إسرائيل تتقدم في خان يونس... لكنها تواجه معضلة في رفح

نتنياهو يقول إنه لا توجد مقترحات من «حماس»... وأهالي المحتجزين يطالبون باتفاق

TT

إسرائيل تتقدم في خان يونس... لكنها تواجه معضلة في رفح

نزوح من خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
نزوح من خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)

عمّقت إسرائيل عمليتها في خان يونس جنوب قطاع غزة، واقتحمت مناطق سكنية لم تصل إليها منذ بداية الحرب، في خطوة أجبرت مئات الفلسطينيين هناك على النزوح إلى رفح المكتظة بالسكان، التي أصبحت تُشكل معضلة بالنسبة إلى إسرائيل؛ إذ إن قادتها الأمنيين يعتقدون أن بعض قادة «حماس» ربما انتقلوا إلى هناك مع بعض المحتجزين والرهائن الإسرائيليين، وأصبحوا أقرب للانتقال إلى مصر أو الاختباء في أنفاق على الحدود.

وتوغل الجيش الإسرائيلي في عمق خان يونس في الساعات الماضية، وشوهدت دبابات للمرة الأولى في غرب المدينة عند مستشفى «الخير» الذي اقتحمه الجيش الإسرائيلي لاحقاً في وقت حاصر فيه مستشفيي ناصر الطبي والأمل ومناطق سكنية عدة.

جاء ذلك في ظل مؤشرات على أن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى حسم معركة خان يونس بعدما دفع بـ4 ألوية للمشاركة في اقتحامها. وفيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 4 ألوية بقيادة «الفرقة 98» تشارك في الهجوم الجديد على خان يونس، أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الاثنين، مقتل 3 ضباط من «لواء المظليين» في جنوب قطاع غزة.

دبابات إسرائيلية على الحدود مع وسط قطاع غزة الاثنين (رويترز)

وكان الجيش الإسرائيلي تحوّل إلى عملية قصف مكثفة على خان يونس منذ فجر الاثنين، وشمل ذلك استهداف مربعات سكنية ومراكز إيواء بينها مركز إيواء جامعة الأقصى، ومركز إيواء مدرسة المواصي، ومركز إيواء صناعة خان يونس، ما خلّف كثيراً من الضحايا.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن الاحتلال ارتكب جرائم مروعة غرب خان يونس، مخلّفاً عشرات الجثث في الشوارع والأماكن المستهدفة.

وأصدرت «حركة حماس»، من جهتها، بياناً اتهمت فيه الجيش الإسرائيلي بارتكاب جريمة جديدة في خان يونس عبر «استهدافه لخمسة مراكز إيواء بشكلٍ مباشر ومتعمّد، وبشتى أنواع الأسلحة، ما أدّى إلى سقوط العشرات من الشهداء والجرحى».

وقالت «حماس» إن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يتحمّلان «مسؤولية سياسية وتاريخية عن استمرار الجرائم الصهيونية المروّعة بحق المدنيين الآمنين».

وقدّرت مصادر طبية أن إسرائيل قتلت 50 على الأقل في قصف طال أحد مراكز الإيواء في خان يونس.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف وقتل مسلحين في خان يونس، وسيطر على مقرات قيادة تابعة لـ«حركة حماس»، في عملية مستمرة وستتعمق أكثر.

شهدت خان يونس موجة نزوح جديدة مع توغل القوات الإسرائيلية في المدينة الاثنين (أ.ف.ب)

وكانت إسرائيل قد بدأت نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي عملية واسعة في خان يونس بهدف الوصول إلى قيادة «حركة حماس» ومحتجزين إسرائيليين، لكنها واجهت مقاومة شرسة، وتفاجأت بقدرات «حماس» وعدد مقاتليها وحجم إنفاقها مما يشبه المتاهة التي لا تنتهي، بخلاف الوضع في شمال القطاع.

وقالت «قناة 12» الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي هزم 3 من 4 كتائب لـ«حماس» في خان يونس، لكن التقديرات لدى قادة الجيش تفيد بأن القتال في خان يونس المستمر منذ شهر ونصف الشهر فوق الأرض وتحتها في وقت واحد، سيشتد ولن يتوقف.

وتقدّر المؤسسة الأمنية أن الأمر سيستغرق بضعة أسابيع أخرى لإكمال العملية فوق الأرض، أما تحت الأرض فالوضع معقد إلى حد ما.

لكن حتى إذا نجح الجيش في التقدم أكثر في خان يونس، فتظهر منطقة رفح عقدة جديدة أمام إسرائيل. وتقول مصادر إسرائيلية إنه تم تسجيل فرار مئات الفلسطينيين الإضافيين من خان يونس إلى رفح الصغيرة يوم الاثنين. وفي الصور القادمة من خان يونس، يظهر كثير من السكان وهم يستقلون المركبات ويحملون ما أمكن من أمتعتهم نحو الجنوب.

ويخشى الجيش الإسرائيلي أن عدداً من قادة «حماس» نجحوا في الانتقال إلى رفح المكتظة بالفلسطينيين وربما نقلوا معهم محتجزين ورهائن.

فلسطينيون ينزحون من خان يونس الاثنين (رويترز)

ويوجد في رفح الصغيرة، النقطة الأقرب لمصر، مليون و200 ألف فلسطيني غالبيتهم من النازحين، ما يجعل الهجوم هناك معقداً للغاية.

وقالت «قناة 12» إن منطقة رفح هي في الحقيقة آخر المعاقل «الكبرى» لـ«حماس»، والتي لم يتعامل معها الجيش الإسرائيلي بعد، ما يضعه أمام تحد كبير، يشمل كذلك إنشاء واقع جديد في منطقة فيلادلفيا مع مصر.

ويوجد أمام جيش الاحتلال عدة تحديات هناك، من بينها أنه يوجد لـ«حماس» ما بين 3 إلى 4 كتائب في رفح، وأن المنطقة تقع بجوار مصر، وتوجد هناك صناعة تهريب تقليدية، ثم إن أي عملية هناك تحتاج إلى التنسيق مع مصر.

ومقابل التقدم الإسرائيلي، أعلنت «كتائب القسام» استهداف مزيد من القوات الإسرائيلية في خان يونس وتدمير دبابات هناك.

ومع مواصلة القتال البري، واصلت إسرائيل قصف مناطق واسعة في القطاع. وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن «عدد الشهداء منذ بدء العدوان (...) في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ارتفع إلى نحو 25 ألفاً و300 شهيد، و63 ألف مصاب، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وآلاف الضحايا الذين ما زالوا تحت الركام».

وجاءت التطورات في جنوب غزة، في وقت يحاول فيه الوسطاء دفع اتفاق ينهي الحرب، وقدموا خطة من 90 يوماً لكن إسرائيل لم توافق عليها.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لممثلي عائلات المحتجزين الذين التقاهم الاثنين: «خلافاً لما يقال، لا يوجد أي اقتراح حقيقي من (حماس)، هذا غير صحيح. سأقول ذلك بكل وضوح قدر استطاعتي لأن هناك كثيراً من البنود غير الصحيحة التي تسبب لكم الألم بالتأكيد. ومن ناحية أخرى، هناك اقتراح خاص بنا، ولن أخوض في تفاصيل عنه».

وكانت تقارير قد أفادت بأن نتنياهو رفض، الأحد، شروطاً قدمتها «حماس» لإنهاء الحرب وإطلاق سراح المحتجزين التي تتضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، وترك الحركة على رأس السلطة في القطاع.

لكن أهالي المحتجزين صعّدوا، واقتحمت مجموعة منهم اجتماعاً للجنة المالية في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، للمطالبة باتفاق يعيد لهم أحبتهم. وصرخ المقتحمون في النواب قائلين: «لن تجلسوا هنا، بينما هم يقبعون هناك (في أنفاق غزة)».

ويخيّم متظاهرون أيضاً أمام منزل نتنياهو في قيساريا، وكذلك أمام مبنى الكنيست، ويطالب بعضهم بإنهاء الحرب من جانب واحد أو إجراء انتخابات. وهتف متظاهرون في تل أبيب السبت من أجل إسقاط الحكومة.


مقالات ذات صلة

في خطوة نادرة... نتنياهو يعتذر لأسرة رهينة لقي حتفه في غزة

شؤون إقليمية صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال احتجاجات عائلات الرهائن في تل أبيب (رويترز)

في خطوة نادرة... نتنياهو يعتذر لأسرة رهينة لقي حتفه في غزة

في خطوة نادرة، قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، اعتذاراً لأسرة الرهينة الراحل ألكسندر لوبانوف، لعدم إنقاذه هو و5 رهائن آخرين كانوا محتجزين في غزة أحياءً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

رئيس الوزراء البريطاني يعرب عن «صدمته» لمقتل الرهائن الإسرائيليين الست

أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الأحد، عن «صدمته الشديدة» إزاء مقتل ست رهائن إسرائيليين «بشكل مروِّع وغير مبرَّر» بعدما عُثر على جثثهم في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي عائلات فلسطينية تغادر مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية هرباً من العملية العسكرية الإسرائيلية (أ.ب)

الخارجية الفلسطينية: تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير

قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية الأحد إن «التحريض الإسرائيلي على تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير بحق شعبنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله )
شؤون إقليمية ضغوط أميركية للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن (رويترز) play-circle 00:44

مسؤول إسرائيلي: ضغوط أميركية مكثفة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن

أوضح مسؤول بارز بالحكومة الإسرائيلية، شارك في اجتماعات حساسة، متعلقة بمحور فيلادلفيا أن تحديد مكان الرهائن الستة، الذين قتلوا وإعادتهم ربما «يغير المعادلة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)
أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)
TT

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)
أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)

أخفت جماعة الحوثي أكثر من 2400 مدني بشكل قسري، منهم 133 امرأة، و117 طفلاً، في 17 محافظة يمنية منذ يناير (كانون الثاني) 2017، حسب تقارير رسمية يمنية.

ووفق وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، فإن ميليشيا الحوثي التابعة لإيران استخدمت منذ انقلابها على الدولة، الإخفاء القسري أداةً لتكميم الأفواه وإرهاب المعارضين، مما يُضعف أي جهود لتحقيق السلام والاستقرار، على حد تعبيره.

كانت مصادر مطَّلعة في العاصمة اليمنية صنعاء قد أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن جماعة الحوثي بدأت بإعداد نظام تحرٍّ جديد يربط مختلف السجون وأماكن الاحتجاز بما في ذلك أقسام الشرطة، وترتبط جميعها بالأجهزة الأمنية العليا، وعلى رأسها ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» الذي يعمل تحت إشراف مباشر من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

استحداثات جديدة في سجون جهاز الأمن والمخابرات الحوثي في مدينة إب (إكس)

وأوضح الإرياني أن ميليشيا الحوثي اختطفت عشرات الآلاف من قيادات الدولة والسياسيين والإعلاميين والصحفيين والنشطاء والحقوقيين والمواطنين، إلى جانب 51 من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية والسفارة الأميركية، من منازلهم ومقرات أعمالهم والأسواق والشوارع ونقاط التفتيش.

وكشف الوزير في حديث إعلامي بمناسبة اليوم العالمي لمناصرة ضحايا الإخفاء القسري (30 أغسطس/آب من كل عام) عن أن جماعة الحوثي مارست بحق هؤلاء المختطفين «أبشع الجرائم والانتهاكات من احتجاز تعسفي وتعذيب نفسي وجسدي، وإخفاء قسري، والابتزاز لهم ولأسرهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم».

المنظمات الحقوقية وثّقت –حسب الإرياني– ارتكاب ميليشيات الحوثي جريمة الإخفاء القسري بحق 2406 من المدنيين بينهم 133 امرأة و117 طفلاً في 17 محافظة منذ الأول من يناير (كانون الثاني) 2017، حتى منتصف 2023.

ولفت الوزير إلى أن هذه الجرائم «توزعت بين 642 جريمة إخفاء قسري بحق فئات عمالية: 189 سياسيين، و279 عسكريين، و162 تربويين، و53 ناشطاً، و71 طالباً، و88 تاجراً، و117 طفلاً، و118 شخصية اجتماعية، و31 إعلامياً، و39 واعظاً، و13 أكاديمياً، و133 امرأة، و382 أجنبياً لاجئاً أفريقياً، و52 محامياً، و37 طبيباً».

وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

الوزير الإرياني أشار كذلك إلى أن «ميليشيا الحوثي تُدير نحو 641 معتقلاً، منها 237 سجناً رسمياً واقعاً تحت سيطرتها، و128 معتقلاً سرياً استحدثتها بعد الانقلاب، بالإضافة إلى 32 مختطفاً تعرضوا للتصفية الجسدية، فيما انتحر آخرون للتخلص من قسوة وبشاعة التعذيب، كما سُجلت 79 حالة وفاة للمختطفين و31 حالة وفاة لمختطفين بنوبات قلبية، بسبب الإهمال الطبي ورفض إسعافهم للمستشفيات».

وشدد وزير الإعلام والثقافة والسياحة على أن «ميليشيا الحوثي ترتكب هذه الجرائم الشنيعة التي ترقى إلى جرائم حرب، وتنتهك القوانين الدولية كافة، بما في ذلك اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، التي تُجرِّم الإخفاء القسري وتعدها جريمة ضد الإنسانية، وانتهاكاً صارخاً للحق في الحرية والأمان الشخصي، وتخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتُخلف آثاراً نفسية وجسدية مدمرة على الأسر، الذين يعيشون في حالة من الألم والمعاناة بحثاً عن ذويهم المختفين».

وطالب الإرياني، في ختام حديثه، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان، بممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي للكشف عن مصير جميع المخفيين قسراً، وأماكن احتجازهم، ووضع حد لمأساتهم، والعمل على إطلاقهم بشكل فوري وفي مقدمتهم السياسي محمد قحطان، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم، والشروع الفوري في تصنيف الميليشيا «منظمة إرهابية عالمية».

جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

واستحدثت الجماعة الحوثية منذ أشهر قطاعاً أمنياً استخباراتياً لنجل مؤسس الجماعة حسين الحوثي، لملاحقة النشطاء ومن يعارضون أو يكشفون عن وقائع فساد ومن يجري تصنيفهم تحت مسمى «الطابور الخامس»، بينما تعمل على إنشاء جهاز أمني جديد للرقابة على القبائل ومجتمعات الأرياف، في مواجهة مظاهر الغضب والتمرد المتصاعدين ضد نفوذها وممارساتها، والمرجح تسميته «الشرطة المجتمعية».