الوساطة المصرية - القطرية في غزة: الفصائل «منفتحة»... وإسرائيل تشير إلى «تقدم»

القاهرة تتواصل مع جميع الأطراف المعنية

متظاهرون في تل أبيب يطالبون بعودة المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)
متظاهرون في تل أبيب يطالبون بعودة المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)
TT

الوساطة المصرية - القطرية في غزة: الفصائل «منفتحة»... وإسرائيل تشير إلى «تقدم»

متظاهرون في تل أبيب يطالبون بعودة المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)
متظاهرون في تل أبيب يطالبون بعودة المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)

تقترب الوساطة المصرية - القطرية بشأن إبرام اتفاق لتبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، والتوصل إلى وقف للقتال في قطاع غزة، من إحداث اختراق في مواقف الأطراف المعنية، وسط مؤشرات على ما وصف بأنه «انفتاح» من جانب الفصائل الفلسطينية إزاء الطرح المصري، وحديث مسؤولين إسرائيليين عن إحراز «تقدم» في صفقة تبادل أسرى جديدة مع «حماس».

وأفاد مصدر مطلع بأن الاتصالات المكثفة خلال اليومين الماضيين عكست «تجاوباً كبيراً» من جانب الفصائل الفلسطينية مع الطرح المصري الذي يستهدف إنهاء الحرب في قطاع غزة. وأشار المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شرط عدم نشر هويته، إلى أن الفصائل «منفتحة أكثر على المقترح المصري»، وأنه «لا تناقض بين المقترحات القطرية وبين ما قدمته الرؤية المصرية»، لافتاً إلى أن التركيز حالياً «ينصب على وضع ترتيبات مع جميع الأطراف للانتقال إلى مرحلة التنفيذ».

ووفق تصريحات سابقة لضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية «طرحت مصر مقترحاً يتضمن ثلاث مراحل تنص على هدن قابلة للتمديد والإفراج التدريجي عن عشرات الأسرى الذين تحتجزهم (حماس) مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التوصل لوقف الأعمال القتالية».

فيما تنص الاقتراحات القطرية المبنية على المبادرة المصرية، على القيام بمرحلة أولى من تبادل الأسرى تشمل إطلاق سراح 40 محتجزاً إسرائيلياً من كبار السن والمرضى والنساء والقاصرين، مقابل إطلاق سراح 120 أسيراً فلسطينياً من فئات مماثلة، إلى جانب وقف إطلاق النار لمدة تبلغ نحو شهر، حسبما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين حكوميين.

تكامل مصري - قطري

ويؤكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، رئيس وحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أنه «لا تناقض بين التحرك المصري والقطري» بشأن العمل على وقف القتال في غزة وتبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، موضحاً أن العلاقة بين التحركين هي علاقة «تكامل لا تنافس».

وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن وسائل الإعلام الإسرائيلية «تحاول أحياناً الوقيعة بين الجانبين»، لافتاً إلى أن مجلس الحرب في إسرائيل يتجه في اجتماعه مساء الأحد، إلى تفويض قادة أجهزة المعلومات في إسرائيل، خصوصاً «الموساد» بالتوقيع على اتفاق لتبادل الأسرى مع الفصائل الفلسطينية، والدخول في تهدئة مؤقتة.

كانت وسائل إعلام إسرائيلية أشارت إلى حدوث «تقدم» في المباحثات الرامية لإبرام صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة «حماس» تؤدي لإطلاق سراح ما بين 40 إلى 50 محتجزاً إسرائيلياً مقابل وقف محدود لإطلاق النار.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن هناك تراجعاً في موقف «حماس» التي كانت تشترط وقفاً «دائماً» لإطلاق النار، وإنها باتت توافق الآن على وقف مؤقت لمدة شهر. وتؤكد الهيئة نقلاً عن مسؤولين سياسيين وأمنيين أن هناك «حديثاً جدياً عن صفقة إنسانية»، لكنّ الثمن الذي ستضطر إسرائيل إلى دفعه من حيث أيام الهدنة والإفراج عن الأسرى سيكون «أثقل».

ووفق هيئة البث، تحاول قطر تنفيذ صفقة «أكثر تعقيداً» تجمع بين انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع والتسوية السياسية، بينما تصر إسرائيل على استكمال خطوة السعي لتدمير قدرات حركة «حماس».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال إنه «إذا كانت هناك صفقة تبادل، فسيتم تنفيذها»، وأضاف خلال مؤتمر صحافي، مساء السبت: «سياستي واضحة: سنواصل القتال حتى يتم تحقيق جميع أهداف الحرب، وفي المقام الأول القضاء على (حماس) والإفراج عن جميع المحتجزين»، وشدّد على أن الحرب ستستمر «أشهراً كثيرة أخرى».

تجاوب الفصائل الفلسطينية

في المقابل، لا تزال التصريحات العلنية من جانب قادة حركة «حماس»، تشترط وقفاً كلياً للحرب الإسرائيلية على غزة، من أجل المضي قدماً في الصفقة، إلا أن تقارير إسرائيلية ذكرت أن قطر أبلغت إسرائيل، الخميس، بتغيرات في موقف «حماس» التي باتت تبدي «مرونة» تجاه أفكار الوساطة القطرية الجديدة بشأن تبادل المحتجزين، ووقف مؤقت للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

واستضافت القاهرة خلال الأسبوعين الماضيين وفوداً من حركتي «حماس» و«الجهاد»، حيث أجرى رئيس المكتب السياسي لـ«حركة حماس» إسماعيل هنية، والأمين العام لـ«حركة الجهاد الإسلامي» زياد النخالة محادثات مع المسؤولين المصريين حول المقترح المصري لوقف الحرب.

ويوضح طارق فهمي أن ردود الفعل التي تلقتها القاهرة إلى الآن بشأن ما طرحته من أفكار حول وقف القتال في غزة «إيجابي من الجميع»، مضيفا أنه «لا بدائل ولا خيارات متاحة للطرح المصري في الوقت الراهن».

ووصف الأكاديمي المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية تجاوب حركتي «فتح» و«حماس» مع الطرح المصري بأنه «جيد جداً»، مشيراً إلى أن «حركة فتح» لم تعد لديها أي تحفظات، و«حركة حماس» تتجه قيادتها العسكرية لقبول الطرح المصري، وأن الاتصالات التي تقودها القاهرة مع مختلف الفصائل «مباشرة وقوية»، لافتاً إلى إعلان 5 جبهات فلسطينية رئيسية دعمها الكامل للرؤية المصرية.

وتابع فهمي أن القاهرة استمعت للأطراف المختلفة بهدف «تحصين» الطرح المصري، وضمان أن يخرج معبراً عن مختلف الأطراف، مضيفاً أن الشق العاجل من الطرح المتعلق بتبادل الأسرى والدخول في وقف مؤقت للقتال «بات قريباً من الدخول في مرحلة التنفيذ»، بينما يتطلب الشق الثاني المتعلق بإجراءات أبعد مدى لوقف الحرب تنسيقات إقليمية ودولية قال إنها «لا تزال جارية».

مصلحة الأطراف كافة

بدوره، أشار مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، إلى أن الرؤية المصرية الأخيرة لوضع حد لحرب غزة راعت في بنودها وأهدافها مصلحة الأطراف كافة، وتسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار والهدوء بالمنطقة، والمحافظة على المصالح الفلسطينية والإقليمية والدولية.

ولفت حجازي، في حديث مع وكالة «أنباء الشرق الأوسط»، إلى أن الدبلوماسية المصرية تتواصل مع كل الأطراف وتلتقي بالفصائل الفلسطينية وبالسلطة الوطنية الفلسطينية وممثلين عن الولايات المتحدة ودولة قطر وحكومة إسرائيل، من أجل البحث عن وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، في إطار يقود إلى تثبيت الأوضاع وإعادة إعمار القطاع، والعمل على تحقيق حل الدولتين، كما تتحرك في اتجاه تحقيق وفاق بين الفصائل الفلسطينية لإنشاء «حكومة وحدة وطنية» أو «حكومة خبراء وفنيين» تربط ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتقود مصر جهود الوساطة بمشاركة قطرية - أميركية، حيث تعد الدول الثلاث ضامنة لتنفيذ وقف إطلاق النار في حال التوصل إليه. ونجحت الوساطة المصرية القطرية بدعم أميركي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في إقرار أول هدنة بالقطاع، والتي دامت أسبوعاً واحداً، وجرى خلالها إطلاق سراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، مساء اليوم (الأحد)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان مناطق الغبيري وشويفات العمروسية والحدث وحارة حريك وبرج البراجنة.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

قال أدرعي، مساء اليوم، إن الجيش شن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت استهدفت 12 مقر قيادة عسكرية لـ«حزب الله».

وأضاف أن الضربات الإسرائيلية استهدفت «مقرات لاستخبارات (حزب الله) ووحدة الصواريخ البحرية والوحدة 4400 المسؤولة عن نقل الوسائل القتالية من إيران مروراً بسوريا إلى (حزب الله)».

وفي وقت سابق اليوم قال أدرعي إن إسرائيل لن تسمح بفرض أي معادلات عليها، وطالب بتجنب «أبواق (حزب الله) الإعلامية».

وأضاف أدرعي على منصة «إكس» دون توضيح: «كل من يحاول فرض المعادلات عليه أن يقوم بجولة في الضاحية الجنوبية ببيروت وسيفهم ذلك الليلة على وجه التحديد».

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء الماضي، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها.

وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف.