إسرائيل تحتفي باغتيال العاروري... ولا تتبناه

مستشار نتنياهو: لا نستهدف لبنان أو «حزب الله»

من اللقاء الأخير بين نصر الله والعاروري في ضاحية بيروت (وسائل التواصل الاجتماعي)
من اللقاء الأخير بين نصر الله والعاروري في ضاحية بيروت (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

إسرائيل تحتفي باغتيال العاروري... ولا تتبناه

من اللقاء الأخير بين نصر الله والعاروري في ضاحية بيروت (وسائل التواصل الاجتماعي)
من اللقاء الأخير بين نصر الله والعاروري في ضاحية بيروت (وسائل التواصل الاجتماعي)

احتفت إسرائيل باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري في بيروت، لكنها لم تتبنّه رسمياً. وعمّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الوزراء بعدم التعليق على العملية، فيما تتجه الأنظار إلى موقف «حزب الله» الذي جرت العملية على أرضه وفي عمق منطقته الأمنية.

وفيما تتجه الأنظار إلى كلمة كانت مقررة سابقاً للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مساء الأربعاء، أعلن مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو: «إننا لا نستهدف لبنان، ولا (حزب الله)، بل كل من تورط في هجوم 7 أكتوبر»، وسط إشارات إعلامية إسرائيلية إلى «نجاح» العملية، ومعلومات إسرائيلية تحدثت عن أن الاغتيال جاء عشية لقاء العاروري بنصر الله.

وأفادت «القناة 13» الإسرائيلية بأنّ القيادي الفلسطيني صالح العاروري الذي تمّ اغتياله في الضاحية الجنوبية لبيروت «كان مقرراً أن يلتقي الأمين العامّ لـ(حزب الله) حسن نصر الله الأربعاء»، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الحكومة الإسرائيلية أصدرت أوامر لوزرائها، تمنعهم من إجراء مقابلات صحافية بشأن عملية الاغتيال.

لكن التعميم لم يسرِ على المسؤولين الإسرائيليين بعد إشارة صدرت عن النائب في كتلة «حزب الله» البرلمانية حسين جشي، وتم تناقله في مجموعات إخبارية محلية، قال فيه إن الحزب سيردّ. ونُقل عن جشي قوله إن «(حزب الله) سيردّ على الاغتيال، وهذا محسوم، وتبقى الأمور تقدّر بقدرها». وأشار إلى أن «الأمين العام للحزب أكد أن أي استهداف لأي شخصية في لبنان مهما كانت جنسيتها سيُردّ عليه». وذكر أن «(حزب الله) لا يزال يحاول إبقاء الأمور ضمن قواعد الاشتباك، لكن الإسرائيلي يعمل على توسعة (ذلك)، والأميركي يلجمه».

وسرعان ما جاء الرد على لسان مستشار لنتنياهو، نقلته قناة «العربية»، حاول فيه التخفيف من وقع الحدث الذي يطول الضاحية الجنوبية لبيروت للمرة الأولى منذ عام 2019، قال فيه: «لا نستهدف لبنان ولا (حزب الله) بل كل من تورط في هجوم 7 أكتوبر»، في إشارة إلى هجوم «حماس» على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعتبر إسرائيل أن العاروري أحد مهندسي هجوم 7 أكتوبر، حسبما قالت وسائل إعلام إسرائيلية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هدد في أغسطس (آب) الماضي باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، ومسؤول الضفة الغربية صالح العاروري، المتهم بالوقوف خلف سلسلة الهجمات التي نفذتها الحركة في الضفة خلال الأسابيع والشهور القليلة الماضية. ومرَّر نتنياهو رسالة واضحة للعاروري، قائلاً إنه سمع تصريحاته التحريضية، وهو مختبئ في لبنان، وإنه (أي العاروري) «يعرف جيداً سبب اختبائه هو ورفاقه».

احتفال إسرائيلي بالعملية

احتفت إسرائيل بـ«نجاح» العملية، ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن «عملية اغتيال العاروري نوعية وعالية الجودة»، فيما رأى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش أن «كل أعداء إسرائيل مصيرهم إلى الهلاك». وهنّأ عضو الكنيست عن حزب «الليكود» الذي يترأسه نتنياهو، داني دنون، أجهزة الأمن الإسرائيليّة باغتيال العاروري، ووصف عملية الاغتيال بـ«الناجحة».

وقال الصحافي الإسرائيلي، يوسي ميلمان، إن اغتيال العاروري جاء عبر عملية استخبارية مشتركة بين «الموساد» والجيش الإسرائيلي عبر طائرة مسيرة، قائلاً إنه أهم شخصية يتم اغتيالها من 7 أكتوبر الماضي. وفي الشهر الماضي، قال رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشاباك»، رونين بار، في تسجيل بثته هيئة البث العامة الإسرائيلية، إن إسرائيل ستلاحق قادة حركة «حماس» في قطر وتركيا ولبنان، حتى لو استغرق الأمر سنوات.

وكانت هيئة البثّ الإسرائيلية بثّت تسجيلاً لرئيس «الشاباك»، يقول فيه إن «إسرائيل ستعمل على اغتيال قادة (حماس) على الأراضي التركية والقطرية»، مستدركاً بالقول إن الأمر «سوف يستغرق سنوات». وقال رئيس «الشاباك»، بحسب ما جاء في التسجيل، إن «المجلس الوزاري المصغر حدد لنا هدفاً، وهو بكلمات بسيطة القضاء على (حماس)، ونحن مصممون على القيام بذلك». وأضاف: «في كل مكان، في غزة، في الضفة الغربية، في لبنان، في تركيا، في قطر». وقال بار إن «المسؤولية الأمنية تقع على عاتقنا. واجبنا هو توفير الأمن والشعور بالأمان. لسوء الحظ في 7 أكتوبر الماضي، لم نتمكن من القيام بذلك. أعتقد أننا في صعود، ولسنا في حالة انتظار».


مقالات ذات صلة

الشرطة البرازيلية: بولسونارو شارك في محاولة انقلاب 2022

أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية: بولسونارو شارك في محاولة انقلاب 2022

خلص تقرير للشرطة البرازيلية نشر الثلاثاء إلى أن الرئيس السابق جايير بولسونارو "شارك بشكل فاعل" في محاولة انقلاب في العام 2022.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
آسيا نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي (رويترز) play-circle 01:52

نائبة الرئيس الفلبيني تتوعده بالاغتيال إذا تم قتلها

أعلنت نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي اليوم (السبت) أنها أمرت شخصاً بقتل الرئيس فرديناند ماركوس جونيور في حال تم اغتيالها.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
شؤون إقليمية وزير العدل الكندي السابق إيروين كوتلر (إكس)

كندا أحبطت مخططاً إيرانياً لاغتيال وزير العدل السابق

أحبطت السلطات الكندية مؤخراً مخططاً إيرانياً مفترضاً لاغتيال وزير العدل الكندي السابق إيروين كوتلر المنتقد الكبير لطهران.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي يتحدث خلال اجتماع في طهران (رويترز)

ممثل للمرشد الإيراني يتعرّض لمحاولة اغتيال

تعرّض ممثل للمرشد الإيراني علي خامنئي لمحاولة اغتيال، الجمعة. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن حالة محمد صباحي حرجة بعد إصابته بطلق ناري.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لماذا يشكل الحفاظ على الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» تحدياً كبيراً لبايدن وترمب؟

بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

لماذا يشكل الحفاظ على الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» تحدياً كبيراً لبايدن وترمب؟

بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)

وصف موقع «أكسيوس» الأميركي وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني بالإنجاز الدبلوماسي صعب المنال، لكنه قال إن منع انهياره قد يكون أكثر صعوبة، في النهاية.

وأضاف أن الولايات المتحدة ستُكلّف بالحفاظ على الهدوء على طول واحدة من أكثر الحدود تقلباً في الشرق الأوسط، بين إسرائيل ولبنان، أثناء انتقال الرئاسة وفي خِضم أزمة إقليمية أوسع نطاقاً لم تنتهِ بعد.

وتطلّب الاتفاق شهوراً من المفاوضات المعقدة، والتي شارك فيها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وفريقه الذين سيرثون الاتفاق في الأيام الأخيرة.

وإذا نجح، فإن الاتفاق سيُنهي عاماً من إراقة الدماء، ويسمح لمئات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود بالعودة إلى ديارهم.

لكن الاتفاق يمنح الولايات المتحدة المهامّ الشاقة المتمثلة في مراقبة الانتهاكات، وربما كبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تعهّد، حتى قبل الانتهاء من الاتفاق، بالتخلي عنه إذا تجاوز «حزب الله» أحد الخطوط الحمراء الكثيرة.

ولفت الموقع إلى أنه بعد يوم واحد من إعلان مبادرة وقف إطلاق النار الأميركية الفرنسية في سبتمبر (أيلول) الماضي، فاجأت إسرائيل البيت الأبيض والعالم باغتيال زعيم «حزب الله» الراحل حسن نصر الله.

وبينما لم يذرف الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار مستشاريه أي دموع على وفاة نصر الله، فإن قرار نتنياهو إبقاء بايدن دون علم خَلَق توترات، كما قال مسؤولون أميركيون لـ«أكسيوس».

لكن بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدأ كبير مستشاري بايدن أموس هوكستين العمل مع كل من إسرائيل ولبنان لصياغة معايير اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي 31 أكتوبر، قبل أيام قليلة من الانتخابات الأميركية، سافر هوكستين إلى إسرائيل، والتقى نتنياهو الذي قال له، وفقاً لمسؤول أميركي حضر الاجتماع: «أعتقد أن هناك فرصة».

وقال المسؤول الأميركي: «لقد رأينا في ذلك الوقت تغييراً في الموقف وتوافقاً في كل من إسرائيل ولبنان بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار».

وبعد خمسة أيام من الانتخابات، التقى رون ديرمر، المقرَّب من نتنياهو، ترمب في منتجعه مار إيه لاغو.

وقال مصدران مطّلعان على المحادثة إن ديرمر أخبر ترمب بمفاوضات لبنان أثناء سيرهما معاً في ملعب ترمب للغولف.

ولم يُبدِ ترمب أي اعتراضات، بل أشار إلى دعمه عمل نتنياهو مع بايدن للتوصل إلى اتفاق قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وناقش ديرمر اتفاق لبنان على مدار اليومين التاليين مع أموس هوكستين، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وكبير مستشاري بايدن في الشرق الأوسط بريت ماكغورك.

وفي تلك المرحلة، رأى هوكستين «ضوءاً في نهاية النفق»، وقرر إطلاع فريق الأمن القومي لترمب على احتمال التوصل إلى اتفاق في غضون أيام، وفقاً لمسؤول أميركي.

وكانت إحدى نقاط الخلاف الكبيرة الأخيرة هي ما إذا كانت إسرائيل ستتمتع بالحق في الرد على انتهاكات «حزب الله».

ونصحت فرنسا القادة اللبنانيين بعدم قبول هذا البند؛ لأنه سيكون انتهاكاً لسيادة لبنان، وفقاً للمسؤول الأميركي، الذي قال، لـ«أكسيوس»: «لديه القدرة على إفشال الصفقة بأكملها».

وقال المسؤول إن وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن سحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جانباً، في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وأخبره بأن الموقف الفرنسي يُعرّض الصفقة للخطر. وفي هذا اللقاء القصير وافق ماكرون على أن تتوقف فرنسا عن توصيل هذه الرسالة إلى لبنان.

ونفى مسؤول فرنسي ذلك.

وابتداءً من يوم الخميس الماضي، كانت الصفقة مكتملة تقريباً، لكن بينما كان أموس هوكستين يلتقي نتنياهو، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضده.

وكان نتنياهو غاضباً، خاصة بعد أن قالت فرنسا إنها ستنفّذ مذكرة الاعتقال، وانشغل تماماً بمفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان.

واستغرق الأمر ثلاثة أيام أخرى، ووساطة بايدن بين نتنياهو وماكرون، وتهديداً من أموس هوكستين بالانسحاب قبل أن تعود المفاوضات إلى مسارها الصحيح.

وجرى التوصل إلى اتفاق، مساء الأحد، ووافق عليه مجلس الوزراء الإسرائيلي بعد 36 ساعة.

وفي يوم الاثنين، قدَّم هوكستين إحاطة ثانية لفريق ترمب، وأخبرهم بالالتزامات التي تعهدت بها الولايات المتحدة بوصفها جزءاً من الاتفاق - بشكل أساسي الإشراف على آلية المراقبة، وتوجيه قدرة إسرائيل على الاستجابة للانتهاكات.

وقال مسؤول أميركي: «اتفق فريق ترمب على أن هذا أمر جيد لإسرائيل ولبنان وللأمن القومي للولايات المتحدة، وأن القيام بذلك الآن وليس لاحقاً سينقذ الأرواح».

رجل يلوِّح بعَلم لبنان وهو يقف وسط أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار (رويترز)

وادعى مسؤول انتقالي في إدارة ترمب أن «حزب الله» وافق على الصفقة بعد فوز ترمب، لأنه كان يعلم أن شروط الصفقة لن تصبح أكثر صرامة في عهد ترمب.

ويقول المسؤولون الأميركيون إن الخطوة التالية هي أن ينتقل الجيش اللبناني إلى جنوب لبنان، وهي المنطقة التي تفوّق فيها «حزب الله» تاريخياً، وضمان تحركه شمالاً، وإزالة أي أسلحة ثقيلة متبقية.

وفشل الجيش اللبناني في تنفيذ اتفاق مماثل بعد حرب 2006 بين إسرائيل و«حزب الله».

وزعم مسؤول أميركي أن الجيش اللبناني، هذه المرة، في وضع أقوى.

وبينما لن تكون هناك قوات أميركية على الأرض في جنوب لبنان، فإن الضباط العسكريين الأميركيين سيعملون من السفارة في بيروت، بالتنسيق مع المسؤولين الفرنسيين والإسرائيليين واللبنانيين والأمم المتحدة. وسوف يتلقون الشكاوى ويعالجون الانتهاكات.

والاتفاق يمنح إسرائيل ترخيصاً للرد على التهديدات الأمنية المباشرة من الأراضي اللبنانية، لكن المسؤولين الأميركيين يأملون أن يخفف نظام المراقبة من الحاجة إلى القيام بذلك.

وقال مسؤول أميركي: «نريد أن تكون لدينا رسائل فورية للتأكد من أنه كلما كان هناك انتهاك خطير، يجري التعامل معه على الفور، وإذا لم يجرِ التعامل معه وتطوَّر إلى تهديد مباشر، فسيتعيّن على إسرائيل معالجته».

وفي غضون ثمانية أسابيع، سيكون اتفاق هذه الهدنة الهشة على عاتق ترمب، وفقاً لـ«أكسيوس».