طعن باسيل بالتمديد لقائد الجيش يستكمل المواجهة بينهما

خبراء يستبعدون أن يسقط المجلس الدستوري القانون النيابي

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستقبلاً وزيرة الدفاع الهولندية ورئيس الأركان والوفد المرافق (الوكالة الوطنية)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستقبلاً وزيرة الدفاع الهولندية ورئيس الأركان والوفد المرافق (الوكالة الوطنية)
TT

طعن باسيل بالتمديد لقائد الجيش يستكمل المواجهة بينهما

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستقبلاً وزيرة الدفاع الهولندية ورئيس الأركان والوفد المرافق (الوكالة الوطنية)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستقبلاً وزيرة الدفاع الهولندية ورئيس الأركان والوفد المرافق (الوكالة الوطنية)

ينتظر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل نشر قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية في الجريدة الرسمية بعد أن وقعه 19 وزيراً في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كي يتقدم و9 نواب آخرين من تكتل «لبنان القوي» بطعن به أمام المجلس الدستوري.

ويعتبر باسيل أن النواب وبإقرار هذا القانون الذي سمح بتمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون عاماً كاملاً، لم يحترموا «شموليّة التّشريع، وشرعوا لصالح شخص»، علماً بأن القانون أدى أيضاً لتمديد ولاية مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.

ووصل الكباش السياسي إلى أوجه في الفترة الماضية وبخاصة بين قوى المعارضة المؤيدة للتمديد لعون من جهة، و«التيار الوطني الحر» من جهة أخرى، الذي كان مؤسسه الرئيس السابق ميشال عون من اقترح اسم جوزيف عون لقيادة الجيش، فقرر باسيل خوض مواجهة كبيرة لتفادي تمديد ولايته بعد اتهامات وجهها له بـ«خرق القوانين وبقلة الوفاء». وردت المعارضة هجوم باسيل على عون لكونه أحد أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية التي يطمح رئيس التيار لتوليها.

ولا تبدو حظوظ باسيل بإسقاط قانون التمديد بطعن سيتقدم به أمام المجلس الدستوري كبيرة. ويُقر أحد نواب «الوطني الحر» بذلك، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «قد لا تكون احتمالات القبول بالطعن كبيرة إلا أن هناك مساراً سلكناه ودستوراً نحاول الحفاظ عليه فيما يُمعن الآخرون بخرقه مراراً وتكراراً»، مضيفاً: «قانون التمديد الذي يعلم الجميع أنه يستهدف شخصاً واحداً مخالف للدستور، وكم نتمنى على المجلس الدستوري أن يترفع عن كل الضغوط ويأخذ بالطعن».

وأجمعت معظم الكتل السياسية في لبنان على التمديد لعون كما تفاهمت على ذلك اللجنة الخماسية الدولية المعنية بالشأن اللبناني.

ويعتبر رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص أن «مجرد تقديم طعن أمر وارد ولا يتطلب مجهوداً فائقاً، لأن من السهل أن يتقدم به 10 نواب إلا أن مضمونه هو الأساس ويجب أن يُثبت أن القانون المطعون به مخالف للدستور»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «من أبرز وجوه المخالفة أن يكون القانون غير متسم بصفات العمومية والتجرد والشمولية التي يجب أن يتمتع بها أي قانون. أما بما يتعلق بقانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، فإن واضعيه حاولوا احترام هذه الشروط والمعايير إلا أن نتيجة التمديد تنسحب على أشخاص معينين، وهذا ما يمكن أن يحاول الطاعنون الاستناد إليه»، مضيفاً: «الحجة الإضافية المرتبطة بعدم جواز التشريع خلال الشغور الرئاسي مردودة أصلاً لأن المجلس الدستوري اعتبر في حزيران الماضي خلال نظره بدستورية قانون تمديد ولاية البلديات أن هذا التشريع جائز».

ويرجح مرقص أن يكون إبطال قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية «أمراً صعباً، خصوصاً أن المجلس الدستوري لن يناقش الأسباب الطارئة والضرورية التي تقف خلف هذا التشريع الاستثنائي بسبب المصلحة السيادية التقديرية التي يتمتع بها مجلس النواب».

من جهته، يعتبر المحامي أنطوان نصر الله، القيادي السابق في «التيار الوطني الحر»، أنه بخلاف ما يشيعه التيار، فإن «قانون التمديد لم يفصّل على قياس شخص واحد أو فئة واحدة، وبالتالي هذه ليست ثغرة يمكن الدخول منها للطعن بالقانون»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الإشكالية الثانية التي قد يتم الانطلاق منها هي التوقيع على القانون باعتبار أن رئيس الجمهورية هو من يوقع القوانين وهو من يحق له أيضاً الطعن بها وموقع الرئاسة حالياً شاغر، فهل يحل مجلس الوزراء بدلاً عن رئيس الجمهورية لتوقيع القوانين، خاصة وأننا بصدد حكومة تصريف أعمال؟»، مضيفاً: «على المجلس الدستوري أن يجيب عن هذه الأسئلة بعيداً عن أي ضغوط سياسية، ويحدد ما إذا كان هذا القانون يتجاوز الدستور أم لا».



البرلمان اللبناني ينتخب عون رئيساً... و«تعديل ضمني» للدستور

TT

البرلمان اللبناني ينتخب عون رئيساً... و«تعديل ضمني» للدستور

قائد الجيش اللبناني جوزيف عون يسير في القصر الرئاسي بعد انتخابه رئيساً (رويترز)
قائد الجيش اللبناني جوزيف عون يسير في القصر الرئاسي بعد انتخابه رئيساً (رويترز)

انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسا بـ99 صوتاً، وذلك بعد أكثر من عامين من الفراغ في سدة الرئاسة، ليكون بذلك الرئيس الـ14 للجمهورية اللبنانية، متعهداً بأن تبدأ معه «مرحلة جديدة من تاريخ لبنان».

وحظي عون بتأييد واسع من الكتل النيابية، بمن فيهم الثنائي الشيعي: «حركة «أمل» و«حزب الله» اللذان انضما إلى التوافق في الجلسة الثانية، وأمّنا له نحو 30 صوتاً إضافياً كانت كافية لاعتبارات بمثابة «تعديل دستوري ضمني»؛ كونه حاز أكثر من ثلثي الأصوات المطلوبة للتعديل، انطلاقاً من كون الدستور يفرض استقالته بوصفه قائداً للجيش قبل سنتين من انتخابه، فيما بقي «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه النائب جبران باسيل وحيداً في المعارضة، بعدما رفض الالتحاق بالتوافق حول عون.

وتم انتخاب عون في الدورة الثانية بعدما أخفق البرلمان بانتخابه من الدورة الأولى التي بلغت فيها الأصوات الداعمة له 71 صوتاً من كتل المعارضة التي كانت قد أعلنت دعمها له، ليعود بعدها رئيس البرلمان نبيه بري ويرفع الجلسة ساعتين «لمزيد من التشاور».

وكما كان متوقعاً، ووفق المعلومات التي أشارت إلى توجّه «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) إلى التصويت لقائد الجيش في الجلسة الثانية، بعدما كان يرفض ذلك مقابل دعم شبه كامل من المعارضة، ونجح عون في الحصول على أكثر من ثلثي أصوات البرلمان؛ أي: 86 صوتاً من أصل 128، وهو العدد المطلوب لفوز الرئيس في الدورة الأولى ولتعديل الدستور الذي لا يسمح بانتخاب موظفين من الفئة الأولى وهم في المنصب، كما هي حال عون، وحتى عامين من استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد.

وانطلقت الجلسة الأولى عند الساعة الحادية عشرة صباحاً، بعد اكتمال النصاب بمشاركة جميع النواب الـ127 ورئيس البرلمان نبيه بري، وحضور الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، وسفراء اللجنة الخماسية، وعدد من الدبلوماسيين الذين كان قد دعاهم بري لحضور الجلسة.

وبعد انتهاء المداخلات بدأ التصويت لانتخاب رئيس للجمهورية، وانتهت عملية فرز الأصوات بحصول عون على 71 صوتاً، أما باقي الأصوات المفرزة فتوزعت بين 37 ورقة بيضاء، معظمها من نواب «الثنائي الشيعي»، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين، و14 تحمل عبارة «السيادة والدستور»، من قبل نواب «التيار الوطني الحر»، كما حملت ورقتان اسم شبلي الملاط، وعُدّت 4 أوراق ملغاة.

وبناء على هذه النتائج، أعلن رئيس البرلمان نبيه بري رفع الجلسة لساعتين؛ لمزيد من التشاور، وهو ما لاقى انتقاداً من بعض النواب الذي طالبوا بترك الجلسة مفتوحة والذهاب إلى الدورة الثانية، بحيث يصبح انتخاب الرئيس متطلباً فقط 65 صوتاً، بينما كانت كل المعلومات تشير إلى أن «الثنائي الشيعي» يتّجه للتصويت لصالح عون في الجلسة الثانية، وهو ما أشار إليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قائلاً في حديث تلفزيوني إنه «متفائل بانتخاب رئيس للبنان اليوم»، مؤكداً أنه «سيتم انتخاب رئيس بأكثرية نيابية في الجلسة الثانية».

والأمر نفسه، تحدث عنه نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان ناقلاً عن رئيس البرلمان نبيه بري تأكيده أنه «سيتم انتخاب رئيس للجمهورية اليوم الخميس، ولن نجادل بقضية إبقاء الجلسة مفتوحة أو رفعها؛ لأننا نريد انتخاب رئيس».

وبالفعل، انتهت نتيجة الجلسة الثانية بحصول عون على 99 صوتاً، بينها أصوات نواب «حزب الله» و«حركة أمل»، فيما تمسك «التيار الوطني الحر» بموقفه الرافض، وانتخب نوابه بورقة «السيادة والدستور»، وانتخب 9 نواب بورقة بيضاء إضافة إلى ورقتين حملتا اسم شبلي الملاط، أما الأوراق الملغاة فبلغت 5.

مداخلات نيابية: بين دستورية انتخاب عون وعدمها

وشهدت الجلسة الأولى بعد تلاوة مواد دستورية وأخرى من النظام الداخلي للمجلس حول الانتخاب، مداخلات من عدد من النواب، بعضهم رأى أن انتخاب عون مخالفة دستورية، على غرار النواب: ملحم خلف، وجميل السيد، ورئيس التيار «الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي بقي متمسكاً بموقفه الرافض لانتخاب عون، حتى بعد تجاوب «حزب الله» و«حركة أمل»، وكان قد بذل جهوداً حتى الساعات الأخيرة للتوصل معهما إلى توافق على مرشح وهو ما لم ينجح.

ورأى باسيل في كلمته «أننا أمام عملية تعيين»، موضحاً أن «الأصول الدستورية لا تحتمل تفسيراً، ولا نريد رئيس الجمهورية ببداية عهده يكون يخالف الدستور»، فيما أكد النائب بلال عبد الله، عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي كانت أول من أعلنت تأييدها لعون قبل أسابيع، أن «الدستور وسيلة لحماية الدولة والمجتمع، وما نريده هو الحفاظ على الوطن».

وأشار النائب وضاح صادق إلى أن «البلد في حال احتضار، وواجبنا منع النزيف»، وقال: «في الجلسة الأخيرة لانتخاب الرئيس تم إدراج اسم قائد الجيش جوزيف عون في محضر الجلسة الأخيرة، بعد نيله صوتاً، ما يعني قانونية ترشيحه».

وكانت مداخلة للنائب ميشال معوض قال فيها: «وصلنا إلى هذه المرحلة؛ لأن السيادة أصبحت وجهة نظر، والدستور أيضاً. لنطوِ هذه الفترة من الشغور الرئاسي، حان الوقت لننتخب رئيساً صارماً ليس ضعيفاً ولا رمادياً».

وفي مداخلة له، قال نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب: «نحن أمام فرصة حقيقية لإنهاء الشغور، وأتمنى ألا نخرج من هذه القاعة قبل إيجاد حل وانتخاب رئيس، وهذه الفرصة لن تتكرر إذا فشلنا».