العراق: «كل المحافظات» للإطار التنسيقي... والصدر يرفض «الترضية»

مصادر تتحدث عن «مفاوضات مزدوجة» داخل التحالف الحاكم ومع التيار الصدري

موظف في هيئة الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً بمركز بالكرخ لفرز أصوات الانتخابات المحلية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
موظف في هيئة الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً بمركز بالكرخ لفرز أصوات الانتخابات المحلية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

العراق: «كل المحافظات» للإطار التنسيقي... والصدر يرفض «الترضية»

موظف في هيئة الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً بمركز بالكرخ لفرز أصوات الانتخابات المحلية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
موظف في هيئة الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً بمركز بالكرخ لفرز أصوات الانتخابات المحلية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

أفادت تسريبات من العراق بأن القوى المتنفذة في تحالف «الإطار التنسيقي» اتفقت على «تبديل جميع المحافظين» في البلاد، فيما رجحت مصادر أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، «لن يمانع الإبقاء» على محافظين اثنين ينتميان له.

وأفرزت الانتخابات المحلية، التي أجريت الشهر الماضي، نتائج «غير متوقعة» كما يصف مراقبون، لكن بعد إعلان الأرقام النهائية تبين أن «الإطار التنسيقي» أكبر الفائزين في عموم المحافظات.

وأطلقت القوى السياسية مفاوضات لتشكيل الأغلبية المطلقة داخل المجالس المحلية، التي ستختار المرشحين لمنصب المحافظ، لكن يبدو أن هذه المهمة لن تكون سهلة في ظل تنافس حاد على الحكومات المحلية.

ومع أن التنافس الانتخابي أفرز نتائج طبيعية نظراً لتنافس قوى من لون عرقي أو مذهبي واحد، فإن بعض المحافظات المختلطة، مثل بغداد وكركوك وديالى ونينوى، أظهرت أوزاناً متقاربة ستعقد أي تسوية مفترضة.

وبحسب التسريبات، فإن قوى الإطار التنسيقي توصلت إلى «قرار بالإجماع» باختيار محافظين جدد لكل المحافظات، لا سيما في الوسط والجنوب.

وجاء القرار عقب اجتماع لقادة الإطار في منزل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ليلة الثلاثاء، وتضمن «الرفض لفكرة الإبقاء على محافظين حاليين ينتمون للتيار الصدري، أو آخرين نجحوا في كسب ثقة الناخبين وفازوا بأعلى الأصوات».

وأعلن الإطار التنسيقي في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي تشكيل «كتلة الإطار» في جميع المحافظات، لتكون مهمتها تشكيل الحكومات المحلية عبر مجالس المحافظات.

وكان جناح داخل الإطار التنسيقي يحاول حث قادة التحالف الحاكم على «طمأنة» الصدر بعدم تغيير محافظيه حتى لو لم يشاركوا في الانتخابات المحلية.

ويملك الصدر محافظين اثنين في النجف وميسان، لكنهما لم يشاركا في الاقتراع الأخير على خلفية قرار المقاطعة الذي أعلنه الصدر قبل موعد الاقتراع بنحو شهرين ونصف.

في السياق، أعلن جاسم محمد جعفر، وهو وزير سابق وقيادي في ائتلاف «دولة القانون»، أن «الإطار التنسيقي يعتزم تغيير جميع المحافظين من دون استثناء، فيما سيجري توزيع بقية المناصب المحلية طبقاً للثقل الانتخابي لكل طرف سياسي».

ويترجم حديث جعفر الرغبة التي يتصدرها ائتلاف المالكي بأن «الإطار التنسيقي» لا يحتاج إلى «إطلاق رسائل لطمأنة الصدر».

وأوضح جعفر، في تصريح لوسائل إعلام محلية، أن الإطار التنسيقي يعمل على توزيع المناصب وفقاً لتفاهم بين القوى السياسية المنضوية مجتمعة».

لكن ليس من الواضح كيف ستجري عملية التوزيع بين قوى متنافسة، وخلافاً لمحافظين نجحوا في حصد أعلى الأصوات، كما هو حال محافظ البصرة أسعد العيداني، ومحافظ كربلاء نصيف الخطابي.

محافظ البصرة أسعد العيداني (منصة إكس)

وفي حالة هذين المحافظين، فإن المراقبين يفسرون فوزهما بالمركز الأول في مناطقهما بأنهما لم يكونا يعملان بقيود المجلس المحلي، الغائب منذ عام 2019، لكن ثمة تيار سياسي في البلاد يرفض هذه الصيغة لأنها تسمح للحكومات المحلية دون رقابة.

ومع ذلك، يقول القيادي في تيار الحكمة، رحيم العبودي، في تصريح صحافي، إن «قرار إزاحة جميع المحافظين يهدف إلى إدامة زخم النجاح المتحقق»، وفقاً لتعبيره.

وظهرت مؤشرات، قبل اجتماع الإطار التنسيقي، أفادت بأن التوجه نحو إزاحة المحافظين، لا سيما من التيار الصدري، عمق الانقسام داخل التحالف الحاكم.

وقال القيادي في الإطار التنسيقي محمد الصيهود، إن «الانقسامات داخل الإطار وإن بدت صامتة لكنها تتصاعد، خصوصاً بعد تسريب القرار الأخير بإزاحة جميع المحافظين».

مفاوضات التمديد

في المقابل، فإن مصادر من «الإطار التنسيقي» روجت خلال اليومين الماضيين لمفاوضات غير رسمية بدأها الصدر من أجل الإبقاء على بعض المحافظين التابعين له عند تشكيل الحكومات المحلية.

ونقلت «وكالة أنباء العالم العربي» عن مصادر قولها إن مصطفى اليعقوبي، مساعد الصدر، يقوم منذ إجراء الانتخابات المحلية منتصف (ديسمبر) الماضي بجولة على عدد من قيادات الإطار التنسيقي على شكل زيارات شخصية لإقناعهم بالإبقاء على عدد من المحافظين الحاليين في مناصبهم.

المئات من أنصار الصدر يتظاهرون وسط النجف لمقاطعة الانتخابات المحلية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

وأشارت المصادر، وفقاً للوكالة، إلى أن هادي العامري، أحد قيادات الإطار التنسيقي، يعمل على إقناع مكونات الإطار بالاستجابة إلى مطالب الصدر والإبقاء على محافظ النجف ماجد الوائلي، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، «لضمان استقرار أمن باقي المحافظات بتحييد أنصار الصدر».

وأكد المصدر أن رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني مقتنع هو الآخر بالإبقاء على الوائلي والعيداني «لإرضاء الصدر وإبعاد الساحة الأمنية عن المناكفات السياسية»، وقال إن «السوداني يرى ضرورة إعادة الصدر إلى العملية السياسية، ويعد قبول الإطار طلبات الصدر هو عربون حسن نية من الإطار لإعادة المياه إلى مجاريها».

لكن المصدر أكد أن «نوري المالكي وقيس الخزعلي يسعيان إلى إبعاد الوائلي والعيداني واختيار محافظين من قوائمهما الفائزة وفق الاستحقاقات الانتخابية».

«الصدر قال لا»

حاولت أطراف في الإطار التنسيقي تصف نفسها بـ«الاعتدال» إقناع الفاعلين بـ«عدم المساس» بالشخصيات التي تنتمي للتيار الصدري وتتولى مناصب تنفيذية، لكن الصدر لم يتفاعل مع هذه الرسائل كما يقول مقربون منه.

وخلال الأيام الماضية، أكد نواب ووزراء سابقون من التيار الصدري رفضه محاولات «الترضية» التي يعرضها الإطار التنسيقي، خصوصاً أن الصدر ترك العملية السياسية بعدما حل أولاً في الانتخابات التشريعية عام 2018 وحصد 73 مقعداً في البرلمان العراقي.

من جانب آخر فإن الصدر الذي أمر نوابه بالانسحاب من البرلمان لم يطلب من المسؤولين التنفيذيين في حكومة السوداني الانسحاب من الحكومة.

من أبرز المسؤولين التنفيذيين في الحكومة الحالية؛ أمين مجلس الوزراء حميد الغزي ومحافظ ميسان علي دواي ومحافظ النجف ماجد الوائلي.

وطبقا للتسريبات التي تخرج من مكاتب التيار الصدري، فإن الصدر الذي بدا أنه يفصل بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وقوى الإطار التنسيقي، لن يعترض في حال قررت قوى الإطار التنسيقي الإبقاء بصورة استثنائية على محافظي ميسان والنجف كرسالة «طمأنة» رغم أنهما لن يعملا تحت أي غطاء سياسي من التيار، في حال بقيا في المنصب.


مقالات ذات صلة

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

المشرق العربي عراقيون يسيرون في أحد شوارع بغداد (رويترز)

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

دعت السلطات العراقية سكان البلاد، اليوم (الأحد)، إلى ملازمة منازلهم يومي 20 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بهدف إجراء تعداد عام للسكان والمساكن.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مسافرون داخل مطار بغداد الدولي (أرشيفية - أ.ف.ب)

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

قالت مصادر حكومية إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني «أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب فوضى شهدها مطار بغداد الدولي»، جراء التضارب والتأخير في مواعيد الرحلات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

أحزمة ناسفة وقيادات «صف أول»... تفاصيل الغارة على «داعش» غرب العراق

كشفت واشنطن وبغداد عن غارة مشتركة على مواقع لمسلحي «داعش» في الصحراء الغربية بالأنبار، أسفرت عن مقتل «قيادات» في التنظيم.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية موقع سقوط المسيّرة التركية في كركوك (إكس) play-circle 00:24

أنقرة تتحرى مع بغداد عن مسيّرة «أُسقطت» في كركوك

أكدت تركيا أنها والعراق لديهما إرادة قوية ومشتركة بمجال مكافحة الإرهاب كما عدّ البلدان أن تعاونهما بمشروع «طريق التنمية» سيقدم مساهمة كبيرة لجميع الدول المشاركة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بذكرى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد (أرشيفية - رويترز)

دعوات أميركية لتشريع قانون يُجرِّم الاختطاف في العراق

دعت الولايات المتحدة الجهات المعنية في العراق إلى إجراء تعديلات تشريعية بشأن ضحايا الاختفاء القسري، بعد 3 موجات من الخطف والتغيب.

حمزة مصطفى (بغداد)

فلسطينيون يسارعون إلى تطعيم أطفالهم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة (أ.ب)
بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة (أ.ب)
TT

فلسطينيون يسارعون إلى تطعيم أطفالهم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة (أ.ب)
بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة (أ.ب)

في مركز طبي بمخيم الزوايدة وسط قطاع غزة، لا تخفي الفلسطينية بسمة البطش فرحتها بوصول اللقاحات ضد شلل الأطفال التي ستمكّن أطفالها وآلاف الأطفال الآخرين من الحصول على مناعة ضد المرض الذي عاد إلى القطاع المحاصر والمدمّر.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، تجمّع عشرات الأهالي مع أطفالهم أمام المركز ينتظرون حصول الأطفال على التطعيم على أيدي أفراد طواقم طبية موزعين في المكان. وكانوا قد تلقوا صباحاً رسائل نصية على هواتفهم تطلب منهم إحضار أطفالهم.

ويفتح أحد الأطفال فمه قبل أن يقوم العامل الطبي بتنقيط قطرتين من الطُّعم في فمه. وتقول البطش: «أشعر بالفرح والارتياح... كنت خائفة على أطفالي من الشلل والأمراض». وتضيف: «لكن الحمد لله، أنا الآن سعيدة؛ لأن أولادي سوف يحصلون على التطعيم».

وبدأت، الأحد، رسمياً حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، وفق ما أعلن مسؤول صحي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن الحملة ستجري على مراحل في كل مناطق القطاع الفلسطيني الذي يشهد حرباً مدمّرة منذ قرابة أحد عشر شهراً، وستترافق مع «هدن إنسانية» لم تتضح شروطها تماماً.

وأعلنت الأمم المتحدة عن حملة التطعيم بعد أن سُجلت، الشهر الماضي، أول حالة شلل أطفال منذ ربع قرن في قطاع غزة. وقد أصيب بها طفل يبلغ من العمر 10 أشهر. وقالت عائلته التي اضطُرت للنزوح مراراً بسبب الحرب، إنهم لم يتمكنوا قط من تطعيمه حاله حال كثير من الأطفال في القطاع.

وأكّدت متحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) لويز ووتردج تطعيم نحو 2000 طفل في عيادة في دير البلح، الأحد. وأوضحت أن هناك فرقاً متنقلة بين الخيام، وتوضع علامة بالحبر على إبهام الطفل الذي حصل على التطعيم.

«حصلوا على التطعيم»

ينتشر فيروس شلل الأطفال في أغلب الأحيان عن طريق مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة، وهو شديد العدوى. ويمكن أن يسبب تشوّهات وشللاً دائماً، وقد يصبح مميتاً. وهو يصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة.

وأرسلت الأمم المتحدة 1.26 مليون جرعة من اللقاحات التي تُعطى بالفم.

وتقول غدير حجي إنها شعرت بالخوف عندما سمعت عن تسجيل حالة إصابة بشلل الأطفال. وتضيف: «شعرنا بالخوف على أطفالنا، وطالبنا بضرورة توفير تطعيم لهم». وبحسب حجي: «تلقينا رسائل من وزارة الصحة، وأتينا إلى هنا فوراً»، وتقول الأم لخمسة: «حصلوا جميعهم على التطعيم».

في المركز الطبي في الزوايدة، كُتب على صناديق التطعيم المكدسة في إحدى الغرف، اسم منظمة «يونيسيف».

في الخارج، كان أحدهم يوزّع كتيبات بعنوان «أسئلة وأجوبة حول شلل الأطفال»، في حين علّقت على جدران المركز ملصقات حول الحملة. وتلقّى عدد من الأطفال، السبت، قبل بدء الحملة رسمياً، لقاحات في خان يونس في جنوب القطاع.

«أسئلة وأجوبة»

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن إسرائيل وافقت على سلسلة «هدن إنسانية» تستمر كلّ منها 3 أيام في وسط القطاع وجنوبه وشماله لتنفيذ حملة تلقيح تشمل 640 ألف طفل في أنحاء غزة. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شدّد على أن هذه الهدن الموقتة «ليست وقفاً لإطلاق النار».

وأعلن المدير الطبي لمستشفى العودة (وسط) ياسر شعبان أن التطعيم اليوم عند التاسعة صباحاً (6 بتوقيت غرينتش).

ولم تشر التقارير الميدانية، الأحد، إلى قصف أو عمليات عسكرية حتى الساعة الثانية بعد الظهر، وهو الوقت المحدّد مبدئياً لانتهاء هدنة اليوم.

إلا أن شعبان تحدّث عن «تحليق مكثّف لطائرات مسيّرة إسرائيلية في أجواء المحافظة الوسطى»، متمنياً أن «تتمّ عملية تطعيم أبنائنا الأطفال وسط جو من الطمأنينة والهدوء».

وقالت ووتردج إنها سمعت بعض أصوات إطلاق النار في وسط غزة بعد السادسة صباحاً، لكن بعد ذلك عمّ الهدوء المنطقة.

وأضافت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «صعب جداً أن تنتقل من العيش في خوف مطلق في كل ثانية من يومك من الاستيقاظ وحتى النوم، إلى أن تطمئن فجأة إلى أن الأمر على ما يرام الآن».

وحدّدت وزارة الصحة في قطاع غزة ووكالات الأمم المتحدة 67 مركزاً للتطعيم، في مستشفيات ومستوصفات ومدارس في وسط القطاع الفلسطيني الصغير، و59 مركزاً في الجنوب، و33 مركزاً في الشمال الذي بات غير مأهول إلى حدّ كبير، على أن تنتقل الحملة إلى الجنوب والشمال في مرحلتين ثانية وثالثة.