بعد 60 يوماً من القصف... إسرائيل بعيدة عن تحقيق أهدافها في غزة

حديث عن «انتصارات تكتيكية» لكن «لا يوجد انتصار استراتيجي»

دمار في غزة وسط استمرار المعارك الجمعة (أ.ف.ب)
دمار في غزة وسط استمرار المعارك الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بعد 60 يوماً من القصف... إسرائيل بعيدة عن تحقيق أهدافها في غزة

دمار في غزة وسط استمرار المعارك الجمعة (أ.ف.ب)
دمار في غزة وسط استمرار المعارك الجمعة (أ.ف.ب)

بعد أكثر من 60 يوماً من القصف المدمر على قطاع غزة وإيقاع آلاف القتلى من المدنيين وكذلك من عناصر «حماس»، وعشرات آلاف الجرحى، ومع تنامي الضغوط الدولية لوقف الحرب، لا يزال الجيش الإسرائيلي بعيداً عن تحقيق أهدافه المعلنة، ويدفع ثمناً غير قليل من حياة جنوده. ومع أنه يتمتع بقوة جبارة وأسلحة ضخمة ومتطورة ووسائل تبلغ أوج ما اخترعه علم تطوير الأسلحة التكنولوجية العالية، فإنه يواجه مقاومة شديدة من عناصر «حماس» ومفاجآت كثيرة وكبيرة.

وفي ظل احتدام المعارك في القطاع، قالت «حماس»، الجمعة، إن إسرائيل قصفت المسجد العمري الذي يرجع تاريخه إلى القرون الوسطى في غزة، ما تسبب في دمار واسع النطاق للمبنى، ووصفت ذلك بأنه «جريمة همجية شنيعة». وأضافت في بيان أوردته «رويترز» أن إسرائيل استهدفت «معظم المعالم التاريخية في قطاع غزة بما يشمل المساجد العريقة والكنائس التاريخية التي وقفت شاهدة على عراقة هذا الشعب العظيم»، بما شمل تدمير 104 مساجد و3 كنائس تاريخية.

دمار عقب غارة إسرائيلية على دير البلح الجمعة (د.ب.أ)

وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام تديرها «حماس» في غزة ولم تتمكن «رويترز» من التحقق من صحتها على الفور، أضراراً جسيمة بالمسجد مع سقوط جدران وأسقف وصدع كبير في الجزء السفلي من المئذنة الحجرية.

والمسجد العمري، الذي سمي نسبة لثاني خليفة في تاريخ الإسلام عمر بن الخطاب، هو أقدم وأكبر مسجد في قطاع غزة.

وتزامن قصف المسجد مع معارك عنيفة بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي الفصائل الفلسطينية. وبعدما ركز الإسرائيليون هجومهم البري ضد «حماس» في مرحلة أولى في شمال غزة، وسعوا عملياتهم في الأيام الماضية إلى جنوب القطاع.

مسجد مدمر في مخيم الشاطئ (أ.ب)

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه «ضرب 450 هدفاً» في غزة في عمليات برية وجوية وبحرية، ما أسفر عن مقتل «كثير من الإرهابيين». وفي شمال مدينة خان يونس (جنوب)، هزّت عمليات القصف التي نفّذها الجيش الإسرائيلي حي الكتيبة، وفق ما أفاد به مراسل وكالة الصحافة الفرنسية التي أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن، الخميس، أنه عثر على ترسانة في جامعة الأزهر في مدينة غزة (شمال) وعلى نفق يربط بينها وبين مدرسة «تبعد كيلومتراً واحداً».

وقالت «كتائب عز الدين القسام»، الجمعة، إن عدداً من الأسرى الإسرائيليين سقطوا بين قتيل وجريح في القصف الإسرائيلي على مناطق بمدينة غزة. وكانت «القسام» قد أعلنت صباحاً أن جندياً إسرائيلياً أسيراً لديها في غزة لقي حتفه في اشتباكات اندلعت إثر محاولة من الجيش الإسرائيلي لإطلاق سراحه.

الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة الجمعة (رويترز)

وأقر الجيش، الجمعة، بوقوع إصابات بـ«نيران صديقة» خلال معارك غزة؛ فقد قصفت طائرة مروحية عسكرية بيتاً في غزة كان يوجد به جنود إسرائيليون، ما أدى إلى مقتل جندي واحد على الأقل. كما تشير تقارير إلى وقوع جنود من قوات النخبة و«الكوماندوز» في كمائن ينصبها عناصر «حماس»، كما حدث في الفرقة التي قُتل فيها جيل آيزنكوت، نجل رئيس أركان الجيش الأسبق وعضو مجلس قيادة الحرب في الحكومة، غادي آيزنكوت الذي تلقى التعازي من كبار قادة الحكومة والمعارضة خلال دفن نجله، الجمعة.

وكتب المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشع الذي رافق القوات في غزة، أنه «حتى الآن توجد آلاف الانتصارات التكتيكية على (حماس)، ولا يزال مفقوداً انتصار استراتيجي». وقال: «لقد مر الاجتياح البري الأولي بنجاح رغم التخويف حول قدرات الجيش البري، ووصل الجيش إلى مستشفى (الشفاء)، المكان الذي قلة آمنوا بأن القوات ستدخل أبوابه. مدينة غزة احتلت ورغم وقف النار، عاد الجيش للقتال وبقوة. والآن يركز الجيش على 3 جهود: في الشجاعية، في جباليا وفي خان يونس، حيث تعمل وحدة رأس الحربة 98. حتى الخميس، لم تسقط هاتان الحارتان بعد، والقتال هناك ضارٍ، لكنه يتقدم. يدور الحديث عن كتيبتين لـ(حماس) ألحقتا الضرر الأكبر لسكان غلاف غزة، وقد استعدتا على مدى سنوات طويلة لدخول الجيش الإسرائيلي. في جباليا أيضاً تحققت صورة ينبغي أن تكون مخطوطة في الوعي، في توثيق استثنائي لم يشهد له مثيل حتى الآن في الحرب: عشرات كثيرة من المشبوهين بالمشاركة في الإرهاب يرفعون أيديهم، يحتمل أن يكون هذا بعد أن استسلم بعضهم، وسلموا أنفسهم لقوات الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى ذلك قتلت قواتنا مئات المخربين في الحيين».

جريحان فلسطينيان في مستشفى بدير البلح في وسط قطاع غزة الجمعة (أ.ب)

وتابع: «(لواء) غولاني، المظليون، كفير، لواء 188 والهندسة يقاتلون في معارك وجهاً لوجه، ويبدون تفوقاً واضحاً على العدو. يوجد قتلى وجرحى، لكن أمام التحدي من الصعب أن نرى جيشاً آخر في العالم كان سيحقق نتائج أفضل في القتال فوق الأرض وأساساً تحت الأرض».

وكتب ناحوم بارنياع في الصحيفة نفسها: «قيادة الجيش غير راضية عن وقف القتال في النقطة الزمنية الحالية، دون أن يتحقق حسم، دون إنجازات يكون ممكناً التباهي بها حتى بعد أن يترسب غبار المعركة. ومن ناحية عسكرية، الهجوم البري في جبهة خان يونس هو فرصة أخيرة أليمة. من خان يونس جنوباً لم يعد هناك، إلى أين الذهاب؟ لا لـ(حماس)، لا للجيش الإسرائيلي، لا لمليون ونصف المليون فلسطيني نزحوا من بيوتهم. والتبجح بأن الجيش يحاصر منزل السنوار (زعيم حماس في غزة) هو قصة يرويها رئيس وزرائنا لنفسه، يرويها لنا. فالقتال ضارٍ، ويكلف كل يوم قتلى بنار (حماس)، بالعبوات، بالنار الصديقة».

طفلان فلسطينيان في مخيم للنازحين في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

وأضاف: «خيراً سيكون إذا ما أدى القتال في خان يونس إلى تفكيك حقيقي لـ(حماس)، وتصفية شريحة قيادتها. هذه إمكانية، أمل، رهان؛ الخطر على حياة المقاتلين وحياة المخطوفين هو بمثابة يقين. (حماس) تقاتل حربها الأخيرة، بما في ذلك في شمال القطاع، في بيت لاهيا، في الشجاعية وفي جباليا، وكذلك في الجنوب. هي تطلق الصواريخ، تنتج أفلام الدعاية، تتخذ قرارات عن مصير المخطوفين (...) المراسلون في قنوات التلفزيون المهتمون برفع المعنويات الوطنية يصفونهم مثل جبناء بائسي الروح. ليتهم كانوا جبناء. لو كانوا جبناء لخرجوا من فوهات الأنفاق بجموعهم، رافعين الأيادي والأعلام البيضاء».


مقالات ذات صلة

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال احتجاجات عائلات الرهائن في تل أبيب (رويترز)

نتنياهو يعتذر لأسرة رهينة لقي حتفه... واتحاد العمال الإسرائيلي يعلن الإضراب العام

في خطوة نادرة، قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، اعتذاراً لأسرة الرهينة الراحل ألكسندر لوبانوف، لعدم إنقاذه هو و5 رهائن آخرين كانوا محتجزين في غزة أحياءً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

رئيس الوزراء البريطاني يعرب عن «صدمته» لمقتل الرهائن الإسرائيليين الست

أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الأحد، عن «صدمته الشديدة» إزاء مقتل ست رهائن إسرائيليين «بشكل مروِّع وغير مبرَّر» بعدما عُثر على جثثهم في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي عائلات فلسطينية تغادر مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية هرباً من العملية العسكرية الإسرائيلية (أ.ب)

الخارجية الفلسطينية: تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير

قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية الأحد إن «التحريض الإسرائيلي على تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير بحق شعبنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله )

«الصحة الفلسطينية»: قتيلان إضافيان برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

«الصحة الفلسطينية»: قتيلان إضافيان برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم (الأحد)، مقتل فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي في بلدة كفر دان القريبة من مدينة جنين في شمال الضفة الغربية حيث تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية منذ الأربعاء.

وقالت الوزارة في بيان مقتضب: «وصول شهيدين إلى مستشفى (ابن سينا التخصصي) في جنين جراء عدوان الاحتلال في بلدة كفر دان». وبذلك ترتفع حصيلة قتلى العملية العسكرية في شمال الضفة الغربية إلى 24 بينهم 14 مقاتلاً.