«حرب غزة»: اتصالات مصرية لتقريب مواقف الفصائل الفلسطينية

تحركات نشطة لوفود الأطراف المعنية باتجاه القاهرة

مسعفون ينقلون الجرحى الفلسطينيين عند معبر رفح الحدودي في مصر (أ.ف.ب)
مسعفون ينقلون الجرحى الفلسطينيين عند معبر رفح الحدودي في مصر (أ.ف.ب)
TT

«حرب غزة»: اتصالات مصرية لتقريب مواقف الفصائل الفلسطينية

مسعفون ينقلون الجرحى الفلسطينيين عند معبر رفح الحدودي في مصر (أ.ف.ب)
مسعفون ينقلون الجرحى الفلسطينيين عند معبر رفح الحدودي في مصر (أ.ف.ب)

لا تزال جهود الوساطة المصرية القطرية من أجل وقف القتال في قطاع غزة تترقب إعلان موقف إسرائيلي محدد بشأن المضي قدماً في صفقة لتبادل الأسرى ووقف القتال، ورغم عقد حكومة الحرب في تل أبيب اجتماعين على الأقل إلى الآن لمناقشة «مقترحين» مصري وقطري، فإنه لم تظهر إلى الآن أي مواقف رسمية بشأن التجاوب مع أي منهما.

وفي الوقت نفسه، كثفت القاهرة اتصالاتها على محور الفصائل الفلسطينية، لتقريب وجهات النظر بينها، خصوصاً فيما يتعلق بإجراءات ما بعد إبرام اتفاق لتبادل الأسرى، في مسعى منها لإعادة ترتيب الموقف الفلسطيني، وتهيئة الأجواء لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وفق تأكيدات مراقبين فلسطينيين.

وكانت مصادر فلسطينية مطلعة قد أفادت، الأحد، بوجود ترتيبات واتصالات مصرية مكثفة، لعقد جلسة حوار مكثفة ومغلقة بين حركتي «فتح» و«حماس» في القاهرة، وفق ما نقلت «وكالة أنباء العالم العربي». وأضافت المصادر أن الاجتماع المرتقب يسبقه اتصال ثنائي بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو رئيس حركة «فتح»، مع رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، واتصالات أخرى بين الأطراف المكلفة بعمل المصالحة الفلسطينية في التنظيمين.

وصرحت المصادر بأنه إذا نجحت الاتصالات فسيُعقد الاجتماع بالقاهرة خلال النصف الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي.

وتسعى مصر لتقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين داخلياً؛ لتسهيل تشكيل حكومة موحدة لقطاع غزة والضفة الغربية بموافقة حركتي «فتح» و«حماس»، والاتفاق على استراتيجيات العمل الفلسطيني الداخلي في المرحلة المقبلة.

تهيئة الأجواء

واستبعد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن تكون هناك لقاءات مباشرة بين «فتح» وحماس» في المرحلة الحالية، وأرجع ذلك لـ«اتساع الهوة في المواقف على خلفية الأزمة في قطاع غزة»، مرجحاً أن تقوم القاهرة باتصالات منفردة مع كل فصيل لتهيئة الأجواء قبل الانتقال لمرحلة اللقاءات المباشرة بين قادة الفصائل الفلسطينية.

وأضاف الرقب لـ«الشرق الأوسط» أن نهج الاتصالات المصرية المباشرة والمنفردة جرى استخدامه بفاعلية مع كل من «حماس» و«الجهاد» رغم أنهما من أكثر الفصائل تقارباً واتساقاً في المواقف السياسية والتنسيقات الميدانية، مشيراً إلى أن الاتصالات التي تقوم بها مصر «لا تقتصر فقط على (فتح) و(حماس)، بل تتضمن طيفاً واسعاً من الفصائل»، سواء لترتيب عملية تبادل الأسرى عند إقرارها لأن كثيراً من الأسرى الإسرائيليين بحوزة فصائل في غزة غير «حماس»، أو بهدف التمهيد لما بعد وقف القتال، خصوصاً ما يتعلق بتشكيل حكومة كفاءات وطنية تضم مختلف ألوان الطيف الفلسطيني.

مواقف متباينة

وتسبب طرح تشكيل حكومة «تكنوقراط» فلسطينية ضمن الصيغة الأولى للإطار المصري المقترح لإنهاء الحرب في غزة، في إثارة مواقف متباينة من جانب القوى الفلسطينية، إذ رفضت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منتصف الأسبوع الماضي، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن دون الإشارة إلى مصر، «تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة وغزة بعيداً عن مسؤولية المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني»، ولاحقاً زار مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج القاهرة لمناقشة هذا البند من المقترح مع مسؤولين مصريين.

وفي أعقاب ذلك أكد مصدر مصري مسؤول أن ما جرى تناوله بشأن مقترح مصري لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، هو «مقترح أولي، وسيتبلور موقف متكامل عقب حصول القاهرة على موافقة كل الأطراف».

في السياق نفسه، قالت حركة «حماس» إنها اتفقت مع فصائل فلسطينية أخرى على «حل وطني» يقوم على تشكيل حكومة وحدة، وأضافت «حماس»، في بيان الأسبوع الماضي، أن تلك الفصائل شملت أيضاً حركة الجهاد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية. وتضاربت الأنباء بشأن زيارة وفد من «حماس» إلى القاهرة خلال الأسبوع الحالي لمناقشة رؤية الحركة بشأن الطرح المصري.

ووفق تصريحات سابقة لضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية طرحت مصر مقترحاً يتضمن 3 مراحل تنص على هدن قابلة للتمديد والإفراج التدريجي عن عشرات الأسرى الذين تحتجزهم «حماس» في مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التوصل لوقف الأعمال القتالية.

واستضافت القاهرة قبل أسبوعين وفوداً من حركتي «حماس» و«الجهاد»، حيث أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، والأمين العام لـ«حركة الجهاد الإسلامي» زياد النخالة محادثات مع المسؤولين المصريين حول المقترح المصري لوقف الحرب.

إنهاء الانقسام

ومن جانبه، أشار الدكتور أسامة شعث أستاذ العلاقات الدولية والسياسي الفلسطيني، إلى أن هناك حالة من التكتم الشديد إزاء الاتصالات المصرية مع الفصائل الفلسطينية، مرجعاً ذلك إلى الرغبة في إنجاح المساعي المصرية بعيداً عن تأثيرات بعض التيارات التي قال إنها «لا تريد إنهاء الانقسام، وتريد بقاء الصراع بين قوى الشعب الفلسطيني لخدمة مصالح إقليمية».

وأضاف شعث لـ«الشرق الأوسط» أن تحركات القاهرة لتقريب الرؤى والمواقف بين الفصائل الفلسطينية تمثل جزءاً من الدور المصري الداعم لوحدة الشعب الفلسطيني ومساندة قضيته، وترتيباً ضمن إجراءات الإعداد لمرحلة إطلاق مسار سياسي يفضي إلى إعلان دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، مشدداً على أهمية تشكيل حكومة «تكنوقراط» وطنية تشمل كل القوى الفلسطينية من بينها حركة «حماس» تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية.

رؤية «غير ناضجة»

على الجانب الآخر، لا تزال الرؤية الإسرائيلية بشأن التجاوب مع جهود الوساطة المصرية والقطرية «غير ناضجة»، وفق وصف الرقب، الذي أشار إلى أن الاجتماعين اللذين عقدتهما حكومة الحرب الإسرائيلية «فشلا في التوصل إلى مقاربة موحدة بشأن الاتفاق»، لافتاً إلى أن إسرائيل كلفت رئيس «الشاباك» (جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل) بمتابعة الاتصالات مع مصر، ورئيس الموساد (الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية) بالتواصل مع الوسطاء القطريين.

وكانت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية قد ذكرت (الأحد) أن وفداً مصرياً زار تل أبيب، أواخر الأسبوع الماضي، لبحث سبل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، في إطار اتفاق شامل لما بعد الحرب الجارية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقود مصر جهود الوساطة بمشاركة قطرية - أميركية، حيث تعد الدول الثلاث ضامنة لتنفيذ وقف إطلاق النار في حال التوصل إليه. ونجحت وساطة مصرية قطرية بدعم أميركي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في إقرار أول هدنة بالقطاع، وقد دامت أسبوعاً واحداً، وجرى خلالها إطلاق سراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية».


مقالات ذات صلة

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

المشرق العربي جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

شدَّدت وزارة الداخلية السورية إجراءات تسجيل عقود الإيجار، ومنحت الشرطة صلاحية إخلاء العقارات في ظل تنامي المخاوف من تأجير المنازل لأشخاص مرتبطين بـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر اعتقال نتنياهو

قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، اليوم، إن دول مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (فيوجي (إيطاليا))
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

بينما أعلن البرلمان العراقي عقد جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، استأنفت بعض الفصائل الموالية لإيران تهديداتها ضد إسرائيل.

حمزة مصطفى (بغداد)

بايدن وماكرون يعلنان الثلاثاء وقفاً للنار بين لبنان وإسرائيل

آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

بايدن وماكرون يعلنان الثلاثاء وقفاً للنار بين لبنان وإسرائيل

آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون سيعلنان صباح الثلاثاء وقفاً للعمليات العدائية بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً.

يأتي هذا التطور المهم بعدما ظهرت في واشنطن مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً على أساس إخلاء «حزب الله» للمنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني «بشكل يمكن التحقق منه» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها منذ بدء الغزو البري المحدود للأراضي اللبنانية.

وأشيعت هذه «الأجواء الإيجابية نسبياً» على رغم استمرار العمليات العسكرية الواسعة النطاق بين القوات الإسرائيلية ومجموعات «حزب الله» في جنوب لبنان والغارات الجوية في عمق الأراضي اللبنانية، بما في ذلك في بيروت وضاحيتها الجنوبية والقصف الصاروخي بعيد المدى في اتجاه وسط إسرائيل، ومنه تل أبيب.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن محللين أن الهجمات المكثفة تشير إلى أن «إسرائيل و(حزب الله) يحاولان تعظيم نفوذهما بينما يجري الدبلوماسيون ما يأملون أن يكون جولة أخيرة من محادثات وقف النار». وأوضحت أن «الشروط تشمل هدنة مدتها 60 يوماً تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية ومقاتلو (حزب الله) من المناطق الحدودية، ويعزز الجيش اللبناني والقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان، اليونيفيل، وجودهما في المنطقة العازلة».

غير أن بعض المعنيين بهذا الملف قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن «كل القضايا جرى حلّها في ما يتعلق بالجانب اللبناني، وظلّت هناك مسائل عالقة عند الجانب الإسرائيلي»، موضحاً أنه على رغم «الموافقة المبدئية » التي أعطاها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمبعوثين الأميركيين، في مقدمهم المنسق الرئاسي الخاص آموس هوكستين، بما في ذلك مشاركة فرنسا مع الولايات المتحدة في آلية رقابة لعمليات الانسحاب والإخلاء المتبادلة بين الطرفين.