فتحت الشرطة الإسرائيلية ملف تحقيق في قتل الأسير الفلسطيني ثائر أبو عصب تحت التعذيب على يد السجانين في سجن «كتسيعوت» الصحراوي. وقالت «اللجنة الإسرائيلية ضد التعذيب» إنها قدّمت مذكرة قبل أسبوعين للمستشارة القضائية للحكومة وإدارة مصلحة السجون، تلفت أنه منذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تسود في السجون الإسرائيلية عمليات انتقام ضد الأسرى الفلسطينيين تهدد حياتهم.
وأضافت اللجنة، الخميس، أنها جمعت شهادات كثيرة على حالات تم فيها الاعتداء على فلسطينيين داخل السجون بشكل بشع، وضمن ذلك اعتداءات جسدية وجنسية وأعمال تنكيل وتعذيب وإذلال، وأن 6 أسرى فلسطينيين لقوا حتفهم داخل الأسر في هذه الفترة، بعضهم من غزة، وبعضهم من الضفة الغربية.
وحذّرت من أن «مصلحة السجون تتحول من جسم مهني وظيفته الاعتقال والسجن إلى قوة انتقام وعقاب». وطالبت بإجراء تحقيق معمق في عمليات التنكيل ومعاقبة السجانين المسؤولين، والسماح للأسرى بمقابلة المحامين الموكلين بالدفاع عنهم وممثلين عن منظمة الصليب الأحمر الدولية.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أعلنت أنها باشرت التحقيق مع 19 سجاناً من سجن «كتسيعوت» في النقب، للاشتباه بتنفيذ «اعتداءات في ظروف متشددة على سجين أمني توفي في السجن في منتصف الشهر الماضي بعد وقت قصير من ضربهم له». وأكدت أن الحديث يدور عن السجين ثائر أبو عصب (38 عاماً)، من سكان قلقيلية، المنتمي إلى حركة «فتح» والمسجون منذ عام 2005 بحكم 25 عاماً.
وبحسب شاهد عيان، وهو الفتى الأسير محمود القتناني، ممن تم إطلاق سراحهم في صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، الشهر الماضي، فإن أبو عصب سأل أحد السجانين إن كانت هناك فعلاً صفقة لهدنة مؤقتة بين «حماس» وإسرائيل، فلكمه سجان، ثم هرع عدد من السجانين الملثمين من قوات القمع الخاصة الذين يرتدون خوذاً سوداء كي لا تعرف هوياتهم، وراحوا يضربوننا ويرفسوننا بوحشية. لكن ثائر تعرض للضرب أيضاً بالهراوات الكبيرة، وضرب رأسه بالباب الحديدي فانفتح فيه جرح عميق. وفي اليوم التالي توفي في الزنزانة.
تقرير التشريح
بحسب التقرير الإسرائيلي، فإن معهد التشريح الطبي في أبو كبير لاحظ وجود آثار ضرب شديد، لكنه لم يقرر بيقين أن وفاة السجين سبّبتها ضربات السجانين. ولهذا السبب فهم ليسوا مشبوهين بالتسبب بموته، بل بالاعتداء في ظروف متشددة وبمخالفات أخرى.
ويخضع السجانون منذ 3 أيام للتحقيق في القضية، وقد أبعدوا عن عملهم، وبعضهم قيد الإقامة الجبرية في البيت. كما حظر عليهم الاتصال مع كل المشاركين بالاعتداء لـ30 يوماً، وفرضت عليهم كفالات مالية بقيمة 7 آلاف شيكل، وبعضهم 10 آلاف شيكل (الدولار يساوي 3.7 شيكل).
وقررت المحكمة حظر النشر عن القضية، وفي منتصف ليلة الأربعاء - الخميس، انتهى موعد الحظر، ما أتاح النشر عن القضية صبيحة الخميس.
وعلى إثر ذلك، أثار اليمين الإسرائيلي موجة صخب ضد التحقيق. وأعلن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، المسؤول عن مصلحة السجون والشرطة، أنه لن يسمح بإجراء محاكمة ميدانية للسجانين. وأضاف: «لا مجال لتحديد مصيرهم قبل إجراء تحقيق شامل، ويجب أن نتذكر أن سجانينا يتعاملون مع حثالة البشر والقتلة».
وقالت مصلحة السجون: «منذ بداية الحرب، استقبلنا آلاف السجناء، وارتفع مستوى التحديات والتهديدات التي تواجهها السجون. ومع ذلك، نحن نحافظ على معايير قصوى للالتزام بحقوق الأسرى».
وقال محامو السجانين، عادي كيدار وحاي هبار، وهما من منظمة «حنونو» اليمينية المتطرفة التي تدافع عن كل «السجانين الأمنيين اليهود» في قضايا الاعتداء على الفلسطينيين، إنهما استأنفا الحكم وطالبا مصلحة السجون بالتدخل لمنع المحاكمة وإعادة السجانين إلى الوظيفة.
مقتل 6 منذ حرب غزة
يذكر أن القتيل أبو عصب واحد من 6 أسرى لقوا حتفهم في السجون الإسرائيلية منذ إعلان الحرب على غزة، وهم: عمر دراغمة (58 عاماً) من طوباس، وعرفات حمدان (25 عاماً) من رام الله، وماجد زقول أبو العيش (32 عاماً) من غزة، والشهيد الرابع من غزة مجهول الهوية، وعبد الرحمن مرعي (33 عاماً) من سلفيت. وبحسب هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية، فإن «عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967، وصل إلى 242 شهيداً، منهم (16) شهيداً ما زال الاحتلال يحتجز جثامينهم، من بينهم عبد الرحمن مرعي، الذي ظهرت علامات ضرب على جسده وكسر أحد ضلوعه، عند تشريحه».
وللدلالة على الروح السائدة في مصلحة السجون ضد الأسرى الفلسطينيين، خرجت صحيفة اليمين «يسرائيل هيوم»، بتقرير (الخميس) قالت فيه: «منذ نحو الشهرين يوجد عشرات المخربين من وحدة النخبة الوحشية (حماس)، في قسم منفصل في إحدى منشآت الحبس في مصلحة السجون يحظر نشر مكانها. هؤلاء هم المخربون الذين قاموا بالمذبحة في الغلاف، رأس حربة (حماس) الذين تربوا على التزمت الآيديولوجي والإجرامي لـ(داعش)». في تبرير للصحيفة لممارسة العنف المفرط ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.