شهادات عن حالات «تنكيل» بحق أسرى فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية

جنود إسرائيليون خلال نقل معتقلين فلسطينيين للتحقيق في قطاع غزة يوم 8 ديسمبر الحالي (رويترز)
جنود إسرائيليون خلال نقل معتقلين فلسطينيين للتحقيق في قطاع غزة يوم 8 ديسمبر الحالي (رويترز)
TT

شهادات عن حالات «تنكيل» بحق أسرى فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية

جنود إسرائيليون خلال نقل معتقلين فلسطينيين للتحقيق في قطاع غزة يوم 8 ديسمبر الحالي (رويترز)
جنود إسرائيليون خلال نقل معتقلين فلسطينيين للتحقيق في قطاع غزة يوم 8 ديسمبر الحالي (رويترز)

قال المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، عبد الفتاح دولة، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن الهيئة وثَّقت، منذ السابع من أكتوبر، شهادات لأكثر من أسير محرَّر، حول ما وصفه بتنكيل يتعرض له الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية.

وذكر دولة أن هناك وحدات «تقتحم السجون بشكل متكرر. وبعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، مورست هجمة على كل أقسام السجون، وتم التضييق بشكل أكبر على الأسرى».

وأضاف: «تمت مصادرة كل شيء داخل أقسام السجون، حتى الملابس. ولم يتم الإبقاء سوى على قطعة ملابس واحدة لكل أسير. ومُنع الأسرى من الخروج للساحات الخارجية، وسُحِبت الأجهزة الكهربائية وأجهزة الراديو، في إطار سياسة عقاب جماعي بحق الأسرى».

وتابع: «كل شهادة تصل إلينا من الأسرى المحررين أشد فظاعة من الشهادة التي تسبقها؛ معظمها تتفق على أن هناك عملية تنكيل وتعذيب داخل السجون بنيَّة مسبقة هدفها القتل».

وأشار إلى أن «كل المنجزات التي حققتها الحركة الأسيرة من الإضرابات المتكررة تم سحبها. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير كان يسعى، قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، إلى سحب منجزات الأسرى، ووصفها بأنها غير قانونية. وقد استغل الأحداث الأخيرة لسحب كل منجزاتهم والتضييق عليهم.

وأكد دولة أن ما تشهده السجون الإسرائيلية بحق الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) «لم يسبق أن حدث»، مشيراً إلى وفاة 6 أسرى خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهي «سابقة لم تشهدها السجون؛ بأن يُقتل هذا العدد من الأسرى بهذه الفترة القياسية بسبب الاعتداءات والتنكيل والتعذيب».

وتابع: «منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وحتى اليوم، اعتُقل ما يقارب 8740 مواطناً من الضفة الغربية، إضافة للمعتقلين من غزة الذين لا نعرف أعدادهم أو أسماءهم أو أين يوجدون حتى اللحظة، ويخضعون لعملية إخفاء قسري، ولا نعلم مصيرهم».

مجموعة من الرجال الفلسطينيين شبه عراة بعد اعتقالهم في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة يوم 8 ديسمبر (رويترز)

ولفت إلى أنه حسب شهادة أحد الأسرى المحررين قبل أيام، فقد أكد لنا أن هناك عدداً من الأسرى من قطاع غزة في سجن «عوفر»، لكن لا أحد يعلم عددهم أو هوياتهم، حيث تم عزلهم عن بقية الأقسام ويُمنع المحامون من زيارتهم. كما أكد لنا الأسير المحرَّر أن قسم غزة وضعه الأصعب.

وقال: «هناك مصابون بالرصاص لم يتلقوا أي علاج، وهناك جزء مصاب بالكسور. ومن يمر بجانب هذه الأقسام فسيرى الدماء أو يشم رائحتها... في كثير من الأحيان لا نكشف كل التفاصيل عن أوضاع الأسرى المأساوية مراعاة لمشاعر ذويهم، لكننا نؤكد أن حجم التعذيب والتنكيل بحق الأسرى داخل السجون فاق التصور ولم نشهده سابقاً».

وذكر أنه بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، جرى عزل جميع قيادات الحركة الأسيرة وقيادات التنظيمات في ظروف وصفها بالغامضة، وفي أقسام «لا نعلم عنها شيئاً، كمؤسسات أسرى».

ومنذ هجوم «حماس»، في السابع من أكتوبر الماضي، زج الإسرائيليون بآلاف العمال الغزيين الذي كانوا في إسرائيل، في منشأة اعتقال، وطاردوا آخرين في الضفة واعتقلوهم، وأخضعوهم لظروف غير مسبوقة اشتملت على تحقيق قاسٍ وتعذيب وتعرية وممارسات سادية، وهو مسار استمر بعد ذلك خلال اعتقال الغزيين من داخل القطاع. ويظهر ذلك على الأقل في صور تعمّد الجيش الإسرائيلي نشرها لمئات الفلسطينيين المعتقلين وهم شبه عراة في برد قارس.

أسرى فلسطينيون في جباليا يوم 14 ديسمبر (رويترز)

ويبلغ إجمالي أعداد الأسرى في السجون الإسرائيلية اليوم نحو 8 آلاف، وهذا الرقم لا يشمل عدد المعتقَلين من قطاع غزة، لأن مصلحة السجون لا تفصح عن عددهم الدقيق. ومن بين هؤلاء يوجد أكثر من 2870 معتقلاً بموجب أوامر الاعتقال الإداريّ، التي تستند إلى أوامر طوارئ كان قد أصدرها الانتداب البريطاني على فلسطين في ظل الحرب العالمية الثانية، وهو الاعتقال الذي يتم بلا تهمة. وهذا هو أعلى رقم للمعتقلين الإداريين منذ الانتفاضة الأولى في عام 1987.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقول إن رهينة توفيت بعد الإفراج عنها هي «ضحية إرهاب حماس»

شؤون إقليمية الرهينة الإسرائيلية المفرج عنها حنا كاتسير (متداولة)

إسرائيل تقول إن رهينة توفيت بعد الإفراج عنها هي «ضحية إرهاب حماس»

اعتبرت الحكومة الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، رهينة توفيت بسبب مرض أصابها بعد الإفراج عنها جراء اختطافها في غزة، ضحية لهجوم السابع من أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال مصابون ينظرون من منزل مدمر تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«الأونروا»: طفل يُقتل كل ساعة في غزة

أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن هناك طفلاً واحداً يُقتل كل ساعة في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي سيارة إسعاف تمر عبر أنقاض بيت لاهيا بعد غارة جوية إسرائيلية (د.ب.أ)

القوات الإسرائيلية تجبر المرضى والجرحى على إخلاء مستشفى بشمال غزة

أجبرت القوات الإسرائيلية، فجر اليوم (الثلاثاء)، المرضى والجرحى على إخلاء المستشفى الإندونيسي في بلدة بيت لاهيا، بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية صور محتجزات إسرائيليات في غزة خلال تجمع للمطالبة بإطلاق سراحهن في تل أبيب يوم 14 نوفمبر (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترف بتسليم عائلات مجندات أسيرات تسجيلات صوتية معدلة لهن

اعترف الجيش الإسرائيلي بأنه سلَّم عائلات جنديات مراقبة إسرائيليات تم أسرهن من قبل حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023، تسجيلات صوتية معدلة لبناتهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (إ.ب.أ)

إسرائيل تقر لأول مرة بمسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية في طهران

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في الصيف الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

رغم الترقب والخوف... المسيحيون في سوريا يشعرون بالتفاؤل

مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
TT

رغم الترقب والخوف... المسيحيون في سوريا يشعرون بالتفاؤل

مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)

يعيش المسيحيون في سوريا أجواء عيد الميلاد وسط حالة من الترقب والخوف، خاصة بعد إقدام أشخاص على حرق شجرة الكريسماس.

ورغم ذلك، تسود حالة من الوحدة، والتفاؤل بين أبناء الشعب السوري، مسيحيين ومسلمين، في إحداث تغيير حقيقي بعد انهيار نظام الأسد.

وشهدت مدينة دمشق وعدد من المدن السورية خروج مظاهرات تضم مسلمين ومسيحيين بعد إحراق شجرة الكريسماس في مدينة السقيلبية بريف حماة الغربي.

أهالي منطقة جرمانا في ريف دمشق يحتفلون بإضاءة شجرة عيد الميلاد (أ.ف.ب)

وأبدى الأب أندرو باهي لـ«وكالة الأنباء الألمانية» تخوفه من الأوضاع التي تعيشها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، قائلاً: «من حقنا أن نتخوف... لقد تعرضت أحياء مناطق شرق دمشق خلال السنوات الماضية لسقوط مئات القذائف وصمدنا في بيوتنا، لكن الآن لا تزال الأجواء غامضة، هناك تضارب وتناقض بين الأقوال والأفعال».

وأضاف باهي، وهو رجل دين في كنيسة بحي القصاع في دمشق، أن «التصريحات التي صدرت من القيادة الجديدة في دمشق مطمئنة، وأكدت احترام جميع الطوائف والأديان، لكن بعض التصرفات والشعارات هي مصدر قلق لنا، والأيام المقبلة هي المعيار».

سوري يقرع جرساً بالقرب من شجرة عيد الميلاد بحمص (أ.ف.ب)

بدوره، قال طوني مطانيوس، من حي باب توما بشرق دمشق، ويعمل في محل لبيع المواد الغذائية: «لم يصدر من عناصر الفصائل، الذين يتجولون في أحياء دمشق، أي تصرف يسيء لنا، ولم يقوموا بعمل ضار علينا، لكن الجميع حذر ويترقب».

وأضاف: «لم نقم بالزينة التي تزين المحال التجارية والمنازل التي اعتدنا عليها ولم يمنعنا أحد، لكن الكلام الذي نسمعه وينشر على بعض مواقع التواصل مخيف لنا».

وأكد مطانيوس أن «سوريا بلدنا ونحن أبناء هذا البلد... لقد تحملنا ما حصل خلال 13 عاماً... على العكس، نحن متفائلون بالتغيير ونراقب تصريحات القيادة الجديدة، ونأمل أن تكون أفعالا لا أقوالا».

وعدّت رنا ميداني أن «الظلم الذي وقع على السوريين خلال سنوات حكم الأسد أدى إلى تضرر أغلب السوريين مسيحيين ومسلمين»، مضيفة: «لقد خرجنا للمشاركة باحتفالات سقوط نظام الأسد، وعبّرنا عن فرحنا الحقيقي، ولم يدفعنا أحد للمشاركة في المسيرات».

وتضيف ميداني، التي تعمل في مؤسسة حكومية: «أغلب العاملين في المؤسسة التي أعمل بها يعارضون نظام بشار الأسد الذي أذل الناس وجوعهم... هم يعارضون الفساد والمحسوبيات في عهد مسؤولي النظام السابق، بعيداً عن الدين والطوائف».

مصلون يضيئون الشموع خلال قداس عيد الميلاد بالكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية في دمشق (د.ب.أ)

وأكدت رنا تفاؤلها بـ«القيادة الجديدة»، قائلة: «لا يهمني إن كان الحاكم مسلماً أو مسيحياً، يهمني أن يحكم شخص قلبه على الشعب، ويريد الخير للكل، ويخدم الجميع».

وشهدت العاصمة دمشق ليلة أمس خروج مسيرات في عدد من الأحياء ضد حرق شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية، وقال سامر إلياس: «عندما وصلنا خبر إحراق الشجرة في مدينة السقيلبية، نزل الأهالي، المسيحي منهم والمسلم، إلى الشوارع احتجاجاً على هذا العمل».

وأضاف: «نعيش عائلة واحدة... يباركون لنا بأعيادنا ونبارك لهم أعيادهم، لا فرق بين مسلم ومسيحي، وهتف الجميع مطالبين بحماية المسيحيين في سوريا».

وأقدم أشخاص ليلة أمس على حرق شجرة الميلاد في الساحة الرئيسة وسط مدينة السقيلبية، وخرج الأهالي بمظاهرة مطالبين بحماية المسيحيين.

وقال مصدر في الأمن العام في محافظة حماة: «ما وصلنا من التحقيقات الأولية أن أشخاصا قاموا بعملية الحرق، وتم إلقاء القبض على أحدهم، والإدارة تعهدت بإعادة بناء الشجرة».

وأضاف: «لا تزال التحقيقات في بدايتها، ولن نقبل الإساءة لأي شخص... المسيحيون جزء من الشعب السوري، ولن نقبل الإساءة لأي من مكوناته».