البرلمان العراقي يؤجل انتخاب الرئيس في جلسة «رفع الحرج»

حظوظ مرشح الحلبوسي معلقة على حكم قضائي مرتقب

البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
TT

البرلمان العراقي يؤجل انتخاب الرئيس في جلسة «رفع الحرج»

البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)

أجَّل البرلمان العراقي، السبت، انتخاب رئيسه الجديد إلى حين حسم الدعوى القضائية ضد أحد المرشحين للمنصب بتهمة «تمجيد» حزب «البعث المنحل».

وكان من اللافت أن يعلن البرلمان قبل جلسة اعتيادية عقدها السبت عن جدول أعمال يتضمن فقرة لانتخاب الرئيس، رغم معرفته بأن المحكمة لا تزال تنظر في ملف المرشح شعلان الكريم.

وبدا أن البرلمان أعلن عن الفقرة شكلياً، وقرر تأجيلها فور انعقاد الجلسة التي كانت لـ«رفع الحرج»، على حد تعبير نائب في القوى السنية، بينما تتوقع مصادر برلمانية أن التأجيل يعني بقاء ترشيح الكريم، مرشح حزب «تقدم» الذي يقوده رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي.

الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

وقالت الدائرة الإعلامية للمجلس في بيان، إن «التأجيل تم لحين حسم الدعاوى من المحكمة الاتحادية».

وتشير مصادر نيابية إلى أن حسم قضية منصب الرئيس معلَّق على اتفاق القوى السياسية على «الشخصية التي ستشغل المنصب» وقرار المحكمة الاتحادية.

ويعمل البرلمان بلا رئيس منذ منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين ألغت الاتحادية عضوية الحلبوسي على خلفية تهم بالتلاعب والتزوير. ويشغل منصب الرئيس منذ ذلك التاريخ النائب الأول للرئيس محسن المندلاوي عن قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية.

عرف سياسي

ومنذ نحو 5 دورات برلمانية، صار العرف السياسي وليس «الدستوري»، أن يشغل المنصب البرلمان عضو من القوى السنية.

وطبقاً لهذا العرف الذي شاع منذ عام 2005، تقدمت القوى السنية الممثلة في البرلمان، منتصف الشهر الحالي، بأربعة مرشحين، لكن البرلمان أخفق في تمرير أي أحد منهم، رغم حصول شعلان الكريم مرشح حزب «تقدم» الذي يقوده محمد الحلبوسي، على أكثر من 152 صوتاً من إجمالي 232 نائباً حضروا الجلسة، في مقابل حصول أقرب المنافسين عليه المرح سالم العيساوي على 90 صوتاً، لكنها لم تكن كافية لتحقيق نسبة الأغلبية المطلقة 165 صوتاً من عدد أعضاء البرلمان 329 اللازمة لانتخاب رئيس مجلس النواب.

وكان يُفترض أن تجري جولة ثانية لحسم المنافسة بين الشعلان والعيساوي، لكن الدعوى القضائية التي تقدم بها اثنان من النواب إلى المحكمة الاتحادية ضد شعلان الكريم بتهمة «تمجيد البعث» عقَّدت الأمور على الشعلان وعلى مجمل قضية انتخاب الرئيس.

وتداول مدوِّنون مقطع فيديو قديماً، يظهر فيه شعلان الكريم وهو «يترحَّم» على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين؛ ما عُدّ تمجيداً تحظره القوانين العراقية. ويتحدر الكريم من محافظة صلاح الدين، مسقط رأس صدام حسين، وهو أحد كبار شيوخ قبيلة «البوعيسى» هناك.

صورة من حساب الحلبوسي في «إكس» للقائه مع السوداني الشهر الماضي

معضلة «شعلان»

وما زال حزب «تقدم» ومِن ورائه رئيسه محمد الحلبوسي، متمسكاً بترشيح الكريم من خلال جولة ثانية من الانتخاب داخل البرلمان.

وتميل آراء قانونية إلى إمكانية إلغاء الجولة الأولى من الانتخاب بالنظر للتعقيدات التي ارتبطت بها، وطرح أسماء جديدة لشغل منصب الرئيس، لكن النائب المستقل سجاد سالم يذهب إلى أن ذلك «لن يتم قبل صدور قرار المحكمة الاتحادية».

وقال سالم لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أبطلت المحكمة الاتحادية الجلسة الأولى، وأُدين شعلان الكريم بالتهمة الموجهة إليه، فذلك يعني إعادة ترشيح شخصيات جديدة لشغل المنصب، ومن دون ذلك سنذهب إلى جولة ثانية لانتخاب الرئيس».

يرى سالم أن الأمور ما زالت «معلقة تقريباً وغير واضحة»، ويشير إلى الأهمية الحاسمة بالنسبة لاتفاق رؤساء الكتل السياسية على الشخصية المراد إسناد رئاسة المجلس إليها.

وأحدث التصويت للمرشح شعلان الكريم شرخاً واسعاً داخل قوى «الإطار التنسيقي» الذي صوَّتت معظم كتله لصالحه، خلافاً لما يزعم من أنها كانت متفقة على اختيار النائب ورئيس البرلمان السابق محمود المشهداني الذي حصل على 48 صوتاً فقط.

وشن عامر الكفيشي، وهو قيادي في حزب «الدعوة» وائتلاف «دولة القانون»، عقب جولة التصويت الأولى، هجوماً لاذعاً على بقية القوى الشيعية داخل «الإطار التنسيقي»، واتهمها بـ«الخيانة».


مقالات ذات صلة

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

المشرق العربي صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي (الاثنين) من بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية، ستتم مناقشة الموضوع في جلسة سرية.

حمزة مصطفى (بغداد )
المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، عن فقدان المنظومة الكهربائية 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، ما سيؤدي إلى تراجع توفير الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحكومية والمواطنين بنحو 20 في المائة. وأوضحت الوزارة أن إنتاجها من الكهرباء تجاوز 27 ألف ميغاواط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الوزارة عزت «التوقف المفاجئ» إلى «أغراض الصيانة»، فإن مصادر مطلعة على ملف الكهرباء ترجح أن السبب الرئيسي يعود إلى «أسباب مالية»، حيث إن بغداد مدينة لطهران بأكثر من 10 مليارات دولار، لكنها تجد نفسها غير قادرة على سدادها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأكدت وزارة الكهرباء في بيان، الأحد، «توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً (وفقاً للجانب الإيراني) عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط، مما أدى إلى فقدان المنظومة 5500 ميغاواط».

وأضافت الوزارة أنه «كان من المتفق عليه أن تكون إمدادات الغاز اليوم الأحد بواقع 25 مليون متر مكعب يومياً، ولكن الكمية المدفوعة حالياً هي 7 ملايين متر مكعب، تم تحويلها من بغداد والوسط إلى المنطقة الجنوبية».

أكدت الوزارة أنها «ستعزز التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من الغاز، وأنها تنفذ حالياً خططها الاستراتيجية والطارئة لرفع قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية في جميع قطاعاتها (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)».

كما أشارت الوزارة إلى أنها «تعيد العمل بالمشاريع المتلكئة والمتوقفة منذ سنوات عديدة لاستحصال طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة لتحسين الإنتاج ورفع معدلاته بما يناسب استقرار التجهيز، معتمدة في ذلك على جزء من تشغيل محطاتها الإنتاجية بالغاز الوطني، وجزء آخر بالوقود الوطني، وآخر بالغاز المستورد، ريثما تكتمل مشاريع الحكومة العاملة على تأهيل حقول الغاز الوطنية».

وتحدثت عن أنها «ستنسق مع وزارة النفط بشكل أكبر لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز». ومعروف أن الغاز المستثمر في الحقول العراقية لا يغطي حاجة محطات توليد الكهرباء.

العقوبات الأميركية

ويميل مصدر مطلع على ملف الكهرباء إلى «الاعتقاد بأن القرار الإيراني المفاجئ مرتبط بمطالبات إيران المالية من العراق».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران لا تقوم بإيقاف إمدادات الغاز في هذه الأوقات من السنة في العادة، لأنها ليست أوقات الذروة والأحمال بسبب اعتدال الأجواء المناخية حتى الآن، أغلب الظن أن الأمر مرتبط بالأموال، خاصة ونحن نعلم أن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة إلى العراق لم تنجح في حل هذه المشكلة».

ولا يستبعد المصدر أن «يرتبط الضغط الإيراني الجديد على العراق بهدف الحصول على أموالها لمواجهة أزمتها الاقتصادية واستثمارها في الحرب مع إسرائيل، وكذلك مواجهة تداعيات عملتها الأخيرة».

كانت أخبار تحدثت عن مفاوضات صعبة خاضها بزشكيان خلال زيارة إلى بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذكرت أنه «عرض على العراق أن يتم تسليم الديون عبر عُملة مشتركة»؛ الأمر الذي رفضته بغداد لخشيتها من العقوبات الأميركية، وجراء هذه الخشية يلتزم العراق بالاتفاقيات السابقة التي تتضمن تسليم الديون، من خلال «شراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل النفط الأسود ومنتجات أخرى».

وتراكمت ديون إيران بذمة العراق، التي تتراوح بين 10 و15 مليار دولار منذ أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران نهاية عام 2018، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي، لكن واشنطن أعطت بعض الاستثناءات للجانب العراقي خلال السنوات الماضية لتسديد بعض من تلك الديون وخاصة في فترات الصيف التي يتصاعد فيها الطلب على الكهرباء، ومع عدم قدرة المحطات العراقية العمل من دون الغاز الإيراني.

وبهدف التغلب على مشكلة العقوبات المفروضة ضد إيران وتنويع العراق لمصادر استيراده للغاز، أعلنت وزارة الكهرباء في أكتوبر الماضي أنها «وقعت عقداً مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، بيد أن العقد لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».

وقال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، نهاية أكتوبر الماضي، إن «كميات الغاز المستوردة تصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً خلال فصل الصيف، سوف تؤمن من تركمانستان 20 مليون متر مكعب يومياً، والمتبقي من ضمن عقد الغاز الإيراني الذي مدته 5 سنوات».

نقص إمدادات الطاقة بإيران

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في طهران وعدة محافظات أخرى، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وتشمل الخطة قطع الكهرباء في مناطق مختلفة من العاصمة لمدة ساعتين يومياً بين الساعة السابعة صباحاً والخامسة مساءً، حسبما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وأوضحت الشركة العامة لتوزيع الكهرباء أن القرار جاء نتيجة «محدودية إمدادات الغاز المستخدم وقوداً في المحطات»، إضافة إلى مرسوم حكومي يمنع استخدام المازوت في بعض المحطات الكهربائية. ولم تُحدّد السلطات مدة تطبيق الخطة.

على مدى السنوات الأخيرة، واجهت العديد من المدن الإيرانية الكبرى مشكلة التلوث الناتج عن رداءة المازوت المستخدم في المحطات، وفقاً لخبراء. وللحد من هذه الأضرار، أمرت الحكومة بوقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وأصفهان (وسط البلاد) وكرج (غرب طهران) حفاظاً على صحة المواطنين.

يُذكر أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أثارت استياءً شعبياً واسعاً. ففي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت السلطات عن تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة إلى النصف لعدة أيام لتوفير الطاقة.