مدير المخابرات القبرصية في بيروت لبحث الهجرة غير الشرعية

59 قارباً غادر لبنان عام 2023 وأكثر من 3500 شخص معظمهم من السوريين

اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع مدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس (موقع رئاسة الحكومة)
اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع مدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس (موقع رئاسة الحكومة)
TT

مدير المخابرات القبرصية في بيروت لبحث الهجرة غير الشرعية

اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع مدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس (موقع رئاسة الحكومة)
اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع مدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس (موقع رئاسة الحكومة)

عاد موضوع الهجرة غير الشرعية إلى الواجهة في لبنان مع زيارة مستشار الأمن القومي ومدير المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس، بيروت، حيث التقى مسؤولين وبحث كيفية الحد من هذه الظاهرة التي تنشط في لبنان في الفترة الأخيرة عبر عصابات تتولى هذه العمليات مقابل آلاف الدولارات.

وعقد مدير المخابرات القبرصي لقاءات مع رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، ونائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب، وقائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري. وقال الوزير بوحبيب خلال اللقاء إن «95 في المائة من النازحين السوريين يهاجرون لأسباب اقتصادية، وعلينا معالجة ذلك، بالتعاون مع الدول المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط».

ويشكل السوريون النسبة الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين من لبنان باتجاه قبرص التي تعد البوابة إلى أوروبا بالنسبة إلى هؤلاء، وهو الأمر الذي يؤرق الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي.

وقد أظهرت إحصاءات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، مغادرة 59 قارباً من لبنان تحمل على متنها ما يقارب 3528 راكباً، منهم 3298 سورياً، و76 لبنانياً، و5 فلسطينيين، إضافةً إلى 149 شخصاً لم يتم التأكد من جنسيتهم.

وتشير المفوضية إلى أن 29 قارباً (تحمل 1558 شخصاً) وصلت إلى قبرص بنجاح لكن أُعيد ثلاثة منها لاحقاً إلى لبنان، أي 109 ركاب، مشيرةً من جهة أخرى إلى أنه إضافةً إلى هذه القوارب هناك 45 قارباً نقلت مهاجرين غير شرعيين من دون أن يجري التأكد من مكان مغادرتها، ما إذا كان سوريا أو لبنان.

وانطلاقاً من هذه الأرقام، تلفت المفوضية إلى ارتفاع عدد القوارب المهاجرة مقارنةً مع عام 2022، بنسبة 7.3 في المائة مع تسجيل انخفاض في عدد الركاب بنسبة 23.8 في المائة.

ويوضح المحامي بول مرقص، رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية لـ«الشرق الأوسط» أن هناك اتفاقاً بين لبنان وقبرص حول إعادة قبول الأشخاص المقيمين بشكل غير شرعي، جرت التصديق عليه بموجب القانون رقم 531 سنة 2003 ينصّ في الفقرة الأولى منه على أنه على كل من الطرفين المتعاقدين أن يعيد، بناءً على طلب الطرف المتعاقد الآخر ومن دون أي معاملات، قبول أي شخص لا يفي أو لم يعد يفي بشروط الدخول أو الإقامة المعمول بها على أراضي الطرف المتعاقد...

ومن الجهة القبرصية، يؤكد مرقص أن «السلطات القبرصية ملزمة قانوناً بمنح أي طالب لجوء موضوع قرار الترحيل الوقت الكافي لتقديم الدفاع عن نفسه والاعتراض على قرار ترحيله، وتوضيح أسباب عدم رغبته في العودة إلى بلده الأم ومراجعة القضاء أو البحث عن بلد آخر للانتقال إليه، ذلك لأنه متعلق بالقواعد الإنسانية العامة والمحمية بموجب القانون الدولي، إذ تنصّ المادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1948 التي أبرمتها قبرص عام 1991، على أنه (لا يجوز لأي دولة طرف أن تطرد أى شخص أو تعيده أو أن تسلمه لدولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب، وأن تراعي السلطات المختصة، لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية)».

ويلفت من جهة أخرى إلى أنه ووفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، «يحق للدول بموجب القانون الدولي طرد الأشخاص الذين يتبين أنهم ليسوا بحاجة إلى حماية دولية وأنه من واجب بلدان الأصل أن تستردّ مواطنيها، لكن ينبغي أن تتم العودة بطريقة إنسانية مع احترام كامل لحقوق الإنسان وكرامته».

وتتوقف متحدثةٌ رسميةٌ في مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان عند أسباب سعي اللاجئين السوريين إلى الهجرة، وذلك بناءً على تواصل المفوضية مع الذين جرى اعتراضهم أو إنقاذهم أو إعادتهم إلى لبنان، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن هذه الرحلات هي رحلات يائسة يقوم بها أشخاص لا يرون أي وسيلة للبقاء على قيد الحياة في لبنان بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يتدهور باستمرار. ومن الأسباب الرئيسية التي ذكرها اللاجئون، عدم القدرة على البقاء في لبنان بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، وعدم إمكانية تأمين الخدمات الأساسية (الرعاية الصحية، والتعليم للأطفال... إلخ) ومحدودية فرص العمل في لبنان، إضافةً إلى وجود أقارب أو أفراد مقرّبين في بلد المقصد».

وفي إطار مواجهة عمليات الهجرة غير الشرعية التي تنفذها الأجهزة الأمنية في لبنان، أعلنت قوى الأمن الداخلي، الخميس، توقيف مفرزة زحلة القضائية الرأسَ المدبر لعصابة تعمل على تهريب الأشخاص، وهو من الجنسية السورية ومن مواليد عام 2000، في منزله بمحلة المرج بالبقاع الأوسط، حيث عُثر على جوازات سفر وهويات وإقامات ومستندات شخصية مختلفة لأشخاص سوريين، واعترف بما نُسِبَ إليه لجهة تأليف عصابة تهريب أشخاص من الجنسية السورية وذلك من سوريا إلى لبنان ومنه إلى أوروبا عبر البحر بواسطة قوارب، مقابل مبلغ 3500 دولار أميركي عن كل شخص، وأن الأوراق التي ضُبطت في منزله عائدة لأشخاص سوريين هرّبهم بالاشتراك مع آخرين.


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».