صعّد الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة الغربية، واقتحم معظم مناطقها، يوم الجمعة، في حملات دهم واعتقالات واسعة، بعد يوم واحد من قتله فلسطينيين وإغلاقه محالّ صيارفة ومصادرة أموال من فلسطينيين في الضفة، ما أجَّج التوترات قبل أن يردَّ الفلسطينيون بهجومين، مستخدمين الدهس والطعن على حواجز عسكرية في جنوب الضفة.
واقتحم فلسطيني بسيارة مجموعة من الإسرائيليين كانوا قرب مستوطنة عُتْنيئيل جنوب الخليل في الضفة، فأصاب أربعة منهم، بينهم جراح متوسطة وخطيرة، قبل أن يقتله جنود الجيش الإسرائيلي. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجنود أطلقوا النار على فلسطيني كان يقود سيارته جنوب مدينة دورا، بعد دهسه عدداً من الإسرائيليين.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية لاحقاً «أن الهيئة العامة للشؤون المدنية أبلغتها باستشهاد الشاب عمرو عبد الفتاح أبو حسين عند مدخل واد الشاجنة شرق مدينة دورا».
جبهة ثالثة
وجاءت العملية بعد ساعات من عملية طعن أُصيبت فيها مجنَّدة في حرس الحدود، وحارس أمن إسرائيلي عند حاجز مزموريا جنوب مدينة القدس. وقالت شرطة الاحتلال إن أحمد عليان، مُنفّذ العملية، وصل بسيارته إلى الحاجز قادماً من القدس، وترجَّل منها وطعن المجندة أولاً ثم حارس الأمن، قبل أن يطلق الجنود النار عليه ويقتلوه.
وتعزِّز العمليات الفلسطينية المتقاربة المخاوف من تصعيد أكبر في الضفة الغربية قد يُحوّلها إلى جبهة ثالثة في الحرب الحالية بغزة. ومنذ هجوم حماس، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صعّدت إسرائيل عملياتها وفرضت أجواء حرب على الفلسطينيين، وراحت، إلى جانب القتل، تُنفّذ حملات دهم واعتقال ضخمة وتغلق مؤسسات ومحالّ وتُصادر أموالاً.
وقتلت إسرائيل نحو 315 فلسطينياً في الضفة، منذ السابع من أكتوبر، واقتحم الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية، يوم الجمعة، وأصاب فلسطينيين، واعتقل آخرين في مخيم الفارعة جنوب طوباس الذي شهد اشتباكات واسعة، وفي مخيم بلاطة والمنطقة الشرقية من مدينة نابلس، قبل أن يقتحم بلدات صوريف، ودورا يطا، في محافظة الخليل، وبلدة قفين شمال طولكرم، وقرية دير أبو مشعل، شمال غرب رام الله، ومخيم قلنديا، شمال القدس.
كما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة، حي سطح مرحبا في مدينة البيرة، ومخيم الأمعري في رام الله، ومخيم عين السلطان، شمال غرب مدينة أريحا، وقرية الطيبة غرب جنين وكفر قدوم شرق قلقيلية، وقرية تقوع شرق بيت لحم، فاندلعت مواجهات واسعة، وأدّت إلى إصابات وانتهت باعتقالات.
اقتحامات يومية
وصاحبت حملات الدهم، يوم الجمعة، مصادرة مَركبات من الأغوار الشمالية، ومجموعة من الألعاب الإلكترونية للأطفال، خلال مداهمة محالّ تجارية بمدينة الخليل. وتجري الاقتحامات بشكل يومي في الضفة، منذ السابع من أكتوبر، لكنها أخذت منحى أكثر كثافة وأوسع نطاقاً في الأيام القليلة الماضية. وجاءت التطورات في الضفة بعد يوم قال فيه الجيش الإسرائيلي إن قواته داهمت مكاتب صرافة وتحويل أموال في رام الله ومدن أخرى بالضفة الغربية المحتلّة، وصادرت ملايين الدولارات التي يُشتبه بأنها موجَّهة لتمويل حركة «حماس».
وطال التصعيد كذلك، يوم الجمعة، مدينة القدس الشرفية، بعدما فرضت سلطات الاحتلال قيوداً على دخول المُصلّين المسجد الأقصى المبارك، واعتدت عليهم في شوارع القدس؛ لإبعادهم عن محيط الأقصى، ومنعهم من الصلاة في شوارع المدينة.
ونصبت إسرائيل حواجز إضافية في شوارع القدس، ودفعت مزيداً من قواتها، ومنعت وصول الآلاف إلى الأقصى، واعتدت على المُصلّين بالضرب في حي وادي الجوز القريب وفي حي رأس العامود. وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن 12 ألف مُصلّ فقط تمكّنوا من دخول المسجد الأقصى لأداء الصلاة هناك.
تقرير الأمم المتحدة
وكان تقرير للأمم المتحدة، نُشر الخميس، قد استنكر «التدهور السريع» لحقوق الإنسان في الضفة، وحثّ سلطات الاحتلال الإسرائيلية على إنهاء العنف ضد الفلسطينيين. وأوضح التقرير، الذي نشره مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أن 300 فلسطيني استُشهدوا في الضفة الغربية، منذ السابع من أكتوبر الماضي، بينهم 79 طفلاً، وأن 291 استُشهدوا على يد الجنود الإسرائيليين، و9 على يد المستوطنين. ووقعت معظم عمليات قتل الفلسطينيين في أثناء عمليات نفّذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي أو خلال مواجهات معهم.