العراق: انتخاب رئيس البرلمان بانتظار المحكمة والتوافق الشيعي

مرشح يحتاج إلى إجازة قانونية لإكمال المنافسة و«الإطار التنسيقي» يحاول «لملمة» أطرافه

مجلس النواب العراقي (رويترز)
مجلس النواب العراقي (رويترز)
TT

العراق: انتخاب رئيس البرلمان بانتظار المحكمة والتوافق الشيعي

مجلس النواب العراقي (رويترز)
مجلس النواب العراقي (رويترز)

تتحرك قيادات شيعية بارزة استعداداً للجولة الثانية لاختيار رئيس جديد للبرلمان العراقي، بعدما تعثرت الجولة الأولى الأسبوع الماضي بسبب خلافات سياسية وقانونية.

ومن المفترض أن تسفر هذه الجهود عن توافق القوى المنضوية داخل «الإطار التنسيقي» على مرشح سني، لكن يبدو أن الانقسام الحاد بلغ مستويات أكبر مما كانت قبل جلسة الأسبوع الماضي، وفقاً لسياسيين عراقيين.

وعقد نواب البرلمان جلسة، السبت الماضي، لانتخاب رئيس جديد للمجلس، ورغم أن التصويت لم يحسم اسم الفائز، فإن نتائج الفرز تضمنت حصول المرشح شعلان الكريم من حزب «تقدم» (يرأسه الرئيس السابق للبرلمان محمد الحلبوسي ويُصنف سُنياً) على 152 صوتاً، وحظي محمود المشهداني مرشح تحالف «عزم» (المدعوم من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية) بـ48 صوتاً فقط.

ويعمل البرلمان العراقي بلا رئيس منذ 15 أكتوبر (تشرين الأول)، حين قضت المحكمة الاتحادية العليا بإنهاء عضوية الحلبوسي بعد النظر في دعوى قضائية اتهمته بتزوير تأريخ استقالة النائب ليث الدليمي.

قرار المحكمة

ولن تعقد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس البرلمان إلا بعد أن تصدر المحكمة الاتحادية قراراً في الدعوى التي رفعها نائبان من «الإطار التنسيقي» طلبا «إلغاء ترشيح شعلان الكريم لرئاسة مجلس النواب العراقي» على خلفية دعمه لحزب «البعث» و«تمجيده» لرئيس النظام السابق، وفقاً لنص الدعوى.

ويعارض نوب من قوى شيعية ترشيح الكريم بدعوى أن رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي تدخل بطريقة غير قانونية لحشد أصوات النواب لصالح هذا المرشح.

في المقابل، تقدم نواب يؤيدون ترشيح الكريم بدعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية ضد رئيس البرلمان المؤقت محسن المندلاوي، على خلفية ما يقولون إنه «خالف الدستور والنظام الداخلي بشأن آلية عقد الجلسات».

وكان من المفترض أن تبدأ جولة التصويت الثانية بين أعلى المتنافسين في الجولة الأولى بعد نصف ساعة، لكنها «تأخرت 5 ساعات، قبل أن يفتعل نواب مشادة كلامية أدت إلى رفع الجلسة»، وفقاً لنص الدعوى.

ويعتقد سياسيون من حزب «تقدم» أن «قوى الإطار التنسيقي» تعمدت المماطلة في تسيير أعمال المجلس لانتخاب الرئيس في محاولة لقطع الطريق على مرشحهم الذي حصل على أعلى الأصوات.

الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

الكريم و«الخونة»

كان الشعلان كتب في مجموعات تضم سياسيين ونواباً في «واتساب» عبارة مقتضبة عكست تفاؤله، واستخدم مثلاً بدوياً عراقياً: «تراها تبطي بس ما تخطي»، ويعني أن قرار المحكمة الاتحادية قد يتأخر، لكنه في النهاية سيكون منصفاً أو صائباً.

لكن الشعلان نشر اليوم الجمعة «حديثاً نبوياً» عن «الخونة والكذابين»، وهو ما فسره مراقبون بتراجع حظوظ هذا المرشح قبل صدور القرار.

بالتزامن، شن السياسي العراقي عزت الشابندر، وهو نائب سابق، هجوماً على «النواب الشيعة الذين صوتوا للكريم»، وقال: «إن عدوكم ومن أجل انتزاع الحكم منكم لم يعد يحتاج إلى قواعد عسكرية ولا بوارج ولا ميليشيات (...) لقد منحتم أصواتكم لعودة النظام السابق ولم تكن للنائب شعلان الكريم».

مبادرة العامري

وقبل أن تحسم المحكمة قرارها، قال رئيس منظمة «بدر» هادي العامري، وهو أحد قيادات «الإطار التنسيقي»، إنه التقى نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، وفالح الفياض، رئيس هيئة «الحشد الشعبي»، لبحث التطورات السياسية والميدانية، لكن مصادر مطلعة أبلغت «الشرق الأوسط» أن العامري بدأ «حراكاً سياسياً لتوحيد مواقف الإطار التنسيقي».

وأكدت المصادر أن «العامري يحاول جمع الأطراف الشيعية على رأي توافقي استعداداً لقرار المحكمة الاتحادية، ولعقد جلسة انتخاب الرئيس».

العامري والمالكي والفياض خلال اجتماع تشاوري هذا الأسبوع (فيسبوك)

وقال العامري، في بيان صحافي، إن اجتماعه مع العامري والفياض «بحث في مواضيع الاستقرار الأمني والسياسي، ودعم مسار العملية السياسية بما يخدم البلاد ومصالحها والجهود المؤدية إلى ذلك».

وأكد العامري أن «الاجتماع جدد دعم الحكومة في ملفات الإعمار والخدمات وتعزيز السيادة الوطنية».

وأوضحت المصادر أن اجتماع العامري والمالكي والفياض «بحث الموقف من انتخاب رئيس البرلمان قبل اجتماع مخصص لهذا الغرض بين قوى الإطار التنسيقي يوم الأحد المقبل».

ودعا العامري، الجمعة الماضي، إلى «وحدة الإطار التنسيقي وضرورة تماسكه»، وأشار إلى أن «ما حدث مؤخراً أثناء التصويت لاختيار رئيس مجلس النواب أمر يتفهمه الجميع، وسيحُسم هذا الموضوع داخل الإطار قريباً، وسنتجاوز هذه العقبة كما تجاوزنا العقبات السابقة».

وقال العامري: «قوة (الإطار) تكمن في تعدد وجهات نظر أطرافه قبل الاتفاق على أيٍ من خطواته اللاحقة».

مرشح «مفاجأة»

في السياق، تحدثت النائبة في البرلمان العراقي، عالية نصيف، عن «حراك خلف الكواليس لإعادة تأهيل وزير سابق لترشيحه لرئاسة المجلس».

وتُعرف نصيف، التي تنتمي لائتلاف «دولة القانون» بتصريحاتها المثيرة للجدل، ورغم أنه من الصعب التحقق من دقة معلوماتها، لكن مراقبين يعتقدون أنها «تلعب دوراً في تحريك الرأي العام ضمن توجه أطراف في الإطار التنسيقي».

وقالت نصيف، عبر منشور في منصة «إكس»، إن «هناك محاولات تجري خلف الكواليس لإعادة تأهيل نائب حالي ووزير سابق كان أقيل من البرلمان بتهم فساد ليتم ترشيحه لرئاسة البرلمان».

ومع أن نصيف لم تكشف اسم النائب الحالي والوزير السابق، لكن مراقبين يعتقدون أنها تشير إلى وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي الذي كانت استجوبته عام 2016 قبل أن يصوت البرلمان على سحب الثقة عنه.


مقالات ذات صلة

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

المشرق العربي صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي (الاثنين) من بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية، ستتم مناقشة الموضوع في جلسة سرية.

حمزة مصطفى (بغداد )
المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، عن فقدان المنظومة الكهربائية 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، ما سيؤدي إلى تراجع توفير الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحكومية والمواطنين بنحو 20 في المائة. وأوضحت الوزارة أن إنتاجها من الكهرباء تجاوز 27 ألف ميغاواط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الوزارة عزت «التوقف المفاجئ» إلى «أغراض الصيانة»، فإن مصادر مطلعة على ملف الكهرباء ترجح أن السبب الرئيسي يعود إلى «أسباب مالية»، حيث إن بغداد مدينة لطهران بأكثر من 10 مليارات دولار، لكنها تجد نفسها غير قادرة على سدادها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأكدت وزارة الكهرباء في بيان، الأحد، «توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً (وفقاً للجانب الإيراني) عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط، مما أدى إلى فقدان المنظومة 5500 ميغاواط».

وأضافت الوزارة أنه «كان من المتفق عليه أن تكون إمدادات الغاز اليوم الأحد بواقع 25 مليون متر مكعب يومياً، ولكن الكمية المدفوعة حالياً هي 7 ملايين متر مكعب، تم تحويلها من بغداد والوسط إلى المنطقة الجنوبية».

أكدت الوزارة أنها «ستعزز التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من الغاز، وأنها تنفذ حالياً خططها الاستراتيجية والطارئة لرفع قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية في جميع قطاعاتها (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)».

كما أشارت الوزارة إلى أنها «تعيد العمل بالمشاريع المتلكئة والمتوقفة منذ سنوات عديدة لاستحصال طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة لتحسين الإنتاج ورفع معدلاته بما يناسب استقرار التجهيز، معتمدة في ذلك على جزء من تشغيل محطاتها الإنتاجية بالغاز الوطني، وجزء آخر بالوقود الوطني، وآخر بالغاز المستورد، ريثما تكتمل مشاريع الحكومة العاملة على تأهيل حقول الغاز الوطنية».

وتحدثت عن أنها «ستنسق مع وزارة النفط بشكل أكبر لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز». ومعروف أن الغاز المستثمر في الحقول العراقية لا يغطي حاجة محطات توليد الكهرباء.

العقوبات الأميركية

ويميل مصدر مطلع على ملف الكهرباء إلى «الاعتقاد بأن القرار الإيراني المفاجئ مرتبط بمطالبات إيران المالية من العراق».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران لا تقوم بإيقاف إمدادات الغاز في هذه الأوقات من السنة في العادة، لأنها ليست أوقات الذروة والأحمال بسبب اعتدال الأجواء المناخية حتى الآن، أغلب الظن أن الأمر مرتبط بالأموال، خاصة ونحن نعلم أن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة إلى العراق لم تنجح في حل هذه المشكلة».

ولا يستبعد المصدر أن «يرتبط الضغط الإيراني الجديد على العراق بهدف الحصول على أموالها لمواجهة أزمتها الاقتصادية واستثمارها في الحرب مع إسرائيل، وكذلك مواجهة تداعيات عملتها الأخيرة».

كانت أخبار تحدثت عن مفاوضات صعبة خاضها بزشكيان خلال زيارة إلى بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذكرت أنه «عرض على العراق أن يتم تسليم الديون عبر عُملة مشتركة»؛ الأمر الذي رفضته بغداد لخشيتها من العقوبات الأميركية، وجراء هذه الخشية يلتزم العراق بالاتفاقيات السابقة التي تتضمن تسليم الديون، من خلال «شراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل النفط الأسود ومنتجات أخرى».

وتراكمت ديون إيران بذمة العراق، التي تتراوح بين 10 و15 مليار دولار منذ أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران نهاية عام 2018، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي، لكن واشنطن أعطت بعض الاستثناءات للجانب العراقي خلال السنوات الماضية لتسديد بعض من تلك الديون وخاصة في فترات الصيف التي يتصاعد فيها الطلب على الكهرباء، ومع عدم قدرة المحطات العراقية العمل من دون الغاز الإيراني.

وبهدف التغلب على مشكلة العقوبات المفروضة ضد إيران وتنويع العراق لمصادر استيراده للغاز، أعلنت وزارة الكهرباء في أكتوبر الماضي أنها «وقعت عقداً مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، بيد أن العقد لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».

وقال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، نهاية أكتوبر الماضي، إن «كميات الغاز المستوردة تصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً خلال فصل الصيف، سوف تؤمن من تركمانستان 20 مليون متر مكعب يومياً، والمتبقي من ضمن عقد الغاز الإيراني الذي مدته 5 سنوات».

نقص إمدادات الطاقة بإيران

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في طهران وعدة محافظات أخرى، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وتشمل الخطة قطع الكهرباء في مناطق مختلفة من العاصمة لمدة ساعتين يومياً بين الساعة السابعة صباحاً والخامسة مساءً، حسبما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وأوضحت الشركة العامة لتوزيع الكهرباء أن القرار جاء نتيجة «محدودية إمدادات الغاز المستخدم وقوداً في المحطات»، إضافة إلى مرسوم حكومي يمنع استخدام المازوت في بعض المحطات الكهربائية. ولم تُحدّد السلطات مدة تطبيق الخطة.

على مدى السنوات الأخيرة، واجهت العديد من المدن الإيرانية الكبرى مشكلة التلوث الناتج عن رداءة المازوت المستخدم في المحطات، وفقاً لخبراء. وللحد من هذه الأضرار، أمرت الحكومة بوقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وأصفهان (وسط البلاد) وكرج (غرب طهران) حفاظاً على صحة المواطنين.

يُذكر أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أثارت استياءً شعبياً واسعاً. ففي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت السلطات عن تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة إلى النصف لعدة أيام لتوفير الطاقة.