«دفاتر الانتخابات» تفجر خلافاً بين العرب والكرد قبل اقتراع «ملغوم» في كركوك

المحكمة الاتحادية ترد دعوى التأجيل

عناصر بيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك 3 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
عناصر بيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك 3 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

«دفاتر الانتخابات» تفجر خلافاً بين العرب والكرد قبل اقتراع «ملغوم» في كركوك

عناصر بيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك 3 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
عناصر بيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك 3 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)

تجددت الخلافات بين المكونات القومية في كركوك (شمال بغداد) إثر شكوك حول احتمالية التلاعب بسجل الناخبين، الذين يستعدون لاقتراع محلي، هو الأول منذ عام 2005، فيما رفضت المحكمة الاتحادية طلباً «عربياً» لتأجيله إلى حين تدقيق السجل.

وينظر إلى المدينة النفطية، والمتنازع عليها، على أنها منطقة احتكاك سياسي بين العرب والكرد والتركمان، وغالباً ما يصفها زعماء أحزاب بأنها «قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة».

وقبل أيام من موعد إجراء الانتخابات المحلية في المدينة، اتهمت قوى عربية منافستها الكردية بـ«إضافة أسماء ناخبين من القومية الكردية إلى السجل الانتخابي»، وهو ما تنفيه الأحزاب الكردية المتنفذة، وتقول إن الكرد الذين عادوا إلى المدينة كانوا مهجرين، أبعدهم نظام صدام حسين قبل 2003.

ويتنافس أكثر من 300 مرشح في كركوك على كسب أصوات 850 ألف ناخب يتوزعون بين الكرد والعرب والتركمان، لشغل 16 مقعداً هو عدد أعضاء مجلس المحافظة.

ويقول أعضاء في أحزاب كردية، إن الحكومة الاتحادية «تقاعست عن مهامها في تسوية ملف العرب الوافدين الذي جلبهم نظام صدام حسين لإحداث تغيير ديموغرافي في المحافظة ولترجيح كفتهم على الكرد، إلى جانب إهمال آلاف الهكتارات من الأراضي التي تمت مصادرتها من الكرد».

والخلاف على الأوزان الديموغرافية في كركوك ليس جديداً، لكنه يتفاقم الآن مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، التي ستحدد شكل المعادلة السياسية في المدينة المضطربة، لهذا يميل المراقبون إلى الاعتقاد بأن نتائج الانتخابات قد تكون «ملغومة»، ولن تقدم بالضرورة صيغة استقرار مستدامة فيها.

وكادت الأوضاع أن تخرج عن السيطرة في أغسطس (آب) الماضي، حين احتك أنصار الأحزاب الكردية مع عناصر مسلحة وسقط العشرات بين قتيل وجريح، على خلفية نزاع حول مقر متنازع عليه بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، والسلطات المركزية.

القضاء يرفض التأجيل

ودفعت شكوك العرب بـ«سلامة» سجل الناخبين إلى تقديمهم طلباً للمحكمة الاتحادية في بغداد لتأجيل الانتخابات في كركوك لحين «تدقيق السجل».

ويستند الطلب إلى مزاعم تفيد بأن 257 ألف اسم من الكرد أضيفوا إلى السجل من خارج المحافظة، غير أن المحكمة الاتحادية ردت، (الثلاثاء)، طلب التأجيل.

ورحب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، الذي يتزعمه بافل طالباني، بقرار المحكمة، وقال عضو الحزب إدريس حاج عادل، في بيان صحافي، الأربعاء، إن «قرار المحكمة منصف وشجاع».

ووفق حاج عادل، فإن انتخابات مجلس المحافظة «يجب أن تُجرى في موعدها هذا الشهر، لأن المدينة من دون سلطة محلية منتخبة وإدارة جديدة منذ 2005».

وسيطرت الأحزاب الكردية على الحكومة المحلية في المدينة بعد عام 2003، لكنهم خسروا نفوذهم فيها لصالح الأحزاب العربية بعد عمليات عسكرية لإنفاذ القانون قادتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي في يونيو (حزيران) عام 2017.

متظاهرون عراقيون بعد احتجاجات في مدينة كركوك في سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

كرد «مرحلون عائدون»

وتؤكد الأحزاب الكردية أن 257 ألف كردي من سكان كركوك كان نظام صدام حسين قد هجرهم في إطار سياسات التعريب خلال ثمانينات القرن الماضي، ما دفعهم للنزوح إلى إقليم كردستان، لكنهم تمكنوا من العودة إلى ديارهم بعد عام 2003.

ويرفض المرشح عن تحالف «العروبة» في كركوك، عزام الحمداني، الحجج الكردية، ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «سجل الناخبين يعتمد أساساً على البطاقة الغذائية التي تصدرها وزارة التجارة وليس على البطاقة الوطنية».

ويزعم الحمداني، أن تحالفه الانتخابي «يمتلك معلومات تفيد بأن هؤلاء (الكرد الذين أضيفوا إلى السجل) لم يحصلوا بعد على البطاقة الوطنية، فيما يمكن لهم الحصول على بطاقة غذائية حتى لو لم يكونوا من سكان كركوك».

وفي فترات الدعاية الانتخابية تطلق القوى المتنافسة حزمة معلومات يصعب التحقق من صحتها، لأغراض التنافس الانتخابي، فيما تمتنع الجهات الرسمية عن الإدلاء بأي تصريح بهذا الشأن.

ويعتقد الحمداني، أن «الأحزاب الكردية أصدرت هذه البطاقات خلال فترة نفوذها بعد 2003، ما يعني إضافة أكثر من نسبة ربع الناخبين إلى السجل بالنسبة لإجمالي من يحق لهم المشاركة في الانتخابات».

وفسّر الحمداني قرار المحكمة الاتحادية بأنه «ربما جاء لمراعاة المصلحة العامة، خصوصا في ظل سعي جميع القوى السياسية إلى إجراء الانتخابات في موعدها».

خطة لتأمين الاقتراع

ميدانياً، أعلنت خلية الإعلام الأمني، (الأربعاء) الخطة الكاملة لتأمين إجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقررت رفع درجة التأهب إلى القصوى، فيما أكدت أنها لن تفرض حظراً للتجول خلال هذا اليوم.

وتداولت وسائل إعلام محلية وثيقة منسوبة إلى القائد العام للقوات المسلحة، الذي وجه «بإيقاف الإجازات ودخول قطعات الجيش إنذار (ج)، اعتباراً من يوم 14 ولغاية 20 من شهر ديسمبر».

وتضمنت أوامر السوداني «التحاق العسكريين المجازين بوحداتهم فوراً، على أن يكون القادة والآمرون على رأس قطعاتهم».


مقالات ذات صلة

خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

خاص جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل
المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
خاص صدام مع ابنته حلا في صورة غير مؤرخة (غيتي) play-circle 01:12

خاص صهر صدام حسين: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

يروي جمال مصطفى السلطان، في الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة معه، كيف تلقت أسرة صدام حسين نبأ إعدامه، وقصة زواجه من حلا، كريمة صدام الصغرى، وأكلاته المفضلة.

غسان شربل
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري

الحكومة الإسرائيلية تقاطع «هآرتس» وتمنع عنها الإعلانات

صورة للصفحة الأولى لصحيفة «هآرتس» نشرت فيها صور 67 طفلاً فلسطينياً قتلوا خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2021
صورة للصفحة الأولى لصحيفة «هآرتس» نشرت فيها صور 67 طفلاً فلسطينياً قتلوا خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2021
TT

الحكومة الإسرائيلية تقاطع «هآرتس» وتمنع عنها الإعلانات

صورة للصفحة الأولى لصحيفة «هآرتس» نشرت فيها صور 67 طفلاً فلسطينياً قتلوا خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2021
صورة للصفحة الأولى لصحيفة «هآرتس» نشرت فيها صور 67 طفلاً فلسطينياً قتلوا خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2021

قطعت الحكومة الإسرائيلية جميع علاقاتها مع صحيفة «هآرتس» اليسارية، بعد تعليقات لناشر الصحيفة في وقت سابق وصف فيها مقاتلي حركة «حماس» بأنهم «مقاتلو حرية».

وأعلن مكتب وزير الاتصالات شلومو قرعي أن الحكومة صادقت بالإجماع على اقتراحه بوقف العلاقة، بما في ذلك الإعلانات عن المناقصات الحكومية سواء في النسخة المطبوعة أم على الموقع الإلكتروني للصحيفة. وجاء في بيان رسمي أن الحكومة «ستقطع أي علاقة إعلانية مع صحيفة (هآرتس)، وتدعو جميع فروعها ووزاراتها وهيئاتها، وكذلك أي مؤسسة حكومية أو هيئة مموّلة من قبلها إلى عدم التواصل مع صحيفة (هآرتس) بأي شكل من الأشكال، وعدم نشر أي منشورات فيها». وتابع البيان قائلاً إنه «في حين تدعم الحكومة حرية الصحافة وحرية التعبير، فإنها لن تقبل وضعاً يدعو فيه ناشر صحيفة رسمية إلى فرض عقوبات ضدها وأن يدعم أعداءها في خضم الحرب». وأشار مكتب قرعي إلى أن قرار مقاطعة الصحيفة جاء في أعقاب مقالات عديدة «أضرّت بشرعية دولة إسرائيل في العالم وحقها في الدفاع عن النفس، خصوصاً تعليقات ناشر الصحيفة عاموس شوكن خلال مؤتمر في لندن الشهر الماضي (...) يجب ألا نسمح بواقع يدعو فيه ناشر صحيفة رسمية في دولة إسرائيل إلى فرض عقوبات عليها، ويدعم أعداء الدولة في خضم الحرب. وتقوم إسرائيل بتمويلها».

وكان شوكن قال إن «حكومة بنيامين نتنياهو تقود نظام فصل عنصري قاسياً على السكان الفلسطينيين، وتتجاهل التكاليف التي يتحمّلها الجانبان للدفاع عن المستوطنات [في الضفة الغربية] في حين تقاتل مقاتلي الحرية الفلسطينيين الذين تصفهم إسرائيل بالإرهابيين». ورأى شوكن أن «ما يحدث في غزة نكبة ثانية»، ودعا إلى فرض عقوبات على إسرائيل مؤكداً ذلك «هو السبيل الوحيد لإقامة الدولة الفلسطينية».

وعلى الرغم من محاولة «هآرتس» لاحقاً معارضة شوكن، مؤكدة في مقال افتتاحي أعقب تصريحاته أن «أي منظمة تدعو إلى قتل النساء والأطفال وكبار السن هي منظمة إرهابية، وأعضاؤها إرهابيون. وبالتأكيد هم ليسوا مقاتلي حرية». لكن الهجوم الإسرائيلي الرسمي على الصحيفة لم يتوقف، إلى الحد الذي طلب فيه وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية غالي بيهاريف ميارا، بإرسال مشروع قانون جديد، يقضي بأن التشجيع على فرض عقوبات دولية على إسرائيل يشكل جريمة جنائية، ويؤدي إلى عقوبة بالسجن 10 سنوات. وحتى قبل صدور القرار الرسمي، أصدر مدير عام وزارة المواصلات موشيه بن زكان تعليماته للمتحدثين وقسم الإعلام في وزارته بالوقف الفوري لكل تعاملات الوزارة مع مجموعة «هآرتس»، وحذت هيئات أخرى حذوه.

يشار إلى أن الهجوم على «هآرتس» جاء على خلفية أن العلاقة مع الحكومة ليست جيدة بسبب تغطية الصحيفة الحرب على قطاع غزة. وتعرف «هآرتس» بأنها مناوئة لسياسة الحكومة الحالية وضد الحروب بشكل عام. وفي عام 2021 أثناء حرب إسرائيلية على قطاع غزة نشرت الصحيفة على صدر صفحتها الأولى صوراً لـ67 طفلاً فلسطينياً قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة، وقالت إن ذلك هو ثمن الحرب، قبل أن تواجه عاصفة من قبل الحكومة واليمين وصلت إلى حد اتهاماها بالخيانة. وهاجمت «هآرتس» توجُّه الحكومة الإسرائيلية ضدها، وقالت إنه «خطوة أخرى في سعي نتنياهو لتفكيك الديمقراطية الإسرائيلية». وأضافت «هآرتس» أنها «لن تتراجع، ولن تتحوّل إلى كُتيب حكومي ينشر رسائل أقرتها الحكومة ورئيسها».

وشجع القرار ضد «هآرتس» وزراء على المطالبة باتخاذ قرارات مماثلة ضد وسائل إعلام أخرى. وقال موقع «i24NEWS» الإسرائيلي، إن اقتباسات من المناقشة التي تم فيها أخذ القرار بمقاطعة «هارتس» تشير إلى رغبة وزراء في قطع العلاقات مع هيئات إعلامية أخرى. وأكد الموقع أن وزير التراث عميحاي إلياهو قال في الجلسة: «نحن بحاجة إلى وقف الاتصالات ليس فقط مع صحيفة (هآرتس)، ولكن أيضاً مع أخبار 12 وN12، بعد الافتراء في قضية سديه تيمان (المعتقل الذي زجت إسرائيل فيه آلاف الغزيين في ظروف لا إنسانية). النشر تسبب في أضرار دولية».

لكن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، رفض ورد عليه: «أنت تسبب الضرر، وتوضح لماذا كانت المستشارة القضائية على حق عندما تحدثت عن منحدر زلق». ثم انضم وزير التربية والتعليم يوآف كيش إلى سموتريتس، وقال لإلياهو: «هذا لا يفيدنا، إنه يضر بخطنا»، قبل أن يجيبهم إلياهو: «هناك منحدر زلق، لذا يجب منع الإعلانات الحكومية فقط عندما يكون هناك ضرر خبيث على أمن الدولة أثناء الحرب، كما فعلت الأخبار 12».