطاع غزة (وكالة أنباء العالم العربي)
أم نازحة وسط أطفالها في إحدى الخيام برفح جنوب قطاع غزة (وكالة أنباء العالم العربي)

تعيش النازحة الفلسطينية رانيا المصري مع أطفالها الثلاثة داخل خيمة إيواء في دير البلح بوسط قطاع غزة، بعد أن نزحت من شمال القطاع بحثاً عن ملاذ آمن من القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقول رانيا إنها تواجه صعوبات كثيرة في توفير الطعام والشراب والدفء لأطفالها، كما تعاني أيضاً في توفير الحفاضات لهم، والتي أصبحت بالنسبة لها أمنية صعبة المنال.

وتوضح المرأة الفلسطينية أن الحفاضات لم تعد متوفرة بشكل كافٍ في الأسواق، وإن وُجدت فإنها لا تستطيع شراء كميات كافية منها بسبب الارتفاع الكبير في أسعارها.

أم نازحة تحاول توفير بدائل لحفاضات الأطفال في رفح جنوب غزة (وكالة أنباء العالم العربي)

وقالت رانيا لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «الحفاضات غالية جداً، كما أنها غير متوفرة في الأسواق، نعاني كثيراً حتى نجد منها عبوة أو اثنتين، والناس يسحبونها أولاً بأول، فهي غير موجودة وغالية، ولا يمكننا شراؤها لعدم توفر الأموال الكافية للحصول على عبوة سعرها 50 أو 60 دولاراً».

ولا تجد النازحة الفلسطينية سبيلاً لتجاوز هذه المعضلة سوى بدائل من قطع القماش، إلا أنها لم تكن عملية في ظل شح المياه اللازمة لغسلها يومياً من أجل إعادة استخدامها.

وامتدت المشكلة إلى الباعة، فالحفاضات لم تعد تأتي إليهم من الخارج إلا بكميات شحيحة بسبب الحصار الإسرائيلي، وكان الحل بالنسبة لهم في الحفاضات المصنعة محلياً بخامات بسيطة وبأسعار مناسبة.

وقال البائع محمد أبو بطيحان: «هذه مصنوعة من المناديل، لعدم وجود حفاضات في الأسواق، نلصقها من الأطراف حتى تكون بديلة للأطفال لقضاء الحاجة».

حفاضات أطفال في رفح جنوب قطاع غزة (وكالة أنباء العالم العربي)

وأكد بعض الأهالي أن أطفالهم أصيبوا بالتهابات وأمراض، نتيجة عدم توفر الحفاضات، أو اللجوء إلى بدائل غير صحية بشكل كافٍ.

بيع الخضراوات لسد الحاجات

ومن الحفاضات إلى الطعام، فقد دفعت الحرب الإسرائيلية الشبان في رفح، جنوب قطاع غزة، للعمل في بيع الخضراوات على بسطات منتشرة في شوارعها، لإعالة أنفسهم وأسرهم، ومن يستضيفون من النازحين من مدن وبلدات أخرى. وقال وسيم إبراهيم عبد الفتاح، وهو من سكان رفح: «افتتحت بسطة لبيع الخضراوات لماذا؟ لنحاول أن نعيش. نحن ميتون. نحاول كسب قوتنا. نعمل يومياً من الصباح إلى المساء لتوفير وجبة العشاء. لا إفطار ولا غداء». وأضاف لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «لدينا 3 عائلات نازحة بالمنزل. لو أنفقتُ كل أجري اليومي على شراء البندورة (الطماطم) وحسب، فإنها لن تكفي».

شبان فلسطينيون يعملون في بيع الخضراوات برفح (وكالة أنباء العالم العربي)

ويشكو أحمد محمد عيسى الذي اتجه لبيع الخضراوات لكسب قوت يومه من ضيق الحال، وقال: «كما ترى، الحرب مستمرة، والوضع صعب، والأسعار مرتفعة، نبيع الخضراوات لجني بعض المال من أجل تكاليف المعيشة، ليعيل المرء نفسه وعائلته. كل البيوت بها نازحون ونتمنى أن تعود الأمور لتكون أفضل مما كانت عليه بعد انتهاء الحرب».

ويواصل آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة النزوح من مختلف المناطق، هرباً من القصف والعمليات العسكرية البرية للجيش الإسرائيلي التي أشاعت الدمار في القطاع الضيق المكتظ بالسكان، والذي أصبح جميع سكانه تقريباً البالغ عددهم 2.3 مليون؛ بلا مأوى.

شبان يعملون في بيع الخضراوات برفح (وكالة أنباء العالم العربي)

أما محمد وهبة -وهو شاب من رفح- فقال: «الأوضاع ازدادت صعوبة، وأصبحت أعمل على بسطة للخضراوات. لدينا نازحون بالمنزل، وأعود في نهاية اليوم وقد تقاضيت أجراً يبلغ 30 شيقلاً، صحيح أنه مبلغ قليل في هذه الأيام، ولكن ماذا نفعل؟ نتمنى انتهاء الحرب، والله المستعان».

وحسب «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، أصبح ما يقرب من 85 في المائة من سكان قطاع غزة نازحين، ويتركز العدد الأكبر في مدينة رفح جنوب القطاع، مع استمرار الضغط الذي تمارسه إسرائيل على السكان لدفعهم نحو الجنوب. وكان عدد سكان رفح قبل الحرب يبلغ نحو 300 ألف نسمة، ووصل حالياً لأكثر من 1.5 مليون يرون أن هذه المنطقة هي ملاذهم الأخير.


مقالات ذات صلة

لماذا يزداد التفاؤل بشأن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة؟

المشرق العربي دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في وقت سابق (أ.ف.ب) play-circle 01:24

لماذا يزداد التفاؤل بشأن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة؟

طرحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية سؤالاً بشأن ازدياد التفاؤل بشأن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي حريق يشتعل داخل منزل فلسطيني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

مقتل 20 في غارات إسرائيلية على غزة وتفاؤل بجهود الوساطة

تسعى جهود الوساطة اليوم إلى التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس» لوقف الحرب، مع استمرار الغارات الإسرائيلية التي قتلت 20 فلسطينياً على الأقل خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي شعار «فيسبوك» (رويترز)

تقرير: «فيسبوك» يمنع المنافذ الإخبارية الفلسطينية من الوصول للمستخدمين

كشف تقرير جديد أن موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» فرض قيوداً شديدة على قدرة المنافذ الإخبارية الفلسطينية على الوصول إلى مستخدميه أثناء حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي طابور مساعدات غذائية في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

«اتفاق وشيك» ينهي معاناة غزة

وسط محادثات واتصالات وجولات للوسطاء، دخلت مفاوضات الهدنة في قطاع غزة مرحلة «حاسمة» عبر اجتماعات فنية، وسط حديث عن «جهود مكثفة» من القاهرة والدوحة مع جميع.

كفاح زبون (رام الله) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تنتظر في طابور للحصول على طعام في مركز بغزة (أ.ب)

تركيا: التطورات السورية يجب ألا تصرف الانتباه عن حرب غزة

قالت تركيا إن التطورات في سوريا يجب ألا تصرف الانتباه عما وصفته بـ«الإبادة الجماعية» التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

تباين المواقف العراقية بعد أسبوعين من سقوط الأسد

سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد بسوريا (أ.ف.ب)
سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد بسوريا (أ.ف.ب)
TT

تباين المواقف العراقية بعد أسبوعين من سقوط الأسد

سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد بسوريا (أ.ف.ب)
سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد بسوريا (أ.ف.ب)

على الرغم من الموقف الرسمي العراقي تجاه الأزمة في سوريا، المتمثل بمواقف وإجراءات رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لا تزال مواقف القوى السياسية العراقية (الشيعية، السنية، الكردية) متباينة تجاه ما حدث في سوريا.

الموقف الرسمي العراقي، الذي عبّرت عنه حكومة السوداني، تمثل في سلسلة من الخطوات والإجراءات، بدءاً بإعادة فتح السفارة العراقية في دمشق، والمشاركة في مؤتمر مجموعة الاتصال العربية في العقبة بالمملكة الأردنية الهاشمية، وصولاً إلى الزيارة الخاطفة التي قام بها السوداني للأردن واستقباله وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.

وعلى الرغم من أن السوداني لم يرد على الرسالة التي وُجهت إليه من قِبل قائد إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع، فإن هناك تضارباً في الأنباء حول وجود تواصل رسمي غير معلن بين الطرفين أو عبر طرف ثالث. ومع ذلك، تبقى هذه المعلومات في إطار التسريبات غير المؤكدة.

من جهة أخرى، عبّر المسؤولون السوريون الجدد عن سعادتهم بمبادرة العراق لإعادة افتتاح سفارته في دمشق، وذلك في وقت لا يزال فيه مصير أكثر من 2000 جندي وضابط سوري، دخلوا الأراضي العراقية قبل يومين من سقوط الأسد، غامضاً. هؤلاء الجنود موجودون حالياً في معسكر حدودي بالقرب من مدينة القائم العراقية على الحدود مع سوريا.

إضافة إلى ذلك، لم تتضح بعد طبيعة الرسالة التي حملها لقاء رئيس حزب «السيادة»، خميس الخنجر، وما إذا كان مبعوثاً رسمياً أو تحرك بصفة شخصية. يُذكر أن الخنجر، من خلال بيانات وتغريدات عدة، أعرب عن تأييده ما حدث في سوريا والخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية الانتقالية الحالية.

ترحيب كردي

اتخذ الموقف الكردي تجاه ما جرى في سوريا طابعاً إيجابياً، حيث ثمَّن الزعيم الكردي مسعود بارزاني في رسالة موقف القيادة السورية الجديدة، من أكراد سوريا. وفي السياق ذاته، أشار بارزاني إلى أن التصريحات التي أدلى بها أحمد الشرع، والتي وصف فيها الأكراد بأنهم «جزءٌ من الوطن وشريكٌ في سوريا المستقبل»، تحمل رؤية إيجابية.

قال بارزاني في رسالته تعليقاً على تصريحات الشرع: «هذه الرؤية تجاه الكرد ومستقبل سوريا موضع سرور وترحيب من قِبلنا، ونأمل أن تكون بداية لتصحيح مسار التاريخ وإنهاء الممارسات الخاطئة والمجحفة التي ارتُكبت بحق الشعب الكردي في سوريا».

جلسة للبرلمان العراقي تناقش تطورات الأوضاع في سوريا الأسبوع الماضي (البرلمان)

تحذير سني

أما على الصعيد السني، فقد جاء موقف مميز عبر بيان وقَّعه رئيس البرلمان الحالي محمود المشهداني وعدد من رؤساء البرلمان السابقين، باستثناء محمد الحلبوسي. كان من بين الموقّعين أسامة النجيفي، وإياد السامرائي، وسليم الجبوري وحاجم الحسني، إضافة إلى نائب رئيس الوزراء الأسبق صالح المطلك.

دعا البيان القيادات الشيعية، باعتبارهم شركاء في الوطن، إلى إجراء مراجعة حقيقية للأوضاع لتجنب تكرار المآسي التي عانى منها العراق عقب سقوط نظام صدام حسين.

بذلك، حسم القادة السنة موقفهم حيال سقوط نظام الأسد، مؤكدين أهمية الانتقال إلى مرحلة جديدة في التعامل مع الأوضاع، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

وفي بيان مفاجئ، رحَّب القادة السنة، وعلى رأسهم رئيس البرلمان الحالي محمود المشهداني، بـ«ما آلت إليه الأوضاع في سوريا». وأكد البيان: «رحَّب المجتمعون بما آلت إليه الأوضاع في سوريا، وأعربوا عن حرصهم الشديد على تحقيق الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق، مؤكدين دعمهم أي عملية سياسية تقوم على توافق الشعب السوري بمختلف مكوناته».

وأضاف البيان: «في ظل متابعة تطورات الأحداث في سوريا، يستذكر المجتمعون ما جرى في العراق خلال عملية التغيير عام 2003 وما تلاها من مواجهة الإرهاب وتداعياته. وشددوا على أهمية استخلاص الدروس والعِبر من تلك التجربة، خصوصاً فيما يتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز المصالحة المجتمعية، وترسيخ السلم الأهلي ركائزَ أساسية لضمان استقرار الدول وتماسك مجتمعاتها».

جنود قوة مشتركة من «الحشد الشعبي» والجيش العراقي يقفون حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

قلق وترقب شيعي

وبعد أسبوعين على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، فإن القلق والترقب هو سيد الموقف. ولا تزال مواقف القوى والقيادات الشيعية متباينة، وبعضها يتسم بالغموض الشديد.

في الوقت الذي عبّر فيه زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عن قلقه إزاء التداعيات المحتملة للأوضاع في سوريا، انتقد زعيم منظمة بدر هادي العامري ما وصفه بـ«الموقف غير الحاسم» للحكومة العراقية حيال الأزمة السورية، خصوصاً في ظل استمرار إسرائيل في احتلال أراضٍ سورية جديدة.

من جانبه، أكد فالح الفياض، رئيس «هيئة الحشد الشعبي»، أن «قوات الحشد الشعبي» لن تتدخل في سوريا تحت أي ظرف.

هذا التباين في المواقف يعكس اختلاف الرؤى بين ثلاثة من أبرز الزعامات الشيعية، وجميعهم قياديون في «الإطار التنسيقي الشيعي»، الذي لم يعقد اجتماعاً منذ اندلاع الأزمة السورية ولم يصدر عنه أي موقف موحد.

يتزامن هذا الاختلاف بين القادة الشيعة الثلاثة مع موقف الصمت الذي تلتزمه حتى الآن الفصائل المسلحة، التي لم تعلن عن أي موقف رسمي حيال ما كان يُعرف قبل سقوط الأسد بـ«وحدة الساحات».