مجلس الأمن يعتمد قراراً «بلا أنياب» يدعو إلى تكثيف المساعدات لغزة

بعد إسقاط المطالبة بوقف القتال بين إسرائيل و«حماس» و«الآلية الأممية» لمراقبة المعونات

قاعة مجلس الأمن فارغة إلا من بعض الموظفين الذين ينتظرون انعقاد الجلسة الخاصة بالتصويت على قرار بشأن حرب غزة (أ.ف.ب)
قاعة مجلس الأمن فارغة إلا من بعض الموظفين الذين ينتظرون انعقاد الجلسة الخاصة بالتصويت على قرار بشأن حرب غزة (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن يعتمد قراراً «بلا أنياب» يدعو إلى تكثيف المساعدات لغزة

قاعة مجلس الأمن فارغة إلا من بعض الموظفين الذين ينتظرون انعقاد الجلسة الخاصة بالتصويت على قرار بشأن حرب غزة (أ.ف.ب)
قاعة مجلس الأمن فارغة إلا من بعض الموظفين الذين ينتظرون انعقاد الجلسة الخاصة بالتصويت على قرار بشأن حرب غزة (أ.ف.ب)

تبنى مجلس الأمن الجمعة، قراراً يدعو إلى زيادة كبيرة في المساعدات للمدنيين الفلسطينيين المحاصرين في غزة، منهياً أكثر من أسبوع من المفاوضات الدبلوماسية المكثفة للحيلولة دون استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو). ولكن روسيا وبعض الدول الأخرى انتقدته لأنه «بلا مخالب ولا أنياب»، ولا يطالب بأي وقف للعمليات الحربية المتواصلة منذ 11 أسبوعاً بين إسرائيل و«حماس».

وصوتت 13 من الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن لمصلحة القرار الذي أعطي الرقم 2720، بينما امتنعت الولايات المتحدة وروسيا - لأسبابهما الخاصة - عن التصويت.

المندوبة الإماراتية لانا نسيبة (رويترز)

وفي مستهل الجلسة التي أرجئت 10 مرات منذ الاثنين الماضي، بسبب الخلافات على كثير من الفقرات المقترحة أصلاً، تحدثت المندوبة الإماراتية الدائمة لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة، محذرة من «حصول مجاعة» في غزة «إذا لم يقم (المجتمع الدولي) بعمل جذري» لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في القطاع، قائلة إن «من لم يمت بالقصف والحرب سيموت من الجوع والمرض». ودعت إلى التصويت لمصلحة القرار مع أنه «ليس نصاً مثالياً، ونعلم أن وقف النار وحده هو الذي سيوقف المعاناة».

وقبيل التصويت، اقترح المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إدخال تعديل للمطالبة بوقف القتال. لكن هذا الاقتراح سقط بـ«الفيتو» الأميركي، رغم أنه حصل على تأييد 11 دولة، وامتنعت 3 دول عن التصويت.

المندوب الروسي فاسيلي نيبيزيا متحدثاً مع المندوب الفلسطيني رياض منصور قبيل التصويت على القرار 2720 في مجلس الأمن (إ.ب.أ)

«بلا مغزى»

وكان أعضاء مجلس الأمن أرجأوا التصويت من ليل الخميس، إلى قبل ظهر الجمعة بعدما توصل المفاوضون الأميركيون والإماراتيون إلى صيغة جديدة لمشروع القرار، مما «أغضب» عدداً من ممثلي الدول الأخرى، لا سيما روسيا، بسبب «تفريغ الدعوات إلى وقف القتال من أي مغزى». واضطرت الإمارات العربية المتحدة، التي تخرج من مجلس الأمن مع نهاية العام الحالي ليبدأ تفويض الجزائر، إلى القبول بمقترحات أميركية أدت أولاً إلى تعديل الفقرة الثانية التي كانت تطالب بـ«وقف العمليات العدائية»، ثم عدلت لتصير «التعليق العاجل للأعمال العدائية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، واتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف مستدام للأعمال العدائية»، قبل أن تشطب كلياً في النسخة الأخيرة لمسودة القرار. وبدلاً من ذلك، يدعو النص الآن إلى «اتخاذ خطوات عاجلة للسماح على الفور بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومن دون عوائق، وأيضاً لتهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال العدائية». ولم تحدد هذه الخطوات. لكن دبلوماسيين غربيين رأوا أنه إذا جرى تبنيها فإن ذلك سيكون أول إشارة من المجلس إلى وقف الأعمال القتالية.

قاعة مجلس الأمن في نيويورك (أ.ف.ب)

مراقبة المساعدات

وكذلك خفف النص من الدعوة إلى «تشكيل آلية من الأمم المتحدة» لمراقبة توصيل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة. وألغي الطلب من الأمم المتحدة لـ«مراقبة حصرية لكل شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة المقدمة عبر الطرق البرية والبحرية والجوية» من قبل أطراف خارجية للتأكد من طبيعتها الإنسانية. واستُبدل نص آخر به يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تعيين «منسق كبير للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار يكون مسؤولاً عن التيسير والتنسيق والمراقبة والتحقق» مما إذا كانت شحنات الإغاثة إلى غزة التي لا تأتي من أطراف النزاع هي سلع إنسانية، أم لا. ويطلب من المنسق إنشاء «آلية» لتسريع المساعدات ويطالب أطراف النزاع بالتعاون مع المنسق. وفسر دبلوماسيون بأن إسرائيل ستكون المشرف الوحيد على إدخال المساعدات وفقاً لشروطها.

التشاور مع العواصم

وفي ضوء هذه التغييرات العميقة، عبر عدد من ممثلي الدول التي أيدت النص الأصلي عن الحاجة إلى التشاور مع عواصمهم قبل التصويت.

وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إن الولايات المتحدة تؤيد التصويت على النص الجديد، الذي توج أسبوعاً ونصف الأسبوع من المفاوضات رفيعة المستوى التي شارك فيها أحياناً وزير الخارجية أنتوني بلينكن ونظراؤه العرب والغربيين. ونفت أن يكون هناك تخفيف للقرار، قائلة إن «مشروع القرار قوي للغاية ويحظى بدعم كامل من المجموعة العربية التي توفر لهم ما يشعرون بأنه ضروري للحصول على المساعدة الإنسانية على الأرض». وأضافت أن القرار المعدل «سيدعم الأولوية التي توليها مصر لضمان وضع آلية على الأرض تدعم المساعدات الإنسانية».

فلسطيني يجلس وسط أكفان لجثامين أنسباء له قتلوا في القصف على غزة (أ.ف.ب)

الانتهاكات

وفي تغيير رئيسي آخر، ألغى القرار الذي تدعمه الولايات المتحدة التنديد بـ«كل انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك كل الهجمات العشوائية ضد المدنيين والأهداف المدنية، وكل أعمال العنف والأعمال العدائية ضد المدنيين، وجميع أعمال الإرهاب». ويطالب بـ«إطلاق فوري وغير مشروط لجميع الرهائن»، مع التأكيد على التزامات الأطراف بموجب القانون الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين والبنية التحتية الحيوية لبقائهم. ويكرر «التزام مجلس الأمن الثابت رؤية حل الدولتين، حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها»، مشدداً على «أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية».

وفي أول إجراء موحد له في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، تبنى مجلس الأمن قراراً يدعو إلى «وقف إنساني عاجل ومديد» للقتال، وتوصيل المساعدات من دون عوائق إلى المدنيين، والإطلاق غير المشروط لجميع الرهائن.

واستخدمت الولايات المتحدة في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار آخر تبنته أكثر من مائة دولة، ودعمته 13 من الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت، وهو يطالب بـ«وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية» في غزة. ووافقت الجمعية العامة المكونة من 193 عضواً بأكثرية ساحقة على قرار مماثل في 12 ديسمبر بأكثرية 153 صوتاً مقابل اعتراض 10 دول منها إسرائيل والولايات المتحدة، وامتناع 23 دولة عن التصويت.


مقالات ذات صلة

«تعاون وثيق» بين بايدن وترمب لوقف النار وإطلاق الرهائن في غزة

المشرق العربي الرئيسان جو بايدن ودونالد ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (رويترز)

«تعاون وثيق» بين بايدن وترمب لوقف النار وإطلاق الرهائن في غزة

تكثفت الاتصالات الوثيقة بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وفريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب؛ سعياً إلى إنجاح مفاوضات وقف النار وإطلاق الرهائن في غزة.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية دبابتان إسرائيليتان قرب السياج الحدودي مع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

إسرائيل تواصل عملياتها لجعل شمال غزة منطقة غير قابلة للحياة

تركز القوات الإسرائيلية بشكل أساسي على إبقاء منطقة شمال القطاع منكوبة لا تصلح للحياة، بهدف إجبار سكانها على عدم التطلع للعودة إليها.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية عمال يزيلون بقايا تمثال للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد دمَّره مواطنون في القامشلي الاثنين (أ.ف.ب)

«حماس» و«الجهاد الإسلامي» تباركان للشعب السوري تحقيق «تطلعاته» نحو الحرية

باركت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، الاثنين، للشعب السوري تحقيق ما وصفتاه «تطلعاته» نحو الحرية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: مصر تكثّف جهودها لإنجاز اتفاق

جهود مصرية «حثيثة» نحو إبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، وسط أحاديث عن مفاوضات مرتقبة بالقاهرة تشي باقتراب إتمام صفقة الرهائن.

المشرق العربي وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا في منتدى الدوحة (إ.ب.أ) play-circle 00:54

قطر تعلن عودتها لدور الوساطة بين «حماس» وإسرائيل

أكدّ رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، أن بلاده عادت إلى دور الوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس».

ميرزا الخويلدي (الدوحة)

الجولاني يتعهد حل «أمن نظام الأسد»

 مسلحان يقفان أمام ضريح حافظ الأسد بعد إضرام النار به في قرية القرداحة بمحافظة اللاذقية أمس (أ.ف.ب)
مسلحان يقفان أمام ضريح حافظ الأسد بعد إضرام النار به في قرية القرداحة بمحافظة اللاذقية أمس (أ.ف.ب)
TT

الجولاني يتعهد حل «أمن نظام الأسد»

 مسلحان يقفان أمام ضريح حافظ الأسد بعد إضرام النار به في قرية القرداحة بمحافظة اللاذقية أمس (أ.ف.ب)
مسلحان يقفان أمام ضريح حافظ الأسد بعد إضرام النار به في قرية القرداحة بمحافظة اللاذقية أمس (أ.ف.ب)

قال قائد السلطة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (المكنى سابقاً باسم أبو محمد الجولاني) إنه سيحل «قوات الأمن التابعة لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد».

وأضاف الجولاني لـ«رويترز» أن «هيئة تحرير الشام» التي يتزعمها وتحكم الآن أغلب أنحاء سوريا «تعمل مع المنظمات الدولية على تأمين مواقع يُحتمل وجود أسلحة كيماوية فيها».

في غضون ذلك، تعهد رئيس الحكومة السورية الانتقالية محمد البشير، أمس، بأن السلطات الجديدة ستضمن التعايش و«حقوق جميع الأديان».

ورأى البشير الذي سيتولى تسيير الأعمال حتى مارس (آذار) المقبل، في مقابلة مع صحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية، أن ما وصفها بـ«التصرفات الخاطئة التي ارتكبتها بعض المجموعات الإسلامية، حملت كثيرين في الغرب إلى الربط بين المسلمين والإرهاب، والإسلام والتطرف». وقال: «نحن، لأننا مسلمون، سنضمن حقوق جميع الطوائف في سوريا».

بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس، أن الأمم المتحدة «ملتزمة تماماً دعم عملية انتقالية سلسة من خلال عملية سياسية شاملة تحترم فيها حقوق جميع الأقليات».

ميدانياً، سيطرت قوات المعارضة على كامل مدينة دير الزور الواقعة في شرق البلاد، وفق ما أعلن القائد فيها حسن عبد الغني.

وفي جولة لاستطلاع التطورات في سوريا، سيتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى عمّان، الخميس، قبل أن يزور الجمعة أنقرة.

وعلى صعيد داخلي، تنفست شوارع دمشق الصعداء واستردت نسبياً مظاهر الحياة الطبيعية، بينما أعلنت إدارة «العمليات العسكرية» التابعة للسلطة الجديدة إلغاء حظر التجول في المدينة، وطلبت من السكان العودة إلى أعمالهم.

وأظهرت جولة لـ«الشرق الأوسط» في أسواق عدة في دمشق، توافر الخضراوات والفواكه والمواد الغذائية مع انخفاض في الأسعار يبلغ 10 في المائة عمّا كانت عليه قبل أسبوع.

إلى ذلك، أفاد أنيس فلوح، مدير مطار دمشق الدولي، بأن المرفق سيستأنف عمله «خلال أيام».