الانسحاب الإسرائيلي من شمال قطاع غزة يتيح لأمن «حماس» إعادة الانتشار

يسمح أيضاً لآلاف النازحين بالعودة إلى منازلهم

دخان فوق مدينة غزة عقب غارات إسرائيلية يوم الاثنين (أ.ف.ب)
دخان فوق مدينة غزة عقب غارات إسرائيلية يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الانسحاب الإسرائيلي من شمال قطاع غزة يتيح لأمن «حماس» إعادة الانتشار

دخان فوق مدينة غزة عقب غارات إسرائيلية يوم الاثنين (أ.ف.ب)
دخان فوق مدينة غزة عقب غارات إسرائيلية يوم الاثنين (أ.ف.ب)

أتاح الانسحاب الإسرائيلي من عدة مناطق ومحاور في مدينة غزة، وشمال القطاع، لكثير من الفلسطينيين الذين لم ينزحوا إلى الجنوب، العودة إلى منازلهم، كما سمح للمرة الأولى بشكل علني لعناصر من الأجهزة الأمنية التابعة لحركة «حماس» بالتحرك في هذه المناطق لضبط الأمن.

ورغم الرواية الإسرائيلية حول تدمير حركة «حماس» وقدراتها بما في ذلك تدمير سلطتها؛ فإن الانسحاب الإسرائيلي سرعان ما سمح بانتشار عناصر أمن الحركة، من شرطة ومباحث وغيرها من الأجهزة الأمنية، لضبط الأمن وأسعار المواد المتوفرة في الأسواق، والتي رفع تجار سعرها بشكل كبير جداً.

وقال «أبو مؤمن»، وهو أحد عناصر الشرطة التابعة لـ«حماس» في مدينة غزة، إنه فور عملية الانسحاب من حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، صدرت تعليمات سريعة لهم بالانتشار الفوري في الشوارع. وأضاف «أبو مؤمن» لـ«الشرق الأوسط» مفضلاً عدم ذكر هويته الكاملة بسبب الظروف الأمنية، أنه انتشر إلى جانب مجموعة من عناصر جهاز الشرطة بلباس مدني، لمنع أي سرقات من المنازل، ولضبط الأسعار أمام مراكز الإيواء، في ظل الغلاء الكبير لأسعار ما يتوفر من بضائع.

جنود إسرائيليون في شمال قطاع غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

وانتشر رجال «حماس» وسط حركة كبيرة للنازحين الذين بدأ بعضهم في مغادرة مراكز الإيواء من أجل العودة لمنازلهم. ولاحظ مراسل لـ«الشرق الأوسط» في غزة، انتشار عناصر أمن «حماس» بلباس مدني، بينما كان عدد آخر منهم ملثماً ويحمل أسلحة خفيفة، ويسأل سائقي بعض العربات والمركبات التي تستطيع التحرك عن الأشياء التي بحوزتهم، ومسار تحركاتهم. كما أن بعضهم أمر الباعة بخفض أسعار بعض السلع، مثل الأرز والعدس، حتى لا يواجهوا عقوبات.

وعلى الرغم من أن حكومة «حماس» لم تصدر أي إعلان متعلق بأي وضع في قطاع غزة بعد الانسحاب؛ فقد شوهد رجال أمن في مناطق جباليا وبيت لاهيا باللباس العسكري، وفي مناطق أخرى باللباس المدني، وتم صرف سلفة من راتب واحد لموظفي أمن «حماس» خلال الأيام الأخيرة، بلغت قيمتها 800 شيقل.

وجاء الانتشار اللافت في مؤشر على أن القيادة والسيطرة ما زالت بيد «حماس» في بعض مناطق شمال قطاع غزة، بخلاف ما تروج له إسرائيل، وأنه لا توجد جهة أخرى تنافس على هذا الأمر في هذه المرحلة.

وقال مواطنون إنهم «راضون عن رؤية رجال الأمن» في ظل الحاجة الماسة لضبط الحالة التي سادها كثير من الفوضى، بما في ذلك الاستغلال والسرقات.

وقال سمير قنيطة، وهو من سكان منطقة الصفطاوي، إنه تفاجأ بعد عودته لتفقد منزله بسرقة كثير من أغراضه. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ليس سراً أن اللصوص انتشروا كثيراً في الآونة الأخيرة، وباتوا يمتهنون ذلك. إن انتشار عناصر الأمن في هذه الأوقات الحرجة مهم جداً وضروري ومطلوب. لا يمكن السماح بتمدد الفوضى أكثر من ذلك».

ويحاول قنيطة الآن ترتيب منزله، ويأمل أن تكون عودته نهائية.

وكانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت من عدة مناطق في شمال القطاع وفي مدينة غزة، استعداداً لبدء المرحلة الثالثة، وهي مرحلة أقل كثافة؛ لكنها أكثر دقة، كما يتم وصفها.

فلسطينيون يزورون قبوراً لضحايا القصف الإسرائيلي تم دفنهم في جوار مجمع «الشفاء» بمدينة غزة يوم 31 ديسمبر الماضي (أ.ب)

وبينما استطاع قنيطة العودة والسكن في منزله، يعاني آخرون من عدم قدرتهم على ذلك.

وقال وائل حمدان، من سكان منطقة حي الشيخ رضوان، إنه فور انسحاب قوات الاحتلال عاد لمنزله، ليجده متضرراً بشدة.

ومنذ يومين يعمل حمدان على تنظيف الردم، على أمل أن يستطيع إيجاد مكان صالح للعيش في منزله، لينهي رحلة عناء عائلته في مركز الإيواء داخل مجمع «الشفاء» الطبي. وأضاف حمدان لـ«الشرق الأوسط»: «أتمنى أن تنتهي هذه المعاناة، معاناة لا توصف، تهجير وتعب وأمراض لا تنتهي. إعياء شديد وأطفال لا يجدون الأمن والحماية والماء والغذاء. رعب لا يمكن وصفه».

ويأمل الغزيون أن تتوسع الانسحابات في الأيام المقبلة.

وقالت المواطنة نسرين حمودة، من سكان العطاطرة، غرب بيت لاهيا، إنها تأمل أن تعود لبيتها وأن يكون سالماً، بعد فترة نزوح مستمرة منذ نحو 3 أشهر من مكان إلى آخر. وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعرف مصير البيت. موجود أم تهدم؟ نقدر أن نسكن فيه أو لا؟ أتحرق شوقاً لرؤيته، رغم الخوف من أن أرى تعب وحلم السنين تبخر».

وإذا كان نازحون عادوا، وآخرون في غزة والشمال ينتظرون انسحاب الجنود الإسرائيليين من مناطق ما زالوا فيها، فإن النازحين إلى الجنوب لا حول لهم ولا قوة؛ إذ لا يعرفون شيئاً عن بيوتهم، ولا تتيح لهم الانسحابات العودة لتفقدها؛ إذ تمنع إسرائيل كل الذين نزحوا إلى الجنوب من العودة إلى الشمال.


مقالات ذات صلة

 إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من غزة وسقوط آخر في «منطقة مفتوحة»

شؤون إقليمية بطارية من نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي في محيط غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

 إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من غزة وسقوط آخر في «منطقة مفتوحة»

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم (الأربعاء)، عن إطلاق صاروخين من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل بعد منتصف الليل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الطفلان الشقيقان بلال ومحمد حمد يجمعان المياه التي غمرت خيمتهما في دير البلح وسط قطاع غزة أمس (أ.ب)

نتنياهو «يقصف» الصفقة: سنعود للقتال في غزة

«إذا كانت هناك صفقة، وآمل أن تكون كذلك، فإن إسرائيل ستعود للقتال بعدها... لا يوجد لبس في ذلك. وليس هناك جدوى من التكتم وإخفاء هذا؛ لأن العودة للقتال تعني.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد بقوة «نخبة حماس» شارك في هجوم 7 أكتوبر

أعلنت إسرائيل، الثلاثاء، القضاء على قائد في قوة النخبة التابعة لـ«حماس»، والذي قاد الهجوم على «كيبوتس نير عوز» خلال هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف إسرائيلي على مستشفى الوفاء وسط الحرب بقطاع غزة (رويترز)

الأمم المتحدة: الهجمات الإسرائيلية على مستشفيات غزة قد تشكل جرائم حرب

كشفت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم (الثلاثاء) أن الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات في قطاع غزة قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يهرعون للاحتماء من العاصفة في مخيم مؤقت بمدينة غزة (أ.ف.ب)

أمطار غزيرة تتسبب بفيضانات في غزة (صور)

تسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات واسعة في قطاع غزة الذي دمرته الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد بقوة «نخبة حماس» شارك في هجوم 7 أكتوبر

جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد بقوة «نخبة حماس» شارك في هجوم 7 أكتوبر

جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، اليوم (الثلاثاء)، القضاء على قائد في قوة النخبة التابعة لحركة «حماس»، والذي قاد الهجوم على «كيبوتس نير عوز» خلال هجوم الحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، في غارة جوية بمسيّرة «مؤخراً».

وبحسب الجيش الإسرائيلي، قُتل «الإرهابي عبد الهادي صباح، قائد فصيلة النخبة في كتيبة غرب خان يونس التابعة لـ(حماس)، في غارة جوية في المنطقة الإنسانية التي حددتها إسرائيل في منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة».

وأضاف الجيش أن «صباح كان من بين الذين قادوا الغزو على كيبوتس نير عوز في 7 أكتوبر 2023، والذي اختطف خلاله الإرهابيون وقتلوا العشرات»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وأشار الجيش إلى أن صباح، شارك خلال الحرب الدائرة في غزة في العديد من الهجمات ضد قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع.

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه «اتخذ خطوات في الغارة على المنطقة الإنسانية للتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمدنيين».