هل تستطيع إسرائيل إغراق الأنفاق فعلاً؟

الدولة العبرية غير متأكدة وتختبر هذا التكتيك وسط تعقيدات كثيرة

قالت «حماس» في عام 2021 إنها قامت ببناء أنفاق بطول 500 كيلومتر تحت غزة (أ.ف.ب)
قالت «حماس» في عام 2021 إنها قامت ببناء أنفاق بطول 500 كيلومتر تحت غزة (أ.ف.ب)
TT

هل تستطيع إسرائيل إغراق الأنفاق فعلاً؟

قالت «حماس» في عام 2021 إنها قامت ببناء أنفاق بطول 500 كيلومتر تحت غزة (أ.ف.ب)
قالت «حماس» في عام 2021 إنها قامت ببناء أنفاق بطول 500 كيلومتر تحت غزة (أ.ف.ب)

لم يتضح بعد إذا كان الجيش الإسرائيلي قد بدأ فعلاً في ضخ مياه البحر إلى نظام الأنفاق التابع لـ«حركة حماس» في قطاع غزة، لكن على الأقل، يمكن تأكيد أن هذه الخطوة إذا تمت فعلاً فإنها ستكون في نطاق ضيق، وضمن اختبارات تجريها إسرائيل من بين تقنيات أخرى.

وتهاجم إسرائيل أنفاق «حماس» في شمال وجنوب القطاع، بصفتها سلاح «حماس» الأقوى، الذي يُمكّن قادتها من النجاة، ويعطي مقاتليها الأفضلية في الهجوم، كما تعد سجن المحتجزين السري الذين تبحث عنهم إسرائيل.

وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الثلاثاء، نقلا عن مسؤولين أميركيين، إن الجيش الإسرائيلي بدأ ضخ مياه البحر في مجمع أنفاق «حركة حماس» في غزة، في عملية ستستغرق على الأرجح أسابيع، وتهدف إلى تدمير الأنفاق.

ووفق الصحيفة، فإن خطوة إغراق الأنفاق بالمياه من البحر الأبيض المتوسط، والتي لا تزال في مرحلة مبكرة، هي مجرد واحدة من عدة تقنيات تستخدمها إسرائيل لمحاولة تدمير الأنفاق.

وأكد التقرير أن إسرائيل لا تزال تختبر فائدة استخدام مياه البحر في متاهة واسعة تحت الأرض تمتد لحوالي 500 كم وتتضمن أبواباً سميكة.

حرب الأنفاق في قطاع غزة

وقال مسؤولون أميركيون، إن غمر الأنفاق الذي من المرجح أن يستغرق أسابيع، بدأ بعد إضافة إسرائيل مضختين أخريين إلى المضخات الخمس التي تم تركيبها الشهر الماضي، وأجرت بعض الاختبارات الأولية.

صمت إسرائيلي

وفي الوقت الذي رفض فيه الجيش الإسرائيلي التعليق على الأمر، ولم يرد متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية على الفور على طلب للتعليق قائلا إن «عمليات الأنفاق سرية»، تشير تصريحات أخرى لوزير الدفاع يوآف غالانت إلى أن ذلك إذا ما كان قد تم فعلا، فإنه يجري في مناطق محددة، تعرف إسرائيل أنه لا يوجد فيها محتجزون.

وصرح غالانت، الثلاثاء، أن القوات الإسرائيلية «تعمل في أعماق الأرض»، مضيفا «تتم هذه العمليات أيضاً فوق الأرض، لكن هناك أيضاً نزول عميق إلى الأعماق للعثور على المخابئ وغرف الحرب ومراكز الاتصالات ومستودعات الذخيرة وقاعات الاجتماعات». مضيفا «سنرى هذه الأشياء في لقطات مصورة في الأيام المقبلة».

ويعتقد أن 135 محتجزاً ما زالوا في غزة - ليسوا جميعا على قيد الحياة - بعد إطلاق سراح 105 مدنيين من أسر «حماس» خلال هدنة استمرت أسبوعاً في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني). وما دام لم تجد أو تحدد إسرائيل مكان هؤلاء المحتجزين، سيكون إغراق الأنفاق بالكامل، بمثابة حكم إعدام، هذا إذا كان ممكناً فعلاً إغراقها.

عناصر من «سرايا القدس» الجناح العسكري لـ«الجهاد الإسلامي» يحرسون أنفاق قطاع غزة في مارس الماضي (غيتي)

بنية الأنفاق

وبنيت الأنفاق على عمق غير محدد، وفي أراض معظمها رملية وطينية، ما جعل الكثيرين حتى في الإدارة الأميركية، يعبرون عن قلقهم من أن استخدام مياه البحر قد لا يكون فعّالا، ويمكن أن يعرض إمدادات المياه العذبة في غزة للخطر.

وحذّر خبراء البيئة أيضاً من أن هذه الخطوة قد تكون لها آثار طويلة الأمد على المياه الجوفية في القطاع، وربما التربة كذلك، فضلاً عن التأثير المحتمل على أساسات المباني، ونتائج طويلة الأمد أخرى غير مؤكدة.

وأكد مسؤولون أميركيون أنه بسبب كل ذلك، فإن العملية في مرحلة مبكرة، وسيتم النظر في فائدة التكتيك. وقالوا إن هذه واحدة من بين عدة طرق يتم النظر فيها للتعامل مع الأنفاق، بما في ذلك الغارات الجوية واستخدام المتفجرات السائلة، وإرسال الكلاب والطائرات المسيّرة والروبوتات داخل الأنفاق.

وكان قائد الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، قد عقب الأسبوع الماضي على فكرة غمر الأنفاق، بقوله إنها «فكرة جيدة» لكنهم يبحثون أفضل طريقة لتحييد الأنفاق.

وواجه الرئيس الأميركي جو بايدن أسئلة عن التقرير، يوم الثلاثاء، وقال: «فيما يتعلق بغمر الأنفاق... هناك تأكيدات بأنه لا توجد رهائن في أي من هذه الأنفاق، لكنني لا أعرف ذلك».

وثمة تجربة سابقة، في عام 2015، عندما قام الجيش المصري بإغراق كثير من أنفاق التهريب المارة تحت الحدود الجنوبية لقطاع غزة.

لكن الجيش آنذاك، استهدف أنفاقاً محددة لها مدخل ومخرج، بينما يدور الحديث عن أنفاق معقدة تحت غزة بعضها متصل وبعضها لا، ويعتقد أنها بنيت على شكل طوابق، ولا يعرف عددها بالضبط ولا من أين تبدأ وتنتهي.

والأسبوع الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي، أن قواته اكتشفت أكثر من 800 فتحة نفق في قطاع غزة منذ بداية الهجوم البري، وتم تدمير حوالي 500 منها بالفعل.


مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان عن غزة: هذه وحشية وليست حرباً

أوروبا البابا فرنسيس يلقي خطاب عيد الميلاد أمام كرادلة كاثوليك في الفاتيكان السبت (د.ب.أ)

بابا الفاتيكان عن غزة: هذه وحشية وليست حرباً

عادة ما يكون بابا الفاتيكان فرنسيس حذراً بشأن الانحياز إلى أي من أطراف الصراعات، لكنه صار في الآونة الأخيرة أكثر صراحةً تجاه حرب إسرائيل على غزة.

«الشرق الأوسط» (مدينة الفاتيكان)
تحليل إخباري «كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

تحليل إخباري «سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

الواقع الميداني أجبر عناصر «القسام» على العمل بتكتيكات وأساليب مختلفة، خصوصاً وأن الجيش الإسرائيلي نجح في تحييد الكثير من مقدرات المقاومين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا رجل فلسطيني ينظر لجثامين الأطفال الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مستشفى الأهلي العربي في وسط غزة (أ.ف.ب)

«هذه قسوة وليست حرباً»... البابا فرنسيس يدين مقتل أطفال في غارة إسرائيلية على غزة

أدان البابا فرنسيس «قسوة» غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل سبعة أطفال من العائلة ذاتها في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه

مع سقوط النظام السوري بدأت تتكشف حقائق الثروات التي راكمتها عائلة الأسد (أ.ف.ب)
مع سقوط النظام السوري بدأت تتكشف حقائق الثروات التي راكمتها عائلة الأسد (أ.ف.ب)
TT

مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه

مع سقوط النظام السوري بدأت تتكشف حقائق الثروات التي راكمتها عائلة الأسد (أ.ف.ب)
مع سقوط النظام السوري بدأت تتكشف حقائق الثروات التي راكمتها عائلة الأسد (أ.ف.ب)

باغت الهجوم الخاطف الذي شنّه تحالف من فصائل المعارضة الزمرة الحاكمة في سوريا وفي مقدّمها الرئيس بشار الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، متخلياً عن معاونيه الذين لجأ عدد منهم إلى دول مجاورة.

لم يصطحب الرئيس المخلوع الذي سافر إلى موسكو عبر مطار حميميم العسكري الروسي في غرب البلاد، سوى بضعة أشخاص، من بينهم أقرب معاونيه منصور عزام، أمين عام شؤون رئاسة الجمهورية، حسب مصدرين.

سوريون يدمرون لافتة تصور بشار الأسد ووالده حافظ الأسد في «فرع فلسطين» (أ.ف.ب)

كما رافقه مستشاره الاقتصادي يسار إبراهيم الذي يدير الإمبراطورية المالية للأسد وزوجته أسماء، حسب مصدر مطلع طلب عدم الكشف عن هويته.

وأضاف المصدر ساخراً: «لقد غادر مع معاونه وأمين صندوقه».

ولم يخبر الأسد شقيقه الأصغر ماهر، قائد الفرقة الرابعة المكلفة بحماية دمشق، بهروبه إلى روسيا.

وتوجّه الشقيق الأصغر بمروحية إلى العراق ومنه إلى روسيا تاركاً خلفه جنوده، حسب مصدر عسكري سوري.

وقال مسؤول أمني عراقي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ ماهر الأسد وصل بطائرة في السابع من ديسمبر إلى بغداد؛ حيث مكث لنحو 5 أيام.

ودخلت زوجة ماهر، منال جدعان، وابنها لبنان وغادراه عبر المطار، على ما أفاد وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي.

وأكّد مسؤول عسكري في النظام السابق أنّ اللواء علي مملوك، الذي كان يتمتع بنفوذ أمني كبير، وصل أيضاً إلى روسيا عبر العراق، في حين دخل نجله لبنان قبل أن يغادره إلى الخارج، حسب مصدر أمني لبناني.

ونفت بغداد، الاثنين، وجود ماهر الأسد أو علي مملوك على الأراضي العراقية.

ماهر الأسد (أ.ف.ب)

ويشتبه بتورط شقيق الأسد في جرائم ضد الإنسانية بسبب الهجمات الكيميائية التي ارتكبت في سوريا في أغسطس (آب) 2013، وقد أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية بحقّه.

والجمعة، تلقّى القضاء اللبناني برقية أميركية من الإنتربول «طلبت توقيف جميل الحسن إذا ما كان موجوداً على الأراضي اللبنانية، أو في حال دخوله لبنان، وتسليمه إلى السلطات الأميركية».

وتتّهم البرقية الحسن، مدير المخابرات الجوية السورية السابق، بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وتحمّله المسؤولية المباشرة عن إلقاء آلاف الأطنان من البراميل المتفجّرة على الشعب السوري وقتل آلاف المدنيين الأبرياء بمساعدة مسؤولين عسكريين وأمنيين».

وأفاد مصدر قضائي لبناني «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنّه ليست لديه أي معلومات عن وجود الحسن على الأراضي اللبنانية، لكنه أكد أنه سيتم اعتقاله في حال ثبت وجوده.

وقضت محاكم فرنسية غيابياً بسجن مملوك والحسن مدى الحياة بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

اللواء علي المملوك مع الرئيس بشار الأسد (أرشيفية)

ومن الشخصيات البارزة الأخرى التي هربت في اللحظة الأخيرة بثينة شعبان، المترجمة السابقة لحافظ الأسد والمستشارة السياسية لابنه بشار.

كما فر كفاح مجاهد، قائد كتائب «حزب البعث»، الذراع العسكرية للحزب الحاكم السابق، على متن قارب إلى لبنان، حسب مصدر في الحزب.

ولجأ مسؤولون آخرون إلى بلداتهم وقراهم في المناطق العلوية، على ما أفاد البعض منهم.

من ناحية أخرى، قضى رجل الأعمال إيهاب مخلوف، ابن خال بشار الأسد، في 7 ديسمبر، أثناء محاولته الفرار من دمشق، وأصيب شقيقه التوأم إياد، حسب مسؤول عسكري في النظام السابق.

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)

ومن بين الشخصيات السورية الأخرى التي دخلت الأراضي اللبنانية، حسب مصدر أمني وآخر في أوساط الأعمال، غسان بلال مدير مكتب ماهر الأسد، ورجلا الأعمال محمد حمشو وخالد قدور المقربان من ماهر الأسد، وكذلك أيضاً سامر الدبس وسمير حسن.

واستفاد جميعهم من مزايا حصلوا عليها بسبب قربهم من النظام.

وذكر وزير لبناني سابق كان مقرباً من السلطات السورية أن العديد من كبار الضباط حصلوا على عبور آمن من الروس للوصول إلى قاعدة حميميم.

وأشار المصدر نفسه إلى أن ذلك كان بمثابة مكافأة لأنهم أمروا قواتهم بعدم القتال ضد الفصائل المعارضة لتجنب إراقة الدماء.