الحوثيون لـ«مواجهة طويلة» مع أميركا وبريطانيا

لندن تعوّل على دور عُماني في التهدئة


فرقاطة دنماركية من المقرر أن تلتحق بعملية «حارس الازدهار» لحماية الملاحة من هجمات الحوثيين (رويترز)
فرقاطة دنماركية من المقرر أن تلتحق بعملية «حارس الازدهار» لحماية الملاحة من هجمات الحوثيين (رويترز)
TT

الحوثيون لـ«مواجهة طويلة» مع أميركا وبريطانيا


فرقاطة دنماركية من المقرر أن تلتحق بعملية «حارس الازدهار» لحماية الملاحة من هجمات الحوثيين (رويترز)
فرقاطة دنماركية من المقرر أن تلتحق بعملية «حارس الازدهار» لحماية الملاحة من هجمات الحوثيين (رويترز)

في وقتٍ أعلنت جماعة الحوثي، أمس، استعدادها لـ«مواجهة طويلة» مع أميركا وبريطانيا، تُعوّل لندن على دور عُماني في التهدئة وسط تجاهل طهران نداءاتها المتكررة بالضغط على الحوثيين والفصائل الأخرى الموالية لها في المنطقة لخفض التصعيد.

ورغم الضربات الأميركية والبريطانية والتحذيرات الدولية، بما في ذلك القلق الصيني من تبعات الهجمات الحوثية على التجارة العالمية وتهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، فإن قادة الجماعة تمسكوا باستمرار التصعيد، زاعمين أنه لن يتوقف إلا بانتهاء الحصار على غزة. وجاء آخر هذه التصريحات الحوثية على لسان «وزير دفاع» الجماعة، محمد العاطفي، أمس، خلال اجتماعه مع كبار قادة الجماعة في قواتها البحرية، إذ قلل من أهمية الوعيد الأميركي والبريطاني، زاعماً أن جماعته اتخذت «كل الخطوات المدروسة بأبعادها القريبة والبعيدة» وأن لديها «الاستعداد لمواجهة طويلة الأمد» كما أن لديها ما يكفي لتعزيز ما وصفه بـ«الصبر الاستراتيجي».

وفي حين كررت بريطانيا أمس، على لسان وزير دفاعها غرانت تشابس، مطالبتها إيران باستخدام نفوذها على الحوثيين والفصائل الأخرى في المنطقة لخفض التصعيد، قالت الخارجية البريطانية، إن وزيرها ديفيد كاميرون سيتوجه إلى سلطنة عُمان، إذ يُتوقع أن يدعو إلى الاستقرار وسط هجمات الحوثيين المستمرة في البحر الأحمر، وتهدئة التوتر في الشرق الأوسط. وأضاف البيان أن كاميرون سيؤكد التزام بريطانيا إيصال المساعدات إلى اليمن، وسيحدد الإجراءات التي تتخذها بريطانيا لردع الحوثيين عن استهداف السفن في البحر الأحمر، حسبما نقلت «رويترز».

وشنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران نحو 34 هجوماً بحرياً بالصواريخ والطائرات المسيَّرة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وأدى بعض الهجمات إلى إصابات مباشرة في السفن والتسبب في حريق وأضرار، كما حدث أخيراً مع ناقلة نفط بريطانية في خليج عدن.



إسرائيل تأمر بإخلاء شواطئ الجنوب... هل تمهّد للإنزال البحري؟

صياد لبناني على متن قارب صيد في مرفأ صيدا جنوب لبنان (رويترز)
صياد لبناني على متن قارب صيد في مرفأ صيدا جنوب لبنان (رويترز)
TT

إسرائيل تأمر بإخلاء شواطئ الجنوب... هل تمهّد للإنزال البحري؟

صياد لبناني على متن قارب صيد في مرفأ صيدا جنوب لبنان (رويترز)
صياد لبناني على متن قارب صيد في مرفأ صيدا جنوب لبنان (رويترز)

تتسارع وتيرة التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان، سواء بتكثيف الغارات الجوية والتدمير الممنهج في الجنوب والضاحية والبقاع، أو بالتوغل البرّي المحدود، وباتت أشبه بمسلسل يسهر اللبنانيون على فصوله المرعبة كلّ ليلة، لكنّ إسرائيل لم تكتفِ بهذه الوتيرة، بل فجّرت مفاجأة جديدة، تمثلت بتوجيه إنذار طلبت فيه «إخلاء الشواطئ البحرية الجنوبية، بدءاً من مدينة صيدا، وصولاً إلى الناقورة الواقعة على حدود فلسطين المحتلّة».

وحذر الإنذار، مساء الاثنين، اللبنانيين من «الوجود على ساحل البحر جنوب نهر الأولي»، معلناً أنه «سيستهدف المنطقة البحرية في جنوب لبنان». واستخدم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي اللغة العربية؛ حيث وجّه تحذيراً عاجلاً للأفراد لـ«تفادي ارتياد شاطئ البحر أو ركوب قوارب على ساحل لبنان من نهر الأولي جنوباً حتى إشعار آخر».

ولم يبرر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي الأسباب الكامنة وراء هذا الطلب؛ ما فتح الباب على تفسيرات مقلقة، إذ اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو أن «إصرار إسرائيل على إخلاء الشواطئ في جنوب لبنان من الناس أمر مثير للاهتمام، خصوصاً أن (حزب الله) ليست لديه مراكز عسكرية على البحر ولا زوارق حربية تشكل تهديداً للإسرائيليين». ورأى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الإنذار يهدف إلى الضغط على الناس للخروج من مناطق الجنوب بسرعة، بما يتيح له استخدام البوارج الحربية للتخلّص من كل منصات الصواريخ المتوسطة، مثل (فلق) و(الفجر) وغيرها التي تهدد أمن الشمال الإسرائيلي».

وتخوّف الحلو من أن «تمهّد إسرائيل لعمل عسكري كبير، ربما عبر إنزال لقوات المشاة البحرية، أو تدخل البوارج البحرية لضرب كل مواقع الحزب الموجودة على الساحل، وإرباكه، وعدم حصر اهتمامه بالحدود البرية الجنوبية».

صابر صياد لبناني يفك شباكه في مرفأ صيدا رغم التهديدات الإسرائيلية (أ.ب)

هذا التحذير سبقته دعوة وجهها الجيش الإسرائيلي لسكان مدن وقرى الجنوب لإجلائها والتوجّه إلى شمال مجرى نهر الأولي؛ ما يعني أن سكان مدينة صيدا الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً من العاصمة بيروت مشمولين بهذه الدعوة، وتعززت المخاوف لدى رواد الشاطئ وصيادي الأسماك الذين تركوا مراكبهم وأخلوا الشاطئ على الفور.

من جهته، أشار مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، إلى أن «الإنذار الإسرائيلي بإخلاء الشواطئ ينبئ بعمليات ما قيد التحضير قد تفاجئ اللبنانيين بأي وقت». ولا يستبعد أن تكون غايتها «استهداف مخازن أسلحة ونقاط عسكرية تابعة لـ(حزب الله)، وربما الاستعداد لإنزال من البحر لتشتيت قوات الحزب المتمركزة على الحدود وفي الداخل».

وأوضح نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الإسرائيلي «لا يكشف عن نياته، ونلاحظ الآن أنه يخفض من سقف توقعاته، خصوصاً عندما يتحدث عن عملية برية محدودة، حتى لا تنعكس عليه سلباً إذا أخفق في تحقيق الهدف الأكبر، لكنه قد يفاجئنا بالوصول إلى نهر الأولي إذا ما نجح في خرق الحواجز العسكرية الكبيرة للحزب في القطاع الأوسط».

ونبّه البيان الإسرائيلي إلى أن «نشاط (حزب الله) يجبر الجيش (الإسرائيلي) على العمل ضده حيث سيعمل في الوقت القريب في المنطقة البحرية ضد أنشطة (حزب الله)». وقال: «من أجل سلامتكم امتنعوا عن الوجود في البحر أو على الشاطئ من الآن وحتى إشعار آخر، فالوجود على الشاطئ وتحركات القوارب في منطقة خط نهر الأولي جنوباً يشكلان خطراً على حياتكم».

ورأى العميد خليل الحلو أن «تهديد الشواطئ قد يسهّل التقدم البرّي من الجنوب». وقال: «صحيح أن الجيش الإسرائيلي «اخترق الشريط الحدود عبر الوحدة 91 وفي بعض الأماكن حتى 2 كلم، ودخل إلى بلدتَي مارون الراس ويارين، وهذا الدخول مجرد عمليات استطلاع من أجل اختبار قدرات مقاتلي (حزب الله) ومحاولة كشف تحصيناتهم، لكنه بالتأكيد يتكبد خسائر كبيرة ويتخوف من مفاجآت يخبئها الحزب على طول الجبهة».

القلعة البحرية في مدينة صيدا جنوب لبنان (رويترز)

وتتعدَّد السيناريوهات التي قد يلجأ إليها الإسرائيليون لتحقيق أهداف الحرب، وهي القضاء على قدرات «حزب الله» الصاروخية وحتى الميدانية، ولا يستبعد الدكتور سامي نادر أن «يوسّع الإسرائيلي نطاق عملياته شرقاً باتجاه الجولان أو منطقة كفرشوبا للتقدّم نحو البقاع الغربي، ومنه إلى سهل البقاع، لأن غايته القضاء على الصواريخ الاستراتيجية الموجودة في البقاع وعلى الجانب السوري القريب من حدود لبنان».