تركيا تعتقل 33 من أعضاء خلية تجسس لصالح الموساد

كانت تستعد لتنفيذ مطاردات واختطاف أجانب

عناصر من الشرطة التركية في محيط وزارة الداخلية في أنقرة في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة التركية في محيط وزارة الداخلية في أنقرة في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا تعتقل 33 من أعضاء خلية تجسس لصالح الموساد

عناصر من الشرطة التركية في محيط وزارة الداخلية في أنقرة في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة التركية في محيط وزارة الداخلية في أنقرة في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

ألقت قوات الأمن التركية القبض على 33 شخصاً يعملون ضمن خلية تضم 46 شخصاً متورطين في أنشطة تجسس لصالح الموساد الإسرائيلي ضد أجانب يقيمون في تركيا.

وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، الثلاثاء، إن قوات الأمن نفذت بالتنسيق مع جهاز المخابرات عمليات متزامنة تم خلالها مداهمة 57 عنواناً في 8 ولايات، انطلاقا من إسطنبول التي شهدت القبض على العدد الأكبر من المشتبه فيهم.

وأضاف الوزير عبر حسابه في «إكس»: «تم القبض على 33 مشتبهاً فيهم في عملية (الخلد) التي استهدفت أنشطة التجسس الدولية. لن نسمح أبدا بأنشطة التجسس ضد الوحدة الوطنية وتضامن بلادنا».

وتابع وزير الداخلية التركي أنه في نطاق متابعة أنشطة التجسس الدولية قررت رئاسة جهاز المخابرات وشعبتا الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في مديرية أمن إسطنبول أن جهاز المخابرات الإسرائيلي يهدف إلى تنفيذ مهام تكتيكية مثل الاستطلاع والمطاردة والاعتداء والهجوم والاختطاف ضد رعايا أجانب مقيمين في تركيا.

وذكر يرلي كايا أنه بناء على ذلك، تم القبض على 33 شخصاً مشتبها فيهم خلال العملية التي نفذت في 57 عنواناً مختلفاً في 8 ولايات، مركزها إسطنبول، وتم خلال عمليات البحث، العثور على 143 ألفاً و830 يورو، و23 ألفاً و680 دولاراً، ومبالغ من عملات دول مختلفة، كما تم ضبط سلاح غير مرخص والكثير من الطلقات والمواد الرقمية.

ونشر يرلي كايا، الذي هنأ عناصر المخابرات والشرطة التركية على هذه العملية، مقطع فيديو يصور القبض على المشتبهين، وقال إن «معركتنا ضد منظمات الجريمة المنظمة والجواسيس الذين يزعجون استقرار شعبنا مستمرة بكل عزم وإصرار».

تهديدات إسرائيلية

وكان مسؤولون إسرائيليون كبار هددوا، الشهر الماضي، بتنفيذ خطة لاغتيال كبار قادة «حركة حماس» في دول عدة بالمنطقة، من بينها تركيا. ورد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والجهات الأمنية، بأن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً جداً حال محاولة تنفيذ تهديداتها باغتيال أعضاء من «حماس» في تركيا، وأنها لن تسمح بأي أنشطة غير قانونية للمخابرات الأجنبية على أراضيها.

وكانت انطلقت في إسطنبول في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، محاكمة 57 متهماً بالتجسس لصالح الموساد الإسرائيلي والتخطيط لعمليات تستهدف ناشطين فلسطينيين يقيمون في تركيا ومعارضين لسياسة إسرائيل تجاه فلسطين.

وتضمنت لائحة الاتهام، التي أعدها الادعاء العام في إسطنبول، أن التحقيق بدأ بناء على خطاب مديرية مكافحة الإرهاب بإسطنبول في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2022، وأن الموساد أنشأ فريق عمليات عن بعد من خلال تطبيقات الجوال القائمة على الإنترنت، بهدف توفير مصادر عن بعد، وتحويل الأموال إلى مصادره عبر ناقل، وتنفيذ مهام تكتيكية لأهدافه الميدانية.

كما تضمنت أن التواصل الأول تم عبر تطبيقي «واتساب» و«تلغرام» وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، ليستمر التواصل لاحقا عبر تطبيقي «واتساب» و«تلغرام»، لافتة إلى عدم إجراء اتصالات صوتية أو مرئية مطلقاً.

وأكدت وجود دلائل تشير إلى الدفع مقابل العمل المنجز من خلال شركات تحويل الأموال الدولية والعملات المشفرة ومكاتب تحويل الأموال وعبر ناقل.

وطالب الادعاء العام بعقوبة السجن للمتهمين لمدد تتراوح بين 15 و20 عاما بتهمة «الحصول على معلومات سرية للدولة بغرض التجسس السياسي أو العسكري».

عمليات سابقة ضد الموساد

وكشفت المخابرات التركية، خلال الفترة الماضية، عن تفكيك كثير من شبكات التجسس لصالح الموساد تعمل داخل البلاد.

وأعلنت في يوليو (تموز) الماضي، عن ضبط 7 عملاء لجهاز الموساد الإسرائيلي، ضمن شبكة مكونة من 56 عميلاً، موزعين على 9 خلايا تدار عملياتها من تل أبيب، ويشمل نشاطها التجسس على أجانب مقيمين، كما أنها تعمل على نطاق دولي وفي عدد من دول منطقة الشرق الأوسط وتستخدم اللغة العربية بشكل مكثف.

ووفق مصادر أمنية، أنشأت هذه الخلية مواقع وهمية باللغة العربية بهدف جمع معلومات عن السير الذاتية للأشخاص، واستخدمت أرقام جوالات زائفة من دول أوروبية وشرق آسيوية، مثل إسبانيا وإنجلترا وألمانيا والسويد وماليزيا وإندونيسيا وبلجيكا، ووضعت على واجهة المواقع الوهمية إعلانات للعمل لجذب الراغبين في التوظيف أو الاستفسارات، ومن ثم جمع معلومات استخبارية عنهم.

ونشرت وسائل إعلام تركية، نقلاً عن وثائق المخابرات، أنه بالإضافة إلى معلومات عن السير الذاتية للأجانب من خلال المواقع باللغة العربية، التي تم تدشينها على شبكة الإنترنت، تتبَّع أعضاء الشبكة تحركات المركبات عبر نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، واختراق الشبكات المحمية بكلمة مرور عبر أجهزة «واي فاي».

وأفادت المصادر بأن «الجواسيس الذين جُنِّدوا للعمل لصالح الموساد، أُرسلوا إلى مناطق في لبنان وسوريا لأغراض الاستطلاع والاستخبارات، وقاموا بتتبع عدد من الشخصيات المهمة في (حزب الله) اللبناني، وصولاً إلى مبنى كانوا يرتادونه في منطقة حارة حريك في بيروت».

وأفادت معلومات المخابرات التركية بأنه بالإضافة إلى ذلك، أرسل الموساد عشرات الجواسيس، بمن في ذلك رعايا أتراك، بعد اجتياز 5 مراحل من الاختبارات، في رحلات سياحية سرّية من 3 محطات إلى صربيا أولاً، ثم دبي، وبانكوك، عاصمة تايلاند، للتدريب على عمليات التجسس، وأن الموساد طوّر أساليب معقدة للغاية، وأجرى عمليات مختلفة في إسطنبول لاختبار فاعليتها في تجنب الوقوع في قبضة المخابرات التركية.

وفي 24 مايو (أيار) الماضي، أعلنت المخابرات التركية القبض على 11 شخصاً، بينهم تركيان، بتهمة التجسس لصالح الموساد، من ضمن مجموعة مكونة من 15 شخصاً تدير شبكة في جميع أنحاء البلاد، يرأسها التركي سلجوق كوتشوكايا، الذي تدرب في أوروبا، وكُلّف بجمع معلومات استخبارية عن شركة و23 فرداً لهم علاقات تجارية مع إيران، استهدفتهم إسرائيل.

وفي ديسمبر 2022، أعلنت المخابرات التركية القبض على 44 شخصاً اتُّهموا بالتجسس لصالح الموساد على مواطنين فلسطينيين ومؤسسات ومنظمات أهلية في تركيا، تحت ستار عملهم موظفين في شركة لتقديم الاستشارات.


مقالات ذات صلة

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا أحد عناصر جهاز الأمن الأوكراني (قناة المخابرات الأوكرانية عبر «تلغرام»)

أوكرانيا توقف ضابطا كبيرا بتهمة التجسس لصالح روسيا

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، توقيف ضابط يقود وحدة قوات خاصة في البلاد بتهمة نقل معلومات إلى روسيا حول عمليات عسكرية سرية تنفذها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

كشف تقرير حديث عن جمع التلفزيونات الذكية البيانات حول ما نشاهده، بل أحياناً حول تفاصيل حياتنا اليومية عبر تقنية «التعرف التلقائي على المحتوى» (ACR).

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا صورة غير مؤرخة لدانيال عابد خليفة قدمتها شرطة لندن (أ.ب)

جندي بريطاني سابق متهم بالتجسس لإيران يقر بذنب الهروب من السجن

اعترف جندي بريطاني متهم بتسريب معلومات حساسة إلى الحرس الثوري الإيراني، اليوم (الاثنين)، بأنه مذنب بالهروب من السجن أثناء انتظار محاكمته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عائلات محتجزين في غزة يتهمون نتنياهو بتضليل ترمب للتهرب من صفقة تبادل

إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
TT

عائلات محتجزين في غزة يتهمون نتنياهو بتضليل ترمب للتهرب من صفقة تبادل

إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)

بعدما تكشف أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، لا يعرف أن نصف عدد المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة «حماس» في قطاع غزة أحياء، اتهمت عائلات عدد من هؤلاء المحتجزين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، بتقديم معلومات مضللة إلى ترمب حول مصير الأسرى، للتهرب من الصفقة والإفلات من الضغوط الأميركية المحتملة على إسرائيل لدفعها نحو إتمام صفقة تبادل.

وقال تقرير بثته «القناة 13» الإسرائيلية، الاثنين، إنه في الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة وإسرائيل على مفاوضات لإنهاء الحرب في لبنان، لا يزال ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة عالقاً في ظل تراجع الجهود لإتمام صفقة تبادل، مضيفاً أن هذا الأمر «يغضب العائلات ويفقدها صوابها؛ فهم يرون أن الحكومة، التي تدير ظهرها لقضية الأسرى طيلة 416 يوماً منذ خطفهم من بيوتهم ومن قواعدهم العسكرية، تعمل بكل قوتها لمنع اتفاق مع (حماس) على الرغم من معرفتها الوثيقة بأن هذا يعني تهديد حياة المخطوفين».

وأشار التقرير إلى أن مصادر مقربة من ترمب أكدت اهتمامه بقضية الأسرى، إلا أن تل أبيب تقدم معلومات لمسؤولي إدارته المقبلة تفيد بأن «أغلب الأسرى قتلوا وليسوا على قيد الحياة»، بهدف تقليل الضغوط الأميركية لإبرام صفقة تبادل مع «حماس»، بعد تنصيب الإدارة الجديدة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وفي منتجع «مارا لاغو» في فلوريدا، ذكرت القناة أن «البعض شبّه ترمب بالرئيس رونالد ريغان، الذي أنهى أزمة رهائن إيران فور تسلمه السلطة عام 1981». وأشارت إلى أنه أثناء حملته الانتخابية، ادعى ترمب مراراً أنه لو كان في منصب الرئيس، لما اندلعت الحرب، وأنه قادر على «إطلاق سراح الأسرى في غزة».

وكان شخص مقرب من الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتسوغ، هو الذي كشف أن ترمب لا يعرف عن مصير الأسرى. وأضاف أنه عندما اتصل هيرتسوغ ليهنئ ترمب بانتخابه، سمع منه هذا الأمر، إذ قال إنه يعرف أن المخطوفين قتلوا لدى وجودهم في الأسر لدى «حماس». ورد عليه هيرتسوغ قائلاً إن أكثر من نصفهم أحياء، ففوجئ. ومن هنا، استنتج الإسرائيليون أن نتنياهو هو الذي يضلل ترمب ويخبره أن معظم المحتجزين أموات.

وقال والد الجندي المحتجز، رُوبي حن: «يمكنني أن أؤكد، بناءً على المصادر التي أتحدث معها، أن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وهم أنفسهم المسؤولون عن فشل 7 أكتوبر، يبلغون ترمب وفريقه بأن غالبية المختطفين قد قُتلوا». واعتبر أن الحكومة ستخدم هذا النهج في محاولة لتقليل ضغوط محتملة قد تحاول إدارة ترمب ممارستها مستقبلاً على إسرائيل. وقال: «يعتبرون أنه بذلك لن تكون هناك ضغوط لاستعجال التوصل إلى صفقة تبادل. إنه لأمر مذهل أن يجرأوا على قول مثل هذه الأمور بينما يرتدون شارة دعم الرهائن».

وقال غيل ديكمان، قريب إحدى الأسيرات، في منشور على منصة «إكس»: «من يروج لترمب هذه الأكاذيب؟ من يقنعه بأن الرهائن قد ماتوا؟ بدلاً من إعادة الجميع سريعاً، سواء كانوا أحياء أو موتى، انتظرتم حتى يُقتل الرهائن في الأسر، والآن تكذبون وتقولون إن معظمهم قد ماتوا لتبرير التخلي عنهم مجدداً». وأضاف: «ما زال هناك من هم أحياء. أعيدوهم جميعاً. بلا أعذار. الأحياء لإعادة التأهيل، والموتى للدفن».

وفي نشاط احتجاجي نظمه أقارب الأسرى في تل أبيب، طالبت أسيرة أُفرج عنها بعد 57 يوماً في الأسر، بالإسراع في إبرام صفقة تبادل، قائلة: «كل الأطراف المعنية تؤكد أن الظروف أصبحت مهيأة للصفقة. لم تعد هناك أعذار. حان الوقت لإعادة جميع الرهائن، وبأسرع وقت ممكن، لأن الشتاء في الأنفاق يجعل من الصعب معرفة من سيبقى على قيد الحياة». وأضافت: «لو فهم المسؤولون فقط ما يعنيه البقاء في ظروف غير إنسانية في الأنفاق، لمدة 54 يوماً، لما تركوا المختطفين هناك طوال 415 يوماً».

وكان رئيس «حزب الديمقراطيين»، الجنرال يائير جولان، قد حذر من أن يكون هدف إسرائيل من إبرام اتفاق مع لبنان هو إجهاض اتفاق مع «حماس». وقال: «إذا وافقت حكومة اليمين على وقف إطلاق النار في لبنان، فسوف تركز على (الطبق الرئيسي)» في غزة. يذكر أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أثبت منذ بداية الحرب أنه رئيس الوزراء الفعلي أشار في الأيام الأخيرة إلى هذا الاتجاه.