بدا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني واثقاً وهو يقطع سيراً على الأقدام أول جسر للمشاة في العاصمة العراقية بغداد أطلق عليه اسم «جسر الحرية».
ويربط الجسر بين ضفتي نهر دجلة من جهة الرصافة والكرخ، وبالذات بين مدينة الكاظمية والكريعات شمال بغداد. ورغم الدلالة الرمزية لتسمية الجسر مثلما أوضح السوداني، فإنه من الناحية العملية يعد أحد إنجازات حكومته في غضون عام بعدما بقي غير مكتمل لسنوات، على غرار المشاريع المتلكئة التي يحول الفساد المالي والإداري دائماً دون اكتمالها.
وأوضح مكتب رئيس الوزراء العراقي في بيان أن «جسر المشاة على نهر دجلة، يعد الأول من نوعه في بغداد، يربط ضفتي مدينة الكاظمية ومنطقة الكريعات شمال بغداد»، مضيفاً أنه «سيكون معلماً معمارياً عصرياً وجديداً يضاف للعاصمة بغداد».
وافتتح السوداني الجسر السبت، وهو لم يكن ضمن حزمة المشاريع الـ16 التي أطلقها عندما تولى حكومته أواخر عام 2022 بهدف فك الاختناقات في العاصمة بغداد، فضلاً عن مداخل العاصمة الرابطة بين المحافظات الوسطى والجنوبية والغربية والشمالية، بل هو جزء من الخطة التي وضعتها حكومة السوداني لإنهاء قصة المشاريع المتلكئة التي تعد إحدى العقبات المستمرة أمام معظم الحكومات السابقة.
وخلال اجتماعه الأحد مع فريق الجهد الخدمي والهندسي تعهد رئيس الوزراء بإنهاء ملف المشاريع المتلكئة، والمضي في إنجاز أخرى خلال عام 2024.
وقال بيان مكتب رئيس الوزراء العراقي إن «السوداني ترأس اجتماعاً لفريق الجهد الخدمي والهندسي، جرت خلاله مناقشة التقرير الخاصّ بسير التنفيذ والأعمال المنجزة في المواقع والمشاريع التي تولّاها الفريق في بغداد والمحافظات خلال عامي 2022 و2023».
وأضاف البيان أن «السوداني استمع، خلال الاجتماع، إلى عرض شامل لواقع العمل في المشاريع ونسب التقدّم، واطّلع على المعوقات التي تعوق العمل، فضلاً عن متابعة الإجراءات اللازمة لاستمرار انسيابية التنفيذ، وجداول الكميات المتعلقة بالمشاريع لغاية نهاية العام الحالي».
وقال السوداني إن «الحكومة قد رفعت شعار عدم الإبقاء على أي مشاريع متلكئة فيها، وإنّ عام 2024 سيكون عام إنجاز المشاريع».
وفي هذا السياق، يقول الدكتور حسين علاوي مستشار رئيس الوزراء العراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة العراقية حققت منجزات كثيرة في عام 2023 تتمثل بإعادة تطوير العلاقات الخارجية العراقية، وخصوصاً وفقاً لنظرية الدبلوماسية المنتجة واللقاءات الثنائية والجماعية من أجل تعزيز المصالح الوطنية العراقية».
وعلى صعيد البرنامج الحكومي يقول علاوي إن «الحكومة ركزت على الاستثمارات ونقل الخبرات والتكنولوجيا ورعاية الجالية العراقية وتعزيز البرامج المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات واسترداد المطلوبين، وخصوصاً في مجال مكافحة الفساد والتعاون في مواجهة التحديات المناخية وتعزيز أمن الطاقة ومواجهة الأزمات الإقليمية والدولية».
فرص وتحديات
وتولى السوداني منصب رئيس الوزراء بعد تجربة وزارية عدت ناجحة في وقت كان الفساد المالي والإداري وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 على تقديم الخدمات اللازمة للمواطن العراقي. ففي خلال عدة دورات حكومية تسلم السوداني عدة وزارات هي العمل والشؤون الاجتماعية، والصناعة والمعادن، وحقوق الإنسان، فضلاً عن فوزه في عضوية البرلمان العراقي لعدة دورات أخرى؛ إذ لم تؤشر عليه ملفات فساد.
وفي ظل أزمة سياسية حادة كان طرفاها قطبين شيعيين؛ قوى «الإطار التنسيقي» التي ينتمي إليها السوداني والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الذي كان انسحب من البرلمان منتصف عام 2022 بعد تحقيقه الأغلبية (73 مقعداً) خلال انتخابات 2021، وُلدت الحكومة التي شكلها السوداني.
والمفارقة التي بدت لافتة للمراقبين أنه في الوقت الذي كان موقف الصدر حاداً حيال قوى «الإطار التنسيقي»، فإنه بدا يحمل انطباعاً إيجابياً عن السوداني.
فالصدر لم يطلب من أمين عام مجلس الوزراء (حميد الغزي)، وهو صدري، الانسحاب من الحكومة التي يترأسها السوداني، كما لم يطلب من محافظي ميسان (علي دواي) والنجف (ماجد الوائلي) الانسحاب أيضاً.
كما أنه برغم إطلاقه تسمية حكومة «بني العباس» على قوى «الإطار التنسيقي» مقابل عده هو وتياره «العلويين»، فإنه لم يقف موقفاً سلبياً حيال أي إجراء تقوم به الحكومة لا سيما على مستوى الخدمات، وهو ما منح فرصاً إضافية للعمل وسط تحديات بدا بعضها من داخل قوى «الإطار التنسيقي» نفسها لا من قبل الصدريين، لكن السوداني الذي يعمل أكثر من 17 ساعة في اليوم بدا رابط الجأش وصارماً في اتخاذ القرارات، مما جعله يكسب في غضون شهور ثقة الشارع العراقي، وهو ما جعله يمضي قدماً في تنفيذ المشاريع التي يتابعها شخصياً ليلاً ونهاراً.
تهنئة من بلاسخارت
إلى ذلك، وجهت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت تهنئة للشعب العراقي بمناسبة أعياد الميلاد، مؤكدة أن العراق يتمتع بفرصةٍ ممتازة للتقدم السريع في تنميته المستدامة.
وقالت بلاسخارت في رسالة نهاية العام إنه «بالعودة إلى العام الماضي، قلتُ إنه في ظل الاستقرار السياسي والفُرص المشرقة التي تلوح في الأفق، فإن العراق يتمتع بفرصةٍ ممتازة للتقدم السريع في تنميته المستدامة، وبعد مرور عام، برزت بالفعل عدة خطوات مهمة ومبادرات واعدة».
وأضافت أن «البلد في وضعٍ يمكّنه من اغتنام الفرص العديدة المتاحة أمامه، فإن القيام بذلك لن يكون بالمهمة السهلة، وبالتالي لا يسعني إلا أن أكرر كلمات الأمين العام أنطونيو غوتيريش خلال زيارته في وقتٍ سابقٍ من هذا العام: (الأمم المتحدة ملتزمة بدعم العراق لتوطيد مؤسساته الديمقراطية ودفع عجلة السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان لجميع العراقيين)».