«التهريب بالقوة» توجه جديد لشبكات المخدرات على الحدود السورية الأردنية

مصدر لـ«الشرق الأوسط»: الجماعات «متجددة» رغم استهداف مهربين

دورية للجيش الأردني على الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
دورية للجيش الأردني على الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
TT
20

«التهريب بالقوة» توجه جديد لشبكات المخدرات على الحدود السورية الأردنية

دورية للجيش الأردني على الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
دورية للجيش الأردني على الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)

تتبع شبكات التهريب في جنوب سوريا تكتيكات جديدة، في تنفيذ مشاريعها باتجاه الأردن، إذ لم تعد تكتفي بمحاولة تهريب المخدرات والأسلحة، وإنما باتت تخوض اشتباكات عنيفة مع قوات حرس الحدود الأردني، في محاولة لفرض عمليات التهريب بالقوة.

وقال مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، الإثنين، إن «الأيام الماضية شهدت ارتفاعاً في عدد هذه العمليات وتحولها من محاولات تسلل وتهريب إلى (اشتباكات مسلحة)، بهدف اجتياز الحدود (بالقوة) من خلال استهداف قوات حرس الحدود».

يقول أحد سكان البلدات السورية القريبة من الحدود مع الأردن، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يحدث مع تغير الأحوال الجوية وبداية فصل الشتاء وتوافر الأجواء الضبابية، تمهيد لموسم عمليات التهريب.

لكن في هذه الفترة، تشهد المناطق الحدودية السورية الأردنية من الجهة الجنوبية الشرقية، اشتباكات طويلة في «كل ليلة»، وهي الأعنف بين شبكات التهريب وقوات حرس الحدود الأردنية.

صورة نشرها موقع «تجمع أحرار حوران» لدورة عسكرية لفصائل التسويات في اللواء الثامن المدعوم من «حميميم» في بصرى الشام شرق درعا
صورة نشرها موقع «تجمع أحرار حوران» لدورة عسكرية لفصائل التسويات في اللواء الثامن المدعوم من «حميميم» في بصرى الشام شرق درعا

استغلال الضباب

ويعود تصاعد عمليات التهريب مؤخراً عبر الحدود السورية الأردنية، وفق ما أفاد لـ«الشرق الأوسط» قائد عسكري من فصائل التسويات بدرعا، شارك مؤخراً بعمليات عسكرية قام بها «اللواء الثامن» المدعوم من مركز حميميم الروسي، ضد مجموعات تمتهن تجارة وتهريب المخدرات. قال القائد إنه يتم استغلال الظروف الجوية في المنطقة الجنوبية في هذه الفترة التي تشهد انتشاراً واسعاً للضباب الذي يساعد على حجب الرؤية الجيدة، وإن الفترة الماضية التي كانت تشهد ركوداً في عمليات التهريب خلال فصل الصيف، استغلها المهربون في تجميع أكبر مقدار ممكن من المخدرات في المنطقة، واستقطاب الشباب وتحضيرهم لعمليات النقل والتهريب خلال فصل الشتاء.

ويبدو أن شبكات التهريب باتت تعمل بخطط جديدة، بعد تغيير إدارتها أو المشرفين عليها في المناطق الحدودية من سوريا، وذلك بعد مقتل «مرعي الرمثان» أحد أكبر مهربي المخدرات في قرية «الشعاب» جنوب السويداء الحدودية مع الأردن، مطلع شهر مايو (أيار) الماضي بغارة جوية استهدفت منزله، واختفاء راجي فلحوط بالسويداء، ومقتل عدد من تجار ومروجي المخدرات في درعا.

طائرة مسيّرة كانت مقبلة من سوريا وتحمل مخدرات أسقطها الجيش الأردني الشهر الماضي (رويترز)
طائرة مسيّرة كانت مقبلة من سوريا وتحمل مخدرات أسقطها الجيش الأردني الشهر الماضي (رويترز)

استهداف «التجار الصغار»

وعدّ القائد العسكري، أن مثل هذه الجماعات «متجددة»؛ وما يدل على ذلك هو استمرار انطلاق شحنات التهريب من المنطقة إلى الأردن، رغم العمليات الأمنية التي شهدتها بعض القرى السورية الحدودية، والتي لم تكن مجدية في كبح عمليات التهريب، ولأنها لم تستهدف الأشخاص والمراكز الأساسية لتوريد المنطقة الجنوبية بالمخدرات، وإنما استهدفت ما وصفهم بـ«التجار الصغار» الذين يمكن تعويضهم بأشخاص آخرين بسهولة، وسط حالة الفوضى الأمنية وانعدام الأمان، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المنطقة.

ويلفت المصدر القيادي في فصائل التسويات بدرعا، إلى أن شبكات تهريب المخدرات المركزية في سوريا وجدت في مناطق الجنوب، خصوصاً القريبة من الحدود الأردنية، «البيئة المثالية لتمرير مشاريعها»، إذ تعد المناطق الحدودية مع الأردن والقريبة من نقاط الاشتباك مع قوات الحرس الحدود بالأردن، من المناطق النائية والمهمشة والتي لا يتجاوز عدد سكانها خمسة آلاف نسمة. واستغلت شبكات التهريب هذه المناطق لقربها من الحدود مع الأردن، ولطبيعتها الجغرافية التي تتصل بالأردن عبر مسيلات مائية، ومساحات سهلية واسعة متصلة بين حدود البلدين الممتدة من خراب الشحم غرب درعا إلى الحماد شرقاً في السويداء.

وساعد تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المناطق الجنوبية من سوريا، على الحصول على المتعاونين، ليتم تحويلها إلى مناطق تجميع للمخدرات، ومن ثم إعدادها لعمليات التهريب عبر الحدود إلى الأردن، بالاعتماد على أشخاص لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً، وهي الفئة المستهدفة هناك من الشباب، لزجهم عبر إغراءات مادية بعمليات التهريب، حيث يحصل كل من يشارك في عملية نقل وتهريب للمخدرات، على مبلغ يتراوح بين ألف وثلاثة آلاف دولار أميركي بحسب حجم الحمولة وطبيعة المهمة، بمجرد إيصالها إلى نقطة معينة عند الحدود.

لافتة باتجاه السيدة زينب جنوب دمشق
لافتة باتجاه السيدة زينب جنوب دمشق

شبكات تبدأ من السيدة زينب

وبالرغم من محاولة الفصائل المحلية المسلحة في درعا أو السويداء، محاربة مروجي وتجار المخدرات، فإنها ظاهرة تفوق قدرتها المحدودة على السيطرة على جميع المناطق. وكانت آخر عملية لمحاربة تجار ومروجي المخدرات، قد أعلنت عنها حركة رجال الكرامة بمحافظة السويداء، الخميس الماضي، بأن إحدى مجموعاتها ألقت القبض على أخطر مروجي (مادة الكريستال ميث)، وأنه اعترف، بالإضافة إلى الأدلة الرقمية على هاتفه المحمول، بتورطه بترويج وتجارة المواد المُخدرة ضمن شبكة كبيرة، تبدأ من منطقة السيدة زينب قرب دمشق (مواقع سيطرة حزب الله وميليشيات موالية لإيران)، وتصل إلى الحدود السورية الأردنية.

وتسهم هذه الشبكة بالترويج المحلي بين أفراد المجتمع، والتجارة غير الشرعية «العابرة للحدود». وهناك تواطؤ من جهات أمنية ورسمية في هذا الملف، أسهم في تفاقمه إلى درجة خطيرة تستدعي دق ناقوس الخطر بسبب تهديد أمن وسلامة المجتمع.


مقالات ذات صلة

قانون مقترح في الكويت يلوّح بـ«الإعدام» في قضايا المخدرات

الخليج كمية كبيرة من المخدرات ضبطتها سابقاً السلطات الكويتية (كونا)

قانون مقترح في الكويت يلوّح بـ«الإعدام» في قضايا المخدرات

كشفت مسودة التعديلات التي أجرتها لجنة حكومية لتعديل قانون مكافحة المخدرات عن اقتراح عقوبات صارمة تصل للإعدام بحق المتاجرين بالمخدرات.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
آسيا عَلم إيران (متداولة)

أفغانستان: وفد من وزارة النقل والطيران يتوجه إلى إيران

توجه وفد من وزارة النقل والطيران في أفغانستان، الأحد، إلى إيران.

«الشرق الأوسط» (كابل )
شؤون إقليمية صورة لسجن سيليفري مرمرة في إسطنبول (إ.ب.أ)

إطلاق أكبر عملية لمكافحة المخدرات في تركيا... واحتجاز 525 مشتبهاً

احتجزت الشرطة التركية 525 شخصاً على خلفية الاشتباه في تجارة المخدرات، وذلك خلال عملية جرت فجر اليوم (الخميس) في أنحاء العاصمة أنقرة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان (أ.ف.ب)

وزير العدل الفرنسي: عدة سجون تعرضت لهجمات الليلة الماضية

أكد وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، اليوم الثلاثاء، وقوع هجمات خلال الليلة الماضية على عدة سجون فرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
خاص أحد عناصر السلطة السورية داخل مصنع لحبوب «الأمفيتامين» المعروفة باسم الكبتاغون في دوما على مشارف دمشق 13 ديسمبر (أ.ب) play-circle 03:26

خاص الكبتاغون: ورش عشوائية تنمو على أنقاض «خطوط إنتاج» نظام الأسد

بدأت القصة حين حوّل النظام السوري السابق أقراص الكبتاغون (وهو مخدّر صناعي مكوّن من مادتي الأمفيتامين والثيوفيلين) إلى «عملةٍ دمويةٍ».

أحمد الجوري (دمشق)

الجيش الإسرائيلي يشن غارات بالقرب من القصر الرئاسي السوري

الجيش الإسرائيلي يشن غارات بالقرب من القصر الرئاسي السوري
TT
20

الجيش الإسرائيلي يشن غارات بالقرب من القصر الرئاسي السوري

الجيش الإسرائيلي يشن غارات بالقرب من القصر الرئاسي السوري

أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم (الجمعة)، أنّه شنّ غارات جوية على منطقة مجاورة للقصر الرئاسي في دمشق، في قصف يأتي بعيد تهديده الحكومة السورية بضربات انتقامية إذا لم تحمِ الأقلّية الدرزية في البلاد.

وقال المتحدّث باسم الجيش أفيخاي أدرعي في منشور على منصّة «إكس»، إنّ «طائرات حربية أغارت قبل قليل على المنطقة المجاورة لقصر أحمد حسين الشرع في دمشق».

بدوره قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ساعة مبكرة من صباح اليوم، إن إسرائيل هاجمت هدفا قرب القصر الرئاسي في العاصمة السورية دمشق، مجددا تعهده بحماية أبناء الأقلية الدرزية.
وأضاف نتنياهو في بيان مشترك مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس: «شنت إسرائيل الليلة الماضية غارة جوية قرب القصر الرئاسي في دمشق».
وأضاف «هذه رسالة واضحة للنظام السوري: لن نسمح للقوات (السورية) بالانتشار جنوب دمشق أو بتشكيل أي تهديد للدروز».

وهذه هي المرة الثانية التي تشن فيها إسرائيل ضربة على سوريا في غضون يومين، بعدما تعهدت بالدفاع عن الأقلية الدرزية.