الغزّيون يبحثون عن جثامين أبنائهم بعدما جرفت إسرائيل المقابر

فلسطينيون يعاينون الأضرار في مقبرة بخان يونس في 17 يناير الحالي (أ.ب)
فلسطينيون يعاينون الأضرار في مقبرة بخان يونس في 17 يناير الحالي (أ.ب)
TT

الغزّيون يبحثون عن جثامين أبنائهم بعدما جرفت إسرائيل المقابر

فلسطينيون يعاينون الأضرار في مقبرة بخان يونس في 17 يناير الحالي (أ.ب)
فلسطينيون يعاينون الأضرار في مقبرة بخان يونس في 17 يناير الحالي (أ.ب)

عبثاً حاول المسن عبد الكريم الحطاب (67 عاماً)، من سكان حي التفاح شرق مدينة غزة، التعرف على مكان قبر نجله أحمد البالغ من العمر (28 عاماً)، بعدما جرفت آليات هندسية إسرائيلية مقبرة الحي عن بكرة أبيها.

الحطاب الذي فقد نجله إثر قصف إسرائيلي طال محيط منزله في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لم يجد مكان القبر، كما لم يجد جثمان ابنه، في موقف عمق جراح الفقد لديه.

وقال الحطاب لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتعرف إلى معالم المقبرة. ذُهلت مما رأيت. فقط مجرد كومة رمال وكأن زلزالاً ضربها... هرعت إلى القبر الذي أعرفه لم أجده. لا يوجد قبور. لا يوجد معالم قبور. جميعها جُرفت. لم يجد أي أحد قبوراً أو جثامين. كل العوائل فقدت أحبتها للمرة الثانية».

قبور متضررة بعد غارة إسرائيلية في مقبرة بخان يونس في 17 يناير الحالي (أ.ب)

ولا يعرف الحطاب مصير جثمان نجله؛ ما إذا تم تجريفه أو اختطفته القوات الإسرائيلية. وقال: «بعد وقف إطلاق النار سأعود للبحث عنه مرة أخرى».

وخلال الحرب الحالية على قطاع غزة، جرفت إسرائيل العديد من المقابر، في مدينة غزة وشمالها، في محاولة للبحث عن محتجزين قتلى كما يبدو، وهو وضع خلف الكثير من الفوضى والألم.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن جيش الاحتلال اختطف جثامين من ساحة مستشفيات غزة وشمال القطاع، وبعض المقابر، في إطار عملية بحث عن جثامين إسرائيليين أُسروا من قبل «حماس» في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وقُتلوا لاحقاً بظروف مختلفة منها غارات إسرائيلية ومحاولات تحريرهم، وقد وجد الإسرائيليون بعضهم فعلاً في مقابر.

وبحسب المصادر، فإن قوات الاحتلال نبشت جثامين قيادات في «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، بينهم أحمد الغندور، وأيمن صيام، ووائل رجب، وغيرهم، وسط أنباء عن اختطاف جثامين بعضهم.

فلسطينيون يعاينون الأضرار في مقبرة بخان يونس في 17 يناير الحالي (أ.ب)

وكانت قوات الاحتلال سلمت في الآونة الأخيرة عشرات الجثامين لفلسطينيين، وتم دفنهم كمجهولي هوية في مقبرة جماعية بخان يونس جنوب القطاع، بعد أن سُلمت هناك عبر الصليب الأحمر.

وعملياً، لا يعرف كثير من الأهالي ما إذا كانت جثامين أبنائهم قد جُرفت أو خُطفت أو سُلمت ودُفنت في مقبرة خان يونس، وفي كل الأحوال فإن الجثامين مفقودة، وقد لا يكون ممكناً التعرف عليهم في أي وقت لاحق.

وقالت ياسمين النباهين (49 عاماً)، من سكان منطقة الفالوجا بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، إنها لا تعرف مصير جثمان شقيقها سمير (41 عاماً)، بعدما جرفت قوات الاحتلال مقبرة المنطقة.

وشرحت النباهين لـ«الشرق الأوسط» كيف توجهت إلى المقبرة بعد انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة، لتفقد قبر شقيقها الذي توفي قبل عدة أعوام، لكنها لم تعرف مكانه بسبب عملية التجريف الواسعة داخل المقبرة.

وقالت: «لم يكتفوا بنبش وتجريف القبور، لقد داسوا على كل القبور بالدبابات ودمروا المكان. اختلطت القبور والجثامين ببعضها، وسمعنا أنه سُرق العديد من الجثامين».

قبور متضررة بعد توغل دبابات إسرائيلية في مقبرة بخان يونس في 17 يناير الحالي (أ.ب)

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن جيش الاحتلال نبش أكثر من 1500 قبر، وسرق 150 جثماناً.

أما الأكثر حظاً من الأهالي، فهم الذين وجدوا جزءاً من جثامين أحبائهم في هذه المقابر.

وقال فرج رحمي من سكان حي الزيتون بمدينة غزة، إنه فوجئ بحجم التدمير الذي طال «مقبرة الشيخ شعبان» القريبة من الحي، والتي دُفن فيها والده المسن.

وأضاف رحمي لـ«الشرق الأوسط»: «وجدت جزءاً من قبر والدي، أما الجزء الآخر فتم تجريفه واختلط بقبور مجاورة. لأيام بقيت أبحث وجمعت ما تبقى من جثمان أبي ودفنته في مكان جديد داخل المقبرة».

وقال رحمي إنهم في غزة كانوا يقولون إن الأموات ذهبوا وارتاحوا، ولكن بعد نبش قبورهم واضح أن الأموات في غزة أيضاً لم يسلموا!


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».