اليمين الإسرائيلي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية

وزير المالية يدعو لتهجير سكان غزة وتشجيع الاستيطان

مظاهرة لليمين الإسرائيلي في القدس أبريل 2023 (رويترز)
مظاهرة لليمين الإسرائيلي في القدس أبريل 2023 (رويترز)
TT

اليمين الإسرائيلي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية

مظاهرة لليمين الإسرائيلي في القدس أبريل 2023 (رويترز)
مظاهرة لليمين الإسرائيلي في القدس أبريل 2023 (رويترز)

يدفع اليمين الإسرائيلي، الذي يتحكم في قرارات الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، نحو استثمار الحرب في غزة بإعادة العجلة إلى المربع الأول ما قبل اتفاقيات أوسلو وتصفية القضية الفلسطينية ومشاريع الترحيل وإعادة البناء الاستيطاني في غزة. وعلى الرغم من الدعم الأميركي غير المسبوق لإسرائيل في حربها على غزة، يستعد هذا اليمين لمواجهة الولايات المتحدة والضغوط المتوقعة منها بالتمرد عليها، حتى مقابل التخلي عن دعمها.

وقد تجلت هذه المواقف في الضغوط التي يمارسها حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة بتسليل سموتريتش، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير، وعناصر عديدة في حزب «الليكود»، على رئيس الوزراء نتنياهو لرفض الضغوط الأميركية الرامية إلى «تقليص الحرب زمناً ونطاقاً» والتي يرون فيها مقدمة لوقف الحرب ويطالبون بالاستمرار فيها بلا هوادة حتى لو كان ثمن هذا قتل أسرى إسرائيليين محتجزين لدى «حماس».

وزير المالية سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء نتنياهو في جلسة للكنيست يوليو الماضي (رويترز)

سموتريتش والتهجير

وعاد سموتريتش، يوم الأحد، إلى تكرار دعوته للعمل على تهجير سكان قطاع غزة وإعادة الاستيطان في القطاع، مشيراً إلى أن ذلك منوط بأن «تتصرف إسرائيل على نحو صحيح على الصعيد الاستراتيجي». وفي تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي، قال سموتريتش: «إذا تصرفنا بشكل استراتيجي صحيح، فستكون هناك هجرة وسنعيش في قطاع غزة. لن نسمح بوضع يعيش فيه مليونا شخص هناك».

وأضاف: «إذا ظل هناك 100-200 ألف عربي في غزة، فإن كل الحديث حول اليوم التالي للحرب على غزة، سيكون مختلفاً تماماً». وادعى سموتريتش أن «سكان غزة يريدون مغادرتها. إنهم يعيشون في غيتو وضائقة منذ 75 عاماً». وعبّر سموتريتش عن معارضته لمناقشة مستقبل قطاع غزة أو ما بات يعرف بالخطاب الإسرائيلي بـ«اليوم التالي» للقطاع المحاصر، عادّاً أن ذلك قد يوحي بأن الحرب المتواصلة على غزة منذ 86 يوماً على وشك الانتهاء.

وقال سموتريتش إن الجهد الذي يبذله نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الموساد دافيد برنياع، يجب أن ينصب على الدفع باتجاه «خطوة دولية إسرائيل شريكة فيها». واستطرد قائلاً: «يجب تشكيل تحالف دولي لتوفير (حل إنساني) لسكان قطاع غزة (في إشارة إلى دفعهم للهجرة الطوعية ودفع دول أخرى إلى استقبالهم)»، ورفض «الاعتماد» على مصر وقطر في هذا السياق.

مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

السيطرة الأمنية

وشدد سموتريتش على ضرورة «السيطرة الأمنية على القطاع من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه»، عادّاً أن صورة النصر تكون بتعزيز الاستيطان في غزة والسيطرة المطلقة عليها. وتابع: «يتعيّن علينا أن نجد البلدان التي ترغب في استقبال سكّان غزة، وينبغي أن يكون ذلك من خلال دولة إسرائيل».

وكرر سموتريتش رفضه لاستلام السلطة الفلسطينية زمام الأمور في قطاع غزة، قائلاً: «سيحكمون هناك تماماً مثلما تحكم (حماس)». وأضاف: «أنا أؤيد إحداث تغيير كامل للواقع في غزة، وذلك من خلال إجراء نقاش حول الاستيطان هناك»، وتابع: «سيتعين علينا أن نحكم هناك لفترة طويلة، علينا أن نعود إلى غزة».

ونشر رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن افرايم عنبار، الذي يعد مرجعية آيديولوجية لليمين الإسرائيلي العقائدي، دراسة بعنوان «دروس أولية للحرب في غزة»، عدّ فيها أن «الخوف أفضل عملة سياسية في هذا الشرق الأوسط». وقال إن «إسرائيل تحتاج إلى جيش أكبر لحماية حدودها والقتال على جبهتين في نفس الوقت. ويجب عليها تقليل اعتمادها على الأسلحة والذخائر القادمة من الولايات المتحدة».

لقاء سابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

التمرد على أميركا

ومع أن عنبار يمتدح الولايات المتحدة على تقديمها «دعماً عظيماً لإلحاق الهزيمة بـ(حماس)، وتعزيز مكانة إسرائيل باعتبارها حليفاً قيماً لأميركا»، فإنه ينتقد سياستها ويحض على التمرد عليها، قائلاً: «ترفض الولايات المتحدة الإشارة إلى العنوان الرئيسي لعدوان (حماس) و(حزب الله) والحوثيين على إسرائيل: إيران. وقد أثبتت الحرب أن صيغة الدولتين لا تزال تمثل الرد الكلاسيكي للمجتمع الدولي على الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني».

وتابع: «هذا على الرغم من أن الحرب تظهر بوضوح أن الفلسطينيين غير قادرين على أن يصبحوا جيراناً طيبين، ولا حتى في الجيل القادم. لقد رفضت السلطة الفلسطينية إدانة الفظائع التي ارتكبتها (حماس)، بل إنها دعت (حماس) إلى الانضمام إليها كشريك أصغر للسلطة الفلسطينية في حكم الفلسطينيين. ووصلت كراهية الفلسطينيين لإسرائيل إلى مستويات لا تصدق».

ويضيف: «إسرائيل تحتاج إلى تحقيق نصر سريع وحاسم على (حماس)، وذلك في المقام الأول لاستعادة قوة الردع المفقودة. ولا يمكنها البقاء في الشرق الأوسط إذا لم يكن هناك خوف منها. الخوف هو أفضل عملة سياسية في هذه المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على إسرائيل أن تواجه العديد من التحديات المباشرة».

وهنا يدخل في صدام مع سياسة واشنطن، فيقول: «من الضروري تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة في توريد الذخيرة والأسلحة. هذه مسألة مالية بشكل أساسي: تخصيص ما يكفي من الشواقل لزيادة سعة التخزين، وكذلك استثمارات إضافية في البحث والتطوير. ربما تحتاج الصناعات العسكرية الإسرائيلية إلى تعويض مقابل التحول السريع إلى وضع الطوارئ لتزويد الجيش الإسرائيلي بما يحتاج إليه. والهدف ليس تحرير إسرائيل من الاعتماد على الولايات المتحدة، بل زيادة حرية عمل إسرائيل لفترات أطول في حالات الطوارئ».

جنود إسرائيليون في غزة (رويترز)

القوة العسكرية غير كافية

ويعد عنبار رضوخ إسرائيل للضغط الأميركي لعدم توسيع الحرب إلى الشمال خطأً. ويقول: «كان من الممكن أن يكون انضمام (حزب الله) إلى الحرب فرصة لهزيمة مبعوث إيراني آخر، وهو ما لم يتم استخدامه بسبب عدم توفر القوة العسكرية الكافية. وفي المستقبل، لا ينبغي تفويت فرصة توجيه ضربة استباقية. تعزيز الردع يتطلب الصيانة، واستخدام القوة يشكل إحدى وسائل تحقيق هذه الغاية».

ويقول إن «إيران النووية تشكل مشكلة أمنية يرفض المجتمع الدولي، والولايات المتحدة بشكل خاص، التعامل معها. وفي مواجهة هذا التهديد الوجودي، تقف إسرائيل وحدها. ومن السذاجة الاعتقاد بأنه من دون هجوم عسكري إسرائيلي سيختفي هذا التحدي. على إسرائيل أن تعود إلى رشدها، وأن تستعد لوضع حد للتهديد النووي في إيران».


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (دهوك)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».