«عملية الخلد» تطبِق على خلايا الموساد في تركيا بعد كشف شبكات لضرب أهداف في لبنان وسوريا

معلومات جديدة بالتزامن مع اغتيال العاروري

«عملية الخلد» تطبِق على خلايا الموساد في تركيا
بعد كشف شبكات لضرب أهداف في لبنان وسوريا
TT

«عملية الخلد» تطبِق على خلايا الموساد في تركيا بعد كشف شبكات لضرب أهداف في لبنان وسوريا

«عملية الخلد» تطبِق على خلايا الموساد في تركيا
بعد كشف شبكات لضرب أهداف في لبنان وسوريا

ساعات قليلة فصلت بين كشف وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا عن توقيف خلية تابعة للموساد في تركيا، واغتيال إسرائيل القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري، بضربة جوية في ضاحية بيروت الجنوبية، وهو الذي أقام طويلاً في تركيا وسط مطالبات متكررة من إسرائيل لطرده منها.

وفي ليل الثلاثاء - الأربعاء، عقب انتشار خبر الاغتيال، نفى مركز مكافحة المعلومات المضللة التابع للرئاسة التركية، في بيان على منصة «إكس» ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن أن «أنقرة رضخت للضغوط الأميركية وأجبرت العاروري على ترك أراضيها».

وقال المركز: إن «الأخبار المتداولة لا صحة لها وكاذبة، ونُقلت من وسائل إعلام إسرائيلية نشرتها عام 2015 نتاج حملة دعائية إسرائيلية، وتمت إعادة نشرها بالتزامن مع اغتيال القائد الفلسطيني، من أجل التلاعب بالرأي العام».

أولاد ملثمون في جنازة أحمد حمّود الذي قضى مع صالح العاروري في عملية اغتيال في بيروت أمس (رويترز)

وفي عملية نوعية نفذتها المخابرات التركية أمس (الثلاثاء)، وأطلقت عليها اسم «عملية الخلد - المقبرة»، وأيضاً اسم «نيكروبوليس» (مدينة الموتى)، ألقي القبض على 34 متهماً بالعمالة للموساد، من بين 46 شملتهم مذكرة توقيف صادرة من مكتب المدعي العام في إسطنبول وتشمل 8 ولايات تركية، في ما عُدّ رداً مباشراً على التهديدات الإسرائيلية باستهداف قيادات «حماس» في عدد من دول المنطقة، بينها تركيا. علماً بأن المخابرات التركية وجّهت في الأشهر الأخيرة ضربات متلاحقة إلى أنشطة الموساد الإسرائيلي التي تستهدف على وجه الخصوص ناشطين فلسطينيين وعائلاتهم من المقيمين على أراضيها.

وفي معلومات جديدة عن «عملية الخلد» التي لا تزال مستمرة لضبط 12 آخرين من خلايا الموساد، كشفت مصادر أمنية، عن أن ضباط الموساد أعطوا العملاء في تركيا أسماء هؤلاء الناشطين، وأنهم تابعوهم بالفعل والتقطوا صوراً لبعضهم شاركوها، إلى جانب المعلومات الخاصة بهم مع عناصر الجهاز الإسرائيلي.

وأضافت المصادر، أن الموساد جنّد أيضاً هؤلاء لاستخدامهم في أعمال ضد الفلسطينيين وعائلاتهم في تركيا، عبر نشر إعلانات الوظائف أو الروابط التي لا تحتوي على معلومات مفصلة على مواقع التواصل الاجتماعي أو مجموعات الدردشة؛ حتى يتمكن الأشخاص المناسبون من الاتصال بها.

ثم يتم منح الأشخاص الذين استجابوا لهذه الإعلانات والروابط، وظائف مختلفة ويتم إعدادهم للمهمة النهائية. وبعد الاتصال الأول، يحافظ الموساد على تواصله معهم كتابياً فقط عبر تطبيقي «تلغرام» و«واتساب».

ويستخدم الموساد وسطاء وسعاة مباشرين لتسديد المدفوعات لعملائه ويعتمد إخفاء أثر الأموال باستخدام أنظمة العملة المشفرة. كما يتم الدفع بالتسليم باليد أحياناً للعناصر التي يلتقيها الموساد في الخارج، فضلاً عن تسليمهم أنظمة اتصالات مشفرة.

صورة موزعة من المخابرات التركية لخلية شبكة الموساد التي اكتُشفت في يوليو الماضي

وبحسب المصادر نفسها، فقد وضع الموساد خطة عمل دقيقة خطوة بخطوة لهؤلاء العناصر، مثل جمع المعلومات والبحث والتصوير الفوتوغرافي أو بالفيديو للأهداف والتتبع ووضع أجهزة تحديد مواقع على المركبات المستهدفة والاعتداء بالإصابة والسرقة والحرق العمد والتهديد والابتزاز وإدارة موقع على شبكة الإنترنت ينشر أخباراً كاذبة ومضللة.

وإلى جانب ذلك، تم تكليف هذه العناصر بأنشطة إلكترونية، مثل اكتشاف الكاميرات واختراقها أو التسلل إليها في المناطق المستهدفة، وإنشاء قاعدة بيانات للأفراد الأجانب في تركيا.

وذكرت المصادر، أنه بعد العمليات التكتيكية يتم الاستعداد لمراحل مهمة من الإجراءات المحتملة، مثل تهريب الأشخاص والبضائع من حدود إيران والعراق إلى تركيا، والعثور على قراصنة الكومبيوتر، وتوفير منازل آمنة، وترتيب سيارة إسعاف، وتم أيضاً تضمين الشركة التي سيتم استخدامها في تنفيذ هذه الإجراءات.

وأشارت المصادر إلى أنه تم وضع هؤلاء العناصر تحت المراقبة الجسدية والتعقب الفيزيائي لمدة شهرين، وتم القبض على 34 منهم في 15 حياً في إسطنبول، إلى جانب ولايات أنقرة، وكوجا إيلي، وهطاي، ومرسين، وإزمير، ووان وديار بكر، حيث تمت مداهمة 57 عنواناً.

ورأى الكاتب في صحيفة «حرييت»، نديم شنر، أن هذه العملية رد قيّم على تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتركيا، وعلى الموساد الذي هدّد بتنفيذ اغتيالات لقادة «حماس» فيها.

حلقة في مخطط أوسع

تعدّ «عملية الخلد»، ضربة جديدة من جانب المخابرات التركية التي أعلنت في 3 يوليو (تموز) الماضي عن إحباط مخطط أوسع شمل تحركات لعناصر الموساد في تركيا، وسوريا، وجنوب لبنان ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، حيث ضبطت 7 عملاء للموساد، ضمن شبكة مكونة من 56 عميلاً، وموزعين على 9 خلايا تدار عملياتها من تل أبيب.

وكان نشاط الشبكة يستهدف مواطنين أجانب في تركيا، كما أنها تعمل على نطاقين إقليمي ودولي وتستخدم اللغة العربية بشكل مكثف.

ووزّعت المخابرات وأجهزة الأمن التركية صور العملاء السبعة الموقوفين، في يوليو الماضي، وهم: التركيان أحمد كوراي أوزجورغون وألب أران إركوت، إضافةً إلى خالد النبهان، وغزوان عموري، ونزار سعد الدين، ومحمد موري، وخالد نجم، ولم يكشف عن جنسياتهم.

وبحسب المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام التركية نقلاً عن وثائق المخابرات، أنشأت هذه الخلية مواقع وهمية باللغة العربية بهدف جمع معلومات عن السير الذاتية للأشخاص، واستخدمت أرقام هواتف نقالة مزيَّفة من دول أوروبية وشرق آسيوية، مثل إسبانيا، وإنجلترا، وألمانيا، والسويد، وماليزيا، وإندونيسيا وبلجيكا، ووضعت على واجهة المواقع الوهمية إعلانات للعمل، لجذب الراغبين في التوظيف أو الاستفسارات، ومن ثم جمع معلومات استخبارية عنهم.

وتبين أن الموساد أرسل عناصره من ذوي الأصول العربية في إسطنبول، إلى لبنان وسوريا على وجه الخصوص، لجمع المعلومات الاستخبارية وتحديد المواقع التي يمكن أن تضربها المسيّرات الإسرائيلية.

وبحسب المصادر، تمكن عملاء الموساد من تحديد الإحداثيات الدقيقة لمبنى تابع لـ«حزب الله» في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، فضلاً عن هويات شخصيات عسكرية وسياسية رفيعة المستوى في الجماعة تقطن في الطابق الثالث من المبنى.

كما تابع العملاء أهدافاً معينة، لمراقبة وتصوير اجتماعات فردية، وهي عملية أشرف عليها إسرائيلي من أصل عربي يدعى سليمان إغباريه.

تدريب ومواقع مزيفة

وتوصلت المخابرات التركية إلى أن الخلية استخدمت الكثير من المواقع المزيفة بلغات متعددة، وعلى رأسها العربية، للحصول على مواقع تقنية وعناوين «آي بي» حقيقية.

وبحسب الوثائق التي نشرتها وسائل الإعلام التركية، استخدم أحد قادة المجموعة، واسمه الرمزي شيرين عليان، لم تتمكن المخابرات التركية من تحديد هويته الحقيقية، خط هاتف ألمانياً لتوجيه الفلسطيني خالد نجم لإنشاء منصات إخبارية مزيفة.

وتضمنت هذه المواقع مقالات محددة بدقة، لجذب الأهداف الذين ينقرون بعد ذلك على روابط الفيروسات؛ ما يمكّن شبكة التجسس من التسلل إلى هواتفهم.

وبحسب المخابرات التركية، تلقت خلية إسطنبول تدريباً عبر الإنترنت ودعماً تقنياً عن بُعد من بريانشي باتيل كولهاري (24 عاماً)، صاحب شركة برامج التجسس «سايبرنت إنتليجنس إنترناشيونال برايفت المحدودة»، ومقرها تل أبيب.

وبحسب الوثائق أيضاً، حدّد كولهاري، الذي كان على اتصال دائم بعناصر الموساد، كيفية التسلل إلى الهواتف المستهدفة وأي المقالات الإخبارية سيتم نشرها حتى تجذب الهدف بالنقر عليها.

وقدم قائد آخر في الشبكة، يُدعى عبد الله قاسم، لا تزال هويته الحقيقية أيضاً غير معروفة؛ لأنه يقيم حالياً في إسرائيل، نفسه على أنه عربي أردني يعيش في السويد. وأمر عن بُعد رجلاً يُدعى زيد سعد الدين، بالتقاط الصور وتحليل المستوى الأمني بشكل استراتيجي لمبنى مهم في العاصمة السورية دمشق.

وأفادت معلومات المخابرات التركية، بأن الموساد أرسل عشرات الجواسيس، وبينهم رعايا أتراك، بعد اجتياز 5 مراحل من الاختبارات، في رحلات سياحية سرّية من محطات عدة بينها صربيا وبانكوك، عاصمة تايلاند، حيث لا يحتاج الأتراك إلى تأشيرة دخول. وعند وصولهم إلى بانكوك، ينقلون إلى مركز للتدريب ثم يعاد توزيعهم بحسب المهام الموكلة لهم وبينها تعقب رعايا ورجال أعمال عرب بينهم سوريون ومصريون في إسطنبول وبعض المدن والبلدان الأخرى.


مقالات ذات صلة

عائلات محتجزين في غزة يتهمون نتنياهو بتضليل ترمب للتهرب من صفقة تبادل

المشرق العربي إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)

عائلات محتجزين في غزة يتهمون نتنياهو بتضليل ترمب للتهرب من صفقة تبادل

اتهمت عائلات عدد من هؤلاء المحتجزين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، بتقديم معلومات مضللة إلى ترمب حول مصير الأسرى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

شدَّدت وزارة الداخلية السورية إجراءات تسجيل عقود الإيجار، ومنحت الشرطة صلاحية إخلاء العقارات في ظل تنامي المخاوف من تأجير المنازل لأشخاص مرتبطين بـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر اعتقال نتنياهو

قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، اليوم، إن دول مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (فيوجي (إيطاليا))
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة: محادثات وقف النار في لبنان تمضي قدماً

أبنية مدمرة في منطقة الرويس بضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
أبنية مدمرة في منطقة الرويس بضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة: محادثات وقف النار في لبنان تمضي قدماً

أبنية مدمرة في منطقة الرويس بضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
أبنية مدمرة في منطقة الرويس بضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دينون، اليوم (الاثنين)، إن المحادثات الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع جماعة «حزب الله» اللبنانية «تمضي قدماً»، لكنه أصر على أن إسرائيل ستحتفظ في أي اتفاق بالقدرة على ضرب جنوب لبنان.

وقال السفير قبل اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إنه يتوقع اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي اليوم (الاثنين)، أو غداً (الثلاثاء)، لمناقشة قضية وقف إطلاق النار في لبنان.