غارات كثيفة على جنوب غزة... وخلاف بين إسرائيل وواشنطن حول قيام دولة فلسطينية

الدخان يتصاعد بعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)
الدخان يتصاعد بعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)
TT

غارات كثيفة على جنوب غزة... وخلاف بين إسرائيل وواشنطن حول قيام دولة فلسطينية

الدخان يتصاعد بعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)
الدخان يتصاعد بعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)

قصف الجيش الإسرائيلي جنوب قطاع غزّة بشكل مكثّف (الجمعة)، وسط بروز اختلاف كبير في وجهتَي النظر بين إسرائيل وواشنطن حول قيام دولة فلسطينيّة، واتّساع رقعة النزاع ووصوله حتّى سواحل اليمن.

وفي الساعات الأولى من يوم الجمعة، أفاد شهود عيان بإطلاق نار وغارات جوّية في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزّة حيث تقول إسرائيل إنّ عديداً من أعضاء القيادة المحلّية لحركة «حماس» الفلسطينيّة يختبئون.

وتحدّث «الهلال الأحمر» الفلسطيني عن قصف مدفعي «مكثّف» في «محيط» مستشفى «الأمل»، في وقت أفادت فيه وكالة الأنباء الفلسطينيّة «وفا» بسقوط عديد من القتلى والجرحى خلال الليل في خان يونس، التي باتت مركز المعارك.

وقال الجيش الإسرائيلي إنّ «جنوداً مدعومين بالمدفعيّة والطيران قضوا على عشرات الإرهابيّين» في خان يونس، مشيراً إلى أنه تمكّن من الوصول إلى «أقصى منطقة جنوب قطاع غزّة»، منذ بداية العمليّة البرّية التي بدأت في أقصى شمال القطاع الفلسطيني.

في غزّة، حيث نزح نحو 80 في المائة من السكّان؛ بسبب الغارات أو القتال، لا يزال الوضع الإنساني حرجاً. وأعلنت منظّمة الصحّة العالميّة ليلاً أنّها أحصت 24 حالة من التهاب الكبد «أ»، وهو عدوى فيروسيّة في الكبد، فضلاً عن «الآلاف» من حالات متلازمة اليرقان المرتبطة «على الأرجح» بانتشار التهاب الكبد.

وكتب رئيس منظّمة الصحّة العالميّة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عبر منصة «إكس» أنّ «الظروف المعيشيّة غير الإنسانيّة - وسط قلّة توافر مياه الشرب والمراحيض النظيفة، وعدم القدرة على الحفاظ على نظافة المناطق المحيطة بها - ستؤدّي إلى انتشار التهاب الكبد بشكل أكبر».

واندلعت الحرب التي دمّرت القطاع الفلسطيني وشرّدت أكثر من 80 في المائة من سكّانه، إثر شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) أسفر عن مقتل 1140 شخصاً، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام رسميّة.

كما احتُجز خلال الهجوم نحو 250 شخصاً رهائن ونُقلوا إلى غزّة، وأُطلِق سراح نحو 100 منهم خلال هدنة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). ووفق إسرائيل، لا يزال 132 منهم في غزّة، ويُعتقد بأنّ 27 منهم لقوا حتفهم.

ورداً على هجوم «حماس»، تعهّدت إسرائيل بالقضاء على الحركة التي تحكم غزة منذ عام 2007. ووفق وزارة الصحّة التابعة لـ«حماس»، قُتل حتّى الآن في الغارات الإسرائيليّة 24620 شخصاً، غالبيّتهم العظمى من النساء والأطفال.

وقال رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، (الخميس): «لن نكتفي بأقلّ من انتصار تامّ، ما يعني القضاء على القادة الإرهابيّين، وتدمير قدرات (حماس) العملانيّة والعسكريّة، وعودة رهائننا إلى ديارهم، ونزع سلاح قطاع غزّة مع سيطرة أمنيّة كاملة لإسرائيل وعلى كل ما يدخل» إلى القطاع.

وشدّد على أنّ «النصر سيتطلّب أشهراً عدّة»، مضيفاً: «يجب أن تكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. هذا شرط ضروري يتناقض مع فكرة السيادة (الفلسطينية)».

وعندما سُئل عن تصريحات نتنياهو، رد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: «واضح أننا نرى الأمور بشكل مختلف».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

والولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل والداعم الأساسي لها في عمليّتها ضدّ «حماس»، تُكرّر من جانبها أنّ إنشاء دولة فلسطينيّة قابلة للحياة والاعتراف بها هو أمر ضروري لتحقيق «أمن حقيقي».

ونفّذ الجيش الإسرائيلي خلال الليل مداهمات في قطاعات مختلفة من الضفة الغربية المحتلّة، خصوصاً في طولكرم، حيث أحصت وزارة الصحّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة 6 قتلى على الأقلّ منذ الأربعاء.

ويخشى المجتمع الدولي اتّساع نطاق النزاع، وسط تبادل يومي لإطلاق النار على الحدود الإسرائيليّة - اللبنانيّة، وزيادة هجمات الحوثيّين ضدّ سفن تجاريّة في البحر الأحمر وخليج عدن، وتكثيف الضربات الأميركيّة ضدّ مواقع لهم في اليمن.

الحوثيون يواصلون استهداف السفن

وأعلن المتمرّدون اليمنيّون، ليل الخميس الجمعة، استهداف سفينة أميركيّة في خليج عدن؛ رداً على الضربات الأميركية - البريطانية على مواقع عسكرية تابعة لهم ودعماً للفلسطينيين في قطاع غزة الذي يشهد حرباً مع إسرائيل.

من جهته، أكّد الجيش الأميركي أنّ الحوثيّين في اليمن استهدفوا سفينة تجاريّة أميركيّة (الخميس)، لكنه قال إنّه لم يُسجّل إصابات أو أضرار.

وجاء في بيان نشرته حسابات تابعة للحوثيين على مواقع التواصل الاجتماعي: «نفّذت القوات البحرية في القوات المسلحة اليمنية عملية استهداف لسفينة (إم/في كيم رينجير) الأميركية في خليج عدن، وذلك بصواريخ بحرية مناسبة، وكانت الإصابة مباشرة».

وأكد الحوثيون أن هذه العملية تأتي «انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وضمن الرد على العدوان الأميركي - البريطاني على بلدنا».

وقالت القيادة العسكريّة الأميركيّة للشرق الأوسط (سنتكوم) في بيان على منصّة «إكس»: «أطلق الإرهابيّون الحوثيّون المدعومون من إيران صاروخَين بالستيَّين مضادَّين للسفن على سفينة (إم/في كيم رينجير)، وهي سفينة ناقلة ترفع علم جزيرة مارشال وتملكها الولايات المتحدة وتديرها اليونان».

وأضافت: «لاحظ الطاقم ارتطام الصاروخين بالمياه بالقرب من السفينة. ولم يتمّ الإبلاغ عن وقوع أيّ إصابات أو أضرار للسفينة التي واصلت الإبحار».


مقالات ذات صلة

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

المشرق العربي الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص التي توفيت في غزة (المركز الفلسطيني للإعلام)

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)

قصف إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان... ومقتل 28 فلسطينياً في غزة

أفاد الدفاع المدني في غزة، اليوم (الأحد)، بأن 28 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، قُتلوا في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل السبت الأحد، في قطاع غزة

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

تجاوز صاروخ أطلقه الحوثيون الدفاعات الإسرائيلية التي فشلت في اعتراضه وسقط في تل أبيب أمس. وقال مسعفون إنَّ 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج،

علي ربيع (عدن) كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً في موقع غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

قال مسعفون لـ«رويترز»، اليوم السبت، إن خمسة أشخاص، بينهم طفلان، قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

قصف إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان... ومقتل 28 فلسطينياً في غزة

رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
TT

قصف إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان... ومقتل 28 فلسطينياً في غزة

رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)

أفاد الدفاع المدني في غزة، اليوم (الأحد)، بأن 28 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، قُتلوا في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل السبت الأحد، في قطاع غزة. وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الدفاع المدني «أحصى 28 شهيداً وعشرات المصابين إثر مواصلة قوات الاحتلال العدوان والقصف الجوي والمدفعي على قطاع غزة الليلة الماضية، وصباح اليوم». وأوضح أنه «تم نقل 4 شهداء وعدد من المصابين إثر استهداف طائرة مسيَّرة إسرائيلية سيارةً مدنيةً في شارع الجلاء في مدينة غزة، ونُقلوا إلى مستشفى المعمداني» في المدينة. وأضاف أن «13 شهيداً سقطوا في استهداف الطيران الحربي الليلة الماضية منزلاً مكوّناً من 3 طوابق في دير البلح وسط القطاع» مشيراً إلى أن «غالبية القتلى من عائلة أبو سمرة، وبينهم 3 نساء وأطفال».

وتابع بصل: «8 شهداء على الأقل وعدد من المصابين سقطوا في مدرسة موسى بن نصير التي تؤوي آلاف النازحين في حي الدرج» في شمال شرقي مدينة غزة. وأضاف: «تم انتشال جثث 3 شهداء جميعهم في العشرينات من العمر؛ نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في شرق مدينة رفح» في جنوب قطاع غزة.

جاء ذلك في وقت أمر فيه الجيش الإسرائيلي بإخلاء مستشفى كمال عدوان بشمال القطاع. وذكر مسعفون فلسطينيون أن 8 بينهم أطفال قُتلوا في مدرسة موسى بن نصير التي تؤوي عائلات نازحة في مدينة غزة، حسبما أوردت وكالة «رويترز» للأنباء.

مواطنون يبحثون عن الأحياء في موقع تعرض لغارة إسرائيلية بدير البلح بغزة (أ.ف.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن الضربة استهدفت مسلحين من حركة «حماس» يعملون من مركز قيادة داخل المدرسة. وأضاف أن مسلحين من «حماس» استخدموا المكان للتخطيط لهجمات ضد القوات الإسرائيلية وتنفيذها.

وفي مدينة غزة أيضاً، قال مسعفون إن 4 فلسطينيين قُتلوا عندما ضربت غارة جوية إسرائيلية إحدى السيارات. وقُتل ما لا يقل عن 5 فلسطينيين في غارتين جويتين منفصلتين على رفح وخان يونس جنوب القطاع.

الجيش يأمر بإخلاء مستشفى كمال عدوان

وفي بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حيث يواصل الجيش العمليات منذ أكتوبر (تشرين الأول)، قال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، إن الجيش أمر العاملين بالمستشفى بإخلائه، ونقل المرضى والجرحى إلى مستشفى آخر في المنطقة.

وقال أبو صفية إن المهمة شبه مستحيلة؛ لأن العاملين لم تكن لديهم سيارات إسعاف لنقل المرضى. ويواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات في بلدتَي بيت لاهيا وبيت حانون بشمال قطاع غزة، وكذلك في مخيم جباليا القريب منهما منذ 3 أشهر تقريباً.

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان إن مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع «تعرَّض، فجر اليوم، لقصف جوي ومدفعي عنيف ومكثف، خصوصاً قسم الرعاية والحضانة، الذي أُصيب بأضرار جسيمة».

أجساد ضحايا غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات أمس خارج مستشفى شهداء الأقصى (أ.ب)

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بتنفيذ «تطهير عرقي» لإخلاء تلك المناطق من السكان لإنشاء منطقة عازلة. وتنفي إسرائيل ذلك، وتقول إن الحملة العسكرية في المنطقة تهدف إلى محاربة مسلحين من «حماس»، ومنعهم من إعادة تنظيم صفوفهم. وقالت إن قواتها قتلت مئات المسلحين وفكّكت بنيةً تحتيةً عسكريةً منذ بدء العمليات هناك. وقال الجناحان العسكريان لحركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إنهما قتلا كثيراً من الجنود الإسرائيليين في كمائن خلال الفترة نفسها.

نقاط عالقة في اتفاق وقف إطلاق النار

ولم يتمكّن الوسطاء بعد من التوصُّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس». وقالت مصادر قريبة من المناقشات لـ«رويترز»، يوم الخميس، إن قطر ومصر تمكّنتا من حل بعض نقاط الخلاف التي تعوق الاتفاق بين طرفَي القتال، لكن لا تزال هناك نقاط عالقة.

مواطنون يبحثون عن متاعهم في موقع تعرض لغارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)

وشنّت إسرائيل حربها على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون من «حماس» بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة. وتقول إسرائيل إن نحو 100 رهينة ما زالوا محتجزين، لكن من غير الواضح عدد مَن لا يزالون على قيد الحياة منهم، وفق وكالة «رويترز» للأنباء. ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشنُّ إسرائيل حرباً واسعة النطاق ضد حركة «حماس» في غزة، أدت إلى مقتل أكثر من 45 ألف شخص، ودمار كبير في المنازل والبنية التحتية، وأسفرت الحرب عن نزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتدمير أغلب القطاع الساحلي.